تصرف المنتفع بحق إنتفاعه بالعقار
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
حق الانتفاع بالعقار لايعني ان المنتفع مالك للعقار ، وانما حق المنتفع قاصر على الانتفاع بالعقار خلال المدة المحددة بسبب أو عقد انشاء حق الانتفاع ، وقد يكون حق الانتفاع بمقابل يدفعه المنتفع، وقد يكون بالمجان.
وقد يتعلق حق الانتفاع بعقار مملوك لفرد أو جهة خاصة، وقد يتعلق حق الانتفاع بعقار من عقارات الدولة التي تخضع لإدارة واشراف الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة، التي تقوم بتأجير أراضي وعقارات الدولة والتي تقوم بمنح المنتفعين بعقارات وأراضي الدولة عقود إتنفاع بتلك الأراضي والعقارات.
وبموجب عقود الإنتفاع يكون للمنتفع حق الإنتفاع، بيد أن حق الانتفاع باراضي وعقارات الافراد أو الشخصيات الاعتبارية الخاصة يكون مقيدا للغاية، فلايحق للمنتفع ان يتصرف للغير بحقه في الانتفاع باراضي وعقارات الافراد والشخصيات الاعتبارية الخاصة ، لأن القانون يمنع المنتفع من التنازل بمنفعة العقار الخاص للغير، فالتاجير من الباطن يمنعه القانون ،وكذلك يمنع القانون المنتفع من التنازل عن حق الانتفاع إلى الغير، وكذا يمنع القانون خلو القدم وهو مبلغ من المال يتم دفعه للمستأجر للعين مقابل إخلائه للعين المؤجرة منه ، ومع ذلك فأن القانون يجيز للمنتفع بالمبنى مطالبة مالك العقار بتكاليف الاصلا حات والتحسينات التي ادخلها المنتفع في المبنى باذن وموافقة مالك المبنى ، وكذا يجوز للمنتفع بالارض الزراعية مطالبة مالكها بحق العناء الظاهر كقيمة الغروس التي غرسها او الاصلاحات التي قام بها في الأرض أو تكاليف التقاضي التي دفعها المنتفع بالارض الزراعية اذا كان كل ذلك قد تم بناء على موافقة أو طلب من مالك الارض.
اما بالنسبة لحق الانتفاع باراضي وعقارات الدولة أو الاوقاف فان حق الانتفاع بهما يقبل التصرف به للغير شريطة موافقة الجهة المختصة وهي هيئة الاوقاف أو الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة، وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-1-2012م في الطعن رقم (43428)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد نعى الطاعن على الحكم الإستئنافي انه قد بني على أساس أن المنزل الذي كان مؤمما بموجب قانون التأميم لا يجوز بيعه ولا تثمينه مما جعل الحكم الإستئنافي يجانب الصواب حسبما ورد في عريضة الطعن، وقد ردت المطعون ضدها على الطعن بأن الطاعنين قد حكم لهم في الاستئناف بقبول عريضتهم شكلاً وموضوعاً، وبالتالي فلا يجوز للطاعنين أن يتقدموا بعريضة الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي الصادر لصالحهم، ومن خلال المطالعة فقد ثبت للدائرة صحة ما ورد في رد المطعون ضدها)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: حق الإنتفاع في قانون أراضي وعقارات الدولة اليمني وضوابطه
من خلال إستعراض النصوص ذات العلاقة بالموضوع في قانون أراضي وعقارات الدولة يظهر أن القانون يخلط بين عقد إيجار أراضي وعقارات الدولة وبين حق الإنتفاع بأراضي وعقارات الدولة ، حيث تتعرض النصوص القانونية إلى حق الإنتفاع كأثر من آثار عقد إيجار أراضي وعقارات الدولة، إلا أن القانون ذاته قد نص على حق الإنتفاع بالمجان بأراضي وعقارات أي من غير اجرة.
وفي كل الأحوال فقد منع قانون أراضي وعقارات الدولة المنتفع بأي من أراضي وعقارات الدولة من التصرف للغير إلا بإذن وموافقة الهيئة العامة للأراضي والعقارات.
وبشأن تأجير أراضي الدولة المخصصة فقد نصت المادة (24) من قانون اراضي الدولة على إنه (مع مراعاة أحكام قانون الاستثمار إذا قام المستأجر لأي أرض من الأراضي المخصصة المملوكة للدولة بالتصرف أو التنازل للغير عن حق الإنتفاع بالعين المؤجرة فلا يكون هذا التصرف صحيحا من الناحيتين الشرعية والقانونية إلا بعد أن تأذن المصلحة للمتصرف بذلك وسداد قيمة رسم المأذونية الذي يتم إحتسابه بواقع 10% من إجمالي المبلغ الذي تقاضاه المتصرف أو 25% من الثمن الفعلي للأرض وقت التصرف إيهما أكبر...إلخ)، ونصت المادة (23) من اللائحة التنفيذية لقانون أراضي وعقارات الدولة على أن (التصرفات التي تتم بالمجان وفقاً لهذا الفصل تعد من قبيل التصرفات التي لا يجوز أن يستفيد منها الشخص المتصرف إليه إلا مرة واحدة طوال حياته ، كما لا يجوز التصرف بها للغير إلا بعد موافقة هيئة الأراضي وطبقاً للشروط والأوضاع التي تقررها المصلحة وتتضمنها عقود التمليك).
الوجه الثاني: حق الإنتفاع والحقوق المشابهة له في القانون المدني اليمني
نصت المادة (1320) مدني على أن (حق الإنتفاع حق مؤقت لشخص على عين مملوكة للغير يخوله استعمالها واستغلالها والتصرف في منفعتها مدة الإنتفاع طبقاً لما قضى به سبب إنشائه) ، وبما أن حق الإنتفاع مؤقت فأنه يختلف عن حق الملكية التي يفيد ملكية العين ذاتها وليس مجرد الإنتفاع بها سيما أن المادة (1321) مدني قد صرحت بأن حق الإنتفاع يكون لمدة معينة، وصرحت المادة (1327) مدني أن حق الإنتفاع ينتهي بإنتهاء المدة المحددة بسبب إنشائه.
وفي سياق الإنتفاع نظم القانون المدني حق الاستعمال وحق السكن، إذ صرحت المادة (1332) مدني على أن تسري أحكام حق الإنتفاع على حق الاستعمال وحق السكن، وقد نصت المادة (1330) مدني على إنه (يصح أن يقع حق الإنتفاع على حق الاستعمال أو حق السكن أو عليهما معاً، ويتحدد نطاق الاستعمال أو السكن بحاجة صاحب الحق وأسرته لأنفسهم فحسب مع مراعاة ما نص عليه في السبب المنشئ للحق).
اما حق القرار وهو حق عيني يخوّل صاحب الحق في البناء أو الغرس في أرض الغير فقد اشارت إليه المادة (1336) مدني، وتنص المادة (1334) مدني على أن يملك صاحب حق القرار المباني والغرس التي يحدثها في الأرض.
الوجه الثالث: إمكانية قيام المنتفع بالتصرف بحقه في الإنتفاع
صرحت المادة (1323) مدني على أن (للمنتفع أن يستعمل الشيء المنتفع به الاستعمال المعتاد ويحصل على ثماره لنفسه ويتصرف في ذلك للغير مدة الإنتفاع إذا كان سبب الإنتفاع مطلقاً من كل قيد مع مراعاة ما ورد في المادة السابقة وإذا كان حق الإنتفاع مقيداً في سبب إنشائه التزم المنتفع بما تقيد به فيكون له عين ما تقرر له او مثله او ما هو دونه، وليس له أن يتجاوزه، ولمالك الرقبة ان يعترض على أي استعمال غير مشروع او لا يتفق مع طبيعة الشيء المنتفع به او مجاوزاً للقيود الواردة في سبب إنشاء حق الإنتفاع بأن يطلب من المحكمة إنهاء حق الإنتفاع ورد الشيء إليه دون إخلال بحقوق الغير)، ومن خلال ما تقدم في هذا النص وكذا ما ورد في حق الإنتفاع بأراضي وعقارات الدولة المقرر في قانون أراضي وعقارات الدولة السابق تناولها في الوجه الأول يظهر أن تصرف المنتفع بأراضي وعقارات الدولة مقيد بالإذن والموافقة من قبل هيئة أراضي وعقارات الدولة على النحو السابق بيانه، اما بالنسبة لحق الانتفاع باراضي وعقارات الافراد والشخصيات الاعتبارية الخاصة فلا يجوز للمنتفع التصرف في حقه بالانتفاع بها ، والله اعلم.
![]() |
تصرف المنتفع بحق إنتفاعه بالعقار |