التنازل عن الأرض المؤجرة من الدولة
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
تنازل المستأجر عن حقه في الإيجار لغيره يبطل لعقد الإيجار، لأن قانون تنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين يمنع التأجير من الباطن، كما أن قانون أراضي وعقارات الدولة يمنع المستأجر لأرض الدولة من التنازل عن حقه في الإيجار مالم تأذن له الهيئة العامة للأراضي بذلك، وبعد أن تستوفي الهيئة قيمة المأذونية المقررة في اللائحة التنفيذية لقانون اراضي وعقارات الدولة مقابل التنازل، فلا يكون تنازل المستأجر عن حقه في إيجار أرض الدولة نافذاً في مواجهة الهيئة العامة للأراضي إلا بعد صدور إذن الهيئة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-12-2012م في الطعن رقم (47153)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فالدائرة: تجد أن نعي الطاعن صحيح، حيث أن الشعبة الاستئنافية اخطأت في تفسير القانون، فكان الواجب عليها أولاً التأكد من وجود عقد الإنتفاع الصادر من الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة للمتصرف أو المتنازل ثم التأكد من صدور إذن من الهيئة للمتصرف إليه بالتنازل، فإذا تأكدت الشعبة من ذلك قامت بتكليف عدلاً أو عدلين لتقدير الأوفر للهيئة العامة للأراضي لإحتساب نسبة 10% من إجمالي مقابل التنازل الذي تقاضاه المتنازل أو 25% من الثمن الفعلي للأرض وقت التصرف وفقاً للمادة (١٨٢) من اللائحة التنفيذية لقانون اراضي وعقارات الدولة التي نصت على أنه: لا يكون للتنازل عن حق الإيجار حجية إلا بعد أن تأذن الهيئة العامة للأراضي للمتصرف إليه وسداده قيمة رسوم المأذونية، فنص المادة المشار إليها واضح في من يتحمل سداد الرسوم، وهذا ما يجعل طعن الطاعن صحيحاً، الأمر الذي يترتب عليه نقض الحكم فيما يتعلق بهذه المسألة))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
لوجه الأول : السند القانوني للحكم محل تعليقنا :
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️ قضى الحكم محل تعليقنا بأن تنازل المستأجر أو المنتفع بأرض الدولة الى الغير لاحجة له في مواجهة الهيئة العامة للأراضي قبل صدور الإذن منها بالتنازل واستيفاؤها لمبلغ المأذونية والمصاريف الإدارية المقررة عند التنازل للغير، وسند الحكم محل تعليقنا في قضائه هو المادتان (182و183) من اللائحة التنفيذية لقانون أراضي وعقارات الدولة، إذ نصت المادة (182) من اللائحة المشار إليها على أنه (مع مراعاة احكام قانون الاستثمار إذا قام المستأجر لأي ارض من الأراضي المخصصة المملوكة للدولة بالتصرف او التنازل للغير عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة، فلا يكون هذا التصرف حجة من الناحيتين الشرعية والقانونية على المصلحة إلا بعد أن تأذن المصلحة للمتصرف اليه بذلك وسداده قيمة رسم المأذونية الذي يتم احتسابه بواقع (10%) من اجمالي المبلغ الذي تقاضاه المتصرف او (25%) من الثمن الفعلي للأرض وقت التصرف أيهما اكبر، وتسري هذه الاحكام على التصرفات المتتابعة التي تجري على العين المؤجرة)، وكذا نصت المادة (183) من اللائحة ذاتها على أن (يضاف 3% إلى قيمة عقد بيع او ايجار الأرض كمصاريف إدارية لصالح المصلحة).
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
لوجه الثاني: عدم حجية تصرف المستأجر أو المنتفع على الهيئة العامة للأراضي:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
قضى الحكم محل تعليقنا بعدم حجية تصرف المستأجر أو المنتفع بأرض الدولة على الهيئة العامة للأراضي، وذلك يعني أن هذا التصرف غير ملزم للهيئة، فلا يحق للمتنازل أو المتنازل له التمسك أو الاحتجاج بالتنازل في مواجهة الهيئة العامة للأراضي، فلا يكون التنازل نافذاً في مواجهة الهيئة العامة للأراضي الابعد أن تأذن الهيئة وتستوفي قيمة المأذونية والمصاريف الإدارية حسبما هو مقرر في المادتين (١٨٣و١٨٣) اللائحة التنفيذية لقانون اراضي وعقارات الدولة السابق ذكرهما .
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
لوجه الثالث : مأذونية التنازل عن الأرض المؤجرة من الدولة والمصاريف الإدارية الملحقة بها :
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️قضى الحكم محل تعليقنا بذلك، وسنده في ذلك المادتان (183و182) من اللائحة التنفيذية لقانون اراضي وعقارات الدولة التي نصت على أنه ((مع مراعاة احكام قانون الاستثمار إذا قام المستأجر لأي ارض من الأراضي المخصصة المملوكة للدولة بالتصرف او التنازل للغير عن حق الانتفاع بالعين المؤجرة، فلا يكون هذا التصرف حجة من الناحيتين الشرعية والقانونية على المصلحة إلا بعد أن تأذن المصلحة للمتصرف اليه بذلك وسداده قيمة رسم المأذونية الذي يتم احتسابه بواقع (10%) من اجمالي المبلغ الذي تقاضاه المتصرف او(25%) من الثمن الفعلي للأرض وقت التصرف أيهما اكبر، وتسري هذه الاحكام على التصرفات المتتابعة التي تجري على العين المؤجرة)، وبالاضافة إلى نسبة المأذونية المحددة في هذا النص فهناك نسبة أخرى هي 3٪ يتم احتسابها مصاريف ادارية لصالح الهيئة العامة للأراضي حسبما هو مقرر في المادة (183) من اللائحة ذاتها التي نصت على أن (يضاف 3% إلى قيمة عقد بيع او ايجار الأرض كمصاريف إدارية لصالح المصلحة)، ومما يجدر ذكره أن المأذونية مقررة أيضا في قانون الوقف الشرعي، ومبرر تشريع الماذونية هنا وهناك هو ان الأرض المؤجرة من الدولة للغير يستطيع المستأجر أو المنتفع البناء عليها والإقامة عليها مدة حياته، طالما وهو ملتزم بالعقد المبرم فيما بينه وبين الهيئة العامة للأراضي، إذ ينتفع المستأجر بأرض الدولة اكثر بكثير من أوجه الإنتفاع بالأراضي التي يتم إستئجارها من الأفراد ، فضلا عن ان الإنتفاع بأرض الدولة على النحو يؤدي إلى تقليص خيارات هيئة الأراضي في التصرف في الأراضي التي تؤجرها الهيئة للغير، ولذلك فإن للماذونية والمصاريف الإدارية مايبررها.
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
الوجه الرابع: إحتساب وتقدير المأذونية والمصاريف الإدارية:
▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂▂
▪️ نسبة المأذونية ونسبة المصاريف الإدارية حددتهما المادتان (182و183) من اللائحة التنفيذية لقانون اراضي وعقارات الدولة السابق ذكرهما، ولذلك فإن التقدير يقتصر على تحديد الثمن الفعلي للأرض حتى يمكن إحتساب نسبة المأذونية ونسبة المصاريف الإدارية على أساس القيمة الفعلية للأرض وتحديد أيهما اكبر الثمن الفعلي للأرض ام مقابل التنازل التي تقاضاه المتنازل من المتنازل له ، ونخلص من هذا الوجه إلى القول: أن التقدير يقتصر على تقدير القيمة الفعلية للأرض التي تنازل المستأجر عن الإنتفاع بها ويتم تقدير القيمة الفعلية للأرض بواسطة خبراء عدول حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، ويتم إحتساب المأذونية على أساس أيهما اكبر نسبة ١٠٪ من المبلغ مقابل التنازل المذكور في محرر التنازل أو على أساس ٢٥٪ من القيمة الفعلية للأرض محل التنازل أيهما اكبر، اما المصاريف القضائية وهي ٣٪ فيتم إحتسابها على أساس قيمة عقد البيع أو عقد التأجير، وهو الثمن المذكور في عقد البيع أو التأجير، والله اعلم.