إحتفاظ الموظف بأوراق جهة عمله مخالفة لا تتقادم
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
الوثائق والمستندات الخاصة بجهة عمل الموظف يجب أن تكون مفهرسة ومحفوظة لدى جهة العمل أو الإدارة، لانها تتضمن البيانات والمعلومات عن النشاط الذي تباشره جهة العمل وحجم هذا النشاط ونطاقه والعاملين والمتعاملين مع جهة العمل ونوع هذا التعامل ، واجراءات وطرق عمل الجهة والامكانيات والموارد البشرية والمالية والعينية للجهة،.
لذلك لا يجوز للموظف أو العامل أن يخرج المستندات أو الوثائق من جهة عمله إلا بإذن خطي من الإدارة المختصة في جهة عمله، وإذا اخرجها الموظف أو العامل بموجب إذن فإنه يجب عليه إعادتها إلى جهة العمل بعد إنتهاء الغرض من إخراجها، وعلى هذا الأساس فلا يجوز للموظف أو العامل الإحتفاظ بالأوراق أو المستندات الخاصة بجهة عمله مهما كانت الإعتبارات حتى لو كانت له حقوق أو مطالبات لجهة عمله، ولذلك فإن إحتفاظ الموظف أو العامل بمستندات جهة عمله مخالفة قانونية مستمرة طالما ان الموظف مستمر بالإحتفاظ بتلك المستندات، فلا تسقط هذه المخالفة بالتقادم طالما ان المستندات مازالت بحوزة الموظف المخالف ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4-3-2012م في الطعن رقم (47008)، الذي ورد ضمن أسبابه: (والدائرة تجد: أن نعي الطاعن مردود عليه ، لأن الثابت في الأوراق أن المدعي لم يخل طرفه عند تركه لجهة عمله ، وطالما ظلت الأوراق معه حتى تعيينه في........ فإن المخالفة مستمرة، وبذلك فانه يكون قد جلب على نفسه المسائلة القانونية، ومن ثم فلا تتقادم الدعوى عليه في هذا الشأن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية مستندات جهة العمل أو الوظيفة:
هي المستندات الورقية والإلكترونية التي تستعملها جهة الإدارة في تصريف أعمالها داخل الجهة أو خارجها كالمراسلات المتبادلة بين الإدارات والأقسام والموظفين داخل الجهة أو مراسلات الجهة مع موظفيها أو مراسلات الجهة مع الجهات الاخرى أو المحررات التي تتضمن العقود والتصرفات التي تكون الجهة طرفاً فيها أو الفواتير والسجلات والملفات الخاصة بالجهة التي تصل إلى يد الموظف أو العامل أثناء عمله أو بمناسبة هذا العمل أو بسببه سواء اكانت هذه المستندات ورقية أم الكترونية.
الوجه الثاني: أهمية مستندات جهة العمل:
تتضمن مستندات جهة العمل حقوق الجهة وإلتزاماتها قبل الغير، كما تتضمن حقوق وإلتزامات الموظفين العاملين فيها، كما تتضمن طرق وإجراءات عمل الجهة ونوع نشاطها والأشخاص العاملين فيها والمتعاملين معها، والإلتزامات القائمة عليها أو لها لدى الغير، وحجم تعامل الجهة ، والجهات والأشخاص المتعاملين معها ونوعية هذا التعامل وحجمه....الخ.
الوجه الثالث: الغرض من إستعمال جهة الإدارة للمستندات الورقية والإلكترونية:
الغرض الرئيس من ذلك هو توثيق المعاملات والإتصالات والتوجيهات والتعليمات والإقتراحات داخل الجهة الإدارية ، إضافة إلى توثيق الحقوق والإلتزامات المتبادلة فيما بين الجهة الإدارية والعاملين فيها والمتعاملين معها.
فجهة العمل عندما تقوم بتوثيق أعمالها في المستندات الورقية أو الكترونية إنما تقصد بذلك في الاصل أن يتم هذا التوثيق لديها وأن يتم الإحتفاظ بالوثائق أو المستندات لديها، بيد انه في بعض الحالات تقوم جهة العمل بتوثيق حقوق الغير لديها فتسلم الغير تلك المحررات لإثبات حقوق الغير.
الوجه الرابع: المستندات الصادرة من الجهة الإدارية التي تتضمن تصريح الإدارة للموظف أو العامل أو غيرهما الإحتفاظ بها أو بنسخة منها لديه:
في سياق معاملات الجهة الإدارية مع العاملين فيها أو المتعاملين معها، فإنها تقوم بإصدار مستندات تتضمن تصريح الإدارة أو الجهة الإدارية للموظف أو العامل أو المتعامل معها أن يحتفظ بتلك المستندات أو بنسخ منها مثل الفواتير وسندات القبض أو شهادات التقدير أو الإخطارات ببعض الحقوق كإخطار الموظف بترقيته أو منحه مكافأة تشجيعية أو إخطاره بالجزاء الاداري الموقع عليه أو إخطاره بنقله إلى عمل آخر...إلخ، فهذه المستندات تدل أن جهة الإدارة عندما اصدرتها فإنها قد اذنت للموظف أو عميلها بالإحتفاظ بتلك المستندات أو نسخة منه، وبناءً على ذلك يحق للموظف أو العامل أو عميل الجهة الإدارية أن يحتفظ بتلك المستندات.
الوجه الخامس: نطاق إذن جهة العمل للموظف أو العامل لاصطحاب بعض المستندات معه:
لأغراض قيام جهة الإدارة ببعض أعمالها فإنها تأذن للموظف أو العامل أو العميل بإصطحاب بعض مستنداتها إلى خارج مقر عملها لإنجاز بعض اعمالها مثل أن تقوم جهة العمل بتسليم العامل أو الموظف كشفا لتحصيل ديون أو مطابقة حسابات مع عملاء جهة العمل خارج مقر عملها ، أو تسليم الموظف كشوفات لتسليم رواتب أو حقوق الغير او تصفية عهدة، أو تسليم الموظف ملف معين لإعداد مشروع قرار أو حكم أو بيان رأي...إلخ، ففي هذه الأحوال فإن نطاق إذن أو تصريح جهة العمل أو جهة الإدارة متقيد ومحدد بحدود هذا التصريح من حيث عرضه ومدته، ومؤدى ذلك إنه يجب على الموظف أو العامل أو عميل جهة العمل أن يعيد تلك المستندات بعد إنتهاء الغرض المنصوص عليه في الإذن أو التصريح بإصطحاب المستندات، وخلاصة هذا الوجه إنه لا يجوز للموظف أو العميل أو العامل الإحتفاظ بتلك المستندات بعد إنتهاء الغرض من الإذن أو مدة الاذن، ولايجوز له استعمالها لغير الغرض الوارد في الاذن.
الوجه السادس: إلتزام الموظف أو العامل أو العميل بعدم إستعمال مستندات جهة العمل في غير الأغراض المخصصة لها:
سبق القول أن جهة العمل قد تصدر مستندات يدل مضمونها على أن جهة العمل قد وجهتها للموظف أو العميل أو العامل كي يحتفظ بها لديه لانها تثبت حق العامل أو العميل لدى جهة العمل .
كما ذكرنا أيضا فيما سبق أن جهة العمل قد تأذن للموظف أو العامل بإخراج مستندات من جهة عمله لدراستها أو إقتضاء ديون أو مطابقة حسابات...إلخ، وذكرنا أن هذه المستندات تكون عهدة بذمة الموظف أو العامل أو العميل وإنه يجب عليه إعادتها إلى جهة العمل بعد إنتهاء الغرض من تسليمها إليه أو انتهاء مدة الأذن
وفي كل الأحوال فإنه يجب على الموظف أو العميل أو العامل عدم إستعمال تلك المستندات في غير الغرض الذي تم إستلامه لها، فلا يجوز له أن يقوم بنشرها في وسائل التواصل الإجتماعي كما لايجوز له إرسالها أو تصويرها لخصوم جهة عمله أو المنافسين لها أو غيرها.
الوجه السابع: الحالات الإستثنائية التي يجوز للعميل أو الموظف أو العامل أن يستعمل المستندات الموجهة إليه أو المسلمة له من جهة عمله:
سبق القول : أنه لا يجوز للعامل أو العميل أو الموظف إستعمال المستندات الموجهة إليه من جهة عمله أو الجهة التي تعامل معها ، لأن الغرض من توجيه أو تسليم هذه المستندات إلى العامل أو العميل هو إخطاره بحقوقه وواجباته وإلتزاماته، لذلك فإن إذن جهة العمل للعميل أو العامل بالإحتفاظ بالمستندات إنما كان لغرض حفظ الموظف أو العميل لحقوقه أو إخطاره شخصياً بماله وما عليه من حقوق والتزامات.
ومقتضى ذلك إنه لا يجوز للموظف أو العميل أن يستعمل المستندات الموجهة إليه في أي غرض آخر، بيد إنه يجوز للموظف أو العامل أن يستعمل المستندات الموجهة إليه من جهة العمل في حالتين على سبيل الإستثناء: الحالة الأولى: عندما يتقدم للعمل بجهة أخرى غير جهة عمله السابقة فله أن يقدم شهادات الشكر الصادرة من جهات عمله السابقة وأن يقدم قرارات تعيينه أو ترقيته في جهة عمله السابقة وشهادات التدريب التي حصل عليها أثناء عمله في جهة عمله السابقة، وشهادة الخبرة الصادرة من جهة عمله السابقة، الحالة الثانية: يجوز على سبيل الاستثناء للعميل والعامل والموظف أن يقدم المستندات الموجهة إليه من جهة عمله أو الجهة التي تعامل معها أثناء نزاعه مع جهة عمله السابقة بإعتبار أن تلك المستندات المسلمة له بصورة مشروعة من أهم أوجه دفاعه إضافة إلى أنه قد تسلمها من جهة عمله أو الجهة التي تعامل معها بطريقة مشروعة حيث قامت الجهة ذاتها بتسليمها إليه.
الوجه الثامن: عدم جواز إستعمال الموظف أو العامل أو العميل للمستندات الخاصة بجهة عمله السابقة إذا كان قد تحصل عليها بطريقة غير مشروعة:
لاريب ان حصول الموظف أو العامل أو العميل على المستندات خلسة من جهة العمل جريمة يعاقب عليها القانون ، ومن المعلوم أن القانون يشترط أن تكون وسيلة الحصول على الدليل مشروعة، فمن يدعي بحق مشروع يجب عليه أن يستدل عليه بدليل مشروع تم الحصول عليه بوسيلة مشروعة، فليس من المقبول في الشرع والقانون أن يقوم الموظف أو العميل أو العامل بسرقة أو إختلاس مستندات كي يستدل بها على جهة عمله أو الجهة التي تعامل بها، فلا يكفي أن يكون الدليل مشروعاً بل يجب أن يكون الوصول إلى الدليل أو الحصول عليه مشروعاً. (مهارات الصياغة القانونية، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص182).
الوجه التاسع: نطاق السرية في مستندات جهة العمل أو الجهة الإدارية:
الأصل أن كافة مستندات جهة الإدارة أو جهة العمل سرية ،لأنها تتضمن طرق وإجراءات وأساليب عملها وتبين إمكانياتها ومواردها البشرية والمالية والعينية والإلتزامات والحقوق الثابتة لها لدى الغير وكذا حقوق الغير لدى جهة الإدارة، والمزايا التي تقدمها لموظفيها والمتعاملين معها، ولذلك فإن قيام العامل أو العميل بالإفصاح عن هذه المستندات أو تقديمها للغير يلحق ضرراً مادياً ومعنوياً بجهة العمل.
بيد أن الشرع والقانون يحتم على جهة العمل أو جهة الإدارة أن تكون أعمالها مشروعة مطابقة وموافقة لأحكام الشرع والقانون ، فإذا تضمنت مستندات جهة العمل أو جهة الإدارة مخالفات لأحكام الشرع والقانون فإن قانون الإجراءات الجزائية قد قرر في المادتين (93 و 94) الإبلاغ الوجوبي عن الجرائم والمخالفات ومفاد الابلاغ الوجوبي : أنه يجب على كل موظف الإبلاغ عن أية جريمة نما علمها إليه، ومفاد الإبلاغ الجوازي أنه يجوز لكل مواطن نما إلى علمه ارتكاب جريمة أو مخالفة أن يقوم بالإبلاغ عنها إلى الجهات المختصة، وعلى هذا الأساس فلا يكون قيام الموظف بالإبلاغ عن الجرائم والمخالفات التي تقع في نطاق جهة عمله أو جهة الإدارة لا يكون ذلك من قبيل الإخلال بمبدأ السرية.
وهناك من الباحثين من يذهب إلى أن نطاق السرية في مستندات جهة العمل قاصر على المستندات التي تنص القوانين واللوائح والتعليمات على انها سرية أو حينما تكون المستندات تتعلق بأعمال ذات طبيعة سرية، (أفشاء الموظف العام للمستندات السرية، د. مشعل بن مرزوق الميموني، ص85).
الوجه العاشر: الحد الأقصى لإحتفاظ الموظف أو العامل بالمستندات:
سبق القول أن جهة العمل قد تسمح أو تاذن للموظف أو العامل أو غيره أن يحتفظ ببعض المستندات لمصلحة ما ، فقد تقتضي طبيعة عمل الموظف أن يحتفظ ببعض المستندات أو الملفات لديه، وقد تظل تلك الملفات والمستندات بعهدة ذلك الموظف او العامل لغرض انجاز اعماله لحساب جهة عمله، بيد إنه من الواجب على الموظف أن يعيد تلك الملفات والمستندات إلى جهة عمله إذا انتهت علاقته بجهة عمله لأي سبب من الأسباب، وقد ألمح الحكم محل تعليقنا إلى ذلك، كما أنه يجب على الموظف أو العامل أن يعيد تلك المستندات والملفات عندما يتقرر نقله إلى عمل آخر داخل المنشأة أو الوحدة أو الى جهة اخرى.
الوجه الحادي عشر: الأساس الشرعي والقانوني والعقدي لمنع الموظف أو العامل أو العميل من الاحتفاظ بمستندات جهة عمله أو الجهة التي تعامل معها:
عندما يتسلم الموظف أو العامل مستندات عمله أثناء عمله أو بسببه أو بمناسبته أو بمناسبة تعامل العميل مع جهة العمل ، فإن إستلام الموظف أو العامل أو العميل لتلك المستندات أو الملفات يجعلها أمانة في ذمته يجب عليه شرعاً أن يؤديها إلى صاحبها وهي جهة عمله قال تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} ، ومقتضى ذلك أنه لا يجوز للعامل أو الموظف العميل اساءة إستعمال تلك المستندات أو الملفات أو إستخدامها لغير الغرض الذي استلمها لأجله.
اما اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية اليمني فقد نصت في المادة (28) على إنه (يحظر على الموظف ما يلي: -أ- أن يفشي الأمور والمعلومات التي يطلع عليها بحكم وظيفته إذا كانت سرية بحكم طبيعتها أو بموجب تعليمات تقضي بذلك ، ويظل هذا الإلتزام قائماً حتى بعد إنتهاء خدمة الموظف لأي سبب كان. –ب- أن يحتفظ لنفسه بأصل أية ورقة من الأوراق الرسمية أو ينزع الأصل من الملفات المخصصة لحفظها ولو كانت خاصة بعمل كلف به شخصياً...إلخ).
ويفهم من النص السابق أنه صرح بمنع الموظف العام من الإحتفاظ بأصل أية مذكرة رسمية صادرة من الوحدة الإدارية التي يعمل فيها، ومعنى ذلك أنه يجوز له الإحتفاظ بصورة من المستندات إذا كانت تخصه شريطة الإلتزام بمبدأ السرية المنصوص عليه في الفقرة (أ) من المادة ذاتها.
ومن جهته فقد صرح قانون العمل اليمني بأنه يجب على العامل المحافظة على اسرار العمل، وفي هذا المعنى نصت المادة (90) من قانون العمل على انه (يجب على العامل أن يلتزم بتحقيق الآتي: -7- المحافظة على أسرار العمل) ومقتضى ذلك أنه يجب على العامل عدم الإحتفاظ بمستندات صاحب العمل التي تتضمن إجراءات واساليب العمل وتتضمن بيانات ومعلومات عن نوع عمله ونشاطه وموارده البشرية والمالية وطرق معاملاته مع زبائنه على النحو السابق بيانه في الاوجه السابقة.
كما يتأسس إلتزام العامل بعدم الإحتفاظ بمستندات جهة عمله بعقد العمل الذي يتم توقيعه بين العامل وصاحب العمل الذي يتضمن دائماً بنداً ينص على إلتزام العامل بالمحافظة على أسرار العمل وعدم اصطحاب المستندات الخاصة بالعمل إلى خارج مقر العمل إلا بإذن خطي من جهة العمل وللمدة المحددة في الإذن الخطي، وبالنسبة للعميل أو المتعامل مع جهة الإدارة أو جهة العمل فأنه يجب عليه بمقتضى القانون العام وبمقتضى العقد المبرم فيما بينه وبين جهة العمل المحافظة على اسرار الجهة الذي تعامل أو يتعامل معها.
الوجه الثاني عشر: المسائلة القانونية للموظف أو العامل أو العميل الذي يحتفظ بمستندات الجهة او يسيء استعمالها:
نص قانون الجرائم والعقوبات اليمني على جريمة خيانة الأمانة في المادة (318) التي نصت على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات من ضم إلى ملكه مالاً منقولاً مملوكاً للغير سلم إليه بأي وجه) ، ومعلوم أن المستندات لا تكون أموالاً منقولة وإنما هي وثائق قد تثبت الإستحقاق للمال ،كما قد تكون المستندات مالاً إذا كانت المستندات شهادات اسهم أو سندات أسهم قابلة للتداول، اما إذا لم تكن المستندات كذلك فإن نص قانون العقوبات السابق لا يسري عليها.
كما أن القوانين التجارية اليمنية لم تقرر جزاءً جنائياً على الشخص الذي ينتهك المعلومات غير المفصح عنها، في حين أن قوانين الجرائم الإلكترونية في كثير من الدول العربية تقرر عقوبات على اساءة استعمال المستندات التي تتضمن المعلومات غير المفصح عنها.
اما المسئولية المدنية فإنها قائمة بالنسبة للموظف او العامل او العميل الذي يحتفظ بمستندات جهة العمل او يسيء استعمالها ، لأن أركان المسئولية التقصيرية والعقدية متحققة في ذلك ، لأن الإحتفاظ بمستندات الغير او إساءة استعمالها عمل غير مشروع يخالف الشرع والقانون والعقد، كما أن هذا الخطأ يتسبب في الأضرار بالجهة صاحبة المستندات ، ولذلك فإن جهة العمل تستحق التعويض عما لحقها من ضرر محقق أو ما فات عليها من كسب محقق وفقاً لقواعد المسئولية المدنية.
الوجه الثالث عشر: إحتفاظ الموظف أو العامل بمستندات جهة عمله مخالفة مستمرة لاتتقادم:
تستند فكرة تقادم الجرائم والمخالفات إلى اسس شرعية وقانونية كثيرة منها:انه لاينبغي ان يظل المتهم بارتكاب الجريمة أو المخالفة تحت طائلة الاتهام وقتا لانهاية له سيما ان باب التوبة عند الله تعالى يظل مفتوحا لايوصد طالما ان المخالفة أو الجريمة لم يتعلق بها حق ادمي ، ولايثير تقادم المخالفة أو الجريمة الوقتية التي ينتهي الفعل فيها في وقت معين لايثير هذا النوع من الجرائم والمخالفات اية إشكالية فيما يتعلق بتقادمه ، لان مدة التقادم يتم احتسابها من وقت انتهاء الفعل أو المخالفة ، اما الجرائم والمخالفات المستمرة فانها لاتتقادم ،لأن الفعل فيها مازال مستمرا.
وبتطبيق هذا المفهوم على مخالفة إستمرار إحتفاظ الموظف أو العامل بمستندات جهة عمله فانه يظهر أن هذه المخالفة لاتتقادم لانها مخالفة مستمرة.
فالاصل ان كل الوثائق والمستندات الخاصة بجهة عمل الموظف يجب أن تكون مفهرسة ومحفوظة لدى جهة العمل أو الإدارة، لانها تتضمن البيانات والمعلومات عن النشاط الذي تباشره جهة العمل وحجم هذا النشاط ونطاقه والعاملين والمتعاملين مع جهة العمل ونوع هذا التعامل ، واجراءات وطرق عمل الجهة والامكانيات والموارد البشرية والمالية والعينية للجهة،.
لذلك لا يجوز للموظف أو العامل أن يخرج المستندات أو الوثائق من جهة عمله إلا بإذن خطي من الإدارة المختصة في جهة عمله، وإذا اخرجها الموظف أو العامل بموجب إذن فإنه يجب عليه إعادتها إلى جهة العمل بعد إنتهاء الغرض من إخراجها.
وعلى هذا الأساس لا يجوز للموظف أو العامل الإحتفاظ بالأوراق أو المستندات الخاصة بجهة عمله مهما كانت الإعتبارات حتى لو كانت له حقوق أو مطالبات لجهة عمله.
وبناء على ذلك فإن إحتفاظ الموظف أو العامل بمستندات جهة عمله مخالفة قانونية مستمرة طالما ان الموظف مستمر بالإحتفاظ بتلك المستندات، ومن هذا المنطلق لا تسقط هذه المخالفة بالتقادم طالما ان المستندات مازالت بحوزة الموظف المخالف، والله اعلم.
![]() |
إحتفاظ الموظف بأوراق جهة عمله مخالفة لا تتقادم |
مقالات ذات صلة: