وقت وقوع الطلاق بالنسبة للزوجة

وقت وقوع الطلاق بالنسبة للزوجة

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

أوجب قانون الأحوال الشخصية اليمني على الزوج إعلام قلم التوثيق أو الامين الشرعي بالطلاق ، حتى يتم تحرير وثيقة الطلاق على النموذج المعد لهذا الغرض ، فاذا لم يسبق علم الزوجة بطلاقها ، فيتم إعلامها لتحديد وقت ترتيب آثار الطلاق بالنسبة للزوجة المطلقة، ولمعالجة مخاطر طلاق الزوج للزوجة من غير علمها ولمنع الزوج من إساءة إستعماله لحقه في الطلاق والكيد والاضرار بالزوجة .

 وعلى هذا الأساس فإن طلاق الزوج لزوجته يقع بالنسبة للزوج من وقت تلفظ الزوج بلفظ الطلاق الصريح بإعتبار الطلاق لفظ مخصوص يصدر من الزوج بإرادته المنفردة، اما بالنسبة للزوجة فان آثار الطلاق لا تقع بالنسبة للمطلقة إلا من وقت علمها بطلاقها، ومؤدى ذلك أن الزوجة المطلقة تتمتع بكافة حقوقها الشرعية رغم طلاقها وذلك خلال الفترة السابقة لعلمها بطلاقها بما في ذلك إستحقاقها النفقة السابقة لوقت علمها بطلاقها ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-6-2012م في الطعن رقم (49782)، المسبوق بالحكم الابتدائي الذي ورد ضمن أسبابه: (وحيث لم يتصل علم المدعية بواقعة طلاقها إلا بتاريخ... ، لذلك يلزم المدعى عليه تسليم نفقة المدعية عن الأشهر السابقة على تاريخ علمها بواقعة الطلاق)، وقد قضى الحكم الاستئنافي بتأييد الحكم الابتدائي، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، اقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (فقد تبين للدائرة: أن الطاعن لم يأت بجديد في عريضة طعنه بل أن ما ورد فيها تكرار لوقائع سبق له طرحها أمام محكمتي الموضوع وفصلتا فيها، وحيث يتبين أن الحكم الاستئنافي جاء موافقاً في نتيجته للشرع والقانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: وجوب قيام الزوج بإعلام قلم التوثيق أو الامين الشرعي بوقوع الطلاق خلال أسبوع حسبما هو مقرر في قانون الاحوال الشخصية اليمني:

نصت المادة (348) أحوال شخصية على ان (-أ- توضح اللائحة الخاصة بتنظيم أعمال أمناء التوثيق الإجراءات التي يجب على موثقي عقود الزواج والطلاق مراعاتها في أعمالهم –ب- يجب على كل زوج طلق زوجته أن يبلغ الجهة المختصة بذلك خلال أسبوع من تاريخ وقوعه ، وذلك تحت طائلة التعرض للعقوبات القانونية في حالة عدم الإلتزام بذلك).

وهذا النص يفيد الوجوب حسبما هو ظاهر من صيغة النص ،فقد بدأت الفقرة (2) من هذا النص بكلمة (يجب) ، ومعنى ذلك إنه يجب على الزوج أن يبادر إلى إعلام (الجهة المختصة) بطلاقه لزوجته على أن يتم هذا الإعلام خلال أسبوع من تاريخ وقوع الطلاق أي من وقت تلفظ الزوج بلفظ الطلاق اومن وقت كتابته لورقة الطلاق ،لان الطلاق بالنسبة للزوج يقع من هذا الوقت حسبما هو مقرر في الفقه الاسلامي (الوجيز في احكام الاسرة، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص 89).

ومن المعلوم أن مصطلح (الإعلام) يختلف نوعا ما عن مجرد (الإعلان)، فالإعلام يعني تحقق العلم بالشيء أي تحقق العلم بالطلاق، ومقتضى ذلك أنه يجب على الزوج نفسه أن يقوم بالإنتقال إلى (الجهة المختصة) المشار اليها في النص السابق أي قلم التوثيق أو الامين الشرعي لإعلامها بأنه قد طلق زوجته ، شريطة أن يتضمن إعلام الزوج لقلم التوثيق بقيام الزوج المطلق ان يتضمن ذلك تقديم كافة البيانات اللازمة عن الزواج بالمطلقة وبيانات الطلاق ، مثل اسم المطلقة وعمرها وتاريخ زواجه بها وتاريخ وقوع الطلاق وصيغته ونوعه وغيرذلك من البيانات المحددة في نموذج وثيقة الطلاق المعدة من قبل وزارة العدل، فهذا هو مقتضى الإعلام المذكور في النص القانوني السابق، ويجب على الزوج أن يقوم بإعلام الجهة المختصة اي قلم التوثيق أو الامين الشرعي خلال إسبوع من تاريخ تلفظ الزوج بلفظ الطلاق أو كتابته لورقة الطلاق حسبما ورد في النص القانوني السابق.

والمقصود بـ(الجهة المختصة) المذكورة في النص القانوني السابق هو قلم التوثيق أو الأمين الشرعي ،لأن قلم التوثيق والأمين الشرعي هما المختصان بتحرير عقود وتصرفات الأشخاص بحسب ما هو مقرر في قانون التوثيق اليمني.

وبعد قيام الزوج بإعلام الجهة المختصة اي الامين الشرعي أو قلم التوثيق بالطلاق يقوم المختص بقلم التوثيق أو الامين الشرعي يقوم بتحرير وثيقة الطلاق في الدفتر الخاص بذلك ، ويقوم الزوج المطلق بالتوقيع عليها ثم يقوم الموثق أو الامين الشرعي بتحرير وثيقة الطلاق ، ويجوز أن ينتقل إلى قلم التوثيق أو الامين الشرعي وكيل الزوج المطلق شريطة أن تكون الوكالة بالطلاق وكالة خاصة به، وأن تتضمن هذه الوكالة الخاصة تصريح الزوج المطلق بأنه قد طلق زوجته ويجب أن تتضمن هذه الوكالة الخاصة البيانات اللازمة عن الطلاق كاسم الزوجة المطلقة وتاريخ وقوع طلاقها أي تلفظ الزوج بطلاقها وغيرذلك من البيانات اللازمة المحددة في نموذج وثيقة الطلاق حتى يكون (الإعلام) للجهة المختصة يقينياً وحقيقياً.

وبعد قيام الموثق أو الامين الشرعي بتحرير وثيقة الطلاق يتم إعلان الزوجة المطلقة بهذه الوثيقة أي يتم إعلانها بطلاق زوجها لها، فلا يعد إعلام الزوج لقلم التوثيق أو الامين الشرعي إعلاما للزوجة، اذ يجب اعلان الزوجة بوثيقة طلاقها بعد ان يتم تحريرها من قبل قلم التوثيق أو الامين الشرعي حتى تعلم الزوجة بطلاقها، ولم يحدد النص القانوني السابق مدة معينة لإعلان الزوجة بوثيقة الطلاق.

الوجه الثاني: الوقت الذي تترتب فيه آثار الطلاق:

الطلاق في الشريعة الإسلامية من التصرفات التي تقع بالإرادة المنفردة للزوج عملاً بقول النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) أي أن الطلاق يقع من وقت تلفظ الزوج بلفظ الطلاق ،لأن الطلاق يقع بإرادة الزوج المنفردة، ولذلك فان الطلاق يقع من وقت وقوعه اي من وقت تلفظ الزوج بالطلاق إذا صدر لفظ الطلاق من الزوج في مواجهة الزوجة وتصادق الزوجان على ذلك، لأن الطلاق في غالب الأحيان يقع في مواجهة الزوجة أو أحد من اهلها ، ففي هذه الاحوال يتحقق علم الزوجة بالطلاق ، وتبعا لذلك تترتب اثار الطلاق بالنسبة للزوج والزوجة معا من وقت تلفظ الزوج بلفظ الطلاق، ففي هذه الاحوال تترتب آثار الطلاق فور تلفظ الزوج بلفظ الطلاق دون إنتظار لتحرير وثيقة الطلاق ، لأن الغرض من تحرير هذه الوثيقة تسهيل إثبات الطلاق، فليست الوثيقة ركناً أو شرطاً في الطلاق، ومع ذلك يظل من الواجب على الزوج أن يقوم بالانتقال إلى قلم التوثيق أو الامين الشرعي لتحرير وثيقة الطلاق على النموذج المعد لهذا الغرض.

بيد إنه في بعض الحالات لا يقع الطلاق في مواجهة الزوجة المطلقة أو أحد من أهلها سواءً أكان الزوج المطلق داخل اليمن أم خارجها، فعندما يقع الطلاق من غير علم الزوجة ،فان الطلاق يرتب اثره بالنسبة للزوج من وقت تلفظه بالطلاق ، اما الزوجة فان الطلاق لايرتب اثره بالنسبة لها إلا من وقت علمها بطلاقها.

الوجه الثالث: حقوق الزوجة المطلقة قبل علمها بالطلاق:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن الزوجة المطلقة تستحق نفقتها كزوجة قبل علمها بطلاق زوجها لها، وعلى ذلك فإن الزوجة قبل علمها بطلاقها تكون زوجة تتمتع بكافة الحقوق المقررة للزوجة في الشريعة ، فتستحق النفقة وترث زوجها قبل علمها بطلاق زوجها لها، والله اعلم.

وقت وقوع الطلاق بالنسبة للزوجة

مقالات ذات صلة: