الطلاق بواسطة الهاتف الجوال

 

الطلاق بواسطة الهاتف الجوال

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الهاتف وسيلة لنقل  الكلام والألفاظ عن طريق المكالمات والرسائل الصوتية، ووسيلة لنقل الرسائل   الصوتية المسجلة والرسائل المكتوبة، فإذا  تكلم الزوج عن طريق الهاتف وتلفظ بألفاظ الطلاق الصريح أو الكنائية ووجه  كلامه والفاظه إلى زوجته أو غيرها وقع الطلاق، وكذلك الحال إذا قام الزوج بتوجيه رسالة صوتية تتضمن الفاظ الطلاق أو قام بكتابة رسالة نصية أو بالواتس أو التيليغرام وتوجيهها إلى الزوجة أو غيرها يقع الطلاق ، وقد اشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-9-2012م في الطعن رقم (50255) المسبوق بالحكم الابتدائي الذي قضى بأنه (لما كان الثابت مما دلت عليه شهادة الشهود المشار إليها إقرار المدعى عليه الصريح والمفصل بإيقاع الطلاق على زوجته المدعية عبر التلفون أثناء اتصاله بها، ولذلك فقد وقع الطلاق رجعياً، وثبت أيضاً عدم مراجعته لها خلال العدة فأصبح الطلاق بائناً بينونة صغرى، ولا يمنع المدعى عليه من الزواج بالمدعية بعقد ومهر جديد)، وقد اقرت الشعبة الشخصية الحكم الابتدائي، وقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي (فإن الشعبة لا تجد مناصاً من الحكم بتأييد الحكم الابتدائي لسلامته وسلامة أسبابه وسلامة إجراءاته وموافقته لأحكام الشرع والقانون)، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (( فقد كان الإطلاع على عريضة الطعن والرد عليها والحكم الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي، ومن خلال ذلك فقد تبين للدائرة: أن الطعن غير مؤثر في صحة وسلامة الحكم الاستئنافي المطعون فيه مما يتعين رفض الطعن موضوعاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: كيفية وقوع الطلاق:

الطلاق قول مخصوص يصدر من الزوج أو وكيله: كقول الزوج لزوجته: أنت طالق أو قوله: هي طالق، وهذا هو الطلاق الصريح الذي يقع بمجرد تلفظ الزوج بلفظ الطلاق، وهناك ألفاظ أخرى صريحة للطلاق محل خلاف بين الفقهاء كالتسريح الوارد في قوله تعالى {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} وقوله تعالى {أو سرحوهن بمعروف}، وكذا أختلف الفقهاء بشأن لفظ (المفارقة) فقد ذهب الشافعية إلى أن (التسريح والمفارقة) من الفاظ الطلاق الصريح، ويقع الطلاق الصريح بمجرد التلفظ به، اما الطلاق كناية : كأن يقول الزوج لزوجته: أذهبي فأنت حرة أو الحقي بأهلك فلا يقع الطلاق بألفاظ الكناية بمجرد التلفظ به إلا إذا كان الزوج قد نوى بذلك  الطلاق.

ومثلما يقع الطلاق باللفظ فأنه يقع  أيضا بالكتابة إذا قام الرجل بكتابة ألفاظ الطلاق في اشياء ثابتة كورق أو هاتف وقام بإرسالها إلى زوجته أو غيرها وقع الطلاق .

الوجه الثاني: الطلاق بواسطة الهاتف الجوال:

طالما أن الطلاق يقع بمجرد تلفظ الزوج بألفاظ الطلاق الصريحة فإن الهاتف ماهو إلا وسيلة لنقل ألفاظ الطلاق إلى الزوجة أو غيرها فيقع الطلاق صحيحاً إذا تم بصوت الزوج المطلق، كذلك أتفق الفقهاء على وقوع الطلاق بالكتابة إذا كانت مرسومة مكتوبة على أشياء ثابتة كورق أو غيره وكانت  الكتابة موجهة من الزوج إلى زوجته أي أن الزوج حين كتابة الفاظ الطلاق يوجهها إلى زوجته ولم يكتبها بقصد التعليم أو تجربة الهاتف أو القلم ، ولذلك فإن كتابة الزوج لألفاظ الطلاق في هاتفه أو هاتف غيره وقيامه بإرسالها إلى الغير يكون طلاقاً إذا كان الكاتب في الهاتف هو الزوج.

الوجه الثالث: إقرار الزوج بالطلاق:

كان الزوج في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا قد أقر بأنه قد طلق زوجته عن طريق الهاتف عند اتصاله بها، وقد شهد على إقرار الزوج بالطلاق مجموعة من الشهود، والطلاق ديانة لا يلزم الإشهاد عليه إلا أنه في هذا العصر قد تساهل بعض الناس في الطلاق الشفهي، فبعض الأزواج يقوم بالطلاق الشفهي ثم ينكر صدور الطلاق منه، ولذلك يجوز إثبات وقوع الطلاق بأية وسيلة من وسائل الإثبات بما فيها التسجيل الصوتي بصوت المطلق أو الرسالة المكتوبة في الهاتف أو شهادة الشهود أو إقرار المطلق نفسه، والله اعلم.

الطلاق بواسطة الهاتف الجوال
الطلاق بواسطة الهاتف الجوال