إثبات الطلاق بشهادة الشهود

 

إثبات الطلاق بشهادة الشهود

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

الطلاق من التصرفات التي تقع بالإرادة المنفردة للزوج، إذ يقع الطلاق بمجرد التلفظ به من قبل الزوج، وفي الوقت الراهن يتم إثبات الطلاق عن طريق وثيقة نموذجية اعدتها وزارة العدل يقوم بتحريرها الأمين الشرعي المختص، وفي حالة عدم تحرير الوثيقة المشار إليها فيتم إثبات الطلاق عن طريق وسائل  الإثبات المقررة  في قانون الإثبات ومن ذلك شهادات الشهود، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 19-3-2013م في الطعن رقم (47819) المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأنه: (وبما أن المستأنف ضده قد اعترف بأنه طلق المدعية قبل إحدى عشرة سنة وأحضر الشهود المذكورين في الحكم للاستدلال بشهاداتهم على صحة ما ذكره، وبما أن الحكم الابتدائي قد استند إلى تلك البينة فأنه يكون قد وافق صحيح الشرع والقانون)، وقد أقر حكم المحكمة العليا الحكم الاستئنافي، حيث ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((فقد تبين للدائرة: أن ما اثارته الطاعنة يتعلق بوقائع النزاع، وقد قامت محكمة الموضوع بمناقشة ما اثاره الطاعن وتوصلت  المحكمة من خلال ذلك إلى نتيجة موافقة للشرع والقانون بتأييدها للحكم الابتدائي مما يستوجب رفض الطعن موضوعاً))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: وقوع الطلاق في قانون الأحوال الشخصية:

يقع الطلاق بلفظ مخصوص يصدر من قبل الزوج  وفقاً للمادة (58) أحوال شخصية التي نصت على ان (الطلاق قول مخصوص أو ما في معناه، به يفك الإرتباط بين الزوجين، وهو صريح لا يحتمل غيره، ويقع الطلاق باللغة العربية وبغيرها لمن يعرف معناه، وبالكتابة والإشارة المفهومة عند العاجز عن النطق)، ومن خلال استقراء هذا النص يظهر أن الطلاق يقع من الزوج اما بتلفظه بلفظ من الفاظ الطلاق  أو قيام الزوج بكتابة الفاظ الطلاق أو إشارة الزوج التي يفهم منها الطلاق .

الوجه الثاني: وسائل إثبات الطلاق:

وسائل وقوع الطلاق شيء ووسائل إثبات وقوع الطلاق شيء آخر، إذ يتم إثبات الطلاق بوسائل الإثبات المقررة في قانون الإثبات كالإقرار والشهادة والمحررات، ولكن نظرا لكثرة الخلافات بين الأزواج وكثرة مكايدات بعض الأزواج لزوجاتهم فقد قامت الجهة  المختصة(قطاع التوثيق بوزارة العدل )بإعداد نموذجاً لوثيقة الطلاق وأوجبت هذه الجهة الرسمية  تحرير وثيقة الطلاق من قبل الأمين الشرعي أو قلم التوثيق، أوجبت إعلام المرأة المطلقة، بل أن هذا الوضع قد جعل قانون الأحوال الشخصية ينص  صراحة في المادة (348) على أن (أ- توضح اللائحة الخاصة بتنظيم أعمال أمناء التوثيق الإجراءات التي يجب على موثقي عقود الزواج والطلاق مراعاتها في اعمالهم – ب- يجب على كل زوج طلق زوجته أن يبلغ الجهة المختصة بذلك خلال أسبوع من تاريخ وقوعه وذلك تحت طائلة التعرض للعقوبات القانونية في حالة عدم الإلتزام بذلك)، وهذا النص يعني أن الطلاق يقع ولو لم يقم الزوج بإبلاغ الجهة (الأمين الشرعي أو قلم التوثيق) وإنما يكون الزوج في هذه الحالة عرضة للمسائلة القانونية، ويترتب على عدم إعلام الزوج بالطلاق إشكاليات كثيرة خطيرة، إذ يقوم بعض الأزواج بتطليق زوجاتهم دون أن يتم الإشهاد على الطلاق ودون تحرير وثيقة الطلاق ثم يدعي الزوج لاحقا بأنه لم يطلق المرأة خاصة عندما تتزوج المرأة بشخص اخر،  ولذلك نوصي : بأن ينص قانون الأحوال الشخصية على معالجة هذه المسألة الخطيرة .

 ولأن دور وثيقة إثبات الطلاق هو إثبات وقوع الطلاق، ولأن الزوج قد لايقوم بابلاغ الجهة المختصة لتحرير وثيقة الطلاق لذلك يجوز إثبات الطلاق بوسائل الإثبات المقررة في قانون الإثبات، وعلى هذا الأساس فقد لاحظنا أن الحكم محل تعليقنا قد اثبت الطلاق عن طريق شهادة الشهود، والله اعلم.

إثبات الطلاق بشهادة الشهود
إثبات الطلاق بشهادة الشهود