*إختلاف الرجل والمرأة بشأن نوع الطلاق الخلعي*
*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*
➖➖➖➖➖
*▪️لأسباب عدة حل في اليمن الطلاق الخلعي محل الخلع وقام مقامه ، حيث يتم الخلع في اليمن بألفاظ الطلاق التي تدل على الطلاق وليس الخلع، ولذلك يحدث الخلط بين الخلع والطلاق، وتبعا لذلك يحدث الخلاف بين الرجل والمرأة بشأن ماوقع بينهما هل هو طلاق ام خلع؟ وقد أشار إلى هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 5-9-2013م في الطعن رقم (52819)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم الاستئنافي: ((وحيث انه وفقاً لنص المادة (70) أحوال شخصية التي نصت على أنه إذا اتفق الزوجان على وقوع الطلاق واختلفا في أنه رجعي أو بائن فالقول لمنكر البائن وعلى مدعي البينونة إثبات ذلك، ولذلك فالإثبات يقع على عاتق الزوجة، وقد استدلت الزوجة بما تحرر في وثيقة الطلاق بأن الزوج تلفظ بالطلاق ثلاثاً في مجلس واحد، ولذلك فقد اثبتت الزوجة بأنه طلاق بائن ، وبإفادة الأمين الشرعي... الذي حرر وثيقة الطلاق وشهادة الشاهدين..و..، وبالرجوع إلى كل ذلك في ملف القضية، فقد تبين ان الطلاق كان بمقابل تنازل المستأنفة عن مهرها وقدره مبلغ.... تسلمه المستأنف ضده نقداً كما ورد بشهادة الشاهدين المذكورين، وتبعاً لذلك فلا يصح إرجاعها إلى عصمة المستأنف ضده إلا بعقد جديد ومهر جديد برضاها إعمالاً لأحكام المواد (70 و72 و73 و74) أحوال شخصية، مما يتعين معه الغاء الحكم الابتدائي))، وقد أقرت المحكمة العليا هذا الحكم، وقد جاء ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: ((وبمطالعة الدائرة الشخصية لملف القضية فقد ناقشت الدائرة ما اورده الطاعن من أسباب في طعنه حيث ذكر الطاعن ان الحكم الإستئنافي شابته مخالفات وتناقض أقوال الشهود، فالدائرة تجد ان تلك الأسباب ماهي إلا مناقشة لما تختص به محكمة الموضوع فذلك يخضع لتقديرها، ولم تجد الدائرة إجراء باطلاً أثر في الحكم، وحيث خلت عريضة الطعن من حالات الطعن فأنه يستوجب رفض الطعن))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية الطلاق الخلعي:*
➖➖➖➖➖
*▪️سبق لنا في تعليق سابق ان ذكرنا انه نتيجة لعدم إلمام بعض الأمناء الشرعيين في اليمن بأحكام الخلع لاسيما ألفاظ الخلع الصريحة والكنائية التي يقع بها الخلع وعدم وجود نموذج رسمي معتمد لوثيقة الخلع، نتيجة لذلك فقد ظهر مصطلح (الطلاق الخلعي) الذي حل محل الخلع وقام مقامه في اليمن ، حيث يتلفظ الزوج بأنه قد: طلق زوجته طلاقاً خلعياً لا رجعة فيه بدلاً من ان يتلفظ بألفاظ الخلع (خالعتك باراتك..إلخ)، وبناءً على ذلك يكون هذا (الطلاق الخلعي) بائناً بينونة صغرى لا تحل المرأة لزوجها السابق إلا بعقد ومهر جديدين، ونخلص من هذا الوجه إلى القول بأن: الطلاق الخلعي هو: ان يتلفظ الزوج بلفظ الطلاق خلعياً وليس بلفظ الخلع، وتكون الآثار المترتبة على الطلاق الخلعي هي الآثار ذاتها المترتبة على الخلع.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: سبب الاختلاف في الطلاق الرجعي والطلاق الخلعي:*
➖➖➖➖➖
*▪️من المؤكد ان سبب الاختلاف بين الطلاق الخلعي والطلاق الرجعي هو ان الزوج المطلق يستعمل في الطلاق الخلعي الالفاظ ذاتها المستعملة في الطلاق العادي أو الرجعي، فلا يستعمل الفاظ الخلع (المبارأة والمفاداة والمسامحة والمخالعة) إضافة إلى أن الأمين الشرعي يستعمل نموذج وثيقة الطلاق العادي المعدة من وزارة العدل فليس هناك نموذج للخلع، وبسبب ذلك يحدث الاختلاف والخلاف بشأن الطلاق هل هو طلاق رجعي أم طلاق خلعي.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الحكم القانوني للاختلاف بشأن نوع الطلاق:*
➖➖➖➖➖
*▪️أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه إلى المادة (70) أحوال شخصية التي نصت على أنه: (إذا اتفق الزوجان على وقوع الطلاق واختلفا على كونه رجعياً أم بائناً، فالقول لمنكر البائن إلا أن يكون الزوج مقراً بأنه طلقها ثلاث فالقول قوله وإذا اختلف الزوجان على وقوع الطلاق في وقت مضى فالقول لمنكر وقوعه)، فمن خلال إستقراء هذا النص نجد أنه يتناول الطلاق دون الخلع، لأن الخلع يتم بالتراضي بين الزوج والزوجة فلا يتصور الخلاف بشأنه، أما الطلاق الخلعي فيتصور وقوع الخلاف بشأنه لأنه يتم بلفظ الطلاق، وبناءً على ذلك فقد أستند الحكم محل تعليقنا إلى النص السابق، فقد كان الزوج يدعي ان طلق المرأة ثلاث طلقات متتابعات لدى الأمين وأن الطلاق في هذه الحالة لا يقع إلا مرة واحدة فيكون طلاقاً رجعياً وفقاً للقانون فليس ما صدر من الرجل طلاقاً خلعياً وإنما طلاق متتابع لم تتخلله الرجعة حسبما أدعى الرجل ، في حين كانت المرأة تدعي ان الطلاق كان خلعياً وان الزوج تلفظ بالثلاث الطلقات أمام الأمين الشرعي للتدليل على أن الطلاق قد صار بائناً بينونة كبرى لا تحل المرأة بعده للزوج وانها مقابل ذلك تنازلت عن المهر ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الطلاق الذي وقع خلعي وإن لم يتلفظ الزوج بألفاظ الخلع طالما إن إفادة الأمين وشهادة الشاهدين قد دلت على ان الزوجين قد اتفقا على ان يخلع الزوج زوجته مقابل العوض المتفق عليه وهو مهرها، وان الزوج قد تلفظ بالطلاق ثلاثاً تنفيذاً لهذا الإتفاق، لذلك فقد قضى الحكم بأن الذي وقع بين الزوجين هو الطلاق الخلعي، لأن الأدلة والقرائن قد دلت على ذلك، والله اعلم.*