مبادلة فصول القسمة بين الورثة
الفروز أو الفصول أو التخارج هي: عبارة عن محررات يتم فيها تدوين البيانات الاجمالية للأموال التي صارت من نصيب كل وارث من الورثة على حدة، إذ يتم تسليم كل وارث فصله الذي يتضمن بيانات الأموال التي صارت من نصيبه بموجب القسمة لتركة المورث، وفي حالات كثيرة تتساوى أنصبة بعض الورثة سيما اولاد المورث حيث تتساوى أنصبة الذكور فيما بينهم وكذا أنصبة الإناث فيما بينهن- عملاً بقوله تعالى {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}، وعلى هذا الأساس فإنه يفترض أن تكون فصول الأولاد الذكور متساوية فيما بينها وكذا يفترض أن تكون فصول البنات متساوية فيما بينها، وبناءً على ذلك ، وتحقيقاً للعدل وإثباتا لتساوي ماورد في فصول الورثة المتماثلة فأنه بالإمكان تبادل الفصول بين الورثة المتساوين في الأنصبة، طالما أن الأموال المذكورة في الفصول متساوية، وقد يتم تبادل الفصول بالتراضي بين الورثة ، كما قد يتم ذلك عن طريق القرعة، غير أن مطالبة الوارث بتبادل فصله مع أمثاله من الورثة لا يكون مقبولاً بعد تطبيق الفصول وإنقضاء مدة من الزمن على إستلام الورثة للفصول وتطبيقها وتحديد تمييز نصيب كل وارث من خلال تطبيق تلك الفصول،
حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-5-2012م في الطعن رقم (44991)، المسبوق بالحكم الاستئنافي الذي قضى بأنه:
(اما مطالبة المستأنف بمبادلة الفروز فغير مقبول بعد مضي ما يقارب من أربعين سنة على القسمة ، الأمر الذي يتعين معه رفض الاستئناف موضوعاً)،
وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي، أقرت الدائرة الشخصية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا:
(وبالتأمل وإمعان النظر في حيثيات وأسباب الحكم الاستئنافي فقد تبين للدائرة: أن ما توصل إليه الحكم الاستئنافي في أسبابه بتأييد الحكم الابتدائي هي أسباب قانونية صحيحة لما استند إليه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: المقصود بتساوي الفصول:
تتساوى فصول الورثة عندما يتم تطبيق قوله تعالى { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} ومعنى ذلك: أن تتساوى أنصبة بعض الورثة من التركة مثل أن يكون الورثة أولاد المورث ذكوراً وإناثاً ، فعندئذٍ يكون نصيب كل وارث من الأبناء مساوياً لنصيب غيره من الأبناء وكذا يكون نصيب كل بنت مساوياً لنصيب البنت الأخرى، وهكذا في بقية حالات التساوي بين الذكور والإناث من الورثة الآخرين، فعند تساوي أنصبة الورثة فأنه يتم تحديد نصيب كل وارث منهم في الفصل الخاص به، وعندئذٍ تتساوى فصول الورثة المتماثلين في الأنصبة.
الوجه الثاني: القرعة عند توزيع الفصول المتساوية بين الورثة:
عندما تتساوى الفصول بين الورثة فإن القسام يعمد إلى إجراء القرعة بين الورثة المتماثلين في الأنصبة للتدليل على أن القسام قد بذل جهده وتحرى في تقسيم أموال التركة وتحديد نصيب كل وارث بحسب الفرائض الشرعية، ولذلك يقوم القسام بإجراء القرعة بين الورثة أصحاب الفصول المتماثلة، وقبل إجراء القرعة يقوم القسام بعرض الفصول على الورثة المتماثلين في الأنصبة لإختيار كلٍ واحد منهم للفصل الذي يراه مناسبا له، وذلك عن طريق التراضي فيما بين الورثة انفسهم ، فإن تعذر التراضي قام القاضي بإجراء القرعة على تلك الفصول، ولغرض إتمام عملية الإختيار بين الورثة المتماثلين في الأنصبة، فإن القسام لا يكتب اسماء الورثة في الفصول المتماثلة حتى يتم حسم توزيع الفصول المتماثلة بين الورثة، فيترك القسام كتابة أسماء الورثة المتمإثلين الى مابعد تمام الإختيار أو إجراء القرعة على الفصول، وفي بعض الأحيان يقوم القسام نفسه بتوزيع الفصول المتماثلة على الورثة أصحابها من غير أن يرجع القسام إليهم للتراضي على توزيعها بينهم، ومن غير يقوم ان بإجراء القرعة بينهم.
الوجه الثالث: حالات المبادلة في الفصول المتماثلة:
إذا كان توزيع الفصول بين الورثة قد تم بموجب قسمة جبرية فلا يجوز لأي من الورثة أن يطلب مبادلة فصله بفصل غيره من الورثة المماثلين له إلا إذا وافق الوارث الذي يريد المبادلة بفصله، وكذلك الحال إذا كان توزيع الفصول بين الورثة على أساس التراضي والقبول فيما بين الورثة جميعا ، لأن ذلك التراضي والقبول من قبل الورثة جميعا يعتبر بمثابة إتفاق على توزيع الفصول ، فلا يجوز لأي منهم العدول عن هذا الإتفاق إلا إذا وافق الوارث الآخر المطلوب المبادلة بفصله، وكذا لايجوز للوارث ان يطلب مبادلة فصله إذا كانت عملية توزيع الفصول قد تمت بموجب قرعة الا إذا قبل الوارث المطلوب مبادلة الفصل معه.
ويحق لأي من الورثة المتماثلين في الانصبة أن يطلب مبادلة فصله بفصل غيره من الورثة المماثلين له إذا كان القسام قد قام بتوزيع الفصول من تلقاء نفسه من غير قرعة أو إتفاق بين الورثة المماثلين له.
غير انه لا يحق لأي وارث المطالبة بالمبادلة التي يترتب عليها إعادة الورثة إلى حالة الشيوع وإعادة القسمة كلياً أو جزئياً إلا إذا اتفق جميع الورثة على ذلك.
الوجه الرابع: وقت المطالبة بمبادلة الفصول:
الوقت المناسب لذلك: هو بعد تحرير الفصول مباشرة ، وقبل تنفيذ الفصول او تطبيقها على الواقع وتمييز وتعيين نصيب كل وارث في الواقع.
غير أنه ليس هناك ثمة مانع شرعي وقانوني من مبادلة الفصول بالتراضي بين الورثة في أي وقت، اما الطلب القضائي بإجراء المبادلة بعد تطبيق الفصول وتمييز الأنصبة بموجب الفصول فلا يجوز ذلك، إذ أن تمييز الأنصبة بموجب الفصول يعد بمثابة التسليم الفعلي لنصيب الوارث ، فلا يجوز للوارث بعد قبض نصيبه وقبوله به أن يطالب من القضاء مبادلة فصله بفصل مماثل له حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الخامس: توثيق عملية مبادلة الفصول بين الورثة المتماثلة فصولهم:
إذا كانت قد تمت كتابة اسم كل وارث في الفصل الخاص به فيتم إثبات وتوثيق عملية المبادلة في ظهر الفصول التي تمت مبادلتها بما يفيد تمام المبادلة وتاريخ إجرائها والشهود عليها وكاتب المبادلة، ويطلق على المبادلة في بعض المناطق: المناقلة العامة أي أن نقل نصيب الوارث كله إلى وارث آخر، اما المناقلة الجزئية فتتم بين الورثة بالنسبة لبعض الأموال الواردة في الفصل وليس جميعها، والله اعلم.
![]() |
مبادلة فصول القسمة بين الورثة |