نصيب الوارث من غلة التركة الشائعة

نصيب الوارث من غلة التركة الشائعة

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

بمجرد ثبوت وفاة المورث تنتهي ذمته المالية وتصير أمواله تركة لورثته من بعده، ومن هذه الساعة تكون تركة المورث مملوكة على الشيوع بين ورثته كل واحد منهم بقدر نصيبه الشرعي، فيكون كل وارث مالكاً للنصيب الشرعي او الفريضة الشرعية المقررة له في كل أموال التركة وذلك على وجه الشيوع مع الورثة الآخرين، وتبعاً لذلك فإن الوارث يستحق من غلة التركة الشائعة بقدر نصيبه، ولان التركة شائعة فإنه يتعذر على الوارث الحائز لأموال التركة أن يتمسك بالتقادم في مواجهة الورثة الآخرين عند مطالبتهم بنصيبهم من غلة التركة الشائعة، وعلى هذا الأساس فإنه يحق للوارث عندما يطلب من القضاء القسمة الجبرية يحق له أن يطلب ايضا الحكم له بنصيبه من غلة التركة التي كانت شائعة قبل قسمتها بالاضافة إلى مطالبته بنصيبه من اموال التركة مفرزاً، بيد ان المحكمة لاتحكم بالغلة الا اذا طلبها الوارث ضمن طلبه اجراء القسمة الجبرية ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-12-2011م في الطعن رقم (43349)، الذي قضى بأنه: (بإطلاع الدائرة على أوراق القضية فقد تبين: أن الطاعنين جزئياً قد نعوا على الحكم الاستئنافي بأن محكمة الاستئناف اغفلت النظر في طلب مورثتهم بمحاسبة المطعون ضدهم والزامهم بدفع غلول نصيبها المحكوم به لدى المطعون ضدهم طيلة الفترة السابقة على تسليمها نصيبها مفرزا، وبالإطلاع على الحكم الاستئنافي تبين للدائرة : أن الحكم الاستئنافي جاء صحيحاً لما ورد به واستند إليه من صحة طلب القسمة، وبهذا تجد الدائرة: بأن طعن الطاعنين بشأن طلب الغلة وارد، إذ اغفلت المحكمة النظر في الطلب، ولأن الطعن للمرة الثانية أمام المحكمة العليا فانه يتعين النص في الحكم بإستحقاق الطاعنين للغلة بما يقدره عدلان خبيران عند التنفيذ وتمييز نصيب مورثة الطاعنين)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: وقت إستحقاق الوارث لنصيبه من التركة:

سبق القول أن الذمة المالية للمورث تنتهي بمجرد موته، وفي هذه الساعة تنتقل أمواله إلى ورثته الشرعيين الأحياء في هذه الساعة، وبناءً على ذلك فإن ساعة موت المورث هي تاريخ إستحقاق الوارث نصيبه الشرعي في تركة مورثه وغلاتها ، ونصيب الوارث في التركة ثابت بحكم الشرع سواءً تمت قسمة اموال التركة بعد موت المورث مباشرة أو ظلت التركة لمدة من الزمن، ومن هذا المنطلق فإن الوارث يكون صاحب حق في أموال التركة وفي عائداتها بقدر نصيبه الشرعي في اموال التركة، ويتقرر هذا الحق بدءاً من ساعة ثبوت موت المورث.

الوجه الثاني: متى يتم فرز وتعيين نصيب الوارث من غلة التركة الشائعة قبل قسمتها:

قبل قسمة التركة الشائعة يكون نصيب الوارث في التركة الشائعة غير مفرز او غير معين وانما يكون شائعا أي منتشر في كل اجزاء أموال التركة، ومع ذلك فإن نصيب الوارث في أموال التركة الشائعة مقدر بحسب الفريضة الشرعية التي قررها الشارع تبارك وتعالى ، وبناءً على ذلك فإن الوارث يستحق من غلات التركة الشائعة بقدر نصيبه من أموال التركة الشائعة، وبناء على ذلك فانه يحق للوارث أن يطالب بنصيبه من غلة التركة منذ وفاة المورث حتى تسليمه نصيبه او تمييز نصيبه مفرزاً ، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: المدعى عليه في دعوى الوارث بنصيبه من الغلة:

وفقاً لقانون الإثبات وقانون المرافعات فإن الدعوى بصفة عامة ينبغي أن يتم توجيهها إلى الشخص الحائز للمال المدعى به أو الذي يكون المال المدعى به تحت يده حقيقة او حكما، وفي هذا المعنى اشترطت المادة (9) إثبات للدعوى عند توجيهها إلى المدعى عليه اشترطت (1- ثبوت يد المدعى عليه على الحق المدعى فيه حقيقة أو حكماً).

 وقد تكون أموال التركة متفرقة أي تقع تحت أيادي أكثر من شخص، وعندئذٍ يحق للوارث أن يرفع أو يوجه دعواه على جميع الأشخاص الذين بحوزتهم أو تحت اياديهم أموال التركة، لأن نصيب الوارث في التركة قبل قسمتها شائع في كل اجزاء وأنحاء أموال التركة المختلفة اينما كانت وتحت أي يد كانت.

ومن المعروف ان المقصود بالشخص المدعى عليه الذي المال تحت يده حقيقة بالنسبة للحقوق العينية هو الوارث الحائز بالفعل للمال المطلوب غلته ، والمقصود بالشخص الذي المال المدعى به تجت يده حكما هو الوارث الذي قام بتاجير اي مال من أموال التركة إلى الغير أو قام بإعارته للغير ، لان المؤجر في هذه الحالة يضع يده على المال لحساب المؤجر الذي قام بتاجيره.

الوجه الرابع: تقدير غلة الوارث في التركة الشائعة قبل قسمتها:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن يتم تقدير نصيب الوارثة من غلة تركة مورثها الشائعة عن طريق خبيرين عدلين، لأن الوارثة كانت قد طلبت تسليمها نصيبها من غلة تركة مورثها الشائعة ، وذلك من تاريخ موت مورثها حتى تاريخ تمييز وفرز نصيب المورثة وتسليمها نصيبها بالفعل، أي أن الوارثة كانت قد طلبت تسليمها نصيبها من الغلة لسنوات كثيرة، ولذلك فإن تقدير نصيب الوارثة من الغلة في هذه الحالة يحتاج إلى الرجوع إلى العدول الخبراء العارفين بمقدار غلات أموال التركة خلال السنوات المدعى بها.

غير إنه في بعض الحالات لا يحتاج تقدير الغلة أو العائد إلى أعمال الخبرة مثل مطالبة الوارث بنصيبه من إيجار عين مؤجرة بموجب عقد إيجار مكتوب فيه مبلغ الإيجار الشهري النقدي ، ففي هذه الحالة فإن نصيب الوارث مقدر بقدر نصيبه الشرعي في العين المؤجرة، فلا يحتاج الأمر إلى خبراء لتقدير غلة العين المؤجرة بمبلغ نقدي معين.

الوجه الخامس: استقلال صفة ومصلحة الوارث في الإدعاء والمطالبة بنصيبه من الغلة:

بما أن نصيب الوارث شائعاً في كافة أموال تركة مورثه فإن لكل واحد من الورثة صفة ومصلحة في الإدعاء والمطالبة بنصيبه من غلات أي مال من أموال التركة في مواجهة أي حائز أو منتفع أو مستغل لأي من أموال التركة سواءً أكان هذا الشخص من الورثة أم من غيرهم، فلا يشترط أن يطالب جميع الورثة بذلك، والله أعلم.

نصيب الوارث من غلة التركة الشائعة
نصيب الوارث من غلة التركة الشائعة

مقالان ذات صلة: