خلطة الأموال وتكافؤ الأعمال في الشركة العرفية
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
صرح
القانون المدني بأن معنى الشركة العرفية هو الخلطة في الأموال والتكافؤ في الأعمال
، وان الأموال المستفادة من الشركة العرفية توزع بين الشركاء بحسب حصة كل شريك في
راس المال( الكرمة ) وبحسب تأثير الجهد الذي بذله كل شريك والناتج الذي تحقق من
سعي كل شريك، وكذا توزع الأموال المستفادة على الشركاء في الشركة العرفية بحسب ماتم
التراضي القولي أو الفعلي بين الشركاء
وبحسب ماجرى عليه عرف المنطقة أو المهنة ،
وقد تناول هذه المسألة الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها
المنعقدة بتاريخ 21-11-2016م في الطعن رقم (58481)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد
تبين ان مناعي الطاعنين غير مؤثرة، لأن البين ان ما قضت به محكمة أول درجة وأيدته
الشعبة الاستئنافية كان بموجب أدلة وبراهين دلت على ان الأرضية والعمارة القائمة
عليها وكذا البيت كان كسبها في اثناء الشراكة العرفية المبنية على الخلطة في
الاموال والتكافؤ في الأعمال، معللة ما توصلت إليه في هذه الجزئية من قضائها
بأسباب سائغة وحيثيات متينة مستمدة من الأوراق والقانون))، وسيكون تعليقنا على هذا
الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: معنى الخلطة في الأموال في القانون المدني:
في
سياق تنظيم القانون المدني للشركة العرفية
اشارت المادة (661) مدني إلى هذا المعنى، فقد نصت هذه المادة على أن: (الشركة العرفية هي الخلطة
في الاموال والتكافؤ في الأعمال، على ان يعمل شخصان أو أكثر بحسب ما يحسنه فيكفي
كل منهم الآخر ويكون المستفاد مشتركاً بينهم جميعاً وما يلزم احدهم يكون عليهم
جميعاً)، ومن خلال سياق هذا النص يظهر ان الشركة العرفية تقع نتيجة خلطة مال شخصين أو أكثر وقيامهم بتشغيل هذا
المال وتنميته وإستغلال عاائداته في كسب أموال جديدة واضافتها إلى أموال الشركة العرفية،
وتحدث خلطة الأموال في الشركة العرفية نتيجة موت المورث وإنتقال تركته إلى ورثته وعدم قسمتها وبقائها شائعة بين الورثة وإستغلال الورثة لعائدات
التركة الشائعة في شراء أموال جديدة ، كما
تقع الشركة العرفية نتيجة قيام كل شريك
بدفع مبلغ من المال وإنشاء مشروع مشترك بينهم كبقالة أو بناء عمارة...إلخ وإستغلال عائدات هذا المشروع المشترك في استفادة أموال
جديدة ، وقد تكون حصة كل شريك في المال
المخلوط معلومة كما في حالة الخلطة بسبب الإرث، فعندئذٍ يكون نصيب كل وارث من
الأموال المستفادة من المال المخلوط كنصيبه في
أصل المال المخلوط، فإذا كان نصيب الوارث هو النصف من المال المخلوط فان
نصيبه من الاموال المستفادة يكون النصف حسبما نصت عليه المادة (663) مدني، فإذا
كانت الخلطة في الأموال المعلومة وكان مقدار ما يخص كل شريك معلوما في (الكرمة) أو
رأس المال وكذا في الأموال المستفادة فإن هذه الخلطة لا تثير إشكاليات، إلا أن خلطة
الأموال التي تكون فيها حصة كل شريك مجهولة تثير إشكاليات عدة خاصة تحديد حصة كل
شريك في راس المال أو الكرمة وفي الأموال المستفادة من الكرمة ، ويحدث هذا النوع من
خلطة الأموال حينما تنشأ الكرمة ذاتها أو رأس مال الشركة العرفية نتيجة قيام الأخوة أو الأصدقاء بالمساهمة في إنشاء
نشاط معين يعد النواة الأولى لرأس المال أو الكرمة ثم توسيع هذا النشاط وإكتساب أو إستفادة أموال جديدة
منه، وكذا يحدث هذا النوع من خلطة الأموال حينما يقوم الابناء مع ابيهم بإستحداث نشاط معين
يكون هو نواة الكرمة أو رأس المال، ولمعالجة إشكالية جهالة حصة كل شريك في راس
المال والأموال المستفادة منه ، فأنه يلزم في هذه الحالة اولا تحديد قيمة المشروع الذي تم إستحداثه ثم إلزام الشركاء بتحديد مقادير المبالغ
المدفوعة منهم والأعمال التي قاموا بها لحساب ومصلحة المشروع وبيان الناتج الذي حققته
الشركة العرفية بسبب الأعمال التي قام بها الشريك لحساب الشركة العرفية، لما لذلك
من أهمية في تحديد نصيب كل شريك من الأموال المستفادة، لأن المستفاد يتم إحتسابه
على أساس حصة كل شريك في رأس المال وعلى أساس الناتج الذي تتحقق للشركة العرفية من
سعي أو عمل كل شريك .
الوجه الثاني: معنى التكافؤ في الأعمال:
التكافؤ
في الأعمال: هو الجهد الذي يبذله كل شريك في الشركة العرفية، فكل شريك يعمل بحسب
ما يحسنه من عمل لصالح الشركة العرفية حيث
تقوم الشركة العرفية باستفادة أموال جديدة من العائدات التي تحققت نتيجة جهود وسعي
أو عمل كل شريك ، وفي هذه الحالة يتم تقسيم الأموال المستفادة من عمل الشركاء
وسعيهم بحسب ناتج سعي كل شريك وتأثيره في تحقيق الاموال المستفادة، حسبما نصت عليه المادة
(663) مدني، لأن سعي الشركاء وعملهم يتفاوت من حيث تأثيره ما بين شريك وشريك فقد
قال تعالى {وان سعيكم لشتى}.
الوجه الثالث: توزيع الأموال المستفادة من الشركة العرفية على أساس الأموال المخلوط والأعمال المتكافئة:
حدد
القانون أسس توزيع الأموال المستفادة من خلطة الأموال والتكافؤ في الأعمال في الشركة العرفية كما يأتي: