الأجر الإضافي للعامل

الأجر الإضافي للعامل

الأجور الإضافية للعامل
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

حددت المادة (71) من قانون العمل ساعات عمل العامل وهي ثمان ساعات في غير رمضان وست ساعات في رمضان، وإشترطت المادة (74) من القانون ذاته أن لا تزيد ساعات العمل الإعتيادية والاضافية على اثنتى عشرة ساعة في اليوم الواحد، في حين صرحت المادة (56) من القانون ذاته بأن يتم إحتساب أجر العامل الإضافي بواقع الساعة بساعة ونصف في أيام العمل العادية والساعة بساعتين أثناء الليل أو في ايام العطل والاجازات الرسمية. 

وهذا التنظيم العام للأجر الإضافي للعامل في قانون العمل لا يغني الشركات والمؤسسات والمحلات عن تنظيم إجراءات وضوابط الأجور الإضافية في ادلتها ولوائحها بل في نموذج عقد العمل المعتمد لديها ، لان تفسير نصوص قانون العمل من قبل القضاء يكون لمصلحة العامل حسبما هو معروف ، فمن اللازم ان تضع الشركات والمؤسسات ضوابط واجراءات الأجور الإضافية في ادلتها ولوائحها خاصة التكليف الكتابي للعامل بالعمل الاضافي، حتى لا تكون الشركات والمؤسسات عرضة للحكم عليها بملايين الريالات كأجور إضافية للعامل الذي يستطيع المطالبة بأجور عمله الإضافية طوال فترة عمله الطويلة لدى صاحب العمل، ففي هذه الحالة قد تصل مبالغ الأجور الإضافية المحكوم بها لصالح العامل إلى الملايين التي قد يعجز صاحب العمل عن سدادها.

حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-1-2017م في الطعن رقم (58724)، المسبوق بقرار اللجنة التحكيمية الذي قضى بإستحقاق العامل المدعي لمبلغ كبير جداً وذلك بعشرات الملايين مقابل أجور عمل إضافية أثناء عمل العامل لدى صاحب العمل خلال سنوات عمله، وقد قضى ذلك القرار بأحقية العامل للأجور الإضافية التي طلبها وهي ملايين الريالات بموجب شهادات الشهود الذين شهدوا بان العامل كان يقوم يومياً بالعمل خارج ساعات الدوام الرسمي ، وعند إستئناف قرار اللجنة التحكيمية قضت الشعبة المدنية الاستئنافية بتأييد قرار اللجنة التحكيمية، لكن عند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي نقضت الدائرة المدنية الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا: (وحيث أن الحكم الاستئنافي المطعون فيه لم يكن موافقاً من حيث النتيجة للشرع والقانون لقضائه بتأييد قرار اللجنة التحكيمية العمالية، فالثابت من الأوراق أن العامل أدعى انه قضى ثمان سنوات في العمل لدى صاحب العمل دون مقابل ساعات عمل إضافية وبدل الإجازات السنوية ومكافأة نهاية الخدمة.. الخ، والظاهر للدائرة: أن الشعبة الاستئنافية قد مالت عن تطبيق المادة (22/3) إثبات فيما لا تسمع به الدعوى بشأن حقوق العمال مع مراعاة المادة (23) من القانون ذاته، والمادتان المشار إليهما من النظام العام بشأن ما يدعيه العامل المدعي المطعون ضده من مستحقات مالية ذكرها في دعواه والتي تزيد على مبلغ (مبلغ كبير جداً) ريالاً، وطالما أن المطعون ضده يطالب بمستحقاته عن مكافأة نهاية خدمته فإنه نبغي الإلتزام به والإيفاء به بعد مراجعة عقد العمل مع مراعاة ماورد في المادتين (22و23)، من قانون الاثبات ، أما ما ورد ضمن تقرير إدارة منازعات العمل بوزارة العمل فهو عبارة عن مجرد رأي للمختصين في الإدارة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية: 

الوجه الأول: تنظيم قانون العمل للأجر الإضافي للعامل: 

نظم قانون العمل اليمني الأجر الإضافي للعامل في المادة (56) التي نصت على أن (تحتسب أجور ساعات العمل الإضافي وفقاً للمعدلات التالية: -أ- الساعة بساعة ونصف من الأجر الأساسي عن ساعات العمل الإضافية خلال أيام العمل العادية –ب- الساعة بساعتين من الأجر الأساسي عن ساعات العمل الإضافية أثناء الليل ويوم الراحة الأسبوعية وأيام العطل والإجازات الرسمية مضافاً إلى ما يستحقه من أجر عن تلك العطل)، واشترط قانون العمل في المادة (74) أنه (-2- يجب أن لا تزيد ساعات العمل الإعتيادية أو الإضافية على اثنتي عشرة ساعة في اليوم الواحد). 

ومن خلال مطالعة النصين القانونيين السابقين يظهر أنهما قررا حق العامل في تقاضي الاجر الاضافي دون ان يبينا كيفية وإجراءات الأجر الإضافي للعامل، فقد ترك قانون العمل تنظيم ذلك لصاحب العمل بإعتبار ذلك من الشئون الإدارية والتنظيمية الخاصة بصاحب العمل التي تخضع لسلطته الإدارية التقديرية، وبحسب ظروف وإحتياجات العمل، فاذا لم يرد في ادلة ونظم صاحب العمل تنظيم لاجراءات ألاجر الاضافي ووجوب تكليف العامل بالعمل الإضافي فانه يتم تفسير النصين القانونيين السابقين لصالح العامل على النحو الذي ذهب إليه قرار اللجنة التحكيمية العمالية والحكم الإستئنافي.

ولذلك فإن غالبية الشركات والمؤسسات تحرص على تنظيم كيفية وإجراءات تكليف العامل بالعمل الإضافي وتشترط أدلة ولوائح هذه الشركات أن تكليف العامل بالعمل الإضافي يكون بموجب تكليف كتابي يتضمن بيان ساعات العمل الإضافي وتاريخ صدور التكليف والعمل المطلوب من العامل القيام به أثناء ساعات العمل الإضافي وتوقيع الإدارة المختصة التي اصدرت التكليف، وتحرص هذه الشركات على قصر التكليف بالعمل الإضافي على إدارة معينة في الشركة، كما تشترط الإدلة واللوائح المشار إليها إلزام العامل بتقديم تقرير عن الأعمال التي انجزها أثناء ساعات العمل الإضافي. 

بل أن بعض الشركات تضمن نموذج عقد العمل فيها بنداً ينص على أنه لا يجوز للعامل المطالبة بأي أجر إضافي إلا إذا كان ذلك بموجب تكليف كتابي من الإدارة المختصة بالشركة، لأن بعض العمال سيما عند خلافه مع صاحب العمل وحدوث النزاع بينهما يدعي العامل في هذه الحالة بأنه كان أثناء عمله لدى صاحب العمل يقوم يوميا بأعمال إضافية كثيرة ولم يدفع له صاحب العمل أجورها مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا. 

فإذا لم يتم تنظيم إجراءات وكيفية تكليف العامل بالعمل الإضافي فإن بعض العمال يستغل هذه الوضعية ويطالب بالأجر الإضافي عن فترة عمله لدى صاحب العمل ، وقد يبالغ في ذلك حتى تصل تلك الأجور إلى ملايين الريالات. 

الوجه الثاني: إثبات العامل للأجر الإضافي: 

كان الحكم الاستئنافي قد قضى بإستحقاق العامل للأجر الإضافي لثمان سنوات عمل خلالها العامل لدى صاحب العمل بواقع أربع ساعات في اليوم، وقد اثبت العامل قيامه بالعمل الإضافي يوميا لحساب صاحب العمل عن طريق شهادة الشهود الذين احضرهم العامل المدعي أمام اللجنة التحكيمية ثم أمام الشعبة الاستئنافية. 

وقد نقضت الدائرة المدنية بالمحكمة العليا الحكم الاستئنافي بسبب عدم قيام اللجنة التحكيمية والشعبة الاستئنافية تطبيق أحكام تقادم حقوق العامل المقررة في المادتين (22 و 23) من قانون الإثبات، فلم يتم نقض الحكم الاستئنافي بسبب عدم ثبوت الأجر الإضافي للعامل حسبما هو مقرر في أسباب حكم المحكمة العليا محل تعليقنا. 

علماً بأنه لو كان لدى الشركة (صاحب العمل) أدلة أو لوائح مكتوبة تنظم إجراءات العمل الإضافي لما اعتمدت اللجنة التحكيمية والشعبة الاستئنافية شهادات الشهود حتى لو قبلت شهادات الشهود على قيام العامل بالعمل الإضافي طوال أيام فترة قيام العامل بالعمل لدى صاحب العمل التي زادت على ثمان سنوات، لأن الأمر يقتضي صدور تكليف خطي من صاحب العمل للعامل بالقيام بالعمل الإضافي. 

علماً بأن القضاء يقبل دعاوى العمال بالاجر الاضافي اليومي الذين يعملون في مؤسسات وشركات يكون العمل فيها طوال اليوم أو أكثر من ثمان ساعات مثل المطاعم والمحلات التجارية ومحلات الصرافة، الا إذا كان في هذه الشركات ادلة ونظم تنظم الأجر الاضافي والتكليف بالاجر الاضافي.

الوجه الثالث: أهمية تكليف العامل بالقيام بالعمل الإضافي

ليس خافياً أن كثيراً من الأعمال المهمة والدقيقة يقوم العامل بإنجازها خارج ساعات العمل الرسمية، لأن المعتاد في اليمن أن العمال الإداريين حتى موظفي الدولة لا يستطيعوا التركيز على أداء أعمال الادارية المهمة أو الدقيقة أثناء ساعات الدوام الرسمي التي تتخللها زيارات المجاملة والحديث الجانبي الذي لا علاقة له بالعمل إضافة إلى تناول الفطور وشرب الشاي. 

لذلك فأنه من المألوف في اليمن أن العامل الموظف صاحب الهمة والاخلاص يقوم بإنجاز الأعمال الادارية الدقيقة والمهمة خارج ساعات الدوام الرسمي ربما في كل أيام الأسبوع بما فيها أيام العطل والإجازات الرسمية، ولذلك يسهل للموظف والعامل إثبات قيامه بالعمل الإضافي يومياً عن طريق زملاء العمل وجيران العامل. 

ولذلك فإن للتكليف الخطي بالعمل الإضافي أهميته البالغة، لأن قيام العامل أو الموظف بالعمل الإضافي من غير تكليف أو طلب من صاحب العمل يمنع العامل من المطالبة بالأجر الاضافي.

الوجه الرابع: تقادم الأجر الإضافي للعامل

يخضع الأجر الإضافي للعامل للأحكام المقررة لتقادم حقوق العامل بصفة عامة المبينة في قانون الاثبات، وقد بينت ذلك المادتان ( 22 و 23) من قانون الإثبات اليمني وقد استند الحكم محل تعليقنا إلى هاتين المادتين.

فقد بينت المادة (22) تقادم حقوق العامل ومن ذلك الأجر الإضافي، وفي هذا الشأن نصت المادة (22) إثبات على أنه (لا تسمع الدعوى من حاضر بعد مضي سنة من تاريخ الإستحقاق في الأحوال الآتية: -3- حقوق العمال والخدام والأجراء من أجور يومية وغير يومية أو ثمن ما قاموا به من توريدات لمخدوميهم) ، وهذا النص صريح في أن كافة حقوق العمال لدى صاحب العمل بما فيها الأجر الإضافي تتقادم إذا مضت سنة من تاريخ إستحقاقها إذا لم يقم العامل بالمطالبة الودية أو القضائية بها خلال السنة المشار إليها ، اما إذا قام العامل بالمطالبة الودية أو القضائية اثناء السنة فإن تلك المطالبة تقطع مدة التقادم. 

ومن خلال مطالعة النص السابق يظهر أن بداية مدة التقادم المشار إليها وهي سنة يتم إحتسابها بداية من تاريخ إستحقاق العامل للاجر الاضافي وهو نهاية الشهر الذي قام العامل خلاله بالعمل الإضافي، بيد أن القضاء اليمني قد استقر على أنه يجب على صاحب العمل أن يخطر العامل بحقه حتى يعلم العامل بحقه لدى صاحب العمل وتاريخ تقرير صاحب العمل لحق العامل ، وحتى يستطيع العامل المطالبة بحقه ،لأن العامل لا يعلم يقينا بتاريخ إستحقاقه للحق، وقد سبق أن تناولنا هذا الموضوع في تعليق سابق. 

اما المادة (23) إثبات فقد نصت في نهايتها على انه (وعدم سماع الدعوى في المواد الأربع السابقة مالم تكن هناك قرائن دالة على صدق الدعوى فتسمع تأكيداً لحفظ الحقوق)، ومعنى هذا النص أنه إذا كان لدى العامل أدلة أو قرائن قاطعة تدل على ثبوت حقه لدى صاحب العمل الذي يطالب به فإن دعواه تكون مقبولة رغم تقادم دعواه وفقاً للمادة السابقة وهي المادة (22) إثبات السابق ذكرها. 

ونظراً لعدم جدية وجدوى تقادم حقوق العمال حسبما ورد في قانون الاثبات وحسبما سبق بيانه ، فإن بعض الشركات والمؤسسات التجارية في اليمن تحرص على إخطار العامل سنوياً بحقوقه حتى يكون عالماً بحقوقه وتاريخ إستحقاقه لها ، كما أن هذه الشركات تقوم بتحرير مخالصة سنوية يقر فيها العامل بأنه تقاضى كامل حقوقه عن السنة المنصرمة وأنه لم يبق له بذمة الشركة إلا بعض الحقوق التي يتم إدخالها ضمن حقوق العامل في السنة التالية لتحرير المخالصة.

الوجه الخامس: حجية التقرير الصادر عن إدارة منازعات العمل:

عند حدوث نزاع بين العامل وصاحب العمل تقوم إدارة منازعات العمل بمكتب العمل وفقا لقانون العمل تقوم ببذل مساعيها لتسوية النزاع والتوفيق والاصلاح بين الطرفين، فاذا لم تفلح مساعيها في التسوية الودية بين الطرفين المتنازعين فانها نقوم بإعداد تقرير يتضمن الاجراءات التي قامت بها الادارة في هذا الشان.

وقد قضى الحكم محل تعليقنا بان ماورد في تقرير ادارة منازعات العمل عبارة عن راي المختصين في الادارة بشان النزاع بين الطرفين، فلا يكون ذلك ملزما للقضاء، والله أعلم.

أسئلة شائعة

تحدد المادة (71) من قانون العمل اليمني ساعات العمل الاعتيادية بثمان ساعات في الأيام العادية وست ساعات في رمضان.

يتم احتساب الأجر الإضافي بواقع الساعة بساعة ونصف في أيام العمل العادية، والساعة بساعتين أثناء العمل الليلي أو العطل.

تنظيم إجراءات العمل الإضافي يساعد في تجنب المنازعات مع العمال حول المستحقات ويضمن توثيق التكليف بالعمل الإضافي بشكل رسمي ومحدد.

يتم إثبات الأجر الإضافي عن طريق شهادات الشهود، أو أي وثائق أو أدلة مكتوبة صادرة عن صاحب العمل تُثبت تكليف العامل بالعمل الإضافي.

نعم، يخضع الأجر الإضافي لأحكام التقادم المقررة في المواد (22 و 23) من قانون الإثبات اليمني، ما لم ينص عقد العمل على خلاف ذلك.

تعليقات