إنتقال الولاية على الوقف الاهلي

إنتقال الولاية على الوقف الاهلي

إنتقال الولاية على الوقف الاهلي
إنتقال الولاية على الوقف.
هناك شروط للولاية على الوقف بصفة عامة سواء اكان الوقف خيريا أم اهليا ، ومن أهم هذه الشروط : البلوغ والعقل والرشد وحسن السيرة والسلوك والقدرة والخبرة وحسن التصرف في إدارة الأموال والأمانة والورع والمحافظة على الشعائر الاسلامية، فإذا تخلف أي شرط من شروط الولاية على الوقف يتم عزل الوكيل ومحاسبته، وتنتقل الولاية على الوقف من الولي المعزول إلى من يليه في المرتبة إذا توفرت في الخلف الشروط الشرعية والقانونية للولاية على الوقف ، إضافة إلى أن الولاية على الوقف الاهلي تنتقل من الولي إلى من يليه بموته اذا انقطع نسله ، كما لو مات الواقف وكان هو المتولي على الوقف وكذا إذا نص الواقف على حصر الولاية على الوقف في شخص معين وذرية هذا الشخص من بعده ، فإذا انقطع نسل هذا الشخص فإن الولاية على الوقف تنتقل إلى الولاية العامة (هيئة الأوقاف/ وزارة الأوقاف)، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-11-2016م في الطعن رقم (58488)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد وجدت الدائرة: أن حكم الاستئناف هو الموافق للشرع والقانون لما علل به واستند إليه في قضائه بقبول الدفع المقدم من المستأنف مكتب الأوقاف والارشاد شكلاً وموضوعاً لقيام سببه وصحة سنده القانوني وعدم سماع دعوى الولاية على أعيان وقف.... لسبق الفصل فيها بأحكام قضائية وباتة وإلغاء الحكم الابتدائي وثبوت ولاية المستأنف مكتب الأوقاف على وقف....، لانقطاع ذرية الواقف ، وعلى مكتب الأوقاف العمل بنص الوقفية كما نص عليها الواقف)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الوقف الخيري والوقف الأهلي:
الوقف بصفة عامة: هو حبس مال فتكون ملكية رقبة هذا المال لله سبحانه وتعالى ، في حين تصرف العائدات المتحصلة من المال الموقوف في مبرة أو قربة لله تعالى على سبيل التأبيد ، فلايجوز بيع العين الموقوفة أو التصرف بها باي من التصرفات الناقلة لملكيتها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، والوقف بهذا المفهوم نوعان: النوع الأول: وقف أهلي: وهو الوقف على النفس أو الذرية، والنوع الثاني: الوقف الخيري: وهو الوقف على جهات البر العامة والخاصة ، كالوقف على المساجد والمدارس والسقايات وغيرها، حسبما هو مقرر في المادة (4) من قانون الوقف اليمني.
الوجه الثاني: حكم الوقف على النفس أو الذرية (الوقف الأهلي):
سبق القول في الوجه الأول أن الوقف على النفس أو على الذرية هو وقف أهلي حسبما هو مقرر في المادة (4) من قانون الوقف المشار اليها، وعند صدور قانون الوقف اليمني بتاريخ 29-3-1992م منع ذلك القانون منع الوقف على النفس خاصة أو على وارث أو على الورثة أو على الذرية أو على الأولاد أو أولاد الأولاد ، فمنذ تاريخ 29-3-1992م صرح القانون بأن هذا الوقف باطل بعد صدور هذا القانون ، حسبما هو مقرر في المادة (33) وقف.
غير أن هذا النوع من الوقف الأهلي السابق على تاريخ 29-3-1992م جائزبحسب الشروط المقررة في المادة (46) وقف الاتي بيانها.
الوجه الثالث: الولاية على الوقف الأهلي:
ترك قانون الوقف اليمني أمر تحديد الولاية على الوقف بصفة عامة تركها للواقف الذي له ان يحدد الولي على المال الذي أوقفه، وفي هذا المعنى نصت المادة (49) من قانون الوقف على أن (الولاية على الوقف للواقف ثم لمنصوبه وصياً أو ولياً ثم للموقوف عليه ثم لذي الولاية العامة والحاكم أو من يعينه أحدهما لذلك، ويجوز لذي الولاية الخاصة إسناد الولاية لمن يرى فيه الصلاح بغير عوض).
 ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أن الواقف بصفة عامة هو الذي يحدد المتولي على الوقف سواءً بالنسبة للوقف الخيري أو الوقف الأهلي، ويظهر أن الولاية الخاصة على الوقف مقدمة على الولاية العامة ، ويسري هذا الحكم على الوقف الخيري والوقف الأهلي، وعلى هذا الأساس فإن الولاية على الوقف الأهلي لا تنتقل إلى الولاية العامة (هيئة الأوقاف/ وزارة الأوقاف) إلا إذا لم يحدد الواقف ولياً على وقفه أو حدد الواقف الولي على وقفه ولكن إنقطع نسل المتولي على الوقف الأهلي أو كانت الولاية للموقوف عليهم فانقطعت ذرية الموقوف عليهم .
الوجه الرابع: إنتقال الولاية على الوقف الأهلي:
سبق القول أن الواقف نفسه هو الذي يحدد المتولي على وقفه ، وأن الولاية على الوقف لا تنتقل من المتولي على الوقف الأهلي إلى من يليه إلا في ثلاث حالات هي :
الأولى: إنقطاع نسل المتولي على الوقف الاهلي المعين من الواقف ، كما لو نص الواقف على إسناد الولاية إلى شخص معين ثم من بعده للأرشد من ذرية المتولي المعين فانقطعت ذرية الواقف سواء من الارشد أو غيره.
الثانية: إذا مات الواقف نفسه ولم يحدد المتولي أو الولي على وقفه، فقد ورد في المادة (49) من قانون الوقف السابق ذكرها ورد فيها ; أن الولاية على الوقف تكون للواقف نفسه – فإذا مات الواقف ولم يحدد المتولي على الوقف فإن الولاية على الوقف تنتقل إلى الموقوف عليهم إذا توفرت فيهم شروط الولاية على الوقف.
اما الحالة الثالثة: فتنتقل الولاية على الوقف الأهلي من المتولي إلى من يليه اذا تخلف في الولي أي شرط من شروط الولاية على الوقف المحددة في المادة (51) من قانون الوقف وهي: الإسلام والتكليف (البلوغ والعقل والرشد) والعدالة والأمانة وحسن السيرة والسلوك والمحافظة على الشعائر الإسلامية وحُسن التصرف والقدرة على إدارة شئون الوقف، فإذا تخلف أي شرط من هذه الشروط بطلت ولاية المتولي على الوقف الأهلي وانتقلت الولاية إلى الشخص الذي يليه.
الوجه الخامس: مراتب الولاية على الوقف الأهلي:
حددت المادة (49) من قانون الوقف السابق ذكرها حددت مراتب الولاية على الوقف بصفة عامة ، بما في ذلك الولاية على الوقف الأهلي، وبناءً على ما ورد في نص المادة المشار إليه فإن الأولياء على الوقف الأهلي مرتبون على النحو الآتي:
الواقف نفسه ثم الشخص الذي ينصبه الواقف على الوقف، وهو الذي يعينه الواقف سواءً أكان المنصوب ولياً أو وصياً ثم الموقوف عليه ثم الجهة ذات الولاية العامة على الوقف وهي: هيئة الأوقاف أو وزارة الأوقاف.
وتنتقل الولاية على الوقف إلاهلي من المرتبة إلى المرتبة التي تليها مباشرة، فإذا مات الولي على الوقف أو تخلف فيه شرط من شروط الولاية انتقلت الولاية منه إلى من يليه ممن تتوفر فيه شروط الولاية.
وإذا تعدد المستحقون للولاية كالموقوف عليهم أو في حالة إنتقال الولاية من الأب إلى أولاده المتعددين فإن الأحق بتولي الوقف هو الشخص الذي توفرت فيه شروط الولاية كاملة ،فإذا تساوى المتعددون في ذلك وجب اتفاقهم على إختيار أحدهم فإن تعذر الإتفاق فتتم القرعة بين المستحقين.

الوجه السادس: حالات جواز الوقف على الذرية (الوقف إلاهلي)في القانون اليمني:
اجاز قانون الوقف اليمني الوقف إلاهلي أو الوقف الذري القديم السابق على تاريخ صدور القانون بأربعين سنة وكذا حالة صدور أحكام بصحة هذا النوع من الوقف أو إذا كان الورثة ذرية الواقف قد تراضوا ووافقوا على هذا النوع من الوقف، حسبما هو مقرر في المادة (46) من قانون الوقف التي نصت على أن (الأوقاف الأهلية القديمة التي نصت على أن (الأوقاف الأهلية القديمة التي صدرت فيها أحكام شرعية بصحتها أو كان الورثة قد تراضوا عليها أو مضى عليها أربعون عاماً تبقى على ما هي عليه ولا تنقضي إلا بتراضي أهل المصرف أو اغلبهم بحسب الاستحقاق وأوفرهم صلاحاً ويقدم من خلال الجهة المختصة للحاكم لتحقيقه والإذن بنقض الوقف إذا تحققت المصلحة).
الوجه السابع: موقف الفقه الإسلامي من الوقف على الذرية:
ذهب الزيدية والشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز الوقف على الذرية وحجتهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما سأله عمر ماذا يصنع بأرضه في خيبر فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها) فأوقفها عمر في الفقراء والقربى، فعندما أوقف عمر الأرض على أقاربه دل ذلك على أن الوقف جائز على الأقارب بمن فيهم الذرية، كما استند هولاء الفقهاء على قولهم بعدة احاديث بالإضافة إلى إستدلال جمهور الفقهاء بالإجماع على جواز الوقف على الذرية، في حين ذهب بعض الفقهاء إلى عدم جواز الوقف على الذرية لإنتفاء القربة في هذا النوع من الوقف، والمختار هو: قول الجمهور الذين ذهبوا إلى جواز الوقف على الذرية ، لأن الأقربين أولى بالمعروف، ولأن الغالب في الناس خشيتهم من ترك ذرياتهم فقراء يتكففوا الناس، والله اعلم.

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

مقالات ذات صلة: