معنى ان الإقرار لا يتجزأ على صاحبه

معنى ان الإقرار لا يتجزأ على صاحبه

معنى ان الإقرار لا يتجزأ على صاحبه
معنى ان الإقرار لا يتجزأ على صاحبه
أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
نصت المادة (95) من قانون الإثبات اليمني على أنه (لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا تستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى)، وقد تضمنت القوانين العربية والاجنبية نصوصاً مماثلة لهذا النص، وقد استخلص الفقه من هذا النص مبدأ عدم تجزئة الإقرار على صاحبه، فمبدأ عدم جواز تجزئة الإقرار على صاحبه يعني: أنه لايجوز يستدل بجزء من اقرار الشخص ويطرح بقية ماورد في الاقرار طالما ان الاقرار متعلق بواقعة واحدة أو بوقائع مترابطة ترابطاً لا يقبل التجزئة، فلا يضار المقر بإقراره على أساس ان جميع اجزاء الاقرار القضائي متساوية في الاثبات، ولذلك فالاقرار لايتجزا، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-5-2010م في الطعن رقم (41362)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: ((وحيث أن ما صدر عن المدعى عليه المطعون ضده حالياً هو إقرار موصوف بقوله: أن ما جاء في القصاصة صحيح ولكنها اقتصت من ورقة أخرى لا تخص هذا الحساب ، فذلك يشير إلى أن هناك حساباً آخر، والإقرار لا يجوز تجزئته))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: ماهية الاقرار لايتجزا على صاحبه:


معنى ان الإقرار لا يتجزأ على صاحبه : ان الشخص إذا أقر بواقعة معينة أو بوقائع مترابطة مع بعضها فلايجوز ان يستدل عليه ببعض ماورد في اقراره أو بجزء من اقراره دون بقية ما ورد في اقراره طالما ان محل الاقرار واقعة معينة أو وقائع مترابطة ترابطاً لا يقبل التجزئة، فلا يضار المقر بإقراره، على أساس ان جميع اجزاء الاقرار القضائي متساوية في الاثبات ، فليس للمقر له ان يأخذ من الاقرار ما يفيده ويترك ما هو في غير صالحهِ ، فعندما يقر الخصم بالحق او بواقعة فلا يحق للمقر له ان يجزئ هذا الاقرار فيستدل بالجزء الذي لصالحه ويترك الجزء الذي ليس في مصلحته .

والهدف من عدم جواز تجزئة الاقرار تلافي تغيير مركز المتقاضيينِ في الدعوى فيما يتعلق بعبء الاثبات، فلو جاز تجزئة الاقرار فانه ينبغي أن يتم تكليف المقر بإثبات الإضافات والتعديلات الواردة في اقراره على ماورد في دعوى المدعي لأن اقراره لم يطابق دعوى المدعي ،ومؤدى ذلك تحميل المقر المدعى عليه عبء الاثبات من غير حق ،لان الاقرار وهو الدليل على المدعى به لم يصدر من خصم المقر وانما صدر من المقر وأحتج خصمه به عليه لذا يجب ان لا نعتبر ما قاله المقر فيما لا يطابق المدعى به دفعاً يطلب منه اثباته والا نكون قد جافينا العدل (د. آدم وهيب النداوي ، دور الحاكم المدني في الاثبات ، ط1 ، الدار العربية ، بغداد ، 1976م ص220).

واصل مبدا عدم تجزئة الاقرار على صاحبه هو الفقه الاسلامي الذي يطلق على مسألة عدم تجزئة الاقرار بمسألة تعقيب الاقرار بما يُنافيه ، وتعرض هكذا : هل يُلتزم بالحاصل من مجموع كلام المقر ام تجعل عبارة الاقرار كلاماً ، والعبارة المنافية له كلاماً آخر ، ويسوقها بعض الفقهاء بتعبير آخر : إن الاقرار المتعقب بالمنافي هل يُعدُّ إقراراً تاماً قبل التعقيب ليكون حجة ويمتنع الرجوع عنه ام لا يُعدّ كذلك فلا يكون حجة ، ولا يعتبر تعقيبه رجوعاً(حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي،ص122-138).

الوجه الثاني: أنواع الاقرار ونطاق تطبيق مبدأ عدم تجزئة الاقرار عليها:

نصت المادة (95) من قانون الإثبات اليمني على أنه (لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا تستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى)، وهذا يعني أن عدم جواز تجزئة الاقرار يتعلق بمحل الاقرار ونوعه مما يستلزم عرض صور الاقرار البسيط والاقرار الموصوف والاقرار المركب ثم نبين كيفية تطبيق مبدا عدم التجزئة في أنواع الاقرار المختلفة:
اولاً: أنواع الاقرار :
النوع الأول: الاقرار البسيط:

هو الاقرار الذي يتعلق بواقعة محددة أو بوقائع مترابطة مع بعضها ، مثل ان يدعي شخص على آخر امام المحكمة بان المدعى عليه مدين له بخمسين مليون ريالا يمنيا فيُجيب المدعى عليه ويقر بانه مدين للمدعي بالمبلغ المذكور من دون ان يضيف شيئاً ، أو يدعي عليه بذلك وبانه مؤجل إلى سنتين فيقر المدعى عليه بالدين وبأجله الذي ذكره المدعي ، أو يدعي عليه ذلك ويذكر بان المدعى عليه وفى منها خمسة وعشرين مليون وبقي في ذمته خمسة وعشرون مليون ربالا فيقر المدعى عليه بذلك وبانه سبق ان سدد نصف مبلغ الدين المدعى به كما ذكر المدعي في دعواه . ففي كل الامثلة أعلاه نرى ان اقرار المدعى عليه جاء مطابقاً لما يدعيه المدعي دون أي تعديل أو اضافة سواء اكان المدعى به ـ محل الاقرار ـ واقعة واحدة مجردة ، وسواء كانت تلك الواقعة موصوفة ، أو غير مقترنة بوصف ، وسواء كان المدعى به يتضمن واقعة واحدة أو اكثر من واقعة ، مما يعني انه اعترف بكل الحق المدعى به أو به وبملحقاته ، وهذا الاقرار هو الذي يعرف بالاقرار البسيط ، ويُراد به مجرد تسليم المدعى عليه بدعوى المدعي كما هي ، فهو يصادقهُ في جميع ما ادعاه دون ان يَجري تغييراً أو تعديلاً أو يُضيفَ وصفاً أو واقعةً جديدة غير ما طلبهُ المدعي .
النوع الثاني: الاقرار الموصوف :
عندما يدعي شخص على خصمه بانه مدين له بمبلغ معين وان مستحق في تاريخ معين فيقر المدعى عليه بالدين ولكن دون تاريخ استحقاق الدين ، أو يدعي على خصمه بعقد مقرون بالشرط الجزائي فيقر الخصم بالعقد ولكن دون الشرط الجزائي ، أو يدعي الدائن انه اقرض المدعى عليه مبلغاً معيناً من المال ويطالبه برد القرض فيقر المدعى عليه بواقعة القرض ولكن يذكر في اقراره ان هذا القرض كان لمدة ثلاث سنوات ـ أي التزامه بالرد مؤجلاً والاجل لم يحل بعد ، أو يدعي الدائن ان المدعى عليه تعهد له بعمل معين فيقر المدعى عليه بواقعة التعهد ولكن يذكر في اقراره ان تعهده كان معلقاً على شرط والشرط لم يتحقق بعد . ففي الأمثلة المذكورة نرى ان اقرار المدعى عليه لم يأت مطابقاً لدعوى المدعي وانما جاء معدلاً بالمدعى به بحذف بيان أو قيد منه أو تغييره أو مضيفاً بياناً جديداً أو وصفاً لم يرد في دعوى المدعي ، وهذا الاقرار هو الذي يعرف بالاقرار الموصوف الذي اشار اليه الحكم محل تعليقنا ، ويُراد به ان المدعى عليه وان أقر بالمدعى به ، ولكن لا على الوجه الذي ذكره المدعي ، فالمدعى عليه لم يعترف بالطلب المدعى به كما هو وانما جاء اقراره مغيّراً أو معدّلاً فيه حذفاً منه أو اضافةً ، وهكذا يظهر ان الاقرار الموصوف ليس فقط ما يضيفه المقر من وصف كالاجل والشرط عند إقراره بالمدعى به ، وانما هو الاقرار الذي يعترف بالمدعى به مع تعديله كما تقدم ، والامر المهم الذي يجب ان يلاحظ في هذا الاقرار ان التعديل او التغيير أو الاضافة أو الوصف الذي ذكره المقر للواقعة الاصلية ، كان معاصراً لنشوء هذه الواقعة ، لا انه حادث حصل بعد الواقعة الاصلية.( د. عصمت عبد المجيد ، شرح قانون الاثبات ، ط2 ، المكتبة القانونية ، بغداد ، 2006م ، ص122).
فيجب لاعتبار الاقرار موصوفاً ان ينصب على وصف اقترن بالدين ــ مثلاً ــ من وقت نشوئه كالاجل والشرط ، لا على وصف يحدث بعد ذلك كتمديد الاجل أو اضافة شرط لاحق أو الاتفاق ــ فيما بعد ــ على تقسيط المديونية . هذا ولا شك بأن من شأن ما فعله المقر عند اقراره بالمدعى به يؤثر على الاحكام والنتائج القانونية للواقعة الاصلية بما هو في صالحه. وقد بيّن المشرع اللبناني ــ من دون بقية التشريعات ــ متى يكون الاقرارُ موصوفاً فنصَّ على انه (يسمى الاقرار موصوفاً عندما يقتصر على الواقعة التي صرح بها الخصم الآخر الا انه يفسد نتائجها القانونية بما يشتمل عليه من البيانات الاضافية ...) (حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي،ص122-138).
النوع الثالث: الاقرار المركب :
عندما يدعي شخص على آخر بدين معين فيقر الخصم بالدين كما ذكره المدعي الا انه يدعي ايضاً انه قد اوفى هذا الدين كاملاً ، أو انه اوفى جزءاً منهُ ، أو يدعي عليه بقرض معين فيقر المدعى عليه بالقرض المذكور ولكنه يقول بان هذا القرض قد انقضى بالابراء . ففي هاتين الصورتين نرى ان اقرار المدعى عليه لم يأت مطابقاً لدعوى المدعي وانما جاء مُعدلاً له بذكر واقعة جديدة فضلاً عن الواقعة الاصلية كواقعة الوفاء أو الابراء ولم يحصل التعديل على ذات الواقعة الاصلية . وهذا الاقرار هو الذي يُعرف بالاقرار المركب ، ويُراد به الاعتراف بالواقعة القانونية المدعى بها كما هي إلا ان المقر يُلحق بأقراره واقعة اخرى من شأنها ان تؤثر في نتائج الواقعة الاصلية تأثيراً مهماً قد يصل إلى اسقاط مقتضى وجودها بما يؤدي إلى انقضائها كما في صورة ادعاء وفاء الدين كاملاً .
وهكذا يظهر ــ مما تقدم ــ أن الاقرار الموصوف والمركب يشتركان في ان كليهما اعتراف بالواقعة المدعى بها مع إضافة عنصر آخر اليها من شأنه ان يؤثر في نتائجها القانونية، ويختلفان في العنصر المضاف إلى تلك الواقعة ، اذ هو في الاقرار الموصوف يتصل بالواقعة الاصلية منذ نشوئها في حين انه في الاقرار المركب يُلحق بالواقعة الاصلية بعد حدوثها.
وجاء في الأعمال التحضيرية للقانون المدني المصري بهذا الصدد انهُ (قد يقر المدعى عليه بالدين ويدعى انه معلق أو مضاف إلى أجل ويسمى هذا الاقرار موصوفاً في اصطلاح الفقه لأن الشيء المضاف معاصر للواقعة القانونية ، وقد يقر المدعى عليه بوجود القرض ويدعي الوفاء فيكون الشقُّ المضافُ غير معاصر للواقعة القانونية).
وبيّن المشرِّعُ اللبناني ــ من دون بقية التشريعات ايضاً ــ متى يكون الأقرار مركباً ، فنص على انه (يسمى الاقرار مركباً عندما يكون منصبَّاً ... على الواقعة الاصلية وعلى واقعة أخرى ...).
ثانيا:نطاق تطبيق مبدا عدم تجزئة الاقرار على أنواع الاقرار:
من خلال عرض انواع الاقرار على النحو السابق بيانه المتقدمة ، فان مبداً عدم تجزئة الاقرار لا محل للنظر فيه بالنسبة للاقرار البسيط ، اذ لم يأت المقر بشيء يختلف عما ادعاه المقر له ، فالوقائع المدعاة قد أقر المدعى عليه بها جميعاً ، والاقرار بجميع اجزائه هو في صالح المقر له فليس له مصلحة تدعوه إلى تجزئة هذا الاقرار ، لذا جاء في الاعمال التحضيرية للقانون المصري أنَّ الاقرار البسيط : (لا تعرض بشأنه أية صعوبة لان إشكال عدم التجزئة ممتنع بطبعه). وان مجال تطبيق مبدأ عدم التجزئة هو الاقرار الموصوف والمركب ، ففي الامثلة والصور المتقدمة ليس للمدعي ان يعدَّ الدين ثابتاً في ذمة المقر ويهمل الاجل الذي ذكره المقر في اقراره ويُطلب منه اثباته ، أو يعدَّ الواقعة الاصلية ثابتة ويطلب من المقر إثبات الواقعة المضافة . ويلاحظ ان مبدأ عدم التجزئة الذي يُطبق على الاقرار القضائي الموصوف أو المركب لا يفرق فيهما سواء ادلى المقر بأحدهما شفوياً أو كتابياً ، ((فاذا قدّم المدعى عليه سنداً خطياً يحتوي على إقرارٍ بموضوع الدعوى يُعدُّ هذا الأقرار غير قابل للتجزئة ...)). ولكنَّ المشرِّع العراقي في اعماله التحضيرية للقانون المدني خصَّ مجال تطبيق المبدأ في الاقرار الشفوي اذْ جاء فيها أنَّ عدم تجزئة الاقرار تحصل عندما (... يكون اقراراً شفوياً امام المحكمة . اما الاقرار المكتوب فهذا سند كتابي له حكمه). وهذا القول محل نظر ، لأن للمقر أنْ يعبِّر عن ارادته للاقرار أثناء نظر الدعوى بصورة شفوية أو خطية ويُعدّ اقراره بالمدعى به في كلا الصورتين إقراراً قضائياً. ويلاحظ ــ ايضاً ــ ان مبدأ عدم التجزئة كما يُلزم بهِ المقر له فانه يجب على القاضي تطبيقه ايضاً ، فليس من صلاحية القاضي ان يطرح جزءاً من الاقرار الواقع امامه ويأخذ بجزء آخر منه (حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي،ص122-138).
الوجه الثالث: شروط تطبيق مبدأ عدم تجزئة الاقرار:
سبق ان ذكرنا في الوجه الأول ان مجال تطبيق مبدأ عدم التجزئة هو الاقرار الموصوف والاقرار المركب ، ومع ذلك فيجب ان تتوفر في الاقرار الموصوف أو المركب اربعة شروط ، هي:
الشرط الاول : ان يوجد تلازم بين العنصر المضاف والواقعة الاصلية:
يشترط لتطبيق مبدأ عدم تجزئة الاقرار ان يكون هناك تلازم بين العنصر المضاف من بيان أو وصف أو واقعة أخرى مع الواقعة الاصلية . وهذا التلازم أمر طبيعي بالنسبة للاقرار الموصوف لأن ما عدّلهُ أو اضافهُ المقر مقترن بالواقعة الاصلية المدعى بها من حين نشوئها ، وكذا في الاقرار المركب فلابد من ان يوجد هذا التلازم بحيث لا يمكن تصور وجود الواقعة المضافة من دون وجود الواقعة الاصلية ، فلا يمكن ان نتصور الوفاء دون وجود الدين الاصلي ، وكذا بالنسبة للابراء والتجديد . اذن لابد من ان يكون العنصر المضاف في الاقرار الموصوف أو المركب على نحو لا يمكن معهُ ان يتجَّزأ عن الواقعة الاصلية ، وهذا هو الرأي الراجح لدى الفقهاء. ويذهبُ اكثرُ شراح القانون الفرنسيين إلى اشتراط هذا الشرط وان تكون الواقعة المضافة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً من حيث محلها وطبيعتها بالواقعة الاصلية ، بحيث يكون حصول الواقعة المضافة يتطلب حتماً سبق الواقعة الاصلية ، فعندئذ لا يتجزأ الاقرار القضائي ، ولذا فان الاقرار بالدين مع إضافة الوفاء لا يتجزأ ، لان الوفاء يفترض وجود الدين اولاً ولأن محله هو ذات محل الدين ، ويذهب الفقيهان أو برى ورو في هذا الشرط إلى ان الاقرار المركب يكون اعترافاً غير قابل للتجزئة كلما كان الاعتراف بالواقعة المضافة باعتباره نتيجة للواقعة الأصلية من شأنه ان يُفقدَ الاعتراف بالواقعة الاصلية آثاره القانونية أو يحد من هذه الاثار، وذهب فريقٌ من الفقهاء ــ فيما يتعلق بهذا الشرط ــ إلى ان مبدأ عدم التجزئة لا يكفي ــ لتطبيقه ــ مجردُ التلازم بل يجب ان يكون هذا التلازم على نحو معه تقابل تام بين الواقعتين، فإذا كانت الواقعة المضافة تقابل تماماً الواقعة الاصلية كالوفاء يقابل وجود الدين فعندئذ يطبق المبدأ ، اما لو أضاف المقر إلى واقعة الدين واقعة الأبراء أو التجديد فعندئذ لا يوجد تقابل تام بين الواقعتين وبالتالي لا يطبق مبدأ عدم التجزئة في هذه الحالة (د . توفيق حسن فرج ، قواعد الاثبات في المواد المدنية والتجارية ، مؤسسة الثقافة الجامعية ، 1982م ص167 ).
وخلافاً للرأي الراجح ذهبَ بعضُ الفقهاء إلى ان مبدأ عدم التجزئة يطبق في جميع الصور ــ وان لم يكن هناك تلازم بين ما اضافه المقر والواقعة الاصلية ــ فطالما ان الاقرار موصوف أو مركب فأنه لا يسوغ تجزئة الاقرار القضائي لأن هذا الاقرار عمل قانوني ارادي، فمن أقر لم يتجه قصده فقط إلى اعتبار المدعى به ثابتاً في ذمته دون بقية ما ذكره في إقراره، وهذا يعني ان منشأ المبدأ ــ لدى هؤلاء الفقهاء ــ يعود إلى قصد المقر ، فالاقرار لا يتجزأ على اساس ارتباط اجزائه في قصد المقر ، وانه لو جزأناه نكون عندئذ خالفنا شرطاً من شروط حجّية الاقرار الذي يجب ان يتوافر في المقر، لان هذا الاقرار حينما صدر عن المقر اتجه قصده إلى اعتباره حجة بكاملهِ بما تضمَّن من وصف أو واقعة مضافة، وبناءاً على ما ذهب اليه الرأي الراجح فن منشأ هذا المبدأ نص قانوني، فالمشرع هو الذي يمنع التجزئة مع وجود الترابط الحتمي بين الواقعة الاصلية والواقعة المضافة ((ومبناه في ذلك الصلة المنطقية في الذهن الانساني بين وقائع معينة ، فاذا كانت الواقعة المضافة يفترض وجودها وجود الواقعة الاصلية ... فأنه لا يَجوز للمقر لهُ ان يُجزئ الاقرارَ على المقر))، ويرد هؤلاء على اصحاب الاتجاه القصدي ان الامر لو كان كما تزعمون لكان ليس في وسع المقر له عند تمسكه بالاقرار ان يدحض الوصف أو الواقعة المضافة بينما من الـمُسَلّم به ــ فقهاً وقضاءاً ــ ان مبدأ عدم التجزئة لا يمنع من ذلك، واما على الصعيد التشريعي ، فقد نصت المادة (95) من قانون الإثبات اليمني على أنه (لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا تستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى) وكذا نصَّ المشرع العراقي على انهُ (لا يتجزأ الاقرار على صاحبه الا اذا إنصبَّ على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا يستلزم حتما وجود الوقائع الاخرى)، ويتضح من النصين السابقين ان الاصل عدم تجزئة الاقرار القضائي ، ويفهم منه ان شرط تطبيق هذا الاصل ان يكون هناك تلازم بين الوقائع الواردة في الاقرار الواحد ، وهذا النص كان واراداً بلفظه في القانون المدني العراقي،وقد ناقشته لجنة مشروع هذا القانون وقالت (الاقرار الذي لا يتجزأ فهو ان يقر المدين بالدين أمام المحكمة ويضيف انه وفى به ... والسبب انه لا يتجزأ في هذه الحالة لان المدين اقر بواقعتين : 1. واقعة المديونية ، 2. واقعة الوفاء ، وواقعة الوفاء تستلزم حتما واقعة المديونية) وعلى هذا الاساس فان القانون اليمني والقانون العراقي يأخذا بالرأي الراجح في الفقه القانوني . ونصَّ المشرِّعُ المصري بما يتطابق مع نصِّ المشرِّعِ العراقي(28)، فلابد لتطبيق مبدأ عدم التجزئة أنْ يوجد تلازم حتمي بين الواقعة المضافة والواقعة الاصلية ، ولكن لائحة المحاكم الشرعية المصرية ذهبت إلى عدم التجزئة مطلقاً حيث نصت على انهُ (لا يتجزأ الاقرار الصادر من المدعى عليه بمجلس القضاء فلا يؤخذ منه الضارُّ به ويترك الصالح له بل يؤخذ جملة واحدة ويعتبر انكاراً للدعوى)، وقد اتجه واضعو مشروع تنقيح القانون المدني المصري اول الامر إلى هذا الاتجاه، ولكنهم عدلوا عنه إلى الرأي الراجح فقهاً في المشروع التمهيدي للقانون المدني، وكان المشروع الأوَّلي ــ وهو مشروع القاضي استنوت ــ الذي سبق المشروع التمهيدي ياخذ بقاعدة عدم التجزئة مطلقاً ايضاً اذ نصَّ على ان (الاقرار لا يتجزأ على صاحبه Laveu ne peut etre divise contre celui qui la Fait)،وقد ورد في المذكرة الايضاحية تعليقاً على ما جاء في المشروع التمهيدي ــ الذي تبناه المشرِّعُ المصري في القانون المدني ثم نقله إلى قانون الأثبات ــ على انه (تعرض مسألة عدم التجزئة بالنسبة للاقرار المركب أي مسألة معرفة ما اذا كان يجوز لمن وجه الاقرار اليه ان يأخذ منه ما يرى فيه مصلحة له وان يهمل الشقَّ المضافَ الا أن من المقرر ان الشق المضاف يعتبر غير منفكِّ من جملة الاقرار موصوفاً كان الاقرار أو غير موصوف اذ لولاهُ لما صدر الاعتراف ثم ان الاقرار بأسره هو الذي يعتبر حجة لا جزء منه فحسب ، ويترتب على ذلك أنَّ الاقرار المركب لا يتجزأ موصوفاً كان أو غير موصوف بل يتعين على من يتمسك به بصفته هذه ان يعتد به بأسره).
الواقع اننا اذا أمعنا النظر في هذا التعليق وجدناه لا يستقيم مع نص المشروع التمهيدي ونص القانون المدني وانما يُناسب مع ما جاء في المشروع الاولي للقاضي أستنوت ، ولا تفسير لذلك سوى انه نُقل خطأ من المذكرة الايضاحية التي وضعها القاضي أستنوت إلى المذكرة الايضاحية للمشروع التمهيدي فلم يُلتفت عند النقل إلى اختلاف النص المعلق عليه ، لان المشروع التمهيدي لم يأخذ بما في المشروع الأوَّلي كما هو ملاحظ مما تقدم ، ويتعين ازاء ذلك عدم التعويل مطلقاً على ما جاء بهذه المذكرة والاعتماد على نص القانون.
اما القانون الفرنسي فقد نص على ان (الاقرار حجة ... على من صدر منه ولا يجزأ عليه ...)، وهذا يدل على انه اخذ بالرأي الآخر الذي يرى ان الاقرار لا يتجزأ في جميع الصور ، ولم ينصَّ المشرع الأردني على مبدأ عدم التجزئة ، ولكن يذهب فقهاء وشراح قانون البينات الاردنية إلى الاخذ بهذا المبدأ في ظل التشريع الأردني شريطة ان يكون هناك ارتباط وثيق بين الوقائع المقر بها من حيث طبيعتها ، ويؤيد هذا المذهب أنَّ المشرِّعَ أخذَ بمبدأ عدم التجزئة فيما ورد من إقرار خطي للتاجر في دفاتره الاجبارية، ويضاف إلى ذلك ان المنطق يقضي بأن من أقرَّ بشيء وليس عليه بيِّنة فالقول ما قاله لان إقراره دليلٌ على صدقه.
 واما بقية القوانين فقد نصت على ما يتفق مع النص اليمني والعراقي والمصري عدا المشرع الليبي فانه ((اقتصر على بيان عناصر الأقرار غير المجزأ وتحديد أثرهِ في حالة واحدة هي عدم اعتراض المقر له على صحة البيانات الاضافية حيث يُشكّل عندئذ بينة تامة اما في حالة الخلاف فيعود تقدير تجزئة الاقرار وعدم تجزئتهِ إلى القاضي))، لذا نص على انه (اذا إقترن الاقرار الصادر من احد الطرفين عن وقائع ليست لصالحه بالتصريح بوقائع أخرى أو بظروف يراد منها الحد من أثر الواقعة المقر بها أو تغييرها أو إزالة آثارها فلكامل الاقرار وما إقترن به قوة البيِّنة الكاملة اذا لم يطعن الطرف الآخر في صحة ما أضُيفَ من وقائع أو ظروف ، ويترك للقاضي عند الاختلاف تقدير قوة الاقرار كبيِّنة).
ويبدو ان المشرع الليبي باخذ بمبدأ عدم التجزئة مطلقاً في حالة عدم اعتراض المقر له على الاقرار الموصوف أو المركب الصادر عن المقر . وعلى الصعيد القضائي ؛ جرى القضاء اليمني على تطبيق مبدأ عدم التجزئة جسيما هو ظاهر في الحكم محل تعليقنا حيث أخذ القضاء اليمني بالرأي الراجح وما نصَّ عليه القانون اليمني، وفي هذا الاتجاه ذهب القضاء العراقي فقد قضت محكمة التمييز العراقية إلى ان (اقرار المدعى عليه بالدين المثبت بالكمبيالة وبانه عن كفالة مصرفية هو إقرار غير قابل للتجزئة لتوافر الارتباط بين واقعة تحرير الكمبيالة والكفالة المصرفية التي لم تتم والتي يؤثر عدم اتمامها على كيان الكمبيالة)، وذهبت المحكمة ذاتها إلى ان (المدعى عليه أقر بالمدعى به وادعى الوفاء ، فواقعة الوفاء ، وان كانت منفصلة عن الواقعة الاصلية وهي الاقرار الا انها مرتبطة بحيث تؤثر على كيانها ووجودها القانوني لذا فالاقرار هذا لا يتجزأ ...). وفي هذا الاتجاه أيضا ذهبَ القضاءُ المصري ، فقد جاء في قرار لمحكمة النقض (ان المطعون ضده قد أقر امام المحكمة ان العملية محل الخلاف رست عليه ولكنه لم يقم بتنفيذها وانما تنازل عنها لآخر ، وهو من قبيل الاقرار المركب وذلك لتوافر الارتباط بين الواقعة الاصلية ــ وهي رسو العملية محل الخلاف على المطعون ضده ــ والواقعة المصاحبة لها وهي عدم قيامه بتنفيذها وتنازله عنها لآخر ، وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الاولى ووجودها القانوني ومن ثم فهو لا يقبل التجزئة). وفي قرار اخر لمحكمة النقض المصرية قضت بان (اقرار المستفيد بانه لم يتسلم قيمة الشيكات ليكون مديناً بها أو لينفقها على شؤون نفسه وانما استعلمها لينفق منها على اعمال والده ــ الساحب ــ ... أنه لا يقبل التجزئة لتوافر الارتباط بين الواقعة الاصلية وهي قبض الشيكات والواقعة المصاحبة لها وهي القصد من القبض ، وهذا الارتباط يؤثر على كيان الواقعة الاولى ووجودها القانوني). واما في نطاق الفقه الإسلامي ؛ فهناك اتجاهٌ في هذا الفقه يذهب إلى عدم تجزئة الاقرار اذا عقّب المقر إقراره بوصف أو بواقعة معينة مضادة لذلك الاقرار ــ أي مؤثرة في نتائجه سلباً ــ على اعتبار ان الاقرار كلام واحد متصل لا يؤخذ بعضه ويترك بعضه الآخر فهو لا ينعقد له ظهور حتى ينتهي المتكلم منه ، وان الكلام ــ بحسب القاعدة ــ تتقوّم إفادته للمعنى بمجموع أجزائه ، وأننا لو جزأنا الكلام لكان في ذلك ضرر على المقر ، وان الضررَ منفيٌ في الشريعة الإسلامية، ويبدو ان هذا الاتجاه يوافق الرأي الآخر الذي ذهب اليه بعض فقهاء القانون وبعض التشريعات كما تقدم . ويرى بعضهم ان الكلام مع تعقيبه بما ينافيه لابد من الرجوع في تشخيصه وتعيين كونه إقراراً أو ليس بأقرار إلى العرف فمتى حكم العرف بكونه إقراراً أخذ به ــ أي يكون حجة بجميع اجزائه ــ واذا حكم العرف بانه لا ينطبق عليه عنوان الاقرار فعندئذ لا يكون ملزماً للمقر ، وللقاضي اهماله (حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي،ص122-138).
الشرط الثاني : لتطبيق مبدأ عدم تجزئة الاقرار يجب ان يكون الادلاء بالعنصر المضاف والواقعة الاصلية في آنٍ واحد :
يشترط لتطبيق مبدأ عدم تجزئة الاقرار ان يدلي المقر بالواقعة الاصلية وما يريد تعديله فيها أو اضافته اليها في آن واحد ، فلو اقر بالواقعة الاصلية اولاً ثم أضاف في فرصة تالية واقعة اخرى تُعدّل من أثر الواقعة الاصلية ففي هذه الصورة يكون الاقرار بسيطاً يترتب عليه ثبوت الواقعة الاصلية واما ما أدلى به لاحقا فلا يُعدّ إقراراً أصلاً انما هو مجرد ادعاء ، يفتقر إلى اثبات من جانبه ، فيجب على المقر ان يذكر ما يريد تعديله أو يضيفه في ذات الاقرار لا بعده ، وعليه فاذا أقر المدعى عليه بالدين وسكت ، ثم جاء في جلسة اخرى وادعى أنهُ سبق منه وفاء هذا الدين المدعى به ، فانه في هذه الحالة يلزم بالدين ويكلف بأثبات الوفاء( وقد اشار المشرع اللبناني إلى هذا الشرط عند نصه على الاقرار المركب فقال (يسمى الاقرار مركباً عندما يكون منصباً في وقت واحد على الواقعة الاصلية وعلى واقعة اخرى ...). (المرجع السابق ،ص142).
الشرط الثالث: لتطبيق مبدا عدم تجزئة الاقرار يشترط ألاّ يكون للمدعي دليلٌ سوى الاقرار:
أن مبدأ عدم التجزئة يشترط لتطبيقه على الاقرار القضائي الصادر في الدعوى ، ألاّ يكون للمدعي دليل اخر على دعواه غير الاقرار الموصوف أو المركب الصادر عن خصمه ، فاذا تمسك المقر له بهذا الاقرار لاثبات دعواه فعليه ان يقبل به بجميع اجزائه ، وعندئذ تعتبر الواقعة الاصلية ثابتة بصفة قاطعة ، وما أضافه المقر عليها يعتبر ثابتاً لمصلحته ويُعفى من اقامة الدليل عليه ، ولكن للمقر له ان يُثبت عدم صحة هذه الاضافة وفقاً للقواعد العامة في الاثبات ، وبنفس الطرق التي كان يمكن بها إثبات الواقعة الاصلية ، واذا توصل المقر له إلى دحض ذلك فان الاقرار يعود ــ في الواقع ــ بسيطاً وبالتالي يكون حجة على المقر، واذا لم يتمكن المقر له من دحض ما اضافه المقر ، فهل يجوز توجيه اليمين إلى المقر عن احد شطري الاقرار ؟ فيه خلاف فهناك من يذهب إلى عدم الجواز باعتبار ان الاقرار القضائي لا يصح تجزئته باي طريق من طرق الاثبات حتى لو باليمين الحاسمة، بينما يرى بعضهم لا مانع من ذلك ، ففي وسع الدائن ــ مثلاً ــ ان يوجه اليمين إلى المقر عن واقعة الوفاء التي قرن بها إقراره بالدين. اما اذا كان للمدعى دليل آخر غير الاقرار فله ان يثبت دعواه الاصلية به ، وعلى المدعى عليه (المقر) ان يثبت ما ادعاه من اضافة أو وصف أو دعوى اخرى ذكرها مع اقراره بالدعوى الاصلية ، طبقاً للقواعد العامة في الاثبات . وللمدعي ــ في هذه الحال ــ، اذا كان دليله يحتاج إلى ما يعزِّزه أو يجعله جائز القبول ــ كالقرائن والبينة في الاحوال التي يجب فيها الكتابة ــ يجوز له التمسك بأقوال المقر لا باعتبارها إقراراً قانونياً وانما باعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة ، وحينئذ لا تطبق قواعد الاقرار بما فيها مبدأ عدم التجزئة ، لأن تطبيق هذا المبدأ مقيد اذا لم يكن للمدعي دليل سوى الاقرار كما تقدم، فضلاً عن ان تمسك المدعي بذلك لا بكونه إقراراً . ولا يُقال ــ هنا ــ إن الاقرار كتصرف قانوني بالارادة المنفردة ينتج أثره دون توقف على قبول المقر له ، لان حجّية الاقرار القضائي وان لم تتوقف على قبول المقر له ولكن بشرط ان لا يرده ، فالمقر له اذا وجد مصلحته في غير الاقرار ردّهُ ، وتولى إثبات دعواه بدليل آخر.
وجاء في الاعمال التحضيرية للقانون المدني العراقي في ما يخص هذا الشرط ان (عدم تجزئة الاقرار يراد به الاقرار باعتباره الدليل الوحيد على الحق ... ويترتب على ذلك ان الدائن اذا قدم سنداً مكتوباً إثباتاً لحقه وأقرَّ المدين بالدين وادعى وفاءه فليس هذا هو الاقرار الذي لا يتجزأ لان الدائن اعتمد في اثبات حقه لا على اقرار المدين بل على السند الكتابي فيكلف المدين في هذه الحالة باثبات الوفاء . اما الاقرار الذي لا يتجزأ فهو ان يقر المدين بالدين امام المحكمة ويضيف انه اوفى به ولا دليل للدائن غير اقرار المدين)، وجاء في الاعمال التحضيرية للقانون المدني المصري بانه اذا كان الاقرار هو الدليل الوحيد على الواقعة المدعى بها وان (من يقع عليه عبء الاثبات ... إعتزم ان ينتفع من الاقرار بوصفه هذا في هذه الحالة يكون الاقرارُ غيرَ قابلٍ للتجزئة) ، اما اذا كان لديه دليل آخر (فان الخصم لا يتمسك في هذه الحالة بالاقرار كطريق من طرق الاثبات ، ولذلك لا تطبق بشأنه الاحكام العامة ، ولا يكون غير قابل للتجزئة ، بل يجوز الانتفاع من أي عنصر من عناصره بأيَّة صفة قانونية اخرى) ، ومن ثمَّ يمكن للمدعي ان يعدَّ (الاقرار المركب مبدأ ثبوت بالكتابة يبيح الاثبات بالبينة أو مبدأ ثبوت يجيز توجيه اليمين المتمِّمة ، وفقاً للقواعد العامة في الاثبات). وجاء عن المشرع اللبناني ــ من دون بقية التشريعات ايضاً ــ فيما اذا كان الاقرار الموصوف أو المركب هو دليل المدعي على دعواه ان (... هذا الاقرار يفيد الثبوت التام فيما يختص بالواقعة الاصلية ، اما البيانات الاضافية فتعدّ ثابتة إلى ان يثبت عكسها)، فاذا إعترف المدين (... بانه إقترض المبلغ المدعى به ولكنه يزيد على اعترافه انه أوفاه فيما بعد ، فالمحكمة تعتبر فعل الاقتراض ثابتاً على وجه نهائي ، اما الايفاء فيعدّ ثابتاً إلى ان يُّثبت عكسه) واما ما ورد من تطبيقات قضائية بشأن هذا الشرط وما يتعلق به ، فقد ذهبت محكمة التمييز العراقية إلى ان الدعوى اذا (أصبحت مقصورة على مجرد الاقرار في هذه الحالة لا يمكن تجزئة هذا الاقرار ، فأما ان يقبل الدفع بالتسديد برمته عن كافة المبلغ المدعى بعدم تسديده أو تُكلف المدعية بالاثبات فان عجزت كان لها حق طلب تحليف المدعى عليه اليمين ، وهذا هو حكم الاقرار المركب)، وقضت هذه المحكمة ــ فيما اذا أراد المدعي ان يُثبت دعواه بالبينة ــ ان (الاقرار المركب الوارد بدليل كتابي الذي لا يجوز تجزئته يُعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة مما يصح معه استماع الشهادة لأثبات التصرف القانوني)، وذهبت محكمة النقض المصرية بصدد هذا الشرط إلى انه (من المقرر ـ على ما جرى به قضاء النقض ــ ان عدم تجزئة الاقرار الموصوف أو المركب المتخذ كدليل في الدعوى محله ألاّ يكون فيها دليل غيره اما اذا وجد دليل اخر كالبيِّنة أو أريد اتخاذ الاقرار كمقدمة دليل كتابي فانه يكون من الجائز تجزئته والاخذ ببعضه دون بعضه الآخر واعتبار ما اجتزئ منه مبدأ ثبوت بالكتابة) ، وقضت هذه المحكمة بانه (لا يمنع المقر له ... من التمسك بما هو في صالحه من الاقرار على ان يتحمل عبء نفي الواقعة المرتبطة اذا كان الاقرار غير قابل للتجزئة). (المرجع السابق، ص137).
الشرط الرابع : امن شروط تطبيق مبدا عدم تجزئة الاقرار ان تتوفر في العنصر المضاف شروط الحجّية :
يجب ان يكون ما اضافه المقر إلى واقعة الاقرار الاصلية عند الادلاء بأقراره ان تتوفر في هذه الاضافة الشروط العامة والخاصة لحجّية الاقرار القضائي ــ كما تقدمت ــ فيجب ــ مثلاً ــ ان تكون الواقعة الاخرى المضافة إلى الواقعة الاصلية غير مكذبة بظاهر الحال، فلو ثبت لدى القاضي ما يفيد تكذيباً لاحدى الوقائع المرتبطة فيجب على القاضي ان يهملها، ويبقى الاقرار حجة في الواقعة الاصلية ، فلو اقر المدعى عليه بواقعة تسلمه مبلغ المال المدعى به ولكنه اضاف انه اشترى به عقاراً للمدعي ، ثم تبين ان العقار المذكور لم يكن باسم المقر له وانما باسم شخص آخر ، ففي هذه الحالة يكون الاقرار حجة في واقعة التسلُّم واما ما اضافه فلا حجّية له ، وكذلك الحال لو تناقضت أقوال المقر في الواقعة المضافة مما يلزم منه عدم تصديقها فعندئذ يستبعدها القاضي ويعتني بالاقرار المنصب على الواقعة الاصلية فقط لاقتصار الحجّية عليه ويلزم المقر بما أقر به، ففي هذه الحالات لا يطبق مبدأ عدم التجزئة وذلك لتخلف احد شروط حجّية الاقرار القضائي في الواقعة المضافة . ولهذا ذهبت محكمة النقض المصرية إلى ان (الاصل في الاقرار المركب انه لا تجوز تجزئته الا انه يجب ان تكون الواقعة الاخرى المرتبطة مع الواقعة الاصلية المعترف بها ثابتة لا يدل ظاهر الحال على عدم صحتها). (المرجع السابق،ص 138).

الوجه الرابع: الحالات الاستثنائية التي يتجزا فيها الاقرار:

اشارت بعض القوانين كالقانون اليمني وكذا ذكر شراح القانون ثلاث حالات يتجزأ فيها الاقرار القضائي استثناءا من مبدأ عدم تجزئة الاقرار، وهذه الحالات هي :
الحالة الأولى : اذا لم تكن الوقائع الواردة في الاقرار متلازمة.
اشار قانون الإثبات اليمني إلى هذه الحالة فقد نصت المادة (95) من هذا القانون على أنه (لا يتجزأ الإقرار على صاحبه إلا إذا انصب على وقائع متعددة وكان وجود واقعة منها لا تستلزم حتماً وجود الوقائع الأخرى)، فاذا لم يكن هناك تلازم بين الواقعتين بحيث يمكن تصور الواقعة المضافة دون الواقعة الاصلية ، والمثل المألوف لهذه الحالة هو ان المدعى عليه يقر بالدين المدعى به ويطلب المقاصة لان المدعي ايضاً مدين له بدين آخر ، فيلاحظ هنا ان واقعة الدين الاخرى مستقلة عن واقعة الدين الاصلية فيمكن ان تقوم ولو بدونها، فوجود احد الدينين لا يستلزم وجود الدين الآخر ، ومن ثم فالفصل بينهما ممكن ، ففي هذه الحالة يجزئ الاقرار على المدعى عليه ، فيعدّ الاقرارُ قائماً فقط في الواقعة الاصلية التي هي ضد مصلحة المقر ، اما دعواه الاخرى فلا يؤخذ بها ولا ينتقل عبء اثباتها على المدعي ، فعلى المقر ان يُّثبت ان له ديناً في ذمة المدعي كان سبباً في وقوع المقاصة ، فان عجز عن ذلك يبقى الاقرار قائماً في اثبات الدين المدعى به. ويقول الأستاذ حسين المؤمن في هذه الصورة ((ان الاخذ بجميع اجزاء الاقرار إخلال بالقواعد القانونية اذ بعد ان ثبتت مشغولية ذمة المدعى عليه بالدين فيجب عليه ان يقيم هو الدليل على مشغولية ذمة خصمه بالدين الآخر الذي يدعيه ، اذ لو قبلنا بخلاف ذلك فنكون قد حكمنا على المدعي بدون دليل بل قد يجرنا ذلك إلى الحكم للمدعى عليه لا للمدعي ، كما لو ادعى المدعى عليه بدين يزيد على دين المدعي ، وعلى ذلك فلو أخذنا هنا أيضاً بعدم تجزئة الاقرار لترتب على مجرد أقوال المدعى عليه الحكم له بالتفاوت الحاصل بين الدينين ، وهذا ما لا يأتلف مع أصول القانون ولا يستقيم مع العدالة))، ونظير ما تقدم لو أقر المدعى عليه بالعمل غير المشروع الذي صدر عنهُ ولكنه يقول انما صدر ذلك عنه دفاعاً عن نفسهِ ، فعندئذ للمدعي ان يتمسك بثبوت المدعى به على اساس هذا الاقرار ، وعلى المدعى عليه ان يثبت انه كان في حالة الدفاع الشرعي ليعفيه من المسؤولية المدنية (4). وهذه الحالة عدّها القانون اليمني والعراقي والمصري والسوري واللبناني والكويتي والجزائري استثناءاً من مبدأ عدم تجزئة الاقرار على ما يدل عليه سياق النص الذي قرر ان الاصل هو مبدأ عدم التجزئة، ويتفق القانون البحريني مع القوانين المشار إليها الا انه في صياغته للنص لم يستعمل اسلوب الاستثناء. ويلاحظ الدكتور سليمان مرقس على النص في صدد الاستثناء الوارد فيه أن ((هذا النص قد جاوز قصد المشرع اذ ان اكتفاءهُ في اجازة تجزئة الاقرار المركب بان تكون احدى الوقائع المتعددة لا تستلزم حتما وجود الوقائع الاخرى يسمح بالقول بجواز التجزئة سواء في الحالة التي تكون فيها الواقعة الاصلية لا تستلزم حتما الواقعة المضافة ومثلها الاقرار بالدين وبالوفاء أو في الحالة التي تكون فيها الواقعة المضافة لا تستلزم حتما وجود الواقعة الاصلية ومثلها الاقرار بالدين وبالمقاصة ، حيث ان المقاصة تقتضي نشوء دين اخر لصالح المقر في ذمة المقر له ، وهذه الواقعة لا تستلزم حتماً وجود الواقعة الاصلية مصدر الدين المدعى به اصلاً في حين ان الثابت ان المشرع لم يقصد بعدوله عن نص المشروع الاولي إلى نص المشروع التمهيدي الذي إستقر في القانون سوى العدول من رأي القلة من الشراح إلى رأي الكثرة وهو ان تكون الواقعة المضافة لا تستلزم حتما وجود الواقعة الاصلية أي قصر الاستثناء الخاص بتجزئة الاقرار على الحالة التي تكون فيها الواقعة المضافة لا تستلزم حتماً وجود الواقعة الاصلية))( أصول الاثبات وأجراته في المواد المدنية ، المجلد الاول ، الادلة المطلقة ، د. سليمان مرقس ط5 ، القاهرة ، 1991م ، ص666 ـ).
و الذهن قد ينصرف إلى ان مراد القانون البحريني من هذا الاستثناء ــ حالة تعدد الوقائع الذي يقابله تعدد الاقرارات كما سيأتي في الحالة الثانية ، في حين ان المشرع لم يقصد هذه الحالة وانما قصد حالة اذا لم يكن هناك تلازم بين الواقعة المضافة والواقعة الاصلية فعندئذ لا يطبق مبدأ عدم التجزئة لذا نرى الاولى ان تكون صياغة النص على النحو التالي : ( لا يُجزأ الاقرار على المقر اذا كانت الواقعة المضافة تستلزم الواقعة الاصلية) لان المشرع يريد ان يؤكد ان مبدأ عدم التجزئة لا يطبق في جميع صور الاقرار الموصوف والمركب وانما فقط في وجود حالة الملازمة .ونجد هذه الحالة في تطبيقات القضاء فقد ذهبت محكمة التمييز العراقية إلى (ان اقرار الخصم بالبيع وادعائه الاقالة هو اقرار يقبل التجزئة لكونه انصب على واقعتين كان وجود احدهما لا يستلزم حتماً وجود الاخرى)،وذهبت المحكمة ذاتها في قرار آخر لها الى ان (الاقرار قد انصب على وقائع متعددة هي الاقرار بعقد الايجار وبالأشغال وبتسديد الاجرة وان وجود واقعة منها وهي الأشغال لا تستلزم حتماً وجود الواقعة الاخرى وهي تسديد البدل ولذلك فان مثل هذا الأقرار يتجزأ). ويلاحظ على هذه القرارات انها تطبق تجزئة الاقرار في جميع صور عدم التلازم بين الوقائع ولكن الذي ينبغي هو ان التجزئة ترد على الاقرار الذي فيه الواقعة المضافة لا تستلزم الواقعة الاصلية. وذهبت محكمة النقض المصرية إلى ان (الاقرار القضائي المركب لا يقبل التجزئة الا اذا إنصبَّ على وقائع لا إرتباط بينها).
واما في الفقه الاسلامي ؛ فهناك اتجاه مخالفٌ للاتجاه المتقدم ذكره، يرى ان الاقرار القضائي يُجزأ مطلقاً ، فالمقر يؤخذ بأقراره واما التعقيب الذي لحق اقراره فهذا دعوى منه تحتاج إلى بيّنة ، فيلزم المقر بالجزء الذي يطابق الدعوى ويعتبر مدعياً بالجزء الذي عقّب به اقراره فعليه يقع عبء إثباته ، أي ان المقر من جهة انهى النزاع لما يدعيه المدعي ولكنه من جهة اخرى أحدث نزاعاً جديداً عندما عقّب كلامه بما ينافي الاقرار منه ، وهذا النزاع الجديد يخضع لقواعد المرافعة والاثبات ، وذلك باعتبار تعقيب الاقرار بما ينافيه يعدُّ بمثابة رجوع عن الاقرار وهو غير جائز بحسب ما تقتضيه القاعدة في الاقرار ، وعليه يلغى هذا المنافي ويبقى ما قاله اول كلامه تاماً لهُ الحجّية الشرعية لان هذه الحجّية انعقدت لهذا الاقرار قبل إتيان المقر بالمنافي. (حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي،ص140-146).
الحالة الثانية : تضمن المدعى به عدة وقائع على نحو الاستقلال
ويذكر الفقهاء حالة ثانية يتجزأ الاقرار فيها ايضاً ، ذلك انه قد يحصل في اثناء استجواب معين للمدعى عليه حول موضوع الدعوى يتضمن دعاوى متعددة ، فيقر المدعى عليه ببعضها وينكر بعضها الآخر أو يقر بجميعها . ففي هذه الحالة فيمكن للمقر لهُ ان يتمسك بجميع ما أقر به المقر أو يتمسك ببعض ما أقر به من وقائع دون بعضها الآخر ومثال ذلك كما لو ادعى شخصٌ على آخر بمبلغ دين وبمبلغ عن بدل ايجار وبمبلغ عن بدل بيع سيارة فيقر المدعى عليه بالواقعتين الأولى والثانية دون الثالثة أو يقر بجميع هذه الوقائع الثلاث التي تضمنها ادعاء المدعي . وعليه فالاقرار يقبل التجزئة عندئذ على اعتبار كل واقعة مستقلة عن الاخرى ولا يلزم المقر له بالاخذ بجميع الوقائع الثلاثة، ومن نظير هذه الحالة كما لو قدم الوكيلُ كشفاً عن وكالتهِ فان كل بند من بنود هذا الحساب يعدُّ إقراراً قائماً بذاته فيجوز لذي الشأن ان يُسلِّمَ ببعض البنود ويُناقش بعضَها الآخر دون ان يكون للوكيل التمسك بعدم تجزئة الحساب( العلامة للدكتور. عبد الرزاق أحمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، ج2 ، ط3، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2000م ، هامش (2) ص509 ،والاستاذ الدكتور . سمير عبد السيد تناغو ، النظرية العامة في الاثبات ، 1999م ، ص23 .).
الحالة الثالثة : اذا ثبت كذب أو استحالة الواقعة المضافة
يَعدُّ الفقهاء هذه الحالة من الحالات التي يتجزأ فيها الاقرار ، فاذا ثبت كذب الواقعة المضافة فالمقر له ان يتمسك بالاقرار فيما يخص الواقعة الاصلية فقط ، وكذا الحال اذا كانت مستحيلة.
تعليق لطيف للدكتور طارق الحمامي عن الحالات المستثناة من تطبيق مبدا عدم تجزئة الاقرار:
قال الدكتور طارق الحمامي: الواقع ان الحالات الثلاث المتقدمة التي ذكرها غالبية الفقهاء وتصدوا لها عند بحثهم عن امكانية تجزئة الاقرار القضائي . والواقع اننا اذا أمعنا النظر فيها لم نجدها استثناءات من مبدأ عدم التجزئة وانما يبدو ان الاقرار القضائي يتجزأ فيها ، بسبب تخلف شرط من شروط تطبيق المبدأ المتقدمة ، ففي الحالة الأولى أذ أمكنت التجزئة لان الواقعة المضافة لا تستلزم الواقعة الاصلية ، وهذا يعني تخلف شرط التلازم لتطبيق مبدأ عدم التجزئة على الرأي الراجح ذلك لان حجّية الواقعة المضافة لم تكن لمجرد إقترانها بالواقعة الاصلية وانما حجيتها التي جعلتها متساوية مع بقية اجزاء الاقرار هو صلتها وتلازمها مع الواقعة الاصلية وعليه اذا انتفى هذا التلازم انتفت حجّية الواقعة المضافة، واما الحالة الثانية ؛ فنجد ان هناك وقائع قانونية مختلفة صدرت بشأنها اقرارات متعددة، ولكن صدورها في استجواب معين واحد قد يُوهم وكأنها اقرار واحد تضمن عدة وقائع ، فقبول التجزئة في هذه الحالة انما جازت ؛ لان هناك وقائع منفصل بعضها عن الاخر ومتباينة في موضوعها وحدوثها ، وبالتالي تعدد الوقائع استوجب بالمقابل تعدد الاقرارات ، فنحن امام حالة فرز وفصل كل إقرار على حدة وليس في حالة تجزئة وقائع اقرار واحد ، وهذه الاقرارات بعد فصلها يعتبر كل منها اقراراً مستقلاً لا يقبل التجزئة من حيث المبدأ.
اما في الحالة الثالثة ؛ نرى ــ واقعا ــ ان الذي حصل هو تخلف شرط من شروط صحة وحجّية الاقرار القضائي في الواقعة المضافة ، ففي هذه الحالة يبقى الإقرار قائماً فقط في الواقعة الاصلية بما لها من حجّية قاطعة ولا يعدُّ ذلك تجزئة للاقرار بل لعدم كون بعض ما اشتمل عليه الاقرار القضائي حجة.
ويضيف بعض الفقهاء والشراح حالات اخرى إلى الحالات الثلاثة المتقدمة يكون الاقرار فيها يقبل التجزئة ، منها : حالة اذا لم يكن الاقرار هو الدليل الوحيد في الدعوى ، وحالة اذا اتخذ المدعي اقرارَ الخصمِ مبدأ ثبوت بالكتابة... ونحن نعتقد ان هذه الحالات فضلاً عما يرد عليها ما أوردناه على الحالات الثلاث المتقدمة ــ ليس فيها تمسك بالإقرار اصلاً حتى يُقال انه يقبل التجزئة أو لا يقبلها ، اذ مع وجود دليل غير الاقرار في الدعوى يكون هذا الدليل هو مستند المدعي لأثبات دعواه لا الاقرار الصادر من خصمه . اما في حالة اذا أُحتُج بالاقرار كمبدأ ثبوت بالكتابة يكون ذلك الاستناد اليه بهذا الاعتبار أيضاً لا باعتباره اقراراً قضائيا حسبما هو مبين في شروط تطبيق مبدا عدم تجزئة الاقرار السابق ذكرها.
ونخلص من ذلك إلى القول: ان مبدأ عدم تجزئة الاقرار القضائي مبدأ مطلق لم يرد عليه استثناء طالما توفرت شروط تطبيقه كافة . هذا ومع كل ما تقدم نحن نرجح تجزئة الاقرار القضائي مطلقاً لان الاقرار القضائي اذا تضمن وقائع هي في صالح المقر عندئذ نكون ناقضنا ما تتوقف عليه حقيقة الاقرار القضائي . (حجية الاقرار القضائي في الاثبات المدني،د. طارق عبد الرزاق الحمامي، ص140-146).، والله أعلم.