إقرار المدين يقطع التقادم


إقرار المدين يقطع التقادم

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

تقوم فكرة التقادم على أسانيد عدة من أهمها: مظنة الوفاء بالدين أو الابراء منه ، ولذلك فإن إقرار الشخص بعدم وفائه بالحق أو الدين دليل على عدم الوفاء ، ولذلك لا يجوز لمن أقر بدين  أو حق الإدعاء بتقادمه حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-1-2015م في الطعن رقم (56206)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فإن نعي الطاعن غير سديد، لأن الثابت في الأوراق إعتراف الطاعن أمام المحكمة الابتدائية بإبرام عقد الإيجار مع المدعي وعدم قيامه بدفع الإيجارات المتأخرة عليه لمدة عشر سنوات، فهذا الإعتراف يقطع سريان المدة التي يترتب عليها عدم سماع الدعوى طبقاً لحكم المادة (446/6) مدني التي نصت على أنه: ينقطع سريان المدة التي يترتب عليها عدم سماع الدعوى في حالة إقرار المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً...إلخ، ويترتب على إنقطاع المدة سقوط المدة السابقة ولزوم مدة جديدة مماثلة للمدة الأولى تبدأ من وقت زوال الأثر المرتبت على سبب الإنقطاع، فإذا انقضت المدة الجديدة كاملة لا تسمع الدعوى حسبما ورد في المادة (447) مدني، وعدم سماع الدعوى وفقاً للمادة (20) من قانون الإثبات مبني على قرينة الوفاء، فإذا انتفت هذه القرينة بإعتراف المدين بحق الدائن فتنقطع المدة وتسمع الدعوى))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: السند القانوني للحكم بأن الإقرار بالحق يقطع التقادم:

أستند الحكم محل تعليقنا في قضائه بأن الإقرار يقطع التقادم أستند في ذلك إلى المادة (446) مدني التي نصت على ان (ينقطع سريان المدة التي يترتب عليها عدم سماع الدعوى في الأحوال الأتية: -6- إقرار المدين بحق الدائن إقراراً صريحاً أو ضمنياً ومن ذلك بقاء المال المرهون تأميناً لوفاء الدين تحت يد الدائن)، وفي السياق ذاته نصت المادة (447) مدني على أنه (يترتب على إنقطاع المدة سقوط المدة السابقة ولزوم مدة جديدة مماثلة للمدة الأولى تبدأ من وقت زوال الأثر المترتب على سبب الإنقطاع، فإذا انقضت المدة الجديدة كاملة لا تسمع الدعوى)، وعدم سماع الدعوى في هذه الحالة لا يكون من النظام العام وفي هذا المعنى نصت المادة (448) مدني على انه (لا تمتنع المحكمة من سماع الدعوى من تلقاء ذاتها إلا إذا تمسك المدين بذلك ويجوز له التمسك في أية حالة تكون عليها الدعوى).

الوجه الثاني: الإقرار الذي يقطع التقادم:

صرحت المادة (446) مدني السابق ذكرها ان الإقرار الذي يقطع التقادم ويحرم المدين من التمسك بعدم سماع دعوى الدائن للتقادم هو الإقرار الصريح اوالإقرار الضمني، فالإقرار الصريح: هو الذي يتم شفاهة أو كتابة يعترف فيه المدين بأنه مدين للدائن سواءً أكان ذلك الإقرار بمناسبة مطالبة الدائن للمدين أو بغير مناسبة، اما الإقرار الضمني فيقع بأي من الوسائل الضمنية التي تفيد إقرار المدين بالدين الذي بذمته للدائن، مثل مبادرة المدين بالوفاء بجزء من الدين حتى من غير ان يطالبه الدائن بذلك أو مطالبة المدين للدائن بتقسيط الدين الذي بذمته أو مطالبة المدين منحه أجلاً جديدا للسداد أو إفادة المدين بأنه سوف يسدد الدين عندما يتيسر له ذلك، ولذلك فقد لاحظنا في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ان المدين كان قد ذكر ان غلول الأرض المؤجرة له من الدائن كانت تافهة طوال العشر السنوات الماضية (خمسة ألف ريالاً في السنة) حيث استفاد الحكم محل تعليقنا ان المدين قد أقر بأن الأرض المؤجرة له قد اثمرت طوال العشر السنوات وأنه لم يسدد حصة المؤجر من المحصول .

الوجه الثالث: إقرار المدين ينافي قرينة الوفاء بالدين أو قرينة الابراء من الدين التي تقوم عليها فكرة التقادم:

سبق القول ان فكرة التقادم تتأسس على قرينة الوفاء بالدين أو الابراء منه ، ومعنى ذلك ان الدائن لم يسكت طوال فترة التقادم إلا على أساس ان المدين قد أوفى بدينه أو إن الدائن قد ابرأ وسامح المدين من الدائن الذي بذمته وإلا لما سكت المدين طوال فترة التقادم، ولكن إذا أقر المدين بأن الدين لا زال قائماً بذمته فإن هذا الإقرار يدحض قرينة وفاء المدين بالدين وقرينة الإبراء من قبل الدائن، والله اعلم .