لا يملك القضاء العمالي إلغاء قرارات صاحب العمل
أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون –
جامعة صنعاء
من
الفروق التي تميز القضاء العمالي عن القضاء
الإداري ان القضاء الإداري يختص بنظر دعوى إلغاء القرار الإداري التي يرفعها
الموظف العام المتضرر من القرار الإداري بما في ذلك قرار فصله، في حين ان القضاء
العمالي سواء اكانت اللجنة التحكيمية أم المحكمة العمالية لا تكون دعوى العامل
المفصول امامها دعوى إلغاء، نظراً للطبيعة الخاصة التي تميز قانون العمل عن قانون
الخدمة أو الوظيفة العامة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة
العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-3-2015م في الطعن رقم (56616)، الذي ورد ضمن
أسبابه: ((فالقضاء العمالي ليس له ولاية إلغاء قرار فصل العامل المدعي، فوظيفة
اللجنة التحكيمية في منازعات العمل المتعلقة بالاستغناء عن العامل وفصله فصلاً
تعسفياً ينحصر في بحث آثار الفصل والاستغناء وما يترتب عليه من تعويض بحسب ما تقرره المادتان (38 و39) من قانون
العمل، إذ ليس في قانون العمل ما يسمح للجنة التحكيمية من ممارسة قضاء الإلغاء
الوظيفي، لما في ذلك من التأثير على ارباب العمل في مشاريعهم)، وسيكون تعليقنا على
هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: طبيعة قانون العمل واختلافه عن قانون الوظيفة العامة:
ينظم
قانون العمل مصالح العمال وأصحاب العمل وحقوقهم ويقوم قانون العمل على الموازنة بين تلك المصالح
والحقوق مع تغليب واضح لمصالح العامل باعتباره الطرف الضعيف، وفي سياق هذا التنظيم
القانوني يراعي قانون العمل طبيعة القطاع الخاص والحرية الاقتصادية وحرية المالك
في التصرف في ملكه، وطبيعة العلاقة
العقدية التي تنشأ بين العامل وصاحب العمل، فمن غير المقبول شرعا وقانوناً ان يتم
فرض عمال على صاحب العمل على خلاف ارادته لأنه صاحب العمل، ولأن العلاقة بين
الطرفين تتم بالتراضي فيما بين صاحب العمل
والعامل، فليس من المقبول فرض العامل على صاحب العمل رغماً عنه، وفي هذا الأمر
تختلف طبيعة قانون العمل عن طبيعة قانون الخدمة المدنية أو الوظيفة العامة، لأن
الدولة ليست صاحب عمل بالنسبة للموظف، فرئبس الدولة موظف لدى الدولة والمسئولون كافة موظفون عموميون لدي الدولة، فالجميع
موظفون لدى الدولة، فليس هناك صاحب عمل في قانون الوظيفة العامة ، ولذلك كان من
المناسب ان يطعن الموظف المفصول من الوظيفة العامة في القرار الإداري بفصله بدعوى
الإلغاء، وان يطلب فيها إلغاء القرار بخلاف الحال بالنسبة للعامل في قانون العمل.
الوجه الثاني: دعوى فصل العامل دعوى تعويض وليس دعوى إلغاء قرار الفصل:
سبق
القول في الوجه الأول ان طبيعة قانون العمل الذي ينظم العلاقة بين العامل وصاحب
العمل سبق القول أن طبيعة قانون العمل تتنافى
مع دعوى إلغاء القرار الإداري، وعلى هذا الأساس فإن العامل المفصول حينما يرفع
دعواه أمام القضاء العمالي ينبغي أن يستهدف
المطالبة بتعويضه عن الضرر المادي والمعنوي الذي لحقه بسبب الفصل التعسفي، ولذلك
قضى الحكم محل تعليقنا بأن القضاء العمالي لا يملك إلغاء قرار فصل العامل، إلا أنه
يملك الحق في بحث الآثار المترتبة على فصل العامل بما في ذلك الضرر الذي لحق العامل
بسبب فصله، والحكم للعامل بالتعويض ان طلب العامل ذلك، والله اعلم .