تعود الأرض لأصحابها عندما تتحول الطريق العامة عنها - في القانون اليمني

*تعود الأرض لأصحابها عندما تتحول الطريق العامة عنها*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️في غالب الحالات تقوم الدولة بشق الطرق العامة في أراضي المواطنين من غير ان تستملكها الدولة وتعوض الملاك عنها ، وبعد فترة من شق الطريق واستعمال الناس لها تقوم الدولة بتحويل الطريق إلى مسار اخر، فعندئذ تعود الأرض لأصحابها طالما ان الدولة لم تستملكها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 27-3-2017م في الطعن رقم (58914)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين ان هيئة الشعبة كانت موفقة فيما انتهت إليه في حكمها المطعون فيه، فالمعتبر أنه لا تفريط في حق الطريق للمصلحة العامة وفق البيان الذي اوردته الشعبة في أسباب حكمها ولا إفراط في حق المطعون ضدهم بما تبقى لهم من ارضهم التي انحسر عنها حمى الطريق العامة، وهذه الأرض هي الواقعة ما بين الرصدة الاسفلت ودكاكين الطاعنين))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الاول: إذا تم إستملاك الدولة للأرض فلا تعود لأصحابها حتى إذا انتفت منفعتها العامة:*
➖➖➖➖➖

*▪️وفقاً لقانون الاستملاك للمنفعة العامة فان الدولة تتملك الأرض التي تحتاج الجهات الحكومية لإقامة المشاريع العامة عليها حيث يتم تثمين الأرض وبموجب ذلك تقوم الدولة بدفع ثمن الأرض التي تصير ملكاً للدولة، فلا تعود لمالكها السابق حتى لو تحولت عنها الطريق العامة أو انتفت منفعته العامة التي خصصتها الدولة لأجلها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: إذا كانت الأرض ملكاً للأفراد ولم يتم إستملاك الدولة لها تعود لأصحابها إذا تحولت الطريق عنها أو انتفت المنفعة العامة عنها:*
➖➖➖➖➖

*▪️في حالات كثيرة لا تستملك الدولة الأراضي التي يتم شق الطرق فيها لكثرة هذه الأموال وعظم قيمتها، لذلك فإن الدولة تتفق مع المواطنين على شق الطريق في الأراضي المملوكة لهم من غير ان تمنحهم الدولة تعويضا، بإعتبار الطريق مصلحة عامة ينتفع بها المواطنون انفسهم، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا، حيث كانت الحالة التي تناولها الحكم محل تعليقنا هي: ان المطعون ضدهم كانوا قد سمحوا للدولة بشق الطريق العامة في أرضهم من غير ان تستملكها الدولة وكانت الأرض في منطقة نائية، حيث تحولت الطريق لاحقاً عن بعض تلك الأرض بعد ان كانت من ضمن حمى الطريق الاسفلت، وبعد أن صارت الأرض ضمن سوق شعبي مهم، فصارت قيمتها غالية جدا حيث صارت تلك الأرض عرصات لبناء دكاكين على الطريق العام، حيث كان الطاعن يرى ان المطعون ضدهم لاحق لهم في تلك الأرض لأنهم قد تصرفوا بها للدولة لشق الطريق فيها، فبعد ان تحولت الطريق عنها صارت أراضي مباحة غير مملوكة لاحد، وقد أستند الطاعن في ذلك إلى المادة (119) مدني التي نصت على أن: (تفقد الأموال العامة صفتها بإنتهاء تخصيصها للمنفعة العامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو قرار لمصلحة عامة أو بإنتهاء الغرض الذي خصصت من أجله من المنافع العامة)، فالطريق منفعة عامة كانت قد تحولت عن الأرض حيث جعلها هذا التحول مباحة، فشرع الطاعن في البناء فيها، في حين ان المطعون ضدهم دافعوا: بأن هذا النص لا ينطبق على الأرض، لأن الدولة لم تتملكها حيث أن المطعون ضدهم سمحوا واذنوا للدولة بشق الطريق في أرضهم من غير ان تستملكها الدولة ، ولذلك فتحول الطريق عن تلك الأرض يعيدها لملاكها، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن الأرض في هذه الحالة تعود لأصحابها فلاتكون مباحة، والله اعلم.*