عقد العمل المكتوب هو الواجب التطبيق

*عقد العمل المكتوب هو الواجب التطبيق*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️عقد العمل المكتوب المطابق للقانون هو الواجب التطبيق حتى لو عمل العامل قبل إبرام العقد المكتوب بغير عقد مكتوب فلا يحق للعامل بعد ابرام العقد المكتوب المطالبة بأية حقوق لم يرد ذكرها في عقد العمل المكتوب حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 26-2-2017م في الطعن رقم (58875)، الذي جاء ضمن أسبابه ((وحيث ان المدعى عليها الطاعنة حالياً قد قدمت عقد العمل المكتوب الذي لا تناكر بشأنه ومدته سنة واحدة غير ان الشعبة الاستئنافية لم تلتفت إلى بنود العقد، وبررت ذلك بسبق عمل المطعون ضده لدى الطاعنة لمدة ثلاث سنوات، فالأصل ان تتقيد الشعبة بالمستندات المقدمة ومنها عقد العمل المكتوب، وحيث ان المعيار في هذه الخصومة هو عقد العمل المبرم فيما بين الطرفين فهو الفصل للحكم الصائب متى كأن هذا العقد صحيحاً وسليما لا يخالف النظام العام وقواعد الشريعة الإسلامية، وحيث ان الطعن قد تحققت فيه حالة من حالات الطعن بالنقض فانه يكون مقبولاً موضوعاً)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: عقد العمل المكتوب:*
➖➖➖➖➖

*▪️عقد العمل المكتوب هو: العقد الذي يتم إبرامه فيما بين العامل ورب العمل الذي يحدد حقوق والتزامات العامل وصاحب العمل ويتم إعداد هذا العقد ودراسته ومناقشته من الطرفين وبعد ذلك يقوما بالتوقيع عليه بعد فهم آثاره وتبعاته ومسئولياته، ويجب ان تتوفر في عقد العمل كافة الاركان والشروط المقررة في الشرع والقانون بما في ذلك الإيجاب والقبول والرضا، وهذا العقد هو الذي قصده الحكم محل تعليقنا حينما ذكر انه يجب تنفيذ عقد العمل المكتوب الموافق للشرع والقانون وان لا يخالف النظام العام، وبناءً على ذلك فان هذا العقد يكون ملزماً للعامل وصاحب العمل بإعتبار العقد شريعة المتعاقدين فيجب على الطرفين تنفيذه بحسن نية.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عقد العمل غير المكتوب:*

➖➖➖➖➖

*▪️في حالات كثيرة يقوم اصحاب الأعمال بتشغيل العمال من غير ان يتم تحرير عقود عمل مكتوبة لأهداف عدة منها تجريب العمال أو التهرب من الاعباء الضريبية والتأمينية أو التهرب من دفع حقوق العمال وغير ذلك، ويتجاهل هؤلاء ان قانون العمل يصرح بان وصف العامل ينطبق على العامل الذي يشتغل من غير ان يكون هناك عقد عمل مكتوب، وان العامل في هذه الحالة يتمتع بكافة الحقوق المقررة للعامل في قانون العمل حتى لو كان يعمل من غير عقد عمل مكتوب، فالعقد المكتوب هو وسيلة لإثبات وجود علاقة العمل فيما بين العامل وصاحب العمل، ولذلك فانه من المتصور ان توجد علاقة عمل من غير عقد مكتوب حيث يتم إثبات علاقة العمل في هذه الحالة بطرق الإثبات المختلفة المقررة قانوناً بما فيها الشهادة والإقرار والقرائن كالمحررات وغيرها وفي الوقت ذاته من الممكن وبطرق الإثبات ذاتها إثبات حقوق والتزامات الطرفين، وغالباً ما يتم إثبات حقوق الطرفين أو التزاماتهما عن طريق المستندات الأخرى غير عقد العمل كالكشوفات والحوالات المصرفية المتضمنة المبالغ المصروفة من صاحب العمل والعامل وكالأوامر والتوجيهات الصادرة من صاحب العمل للعامل، وإذا تعذر الإثبات في حالة عدم وجود عقد مكتوب فان قانون العمل يكون في هذه الحالة هو الواجب التطبيق، لان القانون هو عقد من لا عقد له، فقانون العمل قد تضمن حقوق وواجبات والتزامات الطرفين.*

➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: النظام العام وقانون العمل وعقد العمل:*
➖➖➖➖➖

*▪️اشار الحكم محل تعليقنا إلى أن عقد العمل لا ينبغي ان يخالف النظام العام، وقانون العمل ينص على انه لا يجوز الاتفاق على حقوق للعامل أقل من حقوقه المنصوص عليها في قانون العمل ،فقد صرح القانون ذاته بانه يجوز الأتفاق على زيادة حقوق العامل عما ورد في قانون العمل، وذلك يعني ان النظام العام يقتصر على الاتفاق على حقوق العامل أقل عما ورد في القانون، اما الاتفاق او التعاقد على زيادة حقوق العامل عما ورد في القانون فان ذلك جائز، ومن خلال ما تقدم يظهر لنا ان فكرة النظام العام في قانون العمل لها خصوصيتها التي تميزها، وهذا بدوره يظهر خاصية النظام العام المتمثلة في نسبية النظام العام وتطبيقاته في القوانين المختلفة، والله اعلم.*
تعليقات