لا يجوز للفرع مناقضة ما امضاه اصله

*لايجوز للفرع مناقضة ماامضاه اصله*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️لا يجوز للفرع سواء الولد أو الحفيد وان سفل ان يتحلل من التصرفات الصادرة من أبيه أو أجداده، فيجب على الفرع ان يلتزم ويحترم التصرفات الصادرة من أصوله بإعتبار الفرع خلفا عاما لأصوله المتعاقبين حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 4/2/2013م في الطعن رقم (46939)، حيث قضى هذا الحكم في أسبابه ((ان نعي الطاعن بشأن عدم إعمال الحكم المطعون فيه للبصيرة التي تدل على ملكية مؤرثه للأرض محل النزاع، فقد وجدت الدائرة ان نعي الطاعن مردود بأن البصيرة التي يتمسك بها الطاعن يكذبها إعتراف والد الطاعن أي مؤرثه بأن الأرض ملك للورثة جميعاً وليست خاصة به، وقد ناقش الحكم الاستئنافي هذه المسألة مستنداً في ذلك إلى عدم جواز مناقضة الفرع لما امضاه أصله وذلك الاستدلال سديد)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية قاعدة عدم جواز مناقضة الفرع لما امضاه أصله:*
➖➖➖➖➖

*▪️المقصود بهذه القاعدة ان للمالك ان يتصرف في ملكه كيفما يشاء ووقتما يشاء وبالطريقة التي يشاء شريطة ان يكون تصرفه مشروعاً أي غير مخالف للشريعة والقانون وان تتوفر في المتصرف الأهلية اللازمة لإبرام التصرف، وبموجب هذا التصرف تتعلق مصالح ومراكز قانونية للمتعاملين مع الأصل، وعلى هذا الأساس فانه ينبغي لفروع هذا الأصل المتعاقبين ان يلتزموا بهذا التصرف وان لايتحللوا من هذا التصرف أو يطعنوا فيه أو يناقضوه أو يعترضوا عليه بإعتبار تصرف الأصل ملزما للفرع بصرف النظر عن نوع هذا التصرف فقد يكون بيعاً أو هبة أو وقفاً أو وصية أو غيره، وتتأسس هذه القاعدة على أساس ان الشريعة والقانون يجيزان للأصل ان يتصرف في ماله وانه ينبغي على الأصل الوفاء بالعقود والتصرفات واحترامها، وان هذا الإلتزام لا يقتصر على الأصل وإنما يمتد إلى الفرع مهما سفل.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: عدم جواز مناقضة الفرع لتصرف الأصل في الشريعة الإسلامية:*
➖➖➖➖➖

*▪️تأمر الشريعة الإسلامية في نصوص صريحة بالوفاء بالعقد والعهد ومن ذلك قوله تعالى {واوفوا بالعقد} وقوله تعالى {وافوا بالعهد} فالشريعة الإسلامية توجب الوفاء بالعقود، وهذا الوفاء ملزم للأصل ولفرعه ما تناسلوا وإلا لما كان لتصرف الجد جدوى أو فائدة وأنا إستقراء معاملة من المعاملات، فمن المتفق عليه في الفقه الإسلامي ان التصرف ملزم للأصل وفروعه مهما تناسلوا، وانه يجب على الفروع إحترام العقود والتصرفات فان لم يلتزموا بذلك فإنهم آثمون ديانة ويجب على ولي الأمر حملهم على الوفاء بالتصرفات واحترامها (نظرية العقد في الفقه الإسلامي، د.محمد عبدالمجيد مطلوب، صـ72).*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: موقف القانون اليمني من قاعدة عدم جواز مناقضة الفرع لتصرف أصله:*
➖➖➖➖➖

*▪️يقرر القانون المدني وغيره هذه القاعدة ويوجب على الفرع إحترام التزامات وتصرفات وتعهدات أصولهم، والنصوص في هذا الباب كثيرة منها ما ورد في المادة (206) مدني التي تنص على انه (ينصرف اثر العقد إلى المتعاقدين والخلف العام دون إخلال بالقواعد المتعلقة بالميراث مالم يتبين من العقد أو من طبيعة التعامل أو من نص القانون ان هذا الاثر لا ينصرف إلى الخلف العام) فهذا النص يقرر ان التصرف ينصرف اثره إلى المتعاقدين وخلفهم العام أي فروعهم إلا في بعض الحالات الاستثنائية: وهي حالة اتفاق المتعاقدين على عدم انتقال آثار العقد إلى الخلف العام كأن يتفق المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار على ان ينتهي عقد الإيجار بموت المستأجر وكذا في الحالة التي تقتضي طبيعة العقد ان لا ينتقل الالتزام إلى الخلف العام مثل العقود التي تبرم مع الطبيب والمحامي والمهندس وكذا لا ينتقل اثر العقد إلى الخلف العام إذا نص القانون على عدم انتقاله مثل انقضاء الوكالة بموت الوكيل أو نص الشرع والقانون على عدم جواز الوصية بأكثر من الثلث فلاتكون نافذة بالنسبة للورثة أو الخلف العام الا في حدود الثلث.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الرابع: قاعدة عدم جواز مناقضة الفرع لتصرف أصله وإستقرار المراكز القانونية:*
➖➖➖➖➖

*▪️تتعلق هذه القاعدة بإستقرار المراكز القانونية الذي لا يتحقق إلا إذا تم احترام هذه القاعدة ،ومقتضى ذلك ان يحترم الفروع تصرفات أصولهم، ولذلك فان غالب النزاعات التي تتحول إلى صراعات عنيفة تكون بسبب عدم احترام الفروع للتصرفات التي صدرت في الماضي من قبل أصولهم واستقرت المراكز القانونية على هذا الأساس، والله اعلم.*
تعليقات