تجزئة الصلح غش - في القانون اليمني

*تجزئة الصلح غش*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️الغش سبب من أسباب التماس إعادة النظر في الأحكام النهائية حسبما صرحت بذلك المادة (304) مرافعات، وتجزئة الصلح والمطالبة بتنفيذ بعض بنود عقد الصلح دون بعضها الاخر غش حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24/4/2018م في الطعن رقم (60044)، الذي قضى في أسبابه ((فقد تبين ان التماس إعادة النظر في محله لثبوت الغش من الملتمس ضدها بأن جزأت الصلح مع ان الصلح كان بخصوص البيت والأرضية، فلا يصح فصل الوكالة من... لأبن اختها حيث طلبت الملتمس ضدها العمل بالوكالة فيما يتعلق بالبيت وعدم العمل بها بالنسبة للأرضية مع انها وكالة واحدة، لذلك ينبغي على الشعبة التمعن فيما أورده شهود الصلح أمام محكمتي الموضوع وما ورد في وثيقة الصلح من تنازل زوج الملتمس ضدها بالبيت لها مقابل أن تكون للزوج الأرضية المملوكة بين الزوجين على الشيوع)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: ماهية عقد الصلح وقاعدة (وحدة العقد):*
➖➖➖➖➖

*▪️عقد الصلح من اسمه عقد يرتب التزامات متقابلة على اطرافه، فكل التزام على أحد المتعاقدين يقابله التزام على المتعاقد الآخر، إضافة إلى ان عقد الصلح في أساسه عبارة عن تنازل وإسقاط من طرفيه لبعضهما البعض، ولذلك فان تنفيذ العقد يقتضي قيام كل اطراف العقد بتنفيذ كل بنوده بحسب ترتيبها كل فيما يخصه، فالتمسك ببعض بنود العقد دون بعضها الاخر ليس إخلالا بالعقد فحسب بل تقويض لفكرة العقد من اساسها، فالعقد يقوم على أساس تقابل الإلتزامات، فكل إلتزام على متعاقد يقابله إلتزام على المتعاقد الاخر ، فتجزئة يناهض مبدا تقابل الإلتزامات الواردة في العقد، ومن هذا المنطلق قرر الفقه والقضاء قاعدة (وحدة العقد او مبدا عدم تجزئة العقد)، ولذلك فان تجزئة العقد تتنافى مع قاعدة وحدة العقد، وبتطبيق هذا المفهوم على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد ان الحكم قد اعتبر تمسك الزوجة بالبيت بانه من قبيل التجزئة لعقد الصلح الذي تضمن أن البيت المملوك على الشيوع بين الزوجين يكون ملكا خالصا للزوجة مقابل الأرضية المملوكة على الشيوع بين الزوجين تكون ملكا خالصا للزوج. فقد اعتبر الحكم ما تمسكت به الزوجة من قبيل التجزئة للعقد.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الغش في تجزئة العقد:*
➖➖➖➖➖

*▪️قضى الحكم محل تعليقنا بان تجزئة العقد تكون من قبيل الغش، حيث تعمدت الزوجة المطالبة بما يخصها من عقد الصلح واظهار الوثائق ذات الصلة بحقها فقط أي تلك التي تدل على إنتقال ملكية البيت إليها و قامت بإخفاء مقابل ذلك وهو إنتقال ملكية الأرض إلى الزوج، مع ان الزوجة تعلم علم اليقين بان البيت قد صار ملكاً لها مقابل الأرض التي صارت للزوج، وبناء على ذلك فان الغش يفترض قيام الغاش بافعال ايجابية غير مشروعة إضرارا بالخصم مثل فعل الزوجة في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا التي تعمدت اخفاء واقعة الصلح ومستنداته وقد كان فعلها غير مشروع أضر بزوجها، فإذا لم يصدر من الشخص فعل إيجابي يعبر عن الغش فلا يكون غاشاً، وبتطبيق هذا المفهوم على القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا نجد ان الزوجة قد كانت غاشة حينما تمسكت أمام القضاء بالإلتزامات التي لصالحها فقط وابرزت الوثائق الدالة على ذلك فقط واخفت المستندات المقابلة التي تدل على إنتقال ملكية الأرض إلى زوجها.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثالث: الغش كسبب من أسباب التماس إعادة النظر:*
➖➖➖➖➖

*▪️يقرر قانون المرافعات ان الغش من أسباب التماس إعادة النظر حسبما ورد في المادة ( 304) مرافعات التي نصت على ان (التماس اعادة النظر في الاحكام طريق استثنائي للطعن فيها لا يجوز للخصوم اتباعه الا عند تتحقق احدى الحالات الآتية:-1-اذا تبين للمحكوم عليه بعد صدور الحكم وقوع غش من خصمه كان من شانه التاثير في الحكم )، وقد حددت محكمة النقص المصرية الغش في التماس إعادة النظر وذلك في الطعون رقم( 5293 ، 4809 لسنة 62 ق ، 585 لسنة 56 ق جلسة 21 / 4 / 1994 مكتب فني 45 ج 1 ق 141 ص 742 جلسة 21 من إبريل سنة 1994) حيث قضت محكمة المصرية بان( الغش الذي يجيز التماس إعادة النظر. هو ما يقع ممن حكم لصالحه في الدعوى بناء عليه ولم يدحضه المحكوم عليه لجهله به وخفاء أمره عليه ،فاذا ثبت أن المحكوم عليه كان مطلعاً على أعمال خصمه ولم يناقشها أو كان في مركز يسمح له بمراقبة تصرف خصمه ولم يبين أوجه دفاعه فلا وجه للالتماس)، والله اعلم.*
تعليقات