الإفادة والشهادة المكتوبة لا تدحض البصيرة

*الإفادة والشهادة المكتوبة لا تدحض البصيرة*

*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*
*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

➖➖➖➖➖

*▪️شهادات الشهود أو قيام اهالي الحارة وعاقل الحارة بتحرير وثيقة تتضمن الإفادة ان الأرض ملك لشخص لا تدحض بصيرة ملكية المالك حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30/9/2018م في الطعن رقم (59889)، الذي قضى في أسبابه انه ((فقد عللت الشعبة حكمها بان المستأنف الطاعن حالياً لم يقدم أي مستند يثبت له الملك مع ان محكمة أول درجة قد الزمته بتقديم أدلته فأفاد انه لا يوجد لديه سوى ما قدمه من وثيقة معمدة من اهالي المنطقة وعاقل الحارة ان الأرض ملكه، واضافت الشعبة قائلة: بانها استوفت ما يلزم استيفاؤه من تصحيح البصيرة بقلم الأمين حيث استدعت المحكمة ابن الأمين الذي شهد ان البصيرة بخط والده، وقد أكد ذلك شهود البصيرة مما يتعين معه رفض الطعن)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الأول: الوضعية القانونية للبصيرة العرفية التي لم يتم توثيقها أو تسجيلها:*
➖➖➖➖➖

*▪️البصيرة الموثقة لدى قلم التوثيق تكون محررا رسيماً ملزماً لطرفيه بموجب قانون التوثيق وقانون الإثبات، اما البصيرة التي يتم تسجيلها في السجل العقاري فتكون محررا رسمياً وتكون لها حجيتها المطلقة في مواجهة البائع والمشتري بل في مواجهة الكافة حسبما نص قانون السجل العقاري، في حين تكون البصيرة التي لم يتم توثيقها أو تسجيلها محرراً عرفياً بموجب قانون الإثبات وقانون التوثيق، والمحرر العرفي تكون له حجيته في مواجهة البائع والمشتري حيث ان البصيرة العرفية عبارة عن إخبار كاتبها بوقوع البيع والشراء فيما بين البائع والمشتري وانعقاده بالإيجاب والقبول والتراضي وقبض الثمن، وبموجب ذلك فقد تضمنت البصيرة العرفية كافة اركان وشروط عقد البيع المعتبرة شرعاً وقانوناً، وبتطبيق هذا المفهوم على الحكم محل تعلقينا نجد ان البصيرة التي اشار إليها الحكم كانت بصيرة عرفية لم يتم توثيقها أو تسجيلها ،وكان الامين الذي كتبها قد مات منذ مدة فقامت المحكمة بإستيفاء الإجراءات الخاصة، وهو التأكد من صدور البصيرة من كاتبها المتوفي، حيث تم استدعاء إبن كاتبها الذي شهد بان البصيرة بخط ابيه.*
➖➖➖➖➖
*▪️الوجه الثاني: الوضعية القانونية للإفادة والشهادة المكتوبة بالملكية:*
➖➖➖➖➖

*▪️كان الطاعن في الحكم محل تعليفنا  قد احتج في مواجهة البصيرة العرفية احتج بإفادة مكتوبة تم التوقيع عليها من اهالي الحارة وعاقل الحارة مفادها ان الطاعن هو المالك للأرض، ومع ذلك فقد رجح الحكم محل تعليقنا رجح البصيرة العرفية على الإفادة المكتوبة المعمدة من المحكمة، وقضاء الحكم محل تعليقنا صحيح، لان الإفادة ليست شهادة لان الشهادة لها شروطها ومن ضمنها ان يتم الادلاء بها في مجلس القضاء بعد أداء اليمين وغير ذلك من شروط الشهادة إضافة إلى ان الإفادة لم تتضمن الاخبار عن بيع أو شراء أو ارث أو تصرف انتقلت  بموجبه الأرض إلى الطاعن، كما ان قانون التوثيق وقانون السجل العقاري قد حددا وسيلة إثبات الملكية العقارية وهي  حصراً الكتابة (البصائر) وتبعاً لذلك فلا يجوز إثبات ملكية الأرض بالشهادات – حيث يقتصر دور الشهادة على إثبات الحيازة وليس الملكية، فالإفادة التي تناولها الحكم محل تعليقنا ليست محرراً رسمياً لانها لم تصدر بمقتضى نص قانوني وان كان عاقل الحارة مكلفاً بخدمة عامة إلا  ان هذه الإفادة خارجة عن  نطاق صلاحياته القانونية واختصاصه، علاوة على انه لم تطلب منه الإفادة السلطة المختصة، وبناءً على ذلك فإن الإفادة عبارة عن محرر عرفي اقل درجة من البصيرة العرفية، فالإفادة لم تخبر عن بيع وشراء أو غيره من التصرفات الناقلة للملكية، والله اعلم.*
تعليقات