كتابة الشاهد لشهادته امام القنصلية خارج اليمن

كتابة الشاهد لشهادته امام القنصلية خارج اليمن

ا.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء


وفقاً لما ورد في كتب الفقه الإسلامي وقانون الإثبات اليمني فان الشهادة تتم شفاهة في مجلس القاضي أي في اثناء المحاكمة بعد رفع الدعوى، ويتم ذلك بناءً على طلب المشهود له أو تكليف المحكمة، ويكون أداء الشهادة أمام المحكمة أو من تنتدبه لذلك من اعضائها أو من قضاة المحاكم الأخرى، وهذا هو الأصل في اداء الشهادة.

فالشهادة تؤدى شفاهة أمام المحكمة التي تستوضح الشاهد عن طريق توجيه الاسئلة الى الشاهد من قبل المحكمة والخصوم وتدوّن شهادة الشاهد والاسئلة الموجهة اليه وإجاباته عليها في متن محضر جلسة الاستماع لشهادة الشاهد، إلا أنه على سبيل الاستثناء لوجود عذر حال دون حضور الشاهد الى المحكمة للادلاء بشهادته ، وفي غير جرائم الحدود والقصاص اجاز قانون الاثبات اليمني كتابة الشاهد المعذور لشهادته على وجه الارعاء الذي يعني شهادة الشاهد على سماعه لشهادة الشاهد الاصلي.

  فقد اجاز قانون الاثبات كتابة الشاهد نفسه لشهادته في وثيقة خارج مجلس القضاء وارسالها إلى المحكمة وذلك في الأحوال التي يتعذر على الشاهد الحضور الى المحكمة لاداء شهادته شفاهة، ولاتكون الشهادة الكتابية جائزة إلا في غير جرائم الحدود والقصاص ، أما بالنسبة لجرائم الحدود والقصاص فانه يجب ان تؤدى الشهادة شفاهة في جلسة المحكمة.

وفي الشان نصت المادة (39) من قانون الاثبات اليمني على أنه : (يقوم مقام الارعاء كتابة الشاهد شهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع اشهاد شاهدين عدلين على الكتابة وإذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية).

 ففي غالب الأحوال يكون خط الشاهد غير معروف للقاضي ، كما ان الاشهاد على كتابة الشاهد لشهادته من قبل شاهدين معروفين للقاضي أمر نادر لان القاضي يستدعي شاهدي الشهادة المكتوبة ، وفي ذلك صعوبة ، ولذلك فان الطريقة السهلة المذكورة في النص هي مصادقة الجهة الرسمية على الشهادة المكتوبة من قبل الجهة الرسمية المختصة بذلك ،القنصليات اليمنية خارج اليمن هي الجهة المختصة بالمصادقة على الشهادة المكتوبة، فالمقصود بالمصادقة في هذا هو التحقق والتوثق من نسبة الخط الى كاتب الشهادة المكتوبة ، اما داخل اليمن فإذا كان نزاع قائم فان المحكمة المختصة تقوم بندب قاض للانتقال الى مكان الشاهد المعذور للاستماع لشهادته ، كما انه بوسع المحكمة داخل اليمن إذا كان هناك نزاع قائم ان تندب المحكمة المختصة في الدولة التي يوجد بها اليمني للاستماع لشهادته ، بيد ان قانون الإثبات اليمني قد اجاز كتابة الشهادة لاعتبارات عدة من اهمها :عدم وجود نزاع قائم بشان الحق الذي تثبته الشهادة المكتوبة ، ولذلك فان النص على الشهادة المكتوبة في قانون الإثبات اليمني يلبي إحتياجات شرعية وقانونية ويحفظ الحقوق من الضياع عندما لايكون هناك نزاع قائم.

فوفقاً للمادة (46) من قانون التوثيق اليمني فإن القنصليات اليمنية خارج اليمن تقوم مقام اقلام التوثيق داخل اليمن ، فالقنصليات تتولى خارج اليمن تحرير المحررات المتعلقة بالمواطنين اليمنيين خارج اليمن وتوثيق تلك المحررات، ويندرج ضمن هذا الاختصاص كتابة شهادة اليمني الموجود خارج اليمن إذا لم يكن هناك نزاع قائم بشان موضوع الشهادة، بيد ان لايجوز للقنصلية اليمنية الاستماع للشهادة الشفهية نيابة عن المحكمة ومناقشة الشاهد.

 وتحرير وتوثيق المحررات من قبل القنصلية بما فيها شهادة اليمني الموجود خارج اليمن إذا لم هناك نزاع قائم بشان الشهادة يعني أن الموظف المختص في القنصلية يقوم بالتحقق والتأكد من شخصية واهلية الشاهد الذي يكتب شهادته وانه ليس هناك نزاع قائم منظور أمام القضاء أو التحكيم، فالقنصلية اليمنية خارج اليمن تباشر الصلاحيات المخوّلة لقلم التوثيق داخل اليمن وفقا للمادة (46) من قانون التوثيق .

 فإذا كان الشاهد اليمني خارج اليمن فانه يتعذر عليه الحضور الى اليمن للادلاء بشهادته ، لذلك فانه يجوز له كتابة شهادته والمصادقة عليها من قبل القنصلية اليمنية خارج اليمن وفقا لاحكام كتابة الشاهد لشهادته المقررة في قانون الاثبات اليمني ، حسبما قضى الحكم الصادر من الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9/2/2014م، في الطعن رقم (53913)، فقد ورد ضمن اسباب الحكم المشار اليه:( كما أن الدائرة تجد ان هناك عدة قرائن تؤيد ماتوصلت إليه محكمتا الموضوع تدل على موافقة حكمهما للقانون ، ومن ذلك الشهادة المؤرخة…… التي تحررت من شاهدين تحت القسم تعمدت بالقنصلية اليمنية بمدينة..... في دولة.......) ، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الاوجه الاتية:

الوجه الأول: الأصل في الشهادة ان تؤدى شفاهة في مجلس قضاء:

وفقاً لما ورد في كتب الفقه الإسلامي وقانون الإثبات اليمني فان الشهادة تتم شفاهة في مجلس القاضي أي في اثناء المحاكمة بعد رفع الدعوى، ويتم إدلاء الشاهد بشهادته امام القاضي بناءً على طلب يتقدم به المشهود له للمحكمة أو بناء على تكليف من المحكمة للشاهد، ويكون أداء الشهادة أمام المحكمة أو من تنتدبه لذلك من اعضائها أو من قضاة المحاكم الأخرى، وهذا هو الأصل في الشهادة في الفقه الاسلامي وقانون الإثبات اليمني.

الوجه الثاني: موقف قانون الإثبات اليمني من الشهادة المكتوبة:

سبق القول ان قانون الإثبات قد نص وصرح بأن الأصل ان الشهادة تكون شفاهة أمام المحكمة التي تستوضح الشاهد وتوجه اليه الأسئلة وكذا الخصوم حتى تكون الشهادة واضحة ومفهومة، ويتم تدوّين شهادة الشاهد والاسئلة الموجهة اليه واجاباته عليها في محضر جلسة المحكمة المخصصة للاستماع لشهادة الشاهد.

 إلا أنه على سبيل الاستثناء وفي غير جرائم الحدود والقصاص اجاز قانون الاثبات اليمني الارعاء في الشهادة ، وهو شهادة الشاهد على سماعه لشهادة الشاهد الاصلي، وفي الوقت ذاته فقد اجاز قانون الاثبات اجاز كتابة الشاهد لشهادته خارج مجلس القضاء وارسالها إلى المحكمة وذلك في غير جرائم الحدود والقصاص،فقد نصت المادة (37)اثبات على انه: ( يجوز في غير الحد والقصاص أن يرعي الشاهد عدلين يقول لهما اشهدا على شهادتي اني اشهد بكذا ، فيكون الشاهد اصلا وهما فرعان عنه ، ولايصح الارعاء بشهادة واحد) .

  وكذا نصت المادة (38) إثبات على انه:( يقبل الارعاء في الأحوال التالية : -1- عن ميت ارعاهما في حياته -2- عن معذور عن الحضور بمرض أو نحوه ) .

في حين نصت المادة (39) إثبات على أن: (يقوم مقام الارعاء كتابة الشاهد شهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع اشهاد شاهدين عدلين على الكتابة وإذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية).

 ومن خلال إستقراء النصوص السابقة تظهر أحكام الشهادة المكتوبة في قانون الإثبات اليمني، وهي كما يأتي:

-1- لا تجوز الشهادة المكتوبة في الحدود والقصاص وتجوز في غيرهما.

 -2- تصح الشهادة المكتوبة في غير الحدود والقصاص إذا كان خط الشاهد معروفا ومشهود على كتابة الشاهد بشاهدين عدلين.

-3- تصح الشهادة المكتوبة بخط الغير شريطة ان يتم الاشهاد على الشهادة المكتوبة بخط الغير بشهادة شاهدين عدلين.

-4- إذا كان خط الشاهد غير معروف أو كان خط الغير الذي كتب الشهادة غير معروف فعندئذ ينبغي ان تصادق عليه جهة رسمية كقلم التوثيق او القنصلية أو الجهة الحكومية التي يعمل لديها الشاهد، وحسب علمي فقد صدر تعميم من قبل وزارة العدل قبل عشرين سنة تقريبا يمنع الامناء والموثقين من كتابة الشهادة إذا كانت الشهادة متعلقة بنزاع قائم منظور أمام القضاء، ومن وجهة نظرنا فان يجوز الأمناء والموثقين والقنصليات كتابة وتوثيق الشهادات التي لاتتعلق بنزاعات قائمة لان هدف هذه الشهادات حفظ وتوثيق حقوق شرعية وقانونية من الجحود والضياع .

 -٥- كتابة الشهادة بنظر الأمين الشرعي، فكثيراً ما يلجأ الأشخاص في اليمن إلى الأمين الشرعي لكتابة شهاداتهم، ومن المعلوم ان الامين الشرعي كان بموجب قانون التوثيق قبل عام 2010م كان مكلفاً بخدمة عامة ، وقد تم حذف هذا النص بموجب تعديلات (2010) ، وصرح قانون التوثيق النافذ ان الوثائق التي يحررها الامين لا تكون محررات رسمية إلا بعد المصادقة عليها من قبل قلم التوثيق، وعلى هذا الأساس فإنه ينبغي المصادقة على وثيقة الشهادة التي يحررها الأمين سواء اكان خط الشاهد معروفا أم غير معروف .

 _٦_ المقصود هنا بالخط المعروف : هو الخط المعروف لدى القاضي ، لأنه المعني بالوثوق بالخط المتضمن الشهادة كما يعني الخط المعروف ايضا الذي لا ينكره المشهود عليه أو الخط الذي يعرف به الغير .

الوجه الثالث: عدم جواز الشهادة المكتوبة في قضايا الحدود والقصاص:

نصت المادة (37) اثبات على انه: ( يجوز في غير الحد والقصاص أن يرعي الشاهد عدلين يقول لهما اشهدا على شهادتي اني اشهد بكذا ، فيكون الشاهد اصلا وهما فرعان عنه ، ولايصح الارعاء بشهادة واحد) ، كما نصت المادة (39) إثبات على أن: (يقوم مقام الارعاء كتابة الشاهد شهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع اشهاد شاهدين عدلين على الكتابة ، وإذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية).

 فالظاهر من خلال مطالعة النصين السابقين ان الشهادة المكتوبة لا تقبل في إثبات القصاص والحدود ، غير انها تقبل في نفي الحدود والقصاص ،لان الشهادة المكتوبة تكون قرينة نفي أي شبهة إسقاط، لأن الحدود والقصاص تدرا بالشبهات، كما أن الشهادات المكتوبة تكون مقبولة في إثبات الجنايات الاخرى كالتعازير والديات والأرش. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الشهادة الجزء الثاني، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2024م، ص215).

الوجه الرابع: كتابة الشهادة وتوثيقها في القنصلية خارج اليمن وفقاً لقانوني الاثبات والتوثيق:

 اجاز قانون الاثبات اليمني كتابة الشاهد لشهادته وفقا لماورد في المواد (37 و38و39) إثبات ، فقد نصت المادة (37)اثبات على انه: ( يجوز في غير الحد والقصاص أن يرعي الشاهد عدلين يقول لهما اشهدا على شهادتي اني اشهد بكذا ، فيكون الشاهد اصلا وهما فرعان عنه ، ولايصح الارعاء بشهادة واحد) ، وكذا نصت المادة (38) إثبات على انه:( يقبل الارعاء في الأحوال التالية : -1- عن ميت ارعاهما في حياته -2- عن معذور عن الحضور بمرض أو نحوه ) ، في حين نصت المادة (39) إثبات على أن: (يقوم مقام الارعاء كتابة الشاهد شهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع اشهاد شاهدين عدلين على الكتابة وإذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية).

وخلاصة ماورد في النصوص القانونية السابقة انه يجوز للشاهد المعذور بعذر ان يكتب شهادته إذا كان خطه معروفا للقاضي ،وان لم يكن معروفا فانه يقوم بالمصادقة على المحرر الذي كتبت به الشهادة لدى الجهة الرسمية المختصة ، و الجهة الرسمية المختصة باليمنيين خارج اليمن هي القنصلية اليمنية في الدولة التي يوجد بها اليمني،حسبما مقرر في قانون التوثيق اليمني.

فإنشاء او تحرير وتوثيق المحررات الخاصة بالمواطنين اليمنيين خارج اليمن محصور في القنصلية اليمنية التي يوجد اليمني في نطاقها ، وفي هذا الشان نصت المادة (46) من قانون التوثيق اليمني على أن: (-1- تتولى قنصليات الجمهورية مهام تحرير وتوثيق المحررات المتعلقة بمواطني الجمهورية في الخارج وفقاً لأحكام هذا القانون ولائحته –ب- تحصيل الرسوم وفقاً للإجراءات المحددة في القوانين النافذة).

ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق نستنتج أن النص السابق منح القنصليات اليمنية صلاحيات قلم التوثيق داخل اليمن المقررة في قانون التوثيق، بيد انه بالنسبة لداخل اليمن فانه من النادر ان يتم توثيق الشهادة المكتبة لدى قلم التوثيق عندما يكون هناك نزاع قائم منظور امام القضاء ، لان المحكمة في هذه الحالة تستطيع ندب قاض للانتقال الى مكان الشاهد المعذور للاستماع الى شهادته ، في حين الأمر يتعذر تطبيقه بالنسبة لليمني خارج اليمن ، ولذلك فان القنصلية تقوم بالمصادقة على الشهادة المكتوبة لليمني خارج اليمني، سيما أن المادة (37) قد اجازت الارعاء وكتابة الشهادة والمصادقة عليها من الجهة الرسمية وهي القنصلية خارج اليمن ،فليس هناك جهة رسمية مختصة غير القنصلية، علما بان المحكمة داخل اليمن تستطيع أيضا ندب المحكمة المختصة في الدولة التي يوجد فيها للاستماع الى شهادته ، ومع ذلك فقد رخص القانون للشهادة المكتوبة.

وتتاسس مصادقة القنصلية على الشهادة المكتوبة على ان قانون الاثبات قد خولها القيام بأعمال قلم التوثيق خارج اليمن ، ومن المعلوم أن قلم التوثيق داخل اليمن يقوم بتحرير كافة العقود والتصرفات ،كما يقوم أيضاً بتوثيقها، أي أن قلم التوثيق يجمع بين التحرير والتوثيق للمحررات ، ومعنى تحرير أو إنشاء العقود والتصرفات هو كتابتها بعد تحقق الكاتب من توفر أركان وشروط العقد أو التصرف والتحقق من شخصية الشخص الطرف في التصرف، والتحقق من صفته العقدية التي تخوله الحق في إبرام العقد او التصرف.

اما معنى توثيق العقد أو التصرف فمعناه أن المختص في قلم التوثيق يتوثق أو يتحقق من رضا واهلية اطراف المحرر وصفاتهم وشخصياتهم ومدى توفر أركان وشروط العقد او التصرف ثم يقوم المختص بالتوقيع على المحرر وختمه .

فقلم التوثيق داخل اليمن يجمع بين تحرير المحرر وتوثيقه بخلاف الامين الشرعي الذي يقتصر عمله على تحرير المحرر فقط.

وبما أن قانون التوثيق اليمني قد اناط بالقنصلية اليمنية القيام بمهام قلم التوثيق بالنسبة للمواطنين اليمنيين خارج اليمن ، لذلك فان القنصلية في هذا الشان تجمع بين تحرير العقد أو التصرف وبين توثيقه في وقت واحد، ومؤدى ذلك انه يجوز للقنصلية أن تقوم بتوثيق الشهادة المكتوبة لليمني خارج اليمن إذا لم يكن هناك نزاع قائم بشان موضوع الشهادة .

فالقنصلية تتولى صياغة أو تحرير العقود والتصرفات المختلفة بعد أن تتحقق من شخصيات وصفات أطراف المحرر وتتحقق أيضاً قبل تحرير المحرر من توفر الأركان والشروط الشرعية للتصرف المطلوب تحريره، وبعد أن يقوم المختص بالقنصلية بتحرير المحررات تقوم الإدارة المختصة بالقنصلية بالتحقق من صفات وشخصيات أطراف المحرر، وبعد ذلك يتم وضع ختم القنصلية للتدليل على أن المحرر قد تم تحريره وتوثيقه بنظر القنصلية، ووفقاً للنص السابق فإن ختم القنصلية على المحرر مثل ختم قلم التوثيق، ومقتضى ذلك أن القنصلية لاتقوم بالمصادقة أو التوثيق للشهادة المكتوبة الا بعد ان تتحقق من شخصية الشاهد وان الشهادة في غير الحدود والقصاص.

ووفقاً للمادة (24) توثيق فأنه يجب على المختص بالقنصلية قبل القيام بتحرير المحرر يجب عليه أن يرجع إلى القوانين ذات الصلة بالمحرر المطلوب تحريره،مثل قانون الاثبات بالنسبة للشهادة المكتوبة ، وإذا كان المحرر وكالة فأنه ينبغي على المختص بالقنصلية أن يرجع إلى أحكام الوكالة المنظمة في القانون المدني وإذا كان التوكيل بالخصومة فأنه ينبغي عليه الرجوع إلى أحكام التوكيل بالخصومة المقرر في قانون المرافعات وإذا كان المحرر بيعاً فأنه ينبغي عليه الرجوع إلى أحكام البيع المقررة في القانون المدني وإذا كان المحرر وصية فأنه ينبغي على المختص الرجوع إلى أحكام الوصية المقررة في قانون الاحوال الشخصية اليمني وهكذا في بقية العقود والتصرفات، وفي هذا المعنى نصت المادة (24) من قانون التوثيق على أنه: (ويجب عند تحرير العقود والمحررات الأخرى وكافة التصرفات القانونية مراعاة أحكام القوانين النافذة المتعلقة بها).

ويظهر من سياق المادة (24) توثيق السابق ذكرها أنه يحق للقنصلية أن تقوم بتحرير وتوثيق كافة العقود والتصرفات التي يحق لقلم التوثيق داخل اليمن القيام بها وذلك بالنسبة للمواطنين اليمنيين في الخارج ولو كانت هذه المحررات تتضمن غير يمنيين طالما ان المحرر متعلق بيمني خارج اليمن حسبما ورد في النص السابق، ولا تكون القنصلية متقيدة بالمواطنين اليمنيين العاملين أو المقيمين بصفة دائمة في الدولة التي بها مقر القنصلية بل تختص القنصلية بتحرير وتوثيق المحررات الخاصة بكل يمني يصادف وجوده في تلك الدولة كالمسافرين للعلاج أو السياحة بل ولو كان عمله في دولة أخرى أو في نطاق قنصلية أخرى ولو الطرف الاخر في العقد غير يمني طالما ان المحرر متعلق بيمني خارج اليمن.

كما يجب على القنصلية عند تحرير المحرر أن تتقيد بالإجراءات المقررة في المادة (25) توثيق التي نصت على أنه (يشترط في تحرير أو توثيق المحرر ما يلي: -1- أن لا يكون مخالفاً لأحكام الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة -2- أن يكون مدوناً باللغة العربية وإذا كان مكتوباً بلغة أجنبية وجب أن يكون مترجماً إلى العربية بواسطة مترجم معتمد -3- أن يكون بخط واضح بدون شطب أو إضافة أو حشر في متن المحرر إلا إذا اشير في الهامش إلى سببه أو تصحيحه مع توقيع من قام بتحرير الوثيقة وذوي العلاقة إن كانت الإضافة أو نحوها جوهرية)،.

 كما لا يجوز لكاتب المحرر في القنصلية أن يحرر المحررات الخاصة به أو بأقاربه بما في ذلك الشهادة المكتوبة وفقا لقانون التوثيق. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التوثيق والامناء الشرعيين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2023م، صـ113).

الوجه الخامس: حجية المحررات التي يتم تحريرها وتوثيقها من قبل القنصلية:

سبق القول: أن قانون التوثيق اليمني قد منح القنصلية صلاحيات قلم التوثيق، ومن المعلوم أن المحررات الموثقة من قبل قلم التوثيق تكون محررات رسمية وفقاً للمادة (31) من قانون التوثيق اليمني التي نصت على أن (تكون للمحررات الموثقة من قبل الموثق حجية المحررات الرسمية مالم يثبت تزويرها أو بطلانها بالطرق القانونية، أما المحررات الناقلة للملكية العقارية والرهن العقاري فلا تكتسب هذه الحجية إلا بين طرفيها فقط، أما حجيتها أمام الكافة فلا تكون إلا بعد تسجيلها في السجل العقاري).

وبموجب هذا النص فإن المحررات المحررة من قبل القنصلية تكون لها حجية المحررات الرسمية المقررة في قانون الإثبات ، ومعنى ذلك أن هذه المحررات تكون محررات رسمية حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه السادس: مصادقة القنصلية على الشهادة المكتوبة من يمني خارج اليمن:

نصت المادة (39) إثبات على أن: (يقوم مقام الارعاء كتابة الشاهد شهادته بخطه المعروف أو املاؤها على آخر خطه معروف مع اشهاد شاهدين عدلين على الكتابة وإذا لم يكن الخط معروفاً صدق عليه من جهة رسمية).

ومن خلال مطالعة هذا النص يظهر انه قد اشترط لقبول الشهادة المكتوبة المصادقة عليها من جهة رسمية ، ومفهوم الجهة الرسمية ينطبق على القنصلية خارج اليمن، وبحسب ماورد في النص السابق فان الهدف من المصادقة على الشهادة المكتوبة هو التعريف بالخط وان الخط الذي كتبت به الشهادة هو خط الشاهد الذي كتبها، ، وعلى هذا الاساس فان مصادقة القنصلية على الشهادة المكتوبة تختلف عن توثيق المحرر من قبل القنصلية السابق بيانه. (مهارات الصياغة القانونية – مهارات صياغة المحررات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2016م، صـ43)، والله اعلم.