طلب اليمين لا يكون ملزماً عند وجود أدلة الإثبات

طلب اليمين لا يكون ملزماً عند وجود أدلة الإثبات

الحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا باليمن في جلستها المنعقدة بتاريخ 25/3/2007 م في الطعن المدني رقم 27782 لسنة 1427هـ، وخلاصة أسباب هذا الحكم أن: (ما نعاه الطاعن في عريضة الطعن بالنقض أن محكمة الاستئناف لم تلتفت إلى طلبه اليمين من الطرف الآخر، والدائرة تجد أن ذلك النعى لا تأثير له على الحكم إذ لا مجال لليمين إلا عند إنعدام البيئة فطالما أنه قد ثبت المحكمة الموضوع أن البصائر التي أبرزها المطعون ضده تنطبق على الأرض موضوع النزاع وأحقيته في تلك الأرض، وبناءاً على ذلك فلا سبيل للطاعن بالنقض المدعى عليه في طلب اليمين ما دام المدعي قد تقدم بأدلة إثبات صحة دعواه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم موجزاً بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الأساس القانوني للحكم محل تعليقنا:

قرر الحكم محل تعليقنا بأن طلب اليمين لا يكون ملزما للخصم والمحكمة طالما وأن هناك أدلة كافية تدل على الحق المتنازع بشأنه، ويتأسس هذا الحكم على أسس قانونية سليمة نلخصها على النحو الآتي:
- إثبات احكام اليمين الحاسمة، فاليمين الحاسمة اختيارية 142 و 140 و 139 و 132 – حددت المواد 1 لخطورة الآثار المترتبة عليها مثل عدم جواز الطعن في الحكم المبني عليها وسقوط الأدلة التي تناقضها وعدم جواز إثبات كذبها وعلى هذا الأساس لا يجب إلزام الخصم بإداء اليمين الحاسمة.
- إثبات أحكام اليمين المتممة التي تكمل الأدلة الناقصة كشهادة الواحد، وفي 132 بينت المادة (2) القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا لا مجال لتطبيق اليمين المتممة، لأن المدعى قام بتقديم الأدلة الكاملة المثبتة للحق في موضوع النزاع.
- أنواع اليمين ومنها يمين الاستظهار وهي يمين إلزامية يوجهها القاضي 132 – ذكرت المادة (3) للمدعى بعد إثباته لدعواه بدليل كامل استظهارا للحقيقة في دعاو معينة حددها الفقهاء على سبيل الحصر دعاوى الرد للعيب القديم في المبيع فأنه يحلف مع الشاهدين أو البيئة الكاملة أنه فسخ البيع حـ الة الاطلاع على العيب، ودعاوى فسخ عقد الزواج لعيب في الزوج مثل إذا ادعت الزوجة أن زوجها عنين وكانت بكرا وأدعى أنه وطنها وشهد أربع نسوة أنها بكر فتحلف الزوجة مع شهادتهن أنه ما وطنها لاحتمال أن يكون وطئها وطناً خفيفاً وعادة البكارة، ودعاوى الجراح في العضو الباطن إذا أختلف في أصل الجناية فلا بد من بيئة لوجودها ويحلف المجني عليه على سلامته، ودعاوى إعسار المدين وقد عرف له مال وغير ذلك من الدعاوى التي حددها الفقهاء على سبيل الحصر وعلى النحو المفصل في كتب الفقه الإسلامي، ولم يرد ضمن هذه الدعاوى التي يجب فيها على القاضي إلزام وبناءاً على ذلك لا – المدعي بأداء يمين الاستظهار لم ترد ضمنها دعاو العقارات أو النزاع عليها يجوز إلزام المدعي في المنازعات العقارية بأداء يمين الاستظهار.
- لو جاز إلزام المدعى بأداء اليمين بعد إثباته لدعواه بالأدلة لترتب على ذلك الإضرار به، لأنه قد ينكل عن أداء اليمين فيخسر دعواه حسبما ورد في المادة (143) من قانون الإثبات: كل من وجهت إليه اليمين فنكل عنها دون أن يردها على خصمه وكل من ردت عليه اليمين فنكل عنها خسر الدعوى فأن كان المدعى عليه حكم للمدعى حكم إن كان المدعى فترفض دعواه.
- إلزام الخصم بالاستجابة لطلب خصمه بأداء اليمين إهدار للأدلة المثبتة للحق وتعطيل لها مع صحتها وسلامتها، فهذا مخالف للشرع والقانون.

الوجه الثاني: الأساس الشرعي للحكم محل تعليقنا:

يتأسس الحكم محل تعليقنا على حديث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم البيئة على المدعي و اليمين من على من أنكر فهذا الحديث المرتب قد جعل البيئة أولاً على المدعى لإثبات دعواه فإذا تم ذلك فلا مجال لإلزامه بأداء اليمين، كما أن هذا الحديث قد حدد الواجب على المدعي وهو البينة فلا يجوز إلزامه بغير ما الزمه الشارع، إضافة إلى أن اليمين مقررة على المدعى عليه وليس المدعي حسبما ورد في هذا الحديث الشريف.

✍🏼 أ.د. عبدالمؤمن شجاع الدين
كلية الشريعة والقانون جامعة صنعاء.