ميعاد المسافة للخصم خارج اليمن
نصت المادة (110) من قانون المرافعات اليمني على أن: (يزاد على الميعاد المعين في القانون ميعاد مسافة على النحو الآتي: -3- ستون يوماً لمن يكون موطنه في الخارج)، وبحسب ما ورد في هذا النص فإن ميعاد المسافة المشار اليه في هذا النص تتم إضافته إلى ميعاد الطعن عند إحتساب مدة الطعن عندما يكون موطن الخصم خارج اليمن ، فيتكون من الميعادين ميعاد واحد، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-5-2011م في الطعن رقم (45208)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فما عولت الشعبة الاستئنافية لم يكن صحيحاً ،فذلك لا يغني عن إتباع القواعد الخاصة الواردة بقانون المرافعات ، والبحث في نطاقها عن حل للدفوع المطروحة عليها، ومن ذلك البحث في حكم المادة (110/3) مرافعات ، وما إذا كان هذا النص يسري عليها بالنظر إلى أن موطن تلك الشركات جميعها يقع خارج اليمن على نحو ما تحكيه الأوراق، ومن ثم فإن من حق تلك الشركات الإستفادة من ميعاد المسافة المنصوص عليه في المادة (110/3) مرافعات، إذ يتم إضافة ميعاد المسافة إلى ميعاد الطعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية ميعاد المسافة وإضافته إلى الميعاد الأصلي للإجراء أو الطعن:
ميعاد المسافة هو مدة من الزمن يتم إضافتها إلى الميعاد الأصلي للطعن أو الاجراء فيتكون من هذين الميعادين ميعاد واحد، ويتم إحتساب ميعاد المسافة بحسب المسافة القائمة بين موطن الخصم والمحكمة المطلوب الوصول إليها لمباشرة الإجراء أو إيداع الطعن.
وتتم إضافة ميعاد المسافة إلى الميعاد الأصلي سواءً كان هذا الميعاد محدداً بالساعات أو الأيام أو الشهور، ويضاف ميعاد المسافة سواءً كان الميعاد ناقصاً أو كاملاً.
وتتم إضافة ميعاد المسافة إلى الميعاد الأصلي دون فاصل بينهما ولو كان آخر يوم في الميعاد الأصلي عطلة، لأنه يتكون من مجموعهما ميعاداً واحداً متواصل الأيام، بيد أنه إذا كان آخر يوم الميعاد الواحد بعد إضافة ميعاد المسافة عطلة فأنه يمتد بسبب العطلة لأول يوم عمل بعده.
وقد قضت محكمة النقض المصرية بأن: (مؤدى نصوص المواد 252 و 213 و 16 من قانون المرافعات المصري أن ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً تبدأ بحسب الأجل من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه، ويضاف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة من موطن الطاعن الذي يجب عليه الإنتقال منه إلى المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة طعنه، والعبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هو بموطن الخصم الذي ينبغي عليه القيام بالعمل الإجرائي) – الطعن رقم 1876 لسنة 55 جلسة 8/6/1992م ماس 43 ع 1 صـ807).
وتختلف مسافة الميعاد بحسب المسافة الفاصلة بين موطن الخصم المطلوب منه القيام بالإجراء والمحكمة التي ينبغي عليه أن يباشر الإجراء أمامها، بيد أن ميعاد الطعن للطاعن الذي يقع موطنه خارج اليمن فانه واحد لايختلف بحسب قرب الدولة الاجنبية أو بعدها. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الدعوى والطلبات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2024م، ص٢٣٤).
الوجه الثاني: ميعاد المسافة بالنسبة للخصم الذي يقع موطنه خارج اليمن:
حددت الفقرة (3) من المادة (110) من قانون المرافعات اليمني حددت ميعاد المسافة بالنسبة للخصم الذي يقع موطنه خارج اليمن ، وصرحت المادة المشار إليها بأن ميعاد المسافة يتم إضافته إلى الميعاد الأصلي للإجراء ، فيتكون من مجموعهما ميعاد واحد، فقد نصت المادة (110) من قانون المرافعات اليمني على أن: (يزاد على الميعاد المعين في القانون ميعاد مسافة على النحو الآتي: -3- ستون يوماً لمن يكون موطنه في الخارج).
وقد أشار الحكم محل تعليقنا بأن مدة الستين يوماً وهو ميعاد المسافة بالنسبة للخصم الذي يقع موطنه خارج اليمن يضاف هذا الميعاد إلى ميعاد الطعن وهو ستون يوماً فيصير الميعاد الواحد للطعن هو (120) يوماً ، إذا يتم إحتساب ميعاد الطعن بالحكم على هذا الأساس.
وفي هذا الشأن قضت محكمة النقض المصرية: (أن يضاف لميعاد الطعن في الحكم ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة المطلوب منه إيداع صحيفة الطعن في قلم كتابها). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الإعلانات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2024م، صـ52).
الوجه الثالث: أهمية ميعاد المسافة للخصم الذي يقع موطنه خارج اليمن:
لميعاد المسافة في هذه الحالة أهمية بالغة، لأن الهدف من ميعاد المسافة تمكين الخصم الذي يقع موطنه في الخارج من مباشرة حقوقه القضائية والدفاع عن حقوقه ومصالحه في مواجهة خصمه، وتحقيق مبدا المواجهة بين الخصوم حتى يستبين القاضي الحقيقة من خلال مناقشات الخصوم ومساجلاتهم عند المواجهة بينهم امام المحكمة.
الوجه الرابع: ميعاد المسافة بالنسبة للطاعن خارج اليمن من النظام العام:
من المعروف أن مواعيد الطعون بصفة عامة من النظام العام، وقد سبق أن ذكرنا أن ميعاد المسافة ماهو إلا إضافة إلى الميعاد الأصلي للطعن، ولذلك فإن ميعاد المسافة من النظام العام، ومعنى ذلك أنه يحق للمحكمة أن تتصدى له من تلقاء ذاتها حتى لو لم يطلب الخصوم ذلك، وعلى هذا الأساس فقد تصدت المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون وحارسة للنظام العام فقد تصدت لهذه المسألة من تلقاء ذاتها وحكمت بأنه كان يجب على محكمة الاستئناف أن تضيف من تلقاء ذاتها ميعاد المسافة للشركات الأجنبية الواقعة مواطنها خارج اليمن حسبما ورد في أسباب الحكم محل تعليقنا.
ولأن ميعاد المسافة من النظام العام فلا يجوز للخصوم القبول أو الإتفاق على خلاف ميعاد المسافة أو تقصير مدته، وميعاد المسافة هو ستون يوماً أياً كان قرب او بعد البلد الأجنبي الذي يقع فيه موطن الطاعن ، فهذا الميعاد واحد بالنسبة لكافة الدول الأجنبية القريبة والبعيدة. (إمتداد المواعيد الإجرائية، د. زياد محمد الطائي، مجلة الحقوق جامعة الرافدين، صـ54)، والله أعلم.