وقت تصحيح صفة الطاعن

وقت تصحيح صفة الطاعن

أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

ميعاد الطعن بالأحكام والقرارات من النظام العام، لذلك يجب التقيد بميعاد الطعن، فان لم يتم التقيد بالمبعاد المقرر فان الطعن غير مقبول ، ومؤدى ذلك أنه من الواجب أن تتوفر في الطاعن كافة الشروط القانونية، فإذا تخلف شرط من هذه الشروط كالصفة فأنه يحق للطاعن أن يصحح ذلك خلال مدة الطعن، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 24-5-2011م في الطعن رقم (45208)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (ذلك أنه من المعلوم فقهاً وقضاءً جواز تصحيح العيب الذي لحق بالصفة في الطعون شريطة أن يتم ذلك خلال المواعيد المحددة للطعن وأن لا يتجاوزه ، مما يتعين والحال كذلك قبول الطعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية: 

الوجه الأول: وجوب توفر الصفة في الطاعن: وتوصيتنا للمقنن اليمني:

الصفة في الطعن شرط لوجود الحق الإجرائي في تقديم الطعن، فعند الطعن بالحكم يجب أن يكون الطاعن في مركز المحكوم عليه، ويجب أن يكون الطاعن متمتعاً بالصفة ذاتها التي كان متصفاً بها في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، ويجب على المحكمة أن تتحقق من صفة الطاعن بداية عند تقديمه عريضة الطعن ، وذلك من خلال البيانات الواردة في عريضة الطعن أو من بيانات الحكم المطعون فيه أو من خلال مطالعة عريضة الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، فالعبرة بالخصم الحقيقي في الدعوى سواء اكان الطاعن في مركز المدعي أو المدعى عليه أو كان متدخلا أو مدخلا في الدعوى.

فالصفة في الطعن شرط وجود الحق في الطعن، فإذا لم تتوفر الصفة فيتم رفض الطعن شكلاً، وفي هذا الشأن نصت المادة (76) من قانون المرافعات اليمني على أنه: (تحكم المحكمة بعدم قبول الدعوى أو الطلب أو الدفع إذا تبينت ولو من تلقاء نفسها أن لا صفة أو مصلحة فيها في أية مرحلة من مراحل الدعوى). 

والظاهر من خلال مطالعة النص أنه لم يذكر الطعن ، ولذلك نوصي المقنن اليمني بإضافة كلمةالطعن إلى هذا النص، لأنه من المعلوم في الفقه والقضاء أن الصفة شرط لقبول الطعن.

ومع أن الصفة شرط لقبول الطعن بداية إلا أنه ينبغي أن تظل صفة الطاعن قائمة أثناء إجراءات نظر الطعن. (ماهية الصفة ودورها في النطاق الإجرائي، د. علي الشحات الحديدي، أكاديمية شرطة دبي مجلة الامن والقانون المجلد السادس 1998م، صـ349). 

الوجه الثاني: المقصود بتصحيح الطاعن لصفته: 

مع ان الواجب على المختص في المحكمة ان يتحقق بداية من صفة الطاعن عند تقديمه الطعن، فلا يتم قيد الطعن وترسيمه إلا بعد التحقق من صفة الطاعن ، لاهمية ذلك في ترشيد اجراءات التقاضي وعدم تراكم الطعون أمام القضاء، إلا انه في اليمن يتم التساهل في هذا الشان ، ولذلك يتم قيد وترسيم طعون لاصفة للطاعن فيها ، ومن هذا المنطلق تأتي الحاجة لتصحيح الطاعن لصفته.

إذا يفترض تصحيح صفة الطاعن أن الطاعن قد سبق له أن قام بتقديم عريضة الطعن وقام بالتأشير عليها من قبل القاضي المختص وتم قيدها ودفع الرسوم القانونية عنها من غير أن تكون للطاعن صفة في الطعن، مثل قيام المحامي بتقديم عريضة الطعن وقيدها وترسيمها قبل أن يقوم الطاعن الأصلي بتوكيل المحامي، أو أن يتم تقديم الطعن بموجب وكالة صادرة من غير صاحب الصفة الأصلي...إلخ. 

ففي هذه الحالات يقوم الطاعن بتصحيح صفته عن طريق إتخاذ الإجراء القانوني السليم الذي يحقق صفته في الطعن ، بقصد تصحيح صفته مثل الحصول على التوكيل من المحكوم عليه أو الحصول على الوكالة من المحكوم عليه وهكذا. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الحكم ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ،مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٣٤١).

الوجه الثالث: إجراءات تصحيح الطاعن لصفته: 

لم يحدد قانون المرافعات اليمني هذه الإجراءات ولا عيب في ذلك، إذ أن إجراءات التصحيح للصفة تتلخص في قيام المحامي الوكيل عن الطاعن مثلاً قيامه بتقديم التوكيل الصحيح مشفوعاً بطلب إلى المحكمة يتضمن سحب التوكيل الذي سبق تقديمه وإعتماد التوكيل الجديد المرفق بالطلب وهذه هي الطريقة الشائعة في اليمن من خلال مطالعتنا الكثيرة والمستمرة للأحكام الصادرة في اليمن، وهناك طريقة أخرى لتصحيح الصفة وهي إستبدال عريضة الطعن السابق تقديمها بعريضة الطعن الجديدة المرفق بها التوكيل الصحيح المثبت للصفة الصحيحة، إلا أن الطريقة الأخيرة لها إشكاليات عدة؛ من أهمها: إعادة التأشير على الطعن وقيده وترسيمه كطعن جديد مما يؤدي الى ظهور تكرار في قيد الطعن في السجلات وترسيمه، وقد ذكر بعض الأخوة في المحاكم إلى أنه يتم التغلب على هذه الإشكالية عن طريق التأشير في السجلات أن الطعن الجديد المصحح بديل للطعن السابق ، ونحن نحبذ الطريقة الأولى. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٣٥٥).

الوجه الرابع: وقت تصحيح صفة الطاعن: 

صرح الحكم محل تعليقنا بأن الوقت الذي يسمح فيه للطاعن بتصحيح صفته هو الوقت المقرر في القانون لتقديم الطعن، ومعنى ذلك أنه يجب على الطاعن أن يقوم بتصحيح صفته خلال الميعاد المقرر قانوناً لتقديم الطعن، لأن القانون قد رخص للمحكوم عليه الطاعن أن يقدم طعنه خلال الميعاد المحدد في القانون ، فمدة الطعن في الحكم مكنة قانونية: قررها القانون للطاعن حتى يقدم طعنه خلالها أو أن يسحبه أو يصححه أو يستبدله طالما أن مدة الطعن لازالت قائمة. (الوسيط في قانون المرافعات ، إستاذنا الأستاذ الدكتور نبيل اسماعيل عمر، دار الجامعة الاسكندرية ٢٠٠٦م ،ص٣٤١)، والله أعلم.