إستعمال العلامة التجارية المشهورة على منتجات مغايرة

إستعمال العلامة التجارية المشهورة على منتجات مغايرة

العلامة التجارية المشهورة هي: تلك العلامة التي تجاوز شهرتها البلد الأصلي الذي تم تسجيلها فيها، فتصير محمية بحكم القانون الوطني والدولي، مثل علامات السيارات والسجائر وغيرها المنتشرة في أسواق عدة دول، فلا يجوز تسجيل علامة مماثلة أو مشابهة للعلامة التجارية المشهورة لأن العلامة المشهورة قد اشتهرت بين الجمهور في القطاع المعني وغيره، لذلك لا يجوز تسجيل علامة مماثلة أو مشابهة للعلامة المشهورة حتى لو تم إستعمال العلامة المماثلة للمشهورة على منتجات أخرى غير تلك المنتجات التي يتم وضع العلامة المشهورة عليها، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30/4/2011م في الطعن رقم (44119)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فنعي الطاعن غير منتج، لأن الثابت من الأوراق أن العلامة (...) التي سبق تسجيلها مشهورة، والعلامة المشهورة تتمتع بالحماية القانونية سواءً تم تسجيلها أو لم يتم تسجيلها، فإستخدام الطاعن لتلك العلامة يخالف القانون، لأن ذلك قد يؤدي إلى إختلاط للأمور لدى الجمهور من خلال إعتقاد الجمهور بان مصدر السلعتين واحد وإن كانتا مختلفتين)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: العلامة التجارية المشهورة في قانون العلامات التجارية اليمني:

لم يرد تعريف العلامة المشهورة ضمن تعاريف المصطلحات القانونية في بداية القانون اليمني كما هو الحال في بعض القوانين العربية، ولاعيب في ذلك طالما ان القانون قد عرفها في متنه تعريفا جامعا مطولا تضمن ماهيتها واحكامها، فقد نصت المادة (6) من قانون العلامات التجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني على أنه: (لا يجوز تسجيل علامة مطابقة أو مشابهة أو مترجمة لعلامة تجارية مشهورة في الجمهورية على منتجات أو خدمات مماثلة أو مطابقة ولو لم تكن العلامة التجارية المشهورة مسجلة فيها، ويسري نفس الحكم على العلامة التجارية المشهورة متى ما كانت مسجلة في الجمهورية بالنسبة لمنتجات أو خدمات غير مطابقة أو مشابهة لتلك المطلوب تسجيل العلامة بالنسبة إليها طالما كان من شأن هذا التسجيل حمل الغير على الإعتقاد بوجود صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات والعلامات التجارية المشهورة أو كان من شان ذلك الإستخدام أن يلحق ضرراً بصاحب العلامة التجارية المشهورة، ولتحديد ما إذا كانت علامة تجارية ما علامة مشهورة يراعى مدى معرفتها في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في الجمهورية نتيجة ترويجها وتسويقها).

ومن خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر أن العلامة التجارية المشهورة هي تلك التي يعرفها الجمهور المعني الذي يتعامل مع المنتجات التي تحملها تلك العلامة، وكذلك معرفتها من قبل عامة الجمهور في اليمن نتيجة ترويج العلامة المشهورة وتسويقها.

فالعلامة التجارية المشهورة هي علامة تتمتع بشهرة عالمية واسعة تتجاوز بلد تسجيلها ولذلك يعرفها جمهور المستهلكين المتعاملين بها وغيرهم.

اما قانون العلامات التجارية الأردني فقد عرّف العلامة التجارية المشهورة ضمن تعاريف المصطلحات القانونية الواردة في بداية القانون، فقد نصت المادة (2) من القانون الاردني على أن: (العلامة التجارية المشهورة: العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسبت شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية مع مراعاة التعليمات التي يصدرها الوزير بهذا الخصوص، وبما يتفق مع الإلتزامات والواجبات المترتبة بمقتضى الإتفاقيات المتعلقة بحماية العلامة التجارية المشهورة والتي تكون المملكة طرفاً فيها، وعلى أن تنشر هذه التعليمات في الجريدة الرسمية)، فقد ترك القانون الاردني للوزير المختص إستيعاب المتغيرات المحلية والدولية بشلن العلامة المشهورة، وذلك كي يتم تضمينها في تعليمات يصدرها الوزير بعد نفاذ القانون.

وقد تطورت العلامات التجارية تطورًا سريعًا في السوق التجاري، وأصبح لها أهميةً كبيرةً، وشاع استخدامها، ومع مرور الوقت ومع انتشار العلامة التجارية محليًا داخل الدولة الموجودة بها، بل ووصل الأمر إلى انتشار العديد من العلامات التجارية دوليًا بين جميع دول العالم؛ وهو ما أدى إلى ظهور ما يعرف بالعلامات التجارية المشهورة، ونظرًا للأهمية الكبيرة للعلامة المشهورة؛ فقد قررت القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية المتعين الحماية القانونية للعلامة المشهورة؛ لضمان حفظ حقوق مالك العلامة التجارية المشهورة، وعدم استخدامها من الغير، (العلامات التجارية المشهورة، د. محمد محمود، موقع حماة الحق الأردن، صـ7).

الوجه الثاني: الفرق بين العلامة التجارية المشهورة والعلامة التجارية غير المشهورة:

مع أنه يتم استخدام العلامتين المشهورة وغير المشهورة لغرض واحد وهو التمييز بين السلع والمنتجات والخدمات، إذ يتم وضع العلامة المشهورة والعلامة غير المشهورة على البضائع أو المنتجات أو الخدمات لتمييزها عن مثيلاتها المملوكة للغير، مع ذلك يظهر الفرق بين العلامتين في مدى الشهرة والانتشار التي حققتها العلامة التجارية المشهورة عن غيرها

فإستعمال العلامات المشهورة وغير المشهورة واحد، إذ يتم وضعها على المنتجات والخدمات ليتمكن جمهور المستهلكين من التعرف عليها، وتمييزها عن غيرها من المنتجات المعروضة في السوق.

 بيد ان العلامة المشهورة لايقتصر شيوعها وانتشارها على البلد الذي تم تسجيلها فيه مثل علامات السجائر والسيارات وغيرها التي يتم إستعمالها في عدة دول.

وفي هذا المعنى نصت (المادة 16) من اتفاقية تريبس على انه: (عند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة جيدًا تراعي البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في البلد العضو المعني نتيجة ترويج العلامة التجارية). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الاسماء والعلامات التجارية، ا.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٩٣).

الوجه الثالث: أغراض العلامة التجارية المشهورة:

للعلامة التجارية المشهورة اغراض عدة، يمكن تلخيصها كماياتي:

1- تمييز المنتجات والسلع والخدمات، كما أكدت على ذلك اتفاقية تريبس الدولية المتعلقة بالحقوق الفكرية، فمن خلال هذه العلامة يتمكن الجمهور من تحديد مصدر المنتجات والبضائع والخدمات التي يقوم بشرائها.

2- العلامة التجارية المشهورة رمزُ للثقة بصفات المنتجات والبضائع والخدمات وضمان لجودتها.

3- تُستخدم العلامة التجارية كوسيلة للإعلان عن المنتجات والبضائع والخدمات.

4- العلامة التجارية المشهورة ضمانةً هامةً لحماية جمهور المستهلكين من السلع المقلدة أو الرديئة.

 الوجه الرابع: معنى شهرة العلامة التجارية:

ومعنى الشهرة في هذا الشان ذيوع العلامة المشهورة وشيوعها على نطاق واسع حتى صارت معروفة واصبحت رمزا للثقة والجودة في اذهان المستهلكين، وبشان شهرة العلامة التجارية فقد نصت المادة(16) من اتفاقية تريبس على انه: (عند تقرير ما إذا كانت العلامة التجارية معروفة جيدًا تراعي البلدان الأعضاء مدى معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في البلد العضو المعني نتيجة ترويج العلامة التجارية).

الوجه الخامس: معايير اعتبار العلامة التجارية مشهورةً:

من خلال الرجوع إلى تعريف القانون اليمني للعلامة التجارية المشهورة، وكذا تعريفها في الاتفاقيات الدولية يمكن استخلاص معايير العلامة التجارية المشهورة ، فمن خلال ذلك يمكن تحديد معايير العلامة التجارية المشهورة على النحو الاتي:

1- أن تكون العلامة التجارية ذات شهرة عالمية، فتكون مشهورة في عدة دول، فتتجاوز شهرتها البلد الأصلي الذي تم تسجيلها فيه.

2- أن تكتسب العلامة شهرة في القطاع المعني من الجمهور في الجمهورية اليمنية، فمعرفة قطاع الجمهورالمعني بالعلامة التجارية المشهورة لا تقتصر على البلد الأصلي للعلامة وإنما على مستوى البلاد الأخرى.

3- ان تكون العلامة التجارية المشهورة معروفة للقطاع المعني من الجمهور، وفقًا لما ورد في المادة (٢) من التوصية المشتركة الصادرة عن الجمعية العامة لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية عام 1999م بخصوص أحكام حماية العلامات المشهورة، فقد بينت المادة المذكورة أن القطاع المعني من الجمهور هو الذي يشمل على سيبل المثال المستهلكين الفعلين أو المحتملين للمنتجات أو الخدمات التي ترتبط العلامة بها، وكذلك الأشخاص المعنيين بتوزيع هذه المنتجات والخدمات والأوساط التجارية التي تتعامل في هذه النوعية من المنتجات والخدمات.

4- المعايير الإرشادية لتحديد العلامة المشهورة وفقا للمادة (٢) من التوصية المشتركة الصادرة عن الجمعية العامة لاتحاد باريس لحماية الملكية الصناعية عام 1999م بشأن أحكام حماية العلامات المشهورة، وبيان هذه المعايير الارشادية كما ياتي:

ا- درجة معرفة أو تمييز القطاع المعني من الجمهور للعلامة.

ب- مدة ومدى استعمال العلامة والمدى الجغرافي لهذا الاستعمال.

ج- المدة والمدى الجغرافي لترويج العلامة بما في ذلك تقديم الخدمات أو المنتجات للجمهور الموضوعة عليها العلامة والإعلان عنها في المعارض المختلفة.

د- مدة وعدد الدول التي تم تسجيل العلامة فيها أو عدد طلبات التسجيل، مما يدر على استعمال العلامة أو الاعتراف بها.

ه- الحالات التي تم إنفاذ الحقوق المتصلة بالعلامة سيما الحالات التي تم فيها تمييز العلامة كعلامة مشهورة من قبل الجهات المعنية، مثل تسجيلها كعلامة مشهورة، ووجود قرارات قضائية تم فيها الاعتراف بأن العلامة مشهورة.

و- قيمة العلامة التجارية في السوق.

وهذه المعايير إرشادية يمكن الاستناد إليها كلها أو بعضها، كما أنه من الجائز إثبات شهرة العلامة بناءً على عوامل اخرى غير المعايير السابق ذكرها.

ولا يشترط لإعتبار العلامة مشهورةٌ أن تكون العلامة مستعملةً أو مسجلةً المطلوب حمايتها فيه أو طلب تسجيلها، طالما انها مسجلة ومشهورة في الدول الأخرى.

ولاريب أن تقرير ما إذا كانت العلامة مشهورة أم لا هي مسألة تقديرية يرجع تقديرها لمحكمة الموضوع التي تنظر النزاع، ويؤيد ذلك أن الكثير من القرارات القضائية التي صدرت في البلدان المختلفة في هذا الخصوص تضمنت معاييرًا عديدة لتقدير مدى شهرة العلامة التجارية (العلامات التجارية المشهورة، د. محمد محمود، موقع حماة الحق الأردن، ص٩).

الوجه السادس: حماية العلامة التجارية المشهورة في الاتفاقيات الدولية:

حظيت العلامات التجارية المشهورة بالحماية الدولية لأول مرة في ظل اتفاقية باريس الموقعة عام 1883م؛ لحماية حقوق الملكية الصناعية باعتبارها صنفًا من أصناف الملكية الفكرية، وذلك وفقًا للمادة(6) مكرر الفقرة (1) من تلك الاتفاقية، وتتميز هذه المادة بالخصائص الآتية:

1- تحمي هذه المادة العلامات الشهيرة من تسجيلها باسم الغير أو تقليدها أو إستعمال علامة مترجمة منها، إذا كانت العلامة مشابهة للعلامة المشهورة الى الحد الذي يوقْع المتلقّي في لبس مع العلامة المشهورة.

2- هذه المادة معنية فقط بالعلامات التي تمثل سلعًا ملموسةً.

3- المادة تحمي العلامة من التسجيل غير القانوني أو الاستخدام غير المشروع إذا تعلق الأمر بمنتجات مشابهة أو مطابقة وفقًا لمبدأ التخصص، ومن ثم فإنها غير معنية بالمنتجات ذات الطبيعة المغايرة التي تحمل العلامة نفسها”(صعوبة حماية العلامات التجارية الشهيرة في ظل الاقتصاد الرقمي، د. ليلى شيخة، ص5).

ولم تقتصر حماية العلامات التجارية المشهورة على اتفاقية باريس فقط، وإنما جاءت اتفاقية التربس لعام 1994م التي كانت نتيجة لإنشاء منظمة التجارة العالمية في العام ذاته، وكانت أهم أهداف اتفاقية التربس حماية العلامات التجارية المشهورة.

“والعلامة المشهورة تتم حمايتها كاستثناء على مبدأين أساسين في قانون العلامات التجارية هما مبدأ وطنية أو إقليمية قانون العلامات ومبدأ وحدة نوعية السلع أو التخصص، حيث إن قانون العلامات التقليدي الذي تطور أساسًا في الإطار الوطني لحماية العلامة في سياق عملية المنافسة في ذات النوع من التجارة أو المنتجات أصبح عاجزًا عن توفير الحماية اللازمة للعلامات التجارية التي اكتسبت شهرة قوية تجاوزت حدود البلد الذي نشأت فيها ونوعية المنتجات المرتبطة بها. هذه العلامات المشهورة كثرت نتيجة للتطورات الاقتصادية الدولية ومبادئ حمايتها تعززت تدريجيًا على صعيد الاتفاقيات الدولية إضافة للقوانين الوطنية والاجتهاد القضائي في الدول المختلفة إلى أن أصبحت مع ظهور التربس أحد أساسيات قوانين العلامات التجارية الحديثة”(السيد كنعان الأحمر، حماية العلامات التجارية شائعة الشهرة، ص 3).

وتأتي حماية العلامة المشهورة استثناء من مبدأ وطنية قانون العلامات التجارية، حيث إنه من المعلوم النطاق الاقليمي للحق في ملكية العلامة التجارية، أيّ أنه يتم اكتسابه في بلد معين ويتم الاعتراف به من قبل قوانين هذا البلد، بيد انه غير نافذا خارج هذا البلد.

ولكن مع ازدهار الحياة التجارية والعلاقات الدولية وتشابكها وزيادة الاستثمار التجاري وانفتاح الأسواق التجارية الخاصة بكل دولة على بعضها البعض؛ بدأت تظهر علامات تجارية في دول معينة تخطت شهرتها الحدود الوطنية للدولة التي تم تسجيلها فيه، وأصبحت تحظى بشهرة واسعة في الدول المجاورة لها؛ لذا فان الحماية التي تتمتع بها في الدولة التي سُجِلَت فيها ليست كافيةً لحماية هذه العلامة المشهورة في الدول الأخرى التي وصلت إليها شهرة العلامة قبل أن يتم تسجيلها فيها؛ مما يتعين أن يتم حمايتها من إنتهاك الغير لها في الدول التي لم يتم تسجيلها فيه.

ومن هذا المنطلق فقد قررت اتفاقية باريس في المادة (٦) مكرر حماية العلامات المشهورة في البلدان التي لم يتم تسجيلها فيه بعد، وذلك استثناءً من مبدأ وطنية قانون العلامات التجارية والتي كانت الاتفاقية ذاتها قد كرسته في المادة رقم (6) السابقة للمادة (٦) مكرر، وفي هذا الشان فقد نصت المادة (6) مكرر على ان: (1-تتعهد دول الاتحاد، سواء من تلقاء نفسها إذا جاز تشريعها ذلك، أو بناء على طلب صاحب الشأن، برفض أو إبطال التسجيل وبمنع استعمال العلامة الصناعية أو التجارية التي تشكل نسخا أو تقليدا أو ترجمة يكون من شأنها إيجاد لبس بعلامة ترى السلطة المختصة في الدولة التي تم فيها التسجيل أو الاستعمال أنها مشهورة باعتبارها فعلا العلامة الخاصة بشخص يتمتع بمزايا هذه الاتفاقية ومستعملة على منتجات مماثلة أو مشابهة، كذلك تسري هذه الأحكام إذا كان الجزء الجوهري من العلامة يشكل نسخا لتلك العلامة المشهورة أو تقليدا لها من شأنه إيجاد لبس بها.

2- يجب منح مهلة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ التسجيل للمطالبة بشطب مثل هذه العلامة. ويجوز لدول الاتحاد أن تحدد مهلة يجب المطالبة بمنع استعمال العلامة خلالها.

3 -لا يجوز تحديد أية مهلة للمطالبة بشطب أو منع استعمال العلامات التي سجلت أو استعملت بسوء نية).

ولم تكن حماية العلامة المشهورة استثناءً من مبدأ إقليمية العلامة فقط، بل كانت استثناءً أيضًا من مبدأ وحدة نوعية المنتجات، وهو أحد المبادئ الأساسية فيما يخص العلامات التجارية، حيث إنه يتم حماية العلامة التجارية والاعتراف بالحق الاحتكاري لمالكها فقط بالنسبة للمنتجات أو الخدمات التي تستعمل العلامة بالنسبة إليها.

ونتيجة للتطورات الاقتصادية والاتصالات ووسائل الإعلان والإعلام، أصبحت الكثير من العلامات التجارية المشهورة تحمل قوة إيمائية وتسويقية لدى المستهلكين تتجاوز نوع المنتجات أو الخدمات الأساسية التي تم استخدام هذه العلامات عليها، فأصبح استعمال هذه العلامات على منتجات أو خدمات غير مماثلة وغير منافسة للمنتجات أو الخدمات الأساسية المرتبطة بها من شأنه أن يخلق ربطًا لدى المستهلكين بين هذه المنتجات غير المماثلة وبين صاحب العلامة المشهورة، وأصبح من الممكن فعلًا أن هذا الاستعمال للعلامة المشهورة على سلع أو خدمات غير مماثلة يخلق لبسًا لدى المستهلكين لجهة مصدر هذه المنتجات أو الخدمات، فيعتقدون بأنها صادرة عن صاحب العلامة المشهورة.

الوجه السابع: حماية العلامة التجارية المشهورة في القانون اليمني:

كفل القانون اليمني الحماية القانونية اللازمة للعلامة المشهورة سواء كانت مسجلة ام غير مسجلة، فقد نصت المادة (6) من قانون العلامات الجارية والمؤشرات الجغرافية اليمني على أنه: (لا يجوز تسجيل علامة مطابقة أو مشابهة أو مترجمة لعلامة تجارية مشهورة في الجمهورية على منتجات أو خدمات مماثلة أو مطابقة ولو لم تكن العلامة التجارية المشهورة مسجلة فيها، ويسري نفس الحكم على العلامة التجارية المشهورة متى ما كانت مسجلة في الجمهورية بالنسبة لمنتجات أو خدمات غير مطابقة أو مشابهة لتلك المطلوب تسجيل العلامة بالنسبة إليها طالما كان من شأن هذا التسجيل حمل الغير على الإعتقاد بوجود صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات والعلامات التجارية المشهورة أو كان من شان ذلك الإستخدام أن يلحق ضرراً بصاحب العلامة التجارية المشهورة، ولتحديد ما إذا كانت علامة تجارية ما علامة مشهورة يراعى مدى معرفتها في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في الجمهورية نتيجة ترويجها وتسويقها).

فهذا النص القانوني اصبغ الحماية القانونية اللازمة على العلامة التجارية المشهورة، وذلك عن طريق منع القانون تسجيل العلامة التجارية المماثلة أو المشابهة للعلامة التجارية المشهورة سواء اكانت العلامة المشهورة مسجلة في اليمن ام غير مسجلة حتى لو تم إستعمال العلامة المماثلة أو المشابهة على منتجات إخرى تختلف عن المنتجات التي تحمل العلامة المشهورة، طالما ان إستعمال العلامة المماثلة أو المشابهة على المنتجات المغايرة يولد لدى المستهلك الإلتباس بشان مصدر المنتجين المختلفين، فيظن أن مصدرهما واحد، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الأسماء والعلامات التجارية، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، صـ٨٩).

الوجه الثامن: حماية العلامة التجارية المشهورة: في القانون الاردني:

لم يكتفِ المقنن الاردني بالمعاهدات والاتفاقيات الدولية التي كرست اهتمامها بحماية العلامات التجارية، فقد منح المشرع الأردني اهتمامًا لحماية العلامة التجارية المشهورة، حيث نصت (المادة 8) من قانون العلامات التجارية أنه لا يجوز تسجيل العلامات التجارية المشهورة كعلامات تجارية في دولة الأردن، بما نصها: ” لا يجوز تسجيل ما يأتي:

 العلامة التجارية التي تطابق أو تشابه أو تشكل ترجمة لعلامة تجارية مشهورة وذلك لاستعمالها لتمييز بضائع مشابهة أو مماثلة للبضائع التي اشتهرت بها ويكون من شأنها إيجاد لبس مع العلامة المشهورة أو لاستعمالها لغير هذه البضائع بشكل يحتمل أن يلحق ضررًا بمصلحة مالك العلامة التجارية المشهورة ويوحي بصلة بينه وبين هذه البضائع وكذلك العلامات التي تشابه أو تطابق الشارات الشرفية والإعلام والشعارات الأخرى والأسماء أو الأسماء المختصرة الخاصة بالمنظمات الدولية أو الإقليمية أو التي تسيء إلى قيمنا التاريخية والعربية والإسلامية.

ويظهر جليًّا من نص الفقرة المذكورة أن المشرع الأردني لم يلتزم أيضًا بمبدأ إقليمية العلامات التجارية ولا مبدأ وحدة نوعية المنتجات فيما يخص العلامات التجارية في تقريره الحماية المفروضة على العلامات التجارية المشهورة.

ولم تقف النصوص القانونية الخاصة بالعلامات التجارية على قانون العلامات التجارية فقط؛ لحماية العلامات التجارية المشهورة، بل إنه قد ورد في (المادة 2) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية الآتي: “أ. يعتبر عملًا من أعمال المنافسة غير المشروعة كل منافسة تتعارض مع الممارسات الشريفة في الشؤون الصناعية أو التجارية.

ب. إذا كانت المنافسة غير المشروعة متعلقة بعلامة تجارية مستعملة في المملكة سواء أكانت مسجلةً أم غير مسجلةٍ، وتؤدي إلى تضليل الجمهور فتطبق في هذه الحالة أحكام الفقرة (أ) من هذه المادة، ويمثل هذا حماية إضافية للعلامات التجارية المشهورة.

كما نصت (المادة 9) من القانون ذاته على ان: (أ. يعتبر باطلًا كل نص أو شرط مقيد للمنافسة يرد في عقد ترخيص يتعلق بأيّ من حقوق الملكية الفكرية قد يكون له أثر سلبي على التجارة وقد يعيق نقل التكنولوجيا ونشرها.

ب. تشمل حقوق الملكية الفكرية المذكورة في الفقرة (أ) من هذه المادة بوجه خاص ما يلي: – العلامات التجارية).

 وهنا أبطل القانون كل شرط أو نص يقيد المنافسة يرد في عقود الترخيص ويكون متعلقًا بالعلامات التجارية، التي تشمل بالطبع العلامات التجارية المشهورة، وذلك إذا كان له أثر سلبي على التجارة ويعيق نقل التكنولوجيا ونشرها

وفي هذا السياق نصت المادة (٢) من قانون العلامات التجارية الاردني على ان: (العلامة التجارية المشهورة: العلامة التجارية ذات الشهرة العالمية التي تجاوزت شهرتها البلد الأصلي الذي سجلت فيه واكتسب شهرة في القطاع المعني من الجمهور في المملكة الأردنية الهاشمية مع مراعاة التعليمات التي يصدرها الوزير بهذا الخصوص وبما يتفق مع الالتزامات والواجبات المترتبة بمقتضى الاتفاقيات المتعلقة بحماية العلامة التجارية المشهورة والتي تكون المملكة طرفًا فيها وعلى أن تنشر هذه التعليمات في الجريدة الرسمية).

كما نصت (المادة 8) من القانون ذاته على العلامات التي لا يجوز تسجيلها كعلامات تجارية، بما نصها: ” لا يجوز تسجيل ما يأتي:

العلامة التجارية التي تطابق أو تشابه أو تشكل ترجمة لعلامة تجارية مشهورة وذلك لاستعمالها لتمييز بضائع مشابهة أو مماثلة للبضائع التي اشتهرت بها ويكون من شأنها إيجاد لبس مع العلامة المشهورة أو لاستعمالها لغير هذه البضائع بشكل يحتمل أن يلحق ضررًا بمصلحة مالك العلامة التجارية المشهورة ويوحي بصلة بينه وبين هذه البضائع وكذلك العلامات التي تشابه أو تطابق الشارات الشرفية والإعلام والشعارات الأخرى والأسماء أو الأسماء المختصرة الخاصة بالمنظمات الدولية أو الإقليمية أو التي تسيء إلى قيمنا التاريخية والعربية والإسلامية).

ونصت (المادة 25) من القانون المشار إليه على انه: (ب. إذا كانت العلامة التجارية مشهورةً وإن لم تكن مسجلةً فيحق لمالكها أن يطلب من المحكمة المختصة منع الغير من استعمالها على منتجات أو خدمات مماثلة أو غير مماثلة شريطة أن يدل الاستعمال لهذه العلامة على صلة بين تلك المنتجات أو الخدمات وبين العلامة المشهورة واحتمال أن تتضرر مصالح صاحب هذه العلامة نتيجة هذا الاستعمال ويفترض احتمال حدوث لبس في حالة استعمال علامة تجارية مشهورة مطابقة على منتجات مماثلة).

وقد جاء في الحكم رقم (2251) لسنة 2016م الصادر من محكمة التمييز الاردنية بصفتها الحقوقية بتاريخ 5/2/2017م: (وأن محكمة الاستئناف كانت قد أجابت عليه بما يتفق مع الأصول والقانون وعالجت هذا السبب بوضوح وتفصيل كما تقتضي بذلك المادة (188/4) من قانون أصول المحاكمات وكان ردها واضحًا ومتفقًا والقانون إذ بينت أن المدعى عليه يستخدم اسمه التجاري منذ عام 1999 وهو سابق في استخدام اسمه التجاري (وردة للبرادي والديكور على يافطة محله وعلى مطبوعاته الدعائية والتسويقية) لتسجيل المدعية العلامة التجارية كما أن المدعية لم تقدم من البينة ما يثبت بأن علامتها التجارية هي علامة مشهورة بالأردن قبل تسجليها في الأردن وبالتالي فإن أحكام المادة (2/أ/1/ب) من قانون المنافسة غير المشروعة والأسرار التجارية لا تنطبق على وقائع هذه الدعوى مما يتعين رد دعواها).

وقد قضى الحكم رقم (259) لسنة 2016م الصادر من المحكمة الإدارية الاردنية بتاريخ 11/12/2016م: (فإن المحكمة تجد أن القانون قد أعطى للمستدعية حق الاعتراض على تسجيل العلامة التجارية وفقا لأحكام المادة (34) من نظام العلامات التجارية التي أعطت لأيّ شخص خلال ثلاثة اشهر من تاريخ نشر أيّ إعلان في الجريدة الرسمية عن طلب لتسجيل علامة تجارية أن يرسل إشعارًا خطيًا إلى المكتب يعترض فيه على التسجيل وقد نصت المادة (69) من النظام على الطلبات التي تقدم من اجل ترقين العلامات التجارية وتجد المحكمة أن المستدعية كانت قد تقدمت بطلب لترقين العلامة التجارية إلا أنها لم تستند فيه إلى إن طلبها يستند إلى كونها علامة مشهورة وتستعمل العلامة التجارية في المناطق المجاورة للأردن وإنما استندت في طلب الترقين إلى نص المادة (22/1) من قانون العلامات التجارية والتي تنص: ” مع مراعاة أحكام المادة (25) من هذا القانون يجوز لأيّ شخص ذي مصلحة أن يطلب من المسجل إلغاء تسجيل أيّ علامة تجارية مسجلة لغيره فعليا بصورة مستمرة خلال السنوات الثلاث التي سبقت الطلب”

 وقد تم رد طلب الترقين المقدم من قبلها وبما أن مسجل العلامات التجارية أصدر قراره وفقا لأحكام المادة (11) من قانون العلامات التجارية والتي تنص على ان: (ووفقا لأحكام المادة (8/ 6، 10) وبما أن المحكمة توصلت إلى أن العلامتين متشابهتين إلى حد قد يؤدي إلى غش الجمهور). (العلامات التجارية المشهورة، د. محمد محمود، موقع حماة الحق الأردن، ١١)، والله أعلم.

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.

إستعمال العلامة التجارية المشهورة على منتجات مغايرة: 2025