صفة الشريك في الشركة التضامنية

صفة الشريك في الشركة التضامنية

الشركة التضامنية شركة نظامية وفقاً لقانون الشركات اليمني، ولذلك فهذه الشركة تتمتع بالشخصية الإعتبارية من تاريخ قيدها وإشهارها في السجل ، بيد ان هذه الشركة لاتتمتع بالذمة المالية المستقلة عن الشركاء فيها، لان الشركاء فيها مسئولون مسئولية شخصية في اموالهم الخاصة ، وذلك عن سداد ديون الشركة بالإضافة إلى مسئوليتهم التضامنية الجماعية التكاملية.

 وبما أن للشركة التضامنية شخصية إعتبارية مستقلة وفقا للقانون ، وبناءً على ذلك فللشركة التضامينة ممثل قانوني يقوم نيابة عنها بتمثيلها أمام القضاء، إلا أن الشركة التضامنية ليس لها ذمة مالية حسبما سبق بيانه ، وعلى هذا الاساس فان للشريك في الشركة التضامنية وضعية خاصة لأنه وفقاً لقانون الشركات ووفقاً للنظام الأساسي للشركة يكون مسئولاً شخصياً في كافة أمواله عن تصرفات الشركة وديونها، مما يجعل للشريك في الشركة التضامنية صفة ومصلحة في رفع الدعاوى للمطالبة بحقوقها والدفاع عن حقوقها ومصالحها مع وجود الممثل القانوني لها بل انه يجوز للشريك الإدعاء والاعتراض على تصرفات الشريك المدير ممثل الشركة التضامنية، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-3-2011م في الطعن رقم (43955)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وتجدر الإشارة إلى أنه لما لشركة التضامن من وضعية خاصة ، لأن جميع الشركاء فيها يكونوا مسئولين بصفة شخصية وبالتضامن والتكافل عن ديون الشركة وجميع عقودها وإلتزاماتها وفقاً للمادة (14) من قانون الشركات، لذلك فإن للشريك أن يتقدم بدعوى بإسمه وصفته للإعتراض أو لمنع المخالفة وفقاً لما يتطلبه القانون إن أراد ذلك وهو ما ورد بحكمي محكمتي الموضوع)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم ، حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الاول: ماهية الشركة التضامنية ومسئولية الشريك فيها وفقاً لقانون الشركات اليمني:

أشار الحكم محل تعليقنا إلى المادة (14) من قانون الشركات، لأنها بينت ماهية الشركة التضامنية ، وفي الوقت ذاته لخصت هذه المادة مسئولية الشريك في الشركة التضامنية، وهي مسئولية شخصية حسبما هو مقرر في المادة (14) شركات التي نصت على أن: (شركة التضامن هي الشركة التي يكون جميع الشركاء فيها مسؤولين بصفة شخصية وبالتضامن والتكافل عن ديون الشركة وجميع عقودها وإلتزاماتها).

وفي هذا السياق نصت المادة (29) من القانون ذاته على أن: (-1- كل شريك في شركة التضامن يعتبر كأنه يمارس التجارة بنفسه تحت عنوان الشركة ويكتسب صفة التاجر القانونية -2- يعتبر الشريك مسئولاً مسؤولية شخصية مطلقة بالتضامن مع سائر الشركاء عن إلتزامات الشركة وتطال هذه المسئولية جميع ثروته -3- يؤدي إفلاس الشركة إلى إفلاس كلٍ من الشركاء شخصياً).

وكذا نصت المادة (30) من القانون ذاته على أنه: (-1- إذا لم يحدد عقد الشركة أو أية وثيقة لاحقة له مودعة ومسجلة وفقاً لأحكام هذا القانون خلاف ذلك يعتبر كل شريك متضامن وكيلاً مسئولاً عن الشركة وعن سائر شركائه في إدارة أعمالها وتلتزم الشركة والشركاء بكل عمل يقوم به هذا الشريك لتصريف أعمالها -2- إذا خول عقد تأسيس الشركة أو أية وثيقة لاحقة له مودعة ومسجلة وفق أحكام هذا القانون إسم شريك أو أكثر لإدارة الشركة والتوقيع عنها دون سائر الشركاء تلتزم الشركة فقط بما قام به المدير المخوّل دون سائر الشركاء -3- كل شخص مفوض بذلك سواءً كان شريكاً أم لم يكن قام بعمل أو وقع على مستند بإسم الشركة يتعلق بأعمالها يلزم الشركة وجميع الشركاء بالعمل الذي قام به أو المستند الذي وقع عليه).

وكذا نصت المادة (32) من القانون ذاته على أنه -1- لا يجوز التنفيذ على أموال الشركة لتحصيل حق بموجب حكم على أحد الشركاء فيها إلاّ إذا كان الحكم صادراً على الشركة ، ويجوز للمحكمة أن تصدر أمرا بحجز حصة الشريك المدين أو بيعها تأميناً لدفع دينه كما يجوز لها أن تعين قيّماً لإستلام أرباحه المستحقة أو التي تستحق لوفاء الدين منها ولإجراء الحساب معها. -2- يحق للشركاء الآخرين طلب رفع الحجز عن الحصة المحجوزة أو شراؤها إذا صدر أمر المحكمة ببيع هذه الحصة).

كما نصت المادة (33) من ذلك القانون على أنه (إذا أفلس أحد الشركاء تعطى ديون دائني الشركة حق إمتياز على ديونه الخاصة، وإذا أفلست الشركة تعطى ديون دائنيها حق إمتياز على ديون الشركاء شريطة إنتفاء الإحتيال أو الخداع).

 وكذا نصت المادة (35) على أنه (-1- لا يجوز للشريك التنازل إلى الغير عن حصته في الشركة إلاّ بموافقة جميع الشركاء أو بموافقة أغلبيتهم إذا أجاز عقد الشركة ذلك صراحة، وفي جميع الأحوال يشترط القيام بإجراءات التسجيل والشهر لنفاذ التنازل بحق الغير. -2- يبقى الشريك المنسحب أو المتنازل مسؤولاً عن الديون والالتزامات التي تحملتها الشركة قبل انسحابه أمام الغير مالم يوجد اتفاق بينه وبين الشركاء الباقين في الشركة والشريك المنضم حديثاً وبين الدائنين على إبرائه من هذه الديون والإلتزامات).

 كما نصت المادة (36) على أنه (-1- يعود الحق في إدارة أعمال الشركة إلى جميع الشركاء إلاّ إذا قضي عقد الشركة أو وثيقة لاحقة بأن تُناط الإدارة بشريك واحد أو أكثر أو بشخص آخر على الوجه المبين في المادة (30) من هذا القانون. -2- يعزل مديروا الشركة بالطريقة التي عُيّنوا بها، وإذا كان العزل تعسفياً يحق للمعزول المطالبة بالتعويض وفق أحكام القانون المدني المطبق. -3- إذا عين مدير جديد للشركة بدلاً من مدير سابق نظامي وجب تسجيل و شهر التعديل. -4- يجوز لمديري الشركة أن يقوموا بجميع ما يلزم لتسيير مشروع الشركة تسييراً منتظماً إلاّ إذا كانت سلتطهم محدودة بمقتضى عقد الشركة).

 وفي السياق ذاته نصت الفقرة (4) من المادة (38) على أنه (لا يجوز للشركاء غير المخولين بإدارة الشركة أن يتدخلوا بإدارتها ويحق لهم أن يطلعوا بأنفسهم على دفاتر الشركة ومستنداتها وكل إتفاق خلاف ذلك يقع باطلاً).

ومن خلال عرض النصوص القانونية السابقة يظهر ان الشريك في الشركة التضامنية مسئول مسؤولية شخصية عن ديون واعمال وتصرفات الشركة التضامنية.

الوجه الثاني: معنى المسئولية الشخصية للشريك في الشركة التضامنية:

معنى المسئولية الشخصية أن الشريك مسئول شخصيا عن ديون وتصرفات واعمال الشركة التضامنية يضمنها بامواله الشخصية، فمسئولية الشريك في هذا النوع من الشركات لا تقتصر على حصته في رأس مال الشركة بل تمتد لتشمل كل أمواله الخاصة، فمعنى المسئولية الشخصية: أن الشريك في الشركة التضامنية مسئول عن ديون وحقوق الغير لدى الشركة التضامنية وذلك في أمواله الشخصية.

وبموجب ذلك يحق لدائني الشركة التضامنية مطالبة الشريك بسداد الديون المستحقة على الشركة التضامنية ، لأن الشريك مسئول عنها كلها وليس بحسب حصته في رأس المال اوالمبلغ الذي ساهم فيه بالشركة، فمسئولية الشريك في الشركة التضامنية ليست محدودة بحدود حصته في الشركة مثلما هو الحال في الشركة المحدودة .(التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الشركات الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، ص١٥٢).

الوجه الثالث: معنى المسئولية التضامنية للشريك في شركة التضامن:

معنى ذلك أن الشريك مسئول عن الوفاء بالديون التي بذمة الشركة التضامنية مع بقية الشركاء في الشركة وكذا عن تصرفات وعقود الشركة التضامنية، وتبعا لذلك يحق لدائني الشركة الرجوع على الشركاء جميعا لإقتضاء ديونهم وحقوقهم لدى الشركة التضامنية.

فيجب على الشركاء بصفة تضامنية الوفاء بكافة ديون وحقوق الغير لدى الشركة، والمسئولية التضامنية بين الشركاء في هذه الحالة لا تعني أن كل واحد من الشركاء مسئول بحدود حصته في الشركة وإنما بالتضامن مع غيره، فيجب عليه مع غيره من الشركاء الوفاء بحقوق الغير لدى الشركة ولو استغرق ذلك أكثر من حصته في الشركة.

 وإذا عجزت الشركة عن الوفاء بديون وحقوق الغير، فيمكن للغير الرجوع على الأموال الخاصة بالشريك التي ليست من ضمن حصته في الشركة التضامنية، فالدائن يستطيع مطالبة أي شريك بسداد الدين.

الوجه الرابع: صفة الشريك في الشركة التضامنية:

سبق القول أن الشركة التضامنية لها شخصية إعتبارية تكتسبها من تاريخ قيدها في السجل التجاري، بيد أن الشركة التضامنية ليس لها ذمة مالية مستقلة عن الشركاء فيها ، لأن الشركاء فيها مسؤولون مسئولية تضامنية وشخصية عن ديون الغير وحقوقهم لدى الشركة التضامنية حسبما سبق بيانه.

ومع أن الشركة التضامنية لها شخصية إعتبارية ولها ممثل قانوني يقوم بإدارتها ويقوم بتمثيلها أمام القضاء وإبرام العقود والتصرفات نيابة عنها، إلا أن ذلك لا ينفي صفة الشريك غير المدير في الدفاع عن مصالح الشركة التضامنية والمطالبة بحقوقها أو الإدعاء والاعتراض على تصرفات الشريك الذي يدير الشركة ويمثلها قانوناً ، حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

الوجه الخامس: المسئولية التضامنية للمؤسسين في المؤسسة الفردية والشركة العرفية:

من خلال ماسبق عرضه في الاوجه السابقة تظهر الآثار الخطرة للشركاء في الشركة التضامنية ، وهذه الآثار تترتب أيضا على الشركات والمؤسسات التجارية التي لاتتخذ الاشكال القانونية للشركات المحددة في قانون الشركات اليمني.

وفي هذا المعنى نصت المادة (٩) من قانون الشركات اليمني على أن: ( تتألف الشركات التجارية المشروعة بموجب هذا القانون من النوعين التاليين من الشركات:-أ- شركات الأشخاص، وتضم للشركات الاتية: -١- شركة التضامن-٢-شركة التوصية البسيطة-٣- شركة المحاصة-ب-شركات الأموال وتضم الشركات الاتية: -١-شركة المساهمة -٢- شركة التوصية بالاسهم-٣- الشركة ذات المسؤولية المحدودة-ج-مع عدم الإخلال بما ورد في القوانين النافذة فان كل شركة لاتتخذ احد هذه الاشكال تعتبر باطلة ولايجوز تسجيلها، على أن يكون الاشخاص الذين تعاقدوا باسمها مسئولين شخصيا تجاه بعضهم ومسئولين شخصيا بالتضامن تجاه الغير عن الإلتزامات الناشئة عن هذا التعاقد ). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الشركات الجزء الأول، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، صـ369)، والله أعلم.

✍🏼 أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.