أثر تغير السعر على عقد التقسيط

من المعروف أن سعر السلعة بالتقسيط يزيد عن سعرها نقداً أو حالاً، ولذلك إذا تغير سعر السلعة بعد إبرام عقد التقسيط فزاد سعرها بعد ذلك ، فإن تغير سعر السلعة لايؤثر على السعر المتفق عليه المذكور في عقد التقسيط، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-3-2009م في الطعن رقم (33305)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (لذلك ترى هذه الدائرة أن ما قضت به محكمة أول درجة في الفقرة الرابعة من منطوق حكمها قضاءً صائباً للأسباب التي أوضحتها في حيثيات الحكم، فذلك القضاء موافق لأحكام المادة (111) من القانون التجاري التي نصت على أنه يجرى البيع بالتقسيط بالأسعار المعمول بها يوم البيع، ولا يؤدي التعديل اللاحق لأسعار البيع بالتقسيط إلى إعادة النظر في الأقساط المستحقة على المشتري)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم ، حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: تعريف بيع التقسيط

التقسيط لغة مستفاد من القسط وهو الحصة والنصيب، فبيع التقسيط هو تسليم البائع للمبيع في الحال الى المشتري مع تأجيل دفع الثمن الذي يدفعه المشتري إلى البائع على اقساط معلومة بآجال محددة في كل شهر أو في ربع السنة...إلخ، وقد تكون الأقساط متساوية أو متفاوتة.

 وقد عرف الفقه الإسلامي بيع التقسيط بأنه: عقد على مبيع حال بثمن مؤجل كله أو بعضه يؤدي مفرقاً على اجزاء معلومة في أوقات معلومة.

والغالب في بيع التقسيط أن يكون سعر السلعة بالتقسيط أكبر من سعرها في البيع الحال أو النقدي. (فقه المعاملات المالية وتطبيقاتها المعاصرة، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2021م، صـ234).

الوجه الثاني: حكم بيع التقسيط في الفقه الإسلامي

اختلف الفقهاء في حكم بيع التقسيط على قولين؛ القول الأول: يجوز بيع التقسيط، وهو قول الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، القول الثاني: عدم جواز بيع التقسيط، وهو قول جماعة من الفقهاء منهم الإمام الهادي لشبهة الربا في هذا البيع، إذ أنه من قبيل ربا النسيئة.

 والحقيقة أن الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز بيع التقسيط قد ذهبوا إلى هذا المذهب لكثرة إحتياج الناس للحصول على حاجياتهم عن طريق بيع التقسيط.

الوجه الثالث: البيع بالتقسيط في القانون التجاري اليمني

أخذ القانون التجاري بقول الفقهاء الذين ذهبوا إلى جواز بيع التقسيط، فقد نصت المادة (١١٠)تجاري على أنه: (يجوز أن تباع المباني السكنية والتجارية وكذا السلع والبضائع إلى المواطنين بالتقسيط في الحالات والإجراءات المقررة في القانون، ويجري البيع بعد أن يقدم المشتري ضماناً بالأقساط طبقاً لإتفاق الطرفين).

الوجه الرابع: الثمن في بيع التقسيط

من المعروف أن ثمن المبيع في بيع التقسيط يكون بالزيادة على ثمن المبيع في الحال أو نقداً، لأن البائع في بيع التقسيط يأخذ في حسابه عند إبرام العقد أن الثمن سيكون مؤجلاً إلى وقت غير وقت تسليم المبيع ، وأن الأسعار تزيد في الغالب أثناء الفترة ما بين إبرام عقد بيع التقسيط وسداد المشتري لآخر قسط.

الوجه الخامس: تحديد وقت إبرام عقد بيع التقسيط

وقت إبرام عقد بيع التقسيط هو وقت تلفظ البائع والمشتري بالإيجاب والقبول وإستلام المشتري للسلعة المبيعة، فيكون عقد البيع لازماً وملزماً لطرفيه من هذا الوقت، ومقتضى ذلك أنه يجب على طرفي بيع التقسيط الوفاء بإلتزاماتهما العقدية على النحو الوارد في عقد بيع التقسيط بدءا من تاريخ ابرامه ، فلايحق لهما نقض التزاماتهما إذا تغيرت الأسعار بعد تاريخ إبرام عقد بيع التقسيط.

الوجه السادس: تأثير تغير سعر السلعة المبيعة بالتقسيط بعد إبرام عقد التقسيط وأثناء سداد المشتري للأقساط

إذا تغير سعر السلعة المبيعة بالتقسيط بعد إبرام عقد التقسيط فإن هذا التغير لا أثر له على سعر السلعة الذي سبق إتفاق الطرفين على تحديده يوم إبرام عقد بيع التقسيط، ، وفي هذا المعنى نصت المادة (111) تجاري على أنه: (يجري البيع بالتقسيط بالأسعار المعمول بها يوم البيع ، ولا يؤدي التعديل اللاحق لأسعار البيع بالتقسيط إلى إعادة النظر في الأقساط المستحقة على المشتري).

الوجه السابع: الشروط المقترنة بعقد بيع التقسيط

 في بعض بيوع التقسيط تشتمل على بعض الشروط ،منها ماياتي :

أولاً: شرط احتفاظ البائع بملكية السلعة المبيعة حتى سداد المشتري لاخر قسط: وهذه حيلة حديثة يلجأ إليها البائع بالتقسيط للتحوط من أخطار مماطلة المشتري أو إفلاسه ، فبموجب هذا الشرط تبقى السلعة المبيعة ملكاً للبائع ، وتكون السلعة خلال فترة سداد الاقساط مؤجرة للمشتري، فإن استمر المشتري في السداد حتى آخر قسط تم البيع وانتقلت الملكية للمشتري، وان انقطع المشتري عن سداد الاقساط استرد البائع السلعة، وتكون الاقساط التي سبق ان دفعها المشتري أجرة لما مضى من استعمال المشتري للسلعة المبيعة.

 وهذا الشرط فيه مصلحة للبائع، فيدخل هذا الشرط في تعريف الفقهاء للشرط بأنه إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد لماله فيه منفعة، ولذلك فهو جائز عند بعض الفقهاء في حين يذهب فريق اخر من الفقهاء الى أن هذا الشرط فاسد.

 ثانياً: شرط عدم التصرف في المبيع إلى حين استيفاء الثمن أي سداد المشتري اخر قسط وهو مايسمى (الشرط المانع من التصرف): فالأصل في عقد البيع أنه من العقود الناقلة للملكية، والمنع من التصرف مناف للأصل. ولكنه يمكن أن يجوز في بعض الحالات، وهي إذا اشترط البائع أن المبيع يكون رهناً له في بقية الثمن، وذلك جائز عند الجمهور، وحيث إن الأكثر على وجوب قبض المرتهن للرهن فإنه قد يكتفى في هذه الأزمنة بقبض سند ملكية العقار، حتى لا يتمكن المشتري من التصرف فيه ببيع أو هبة أو وقف أو رهن.

الوجه الثامن: تأخر المشتري في سداد الأقساط أو التخلف عن سدادها

مسألة تأخر المشتري عن سداد الاقساط وما يتبع ذلك من أضرار تقع على البائع، من أهم المسائل التي تحتاج إلى بحث ونظر من أهل العلم لوضع القيود والضوابط التي تحد من آثار هذه المشكلة أو تمنعها كلياً، في إطار شرعي، ومن ذلك الزام المشتري عند التوقيع على العقد بتقديم رهن اوكفالة لضمان سداد الاقساط في مواعيدها المحددة .

 بيد انه لايجوز الزام المشتري بدفع غرامة تاخير إذا لم يتم سداد الاقساط في مواعيدها. (فقه المعاملات المالية وتطبيقاتها المعاصرة، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2021م، صـ234)، والله اعلم.