المخالصة في عقد المرابحة المصرفية
قبل إنهاء أو إنتهاء عملية المرابحة أو عقد المرابحة تتم اجراءات تصفية المرابحة لتحديد الإلتزامات المتبقية لدى طرفي عقد المرابحة والوفاء بها ، وبعد ذلك تتم المخالصة ، فالمخالصة في عقد المرابحة تأتي بعد إنتهاء مرحلة تصفية المرابحة.
والمخالصة: وثيقة يتم التوقيع عليها من قبل الطرفين في عقد المرابحة تثبت وفائهما بكافة الإستحقاقات والإلتزامات التي كانت قائمة على الطرفين بموجب عقد المرابحة المنتهي، وفي وثيقة المخالصة يصرح الطرفان بانه لم يعد لأي منهما أي حق أو دعوى أو طلب بعد التوقيع على وثيقة المخالصة.
فالمخالصة دليل على تسوية الإلتزامات المترتبة على المرابحة التي كانت قائمة بين الطرفين قبل إجراء التصفية، فلايكفي التمسك بمجرد تصفية المرابحة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-12-2010م في الطعن رقم (41565)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما قول الطاعن في السبب الثاني أنه قد تمت المحاسبة النهائية بينه وبين البنك على المبلغ المدون في كشف حساب المرابحة وتم تسديد وتنزيل الأقساط ولم يبق من شامل الحساب إلا قيمة الشيك البالغة.... ، والدائرة: تجد أن ما ذكره الطاعن في غير محله، لأن الحكم الاستئنافي قد ناقش ذلك بقوله : أن المبلغ المتبقي بذمة الطاعن من عقد المرابحة هو مبلغ..... ، فما ذهب إليه الحكم الاستئنافي موافق لصحيح القانون، لأنه لا توجد أية مخالصة بين الطاعن وبين البنك حسب ما ذكر الطاعن ، ولو كانت هناك ثمة مخالصة لأبرز الطاعن ذلك أمام الشعبة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: تصفية عقد المرابحة:
المقصود بتصفية عقد المرابحة: تصفية عملية أو عمليات المرابحة التي تمت بموجب عقد المرابحة، إذ يقوم العميل بسداد كامل قيمة السلعة أو الأصل الذي اشتراه عن طريق البنك مع هامش الربح المتفق عليه، وتشمل التصفية تسوية الحساب النهائي فيما بين البنك وعميله وفقاً للشروط التي اتفق عليها الطرفان في عقد المرابحة، ويترتب على ذلك تملك العميل الكامل للسلعة وتصفية الإلتزامات المترتبة عليها.
وتتم إجراءات تصفية المرابحة عن طريق إجراء حساب شامل للبضاعة المسلمة من البنك للعميل واثمانها وعائدات والمبالغ المدفوعة من العميل سدادا لثمن البضاعة (الاقساط)، ومن ثم تحديد الإلتزامات المتبقية على كل طرف ، وقيام العميل بسداد المبلغ المتبقي للبنك الذي يشمل سعر شراء البنك للسلعة من البائع الأول بالإضافة إلى هامش الربح المتفق عليه بين البنك وعميله، وبعد قيام العميل بسداد بقية الأقساط أو قيمة السلعة المشتراة مرابحة من البنك تنتقل ملكية السلعة بشكل كامل إلى العميل، ويترتب على إتمام إجراءات تصفية المرابحة إنهاء عقد المرابحة. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2023م، ص٢٤١).
الوجه الثاني: المخالصة في عقد المرابحة:
ذكرنا في الوجه الأول أنه يترتب على تصفية المرابحة إنهاء عقد المرابحة، بيد أنه قد يترتب على تصفية المرابحة ظهور مبالغ مستحقة لطرفي عقد المرابحة المنتهي أو لأحد الطرفين، ولذلك فإن المخالصة في عقد المرابحة تأتي بعد إنتهاء مرحلة تصفية المرابحة، وقد المح الجكم محل تعليقنا الى هذه المسالة.
والمخالصة هي وثيقة يتم التوقيع عليها من قبل الطرفين في عقد المرابحة تثبت وفائهما بكافة الإستحقاقات والإلتزامات التي كانت قائمة على الطرفين بموجب عقد المرابحة المنتهي، وأنه لم يعد لأي منهما أي حق أو دعوى أو طلب بعد التوقيع على وثيقة المخالصة.
وتهدف المخالصة إلى إستقرار المراكز القانونية لطرفي عقد المرابحة المنتهي وحمايتهما من أية مطالبات أو دعاوى في المستقبل، وتتضمن وثيقة المخالصة تاريخ المخالصة واسماء وتوقيعات وصفات الموقعين عليها، وتكون المخالصة في هذه الحالة محرراً عرفياً وفقاً لقانون الإثبات اليمني، وإذا تم توثيقها لدى قلم التوثيق المختص فتصير بعد ذلك وثيقة رسمية وفقاً لقانون التوثيق اليمني وقانون الإثبات اليمني. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التوثيق، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2023م، صـ197).
الوجه الثالث: الفرق بين المرابحة والمضاربة والمشاركة المصرفية:
المرابحة والمضاربة والمشاركة صيغ تمويلية مصرفية تستخدمها المصارف الإسلامية ، ويستعملها الأفراد خارج المصارف في اليمن بكثرة، ويحدث الإلتباس بين هذه الصيغ خارج المصارف الإسلامية، ولذلك فمن المهم الإشارة بإيجاز إلى الفروق بين هذه الصيغ الثلاث.
فالمرابحة عقد بيع يتضمن شراء المصرف لسلعة وبيعها للعميل بربح معلوم، بينما المضاربة هي قيام صاحب المال سواءً المصرف أو غيره بدفع مال معلوم إلى العميل المضارب الذي يقوم بالمضاربة أو المتاجرة في المال ويتقاسم الطرفان الربح على أساس نسب شائعة في الربح الفعلي وتكون خسارة المال على صاحب المال.
أما المشاركة فهي شراكة حقيقية بين طرفين في مشروع معين حيث يقدم الطرفان المال والعمل معاً ويتشاركان في الربح والخسارة. (النظرية العامة للمصرفية الإسلامية، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2016م، صـ351)، والله اعلم.