تقوم الشركات الأجنبية بتعيين وكلائها المحليين في اليمن بطريقتين؛ الأولى: تحرر الشركة الاجنبية خطاب يتضمن تعيين وتسمية الوكيل المحلي لها ، وتقوم الشركة الأجنبية بتوجيه هذا الخطاب إلى الجهة المختصة قانوناً في اليمن وهي وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة ، وتطلب الشركة الاجنبية من الوزارة تسجيل الوكالة باسم الوكيل المذكور في خطاب التعيين، وبموجب خطاب التعيين تقوم الوزارة بتسجيل الوكالة باسم الوكيل المعين وتمنحه الوزارة الترخيص الذي يثبت ذلك.
والطريقة الثانية: عقد الوكالة الذي يتم إبرامه فيما بين الوكيل المحلي والشركة الأجنبية، ويتضمن عقد الوكالة اسم الوكيل المحلي ونوع الوكالة ونطاقها وحقوق وواجبات والتزامات الشركة الاجنبية والوكيل المحلي ، وبموجب عقد الوكالة تقوم الإدارة المختصة بوزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة بتسجيل الوكالة ومنح الوكيل المحلي ترخيص أو بطاقة الوكالة، وهي ما يطلق عليها في اليمن كرت الوكالة ،فبطاقة تسجيل الوكالة أو الترخيص عبارة عن إشهار لإرادة الشركة الأجنبية في توكيل الوكيل المحلي ،فليست تلك البطاقة منشئة للوكالة، لأن الوكيل يستمد وكالته من إرادة الشركة الأجنبية المثبتة في عقد الوكالة أو خطاب التعيين، ولذلك ينبغي عند إثبات الوكالة أو التمسك بها ينبغي إبراز أصل الوكالة أو اصل خطاب التعيين وكذا النسخة الاصلية لترخيص الوكالة الصادر عن وزارة الاقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة ، فلا يكفي إبراز إحدهما، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-12-2010م في الطعن رقم (41349)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد كان من اللازم على الشعبة إلزام المطعون ضدها بتقديم عقد وكالة صادر من الشركة الأجنبة لإثبات صفتها التي تدعيها، وهي أنها الوكيل الوحيد لتلك الشركة الأجنبية في اليمن ، وبدلاً من ذلك فقد استندت الشعبة في حكمها إلى مستندات سبق أن قررت المحكمة العليا في حكمها السابق عدم الأخذ بها مثل بطاقة قيد الوكالة للشركة الأجنبية ، لأنها لا ترقى لإثبات إدعاء المطعون ضدها أنها وكيل وحيد للشركة الأجنبية فليس لها قوة إثبات عقد الوكالة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: معنى الوكالة بصفة عامة:
الوكالة للغير تعني أن يقوم الوكيل مقام الأصيل في المسألة المحددة في وثيقة الوكالة، فالوكيل يستمد الوكالة من موكله وليس من غيره ، وتطبيقاً لذلك فإن الشركة الأجنبية هي التي تقوم بتوكيل الوكيل المحلي لها، فالوكيل المحلي يستمد وكالته من تعبير الشركة الأجنبية بالتعاقد معه على أن يكون وكيلا لها أو تعبيرها بإرادتها المنفردة عن تعيينه وكيلا لها ، فالوكيل المحلي يستمد وكالته من عقد الوكالة أو خطاب تعيينه وليس من الترخيص بتسجيل الوكالة الصادر عن الوزارة المختصة.
الوجه الثاني: تعريف الوكيل المحلي للشركة الاجنبية في قانون الوكالات:
عرّفت المادة (٢) من قانون الوكالات الوكيل المحلي للشركة الاجنبية بأنه: (الوكيل: كل شخص طبيعي أو إعتباري يمارس في الجمهورية عملاً من الأعمال التجارية بإحدى الصفات التالية: - وكيل بالعمولة وهو كل وكيل يتولى تصريف كل أو بعض منتجات أو أعمال شركة أو بيت أجنبي في الجمهورية لقاء عمولة يتقاضاها من أي منهما – وكيل موزع لحساب الشركة أو البيت الأجنبي: وهو كل وكيل يتولى تصريف كل أو بعض منتجات شركة أجنبية باسمها ولحسابها، - وكيل موزع لحسابه الخاص: وهو كل وكيل يقوم ببيع كل أو بعض منتجات أو يصرف أعمال شركة أو بيت أجنبي باسمه ولحسابه الخاص...).
الوجه الثالث: تعريف الوكالة للشركة الاجنبية في قانون الوكالات:
عرّف قانون تنظيم وكالات وفروع الشركات والبيوت الأجنبية اليمني عرّف الوكالة للشركة الأجنبية في المادة (2) ضمن مصطلحات القانون عرَّف الوكالة بأن: (وكالة الشركة أو البيت الأجنبي كل عقد تخوّل بموجبه شركة أو بيت أجنبي شركة أو مؤسسة أو منشأة أو محل تجاري مؤسس أو يوجد مركزه الرئيسي في الجمهورية حق بيع أو تصريف منتجات أو القيام بأعمال الشركة أو البيت الأجنبي أو حصولهما على عقود توريد أو تنفيذ أعمال المقاولات سواءً كان الوكيل وكيلاً بالعمولة أو وكيلاً يعمل لحسابه الخاص وسواءً كان الوكيل يعمل وكيلاً وحيداً للشركة أو البيت الأجنبي أو كان وكيلاً فرعياً في نطاق منطقة محددة أو وكيل لنوع محدد من المنتجات أو الأعمال التي يؤديها ضمن عدد من الوكلاء الآخرين).
الوجه الرابع: تعيين الشركة الأجنبية لوكيلها المحلي عن طريق خطاب التعيين بإرادتها المنفردة:
تقوم الشركة الأجنبية بإرادتها المنفردة أي من غير عقد تقوم الشركة بتوجيه (خطاب) أو مذكرة موجهة إلى وزارة الإقتصاد أو وزارة التجارة والصناعة، ويتضمن خطاب التعيين إخطار الوزارة بإعتبارها الجهة المختصة بالإشراف على النشاط التجاري في الدولة إخطار الوزارة بأن الشركة الأجنبية قد عينت الوكيل المحلي لها المذكور في خطاب التعيين، وتتم ترجمة هذا الخطاب إذا كان بغير اللغة العربية كما تتم المصادقة على الخطاب من قبل الغرفة التجارية في الدولة التي توجد بها الشركة الأجنبية، وكذا تتم المصادقة على الخطاب من قبل السفارة اليمنية في تلك الدولة ، وبعد ذلك تتم المصادقة على الخطاب من قبل وزارة خارجية الجمهورية اليمنية. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل التجارية الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥ م، ص٢٢٥).
الوجه الخامس: تعيين الوكيل المحلي للشركة الأجنبية عن طريق عقد الوكالة:
إذ تقوم الشركة الأجنبية بإبرام عقد الوكالة مع الوكيل المحلي، ويتضمن هذا العقد تصريح الشركة الأجنبية بأنها قد قامت بتوكيل الوكيل المحلي، بالإضافة إلى ذلك فإن عقد الوكالة يتضمن نوع الوكالة ونطاقها ومدتها وحقوق وواجبات وإلتزامات الشركة الأجنبية ووكيلها المحلي ، وتتم المصادقة على عقد الوكالة بحسب الإجراءات المشار إليها في الوجه السابق.
الوجه السادس: الغرض من الترخيص بالوكالة للشركة الأجنبية:
يصدر الترخيص بالوكالة للشركة من وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة بموجب قانون تنظيم وكالات وفروع الشركات والبيوت الأجنبية، فالغرض من الترخيص هو تحقق الوزارة من إستيفاء الوكيل المحلي للشروط المقررة للقيام بأعمال الوكالة للشركة الأجنبية، فالترخيص وإن كان يعني الترخيص بمزاولة أعمال الوكالة للشركة الاجنبية إلا أنه لا يعني تعيين الوكيل من قبل الوزارة، فالهدف من الترخيص هو تنظيم أعمال الوكالة وليس منحها للوكيل، ولذلك فإن بطاقة الترخيص للوكالة (كرت الوكالة) الصادر عن الوزارة لا يعني أن الوزارة قد منحت الوكالة للوكيل المحلي.
الوجه السابع: إثبات الوكالة للشركة الأجنبية يتم بعقد الوكالة أو خطاب التعيين مع الترخيص الصادر عن وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن إثبات أحقية الوكالة للشركة الأجنبية يقتضي تقديم المدعي بالوكالة لوثيقتين أصليتين؛ الأولى: عقد الوكالة المبرم فيما بين الشركة الأجنبية والوكيل أو خطاب التعيين الصادر من الشركة الاجنبية التي تدل على أن الشركة الاجنبية قد قامت بالفعل بتوكيل الوكيل المحلي، والوثيقة الثانية: هي الترخيص بمزاولة أعمال الوكالة للشركة الأجنبية الصادر عن وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة الذي يدل على أن الوكيل المحلي قد استوفى الشروط القانونية المقررة في قانون تنظيم أعمال الوكالة للشركة الأجنبية ، وبموجب ذلك فقد رخصت له الوزارة بمزاولة أعمال الوكالة ، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بان ترخيص مزاولة أعمال الوكالة لا يكفي لإثبات الوكالة للشركة الأجنبية، وهذا قضاء سديد.
ولذلك فإنه عند تنازل الوكيل المحلي عن الوكالة لغيره يجب على الوكيل المتنازل أن يسلم الوكيل المتنازل له أصل عقد الوكالة أو اصل خطاب التعيين مع أصل كرت الترخيص بمزاولة أعمال الوكالة. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل التجارية الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2023م، صـ231)، والله أعلم.