رد الخبير يقع قبل الإنتهاء من عمله
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه: (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ، ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناءً على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه). وخلاصة معنى رد القاضي أو الخبير هو منعه من مباشرة العمل أو نظر القضية أو الإستمرار في العمل أو نظر القضية، فإذا كان القاضي قد انتهى من نظر القضية أو انتهى الخبير من مهمته فلا مجال لقبول طلب رد الخبير أو القاضي، لأن قانون المرافعات قد حدد الوسيلة المناسبة للتعامل مع الحكم الصادر عن القاضي وهو الطعن في الحكم أو إبداء الخصم لملاحظاته على تقرير الخبير وكذا مناقشة ماورد في التقرير مع الخبير في جلسة المحكمة ومطالبة المحكمة بتكليف الخبير أو غيره لإستيفاء الاغفالات وتصحيح الأخطاء والمخالفات التي شابت تقرير الخبير.
وعلى هذا الأساس فانه لا يقبل طلب رد الخبير بعد إتمامه المهمة المسندة إليه وتقديمه التقرير النهائي المتضمن نتيجة عمله ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 23-2-2011م في الطعن رقم (43953)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (إضافة إلى ما سبق فإن طلب رد الخبير قد تم تقديمه بعد تقديم الخبير المطعون ضده لتقريره المحاسبي النهائي في القضية، وقد وجهت محكمة أول درجة الطاعن إلى تقديم ملاحظاته على ما ورد بالتقرير حتى تتم المناقشة له وفقاً لما ورد في المادة (173) إثبات ، وللمحكمة صلاحية إعادة تكليف المحاسب القانوني بالإستكمال إن رأت سبباً لذلك ، كما أن لها أن تكلف خبيراً آخر إن رأت ذلك)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: الفرق بين رد الخبير العدل ورد القاضي:
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه: (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ، ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناءً على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه).
فمع ان النص القانوني السابق يصرح بان الخبير العدل يرد للأسباب ذاتها التي يرد بها القاضي إلا ان النص ذاته يصرح بان رد الخبير العدل جوازي في حين أن رد القاضي قد يكون وجوبيا وقد يكون جوازيا بحسب الأحوال .
فقد صرحت المادة (٦٦١) اثبات السابق ذكرها في بدايتها بأنه: (يجوز رد الخبير...) ، ومعنى ذلك أن رد الخبير يكون جوازيا في كل الأحوال بخلاف رد القاضي الذي يكون وجوبيا إذا تحققت حالة من حالات الإمتناع الوجوبي المقررة في المادة (128) مرافعات ،ويكون جوازيا وفقا للمادة (١٣٢) مرافعات.
إضافة إلى ذلك فانه لايجوز للخصم الذي شارك في إختيار الخبير العدل لايجوز له ان يطلب رد الخبير العدل اذا كان سبب رد الخبير موجودا قبل إختيار الخبير ، فلايجوز للخصم في هذه الحالة أن يطلب رد الخبير ، اما إذا حدثت أسباب الرد بعد إختيار الخبير العدل فيجوز الخصم الذي شارك في إختيار الخبير ان يطلب رده .
اما بالنسبة للخصم الذي لم يشارك في إختيار الخبير فانه يجوز له طلب رد الخبير سواء اكانت اسباب الرد قد تحققت قبل إختيار الخبير أو بعد ذلك .
الوجه الثاني: أسباب رد الخبير العدل:
نصت المادة (166) من قانون الإثبات اليمني على أنه: (يجوز رد الخبير للأسباب التي يرد بها القاضي وفقاً لقانون المرافعات ، ولا يقبل من أحد الخصوم طلب رد الخبير المعين بناءً على إختيارهم إلا إذا كان سبب الرد قد حدث بعد تعيينه).
فقد صرح هذا النص ان الخبير يرد بما يرد به القاضي ، وهذا الامر يستدعي عرض أسباب رد القاضي التي تكون أيضا سببا لرد الخبير
فقد صرح النص القانوني السابق في بدايته بأنه: (يجوز رد الخبير...) ، ومعنى ذلك أن رد المحكم يكون جوازيا في كل الأحوال بخلاف رد القاضي الذي يكون وجوبيا إذا تحققت حالة من حالات الإمتناع الوجوبي المقررة في المادة (128) مرافعات التي نصت على أنه: (يكون القاضي أو عضو النيابة ممنوعاً من نظر الدعوى (الخصومة) ويجب عليه التنحي عن نظرها من تلقاء نفسه ولو لم يطلب الخصوم ذلك في الأحوال الآتية: -1- إذا كان قريباً أو صهراً لأحد الخصوم إلى الدرجة الرابعة. -2- إذا كان قريباً أو صهراً لمحامي أحد الخصوم أو لعضو النيابة الذي يترافع في الدعوى إلى الدرجة الرابعة. -3- إذا كان صهراً لأحــد القضاة الذين يشتركون معه في نظر الدعوى أو قريباً له إلى الدرجة الرابعة. -4- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أولاده أو أحد أبويه خصومة قائمة أمـام القضاء مع أحد الخصوم في الدعوى أو زوجته أو أحد أولاده أو أحد أبويه. -5- إذا كان وكيلاً لأحد الخصوم في أعماله الخصوصية أو ممثلاً قانونياً لـه أو مظنوناً وراثته له أو كانت له صلة قرابة أو مصاهرة إلى الدرجة الرابعة بالممثل القانوني له أو بأحد أعضاء مجلس إدارة الشركة المخاصمة أو بأحد مديريها أو كان لهذا العضو أو المدير مصلحة شخصية في الدعوى. -6- إذا كان له أو لزوجته أو لأحد أقاربه أو أصهاره على عمود النسب أو لمن يكون هو وكيلاً عنه أو ممثلاً قانونياً له مصلحة في الدعوى القائمة. -7- إذا كان قد أفتى في الدعوى أو ترافع فيها عن أحد الخصوم أو كتب فيها ولو كان قبل اشتغاله بالقضاء، أو كان قد سبق له نظرها قاضياً وحكم فيها في درجة أدنى أو نظرها خبيراً أو محكماً وأبدى رأيه فيها أو أدى شهادة فيها قبل عمله بالقضاء أو كان لديه علم خاص بها. -8- إذا رفع القاضي دعوى تعويض على طالب الرد أو قدم ضده شكوى إلى جهة الاختصاص. -9- إذا رفعت عليه دعوى مخاصمة وتم قبولها قبل الحكم فيها) .
فإذا تحققت أية حالة من حالات الامتناع الوجوبي المقررة في النص السابق فأنه يجب على القاضي أن يمتنع عن نظر الدعوى أو يتنحى عن نظرها حتى لو قبل الخصوم ذلك، لأن حالات الإمتناع الوجوبي متعلقة بحُسن سير العدالة وضمان تطبيق العدالة ، ولذلك فهي من النظام العام.
اما الخبير العدل فقد صرحت المادة (١٦٦) إثبات أن رد الخبير العدل يكون جوازيا في كل الأحوال.
ومن جانب آخر فإن هناك بالنسبة للقاضي إمتناع جوازي ، يجوز للقاضي أن يمتنع عن نظر الدعوى في الأحوال المقررة في المادة (132) مرافعات التي نصت على أنه: (في غير الأحوال المبينة في الفصل السابق يجوز للخصوم طلب رد القاضي أو عضو النيابة العامة من نظر الدعوى للأسباب التالية: -1- إذا حدث له أو لزوجته خصومة مع أحد الخصوم في الدعـوى أو زوجته بعد قيام الدعوى المطروحة على القاضي ما لم تكن قد أقيمت بقصد منعه من نظر الدعوى. -2- إذا كان لمطلقته التي له منها ولدٌ أو لأحد أصهاره على عمود النسب خصومة قائمة بعد قيام الدعـوى المطروحـة على القاضـي ما لم تكن هذه الخصومــة قد أقيمت بقصد منعه من نظرها. -3- إذا كان أحد الخصوم خادماً له. -4- إذا كان قد تلقى من أحد الخصوم هدية. -5- إذا كان بينة وبين أحد الخصوم عداوة أو مـودة يرجــح معها عدم استطاعته الحكم بغير ميل).
ومن خلال ما تقدم يظهر أن رد الخبير يكون جوازياً في كل الأحوال، أما رد القاضي فقد يكون وجوبياً أو جوازياً بحسب الأحوال وعلى النحو السابق بيانه، فالخبير لا يتنحى من تلقاء نفسه عن القيام بمهمته إذا تحققت أية حالة من حالات الإمتناع أو الرد إلا إذا طلب منه ذلك أحد الخصوم.
كما يظهر ان أسباب رد القاضي قد تقع قبل تعيينه أو بعده ، في حين أن اسباب رد الخبير لاتجوز الا إذا ظهرت أو حدثت بعد إختيار الخصم للخبير اما الخبير الذي لم يشارك في إختيار الخبير فيجوز له طلب الخبير سواء اكانت اسباب الرد قد تحققت قبل إختيار الخبير العدل أم بعده حسبما هو مقرر في المادة (١٦٦) إثبات السابق ذكرها.
الوجه الثالث: إجراءات رد الخبير العدل:
إذا تحقق أي من أسباب رد الخبير وهي اسباب رد القاضي السابق ذكرها في الوجه السابق، فيجوز عندئذٍ للخصم أن يطلب من الخبير الإمتناع عن أداء المهمة أو الإستمرار فيها ، فإن رفض الخبير ذلك فإن الخصم يقوم بتقديم طلب الرد إلى القاضي الذي قام بتعيين الخبير فإن رفض القاضي ذلك قام الخصم برفع الطلب إلى رئيس المحكمة المختصة، لأن طلب رد الخبير جوازي في كل الأحوال سواءً أكان سبب الرد المقرر في قانون المرافعات وجوبياً أم جوازياً، وأن كان الخبير يرد بما يرد به القاضي فان اجراءات رد الخبير تختلف عن اجراءات رد القاضي. (مهارات التعامل مع تقرير الخبير، وليد عثمان، الاكاديمية الدولية للوساطة والتحكيم ٢-٢٢م ، ص١١).
الوجه الرابع: الطبيعة الخاصة لطلب رد الخبير:
مع أن الخبير يُرد بما يُرد به القاضي حسبما هو مقرر في المادة (166) إثبات السابق ذكرها، بيد أن لطلب رد الخبير خصوصيته التي تميزه عن طلب رد القاضي، وتتلخص مظاهر هذه الخصوصية في الآتي:
1- أسباب رد القاضي قد تكون وجوبية إذا كان سبب الرد هو تحقق حالة من حالات الإمتناع الوجوبي المقررة في المادة (128) إثبات السابق ذكرها، وقد يكون سبب رد القاضي جوازي إذا تحققت حالة من حالات الإمتناع الجوازي المقررة في المادة (132) مرافعات.
أما الخبير فإن أسباب رده تكون جوازية في كل الأحوال سواءً تحققت فيه حالات الإمتناع الوجوبي أو الجوازي، فيجوز للخصم أن يطلب رد الخبير وله أن لا يطلب رده ولو تحققت فيه أية حالة من حالات الإمتناع الوجوبي السابق ذكرها، وتنتج من هذه التفرقة ثمرة أن إمتناع القاضي الوجوبي من النظام العام في حين أن وجود أية حالة من حالات الإمتناع الوجوبي في الخبير لا تعد من النظام العام.
2- لا يجوز للخصم الذي اختار الخبير أن يطلب رده ولو تحققت فيه أية حالة من حالات الإمتناع الوجوبي طالما أن وجود هذه الحالة كان سابقاً لإختيار الخصم للخبير العدل، أما إذا وجدت هذه الحالة بعد واقعة إختيار الخبير فيجوز للخصم طلب رد الخبير، وفي هذه المسألة تظهر الطبيعة الخاصة لرد الخبير التي تميزه عن طلب رد القاضي الذي يحتم على القاضي الإمتناع عن نظر القضية سواءً تحققت أسباب الإمتناع الوجوبي قبل نظره للقضية أو أثناء نظره لها
3- الطبيعة الخاصة لطلب رد الخبير تميزه أيضاً عن طلب رد المحكم، فعند طلب رد المحكم لا يجوز للخصم أن يرد المحكم إذا كان سبب الرد موجوداً في المحكم قبل إختياره وكان الخصم يعلم بسبب الرد أما رد الخبير فإنه لا يجوز للخصم أن يطلب رد الخبير إذا كان سبب الرد موجود قبل إختيار الخبير سواءً أكان الخصم يعلم بها أو لا يعلم بها، وكذلك الحال بالنسبة للخصم الذي لم يشارك في إختيار الخبير فانه يحق له طلب الخبير سواء تحقق سبب الرد قبل اإختيار الخبير أو بعده أو كان الخصم يعلم بسبب الرد أو لا يعلم به.
الوجه الخامس: وقت تقديم الخصم طلب رد الخبير العدل:
قضى الحكم محل تعليقنا بأن طلب رد الخبير العدل يجب أن يتم قبل أن يباشر الخبير العدل مهمته وكذا يجوز تقديم طلب الرد أثناء قيام الخبير بالمهمة حتى إنتهاء الخبير من مهمته وتقديمه التقرير النهائي المتضمن النتيجة النهائية لرأيه الفني في المسألة الفنية الدقيقة التي ندبته المحكمة لأجلها.
فإذا قام الخبير بتقديم تقريره النهائي، فعندئذٍ لا يجوز للخصم طلب رد الخبير وإنما يحق له إبداء ملاحظاته وإعتراضاته على ما ورد في تقرير الخبير ومناقشة ماورد في التقرير مع الخبير في جلسة المحكمة، وفقاً لما هو مقرر في المادة (173) إثبات التي نصت على أنه: (للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبير أو الخبراء أو الخبير الذي تطمئن له مع بيان الأسباب إذا خالف التقرير الذي أخذت به تقريراً آخرا ولها أن تستمع إلى مناقشات الخصوم في شأن التقارير المقدمة وملاحظاتهم عليها وأن تكلف الخبير أو الخبراء مرة أخرى لإستكمالها أو تصحيحها إذا لزم الأمر وترفض طلبات الخصوم).
الوجه السادس: ظهور عدم حياد الخبير العدل من خلال ملاحظات الخصوم ومناقشاتهم لتقرير الخبير:
إذا ظهر للمحكمة عدم حياد الخبير من خلال ملاحظات الخصوم ومناقشاتهم لتقرير الخبير، فعندئذ يتحتم على القاضي تكليف خبير اخر بديل للخبير غير المحايد، فلايحق للمحكمة في هذه الحالة أن تعيد تكليف الخبير نفسه لتصحيح المخالفات والاخطاء والتجاوزات والإغفالات التي شابت التقرير، فالواجب تكليف خبير اخر، لأن إعادة تكليف الخبير نفسه لايكون إلا اذا كان من الثابت حياد الخبير.
الوجه السابع: مناقشات الخصوم وملاحظاتهم على تقرير الخبير العدل: وتوصيتنا للمقنن اليمني:
كان الحكم محل تعليقنا قد قضى بأنه لا يجوز للخصم أن يطلب رد الخبير العدل بعد أن استكمل مهمته وقدم تقريره النهائي، وارشد الحكم محل تعليقنا إلى أنه للخصم بعد إستكمال الخبير لمهمته وتقديمه التقرير النهائي ارشد الحكم الخصم بأن له أن يبدي ملاحظاته ومناقشاته لتقرير الخبير لكشف الأخطاء والتجاوزات والإغفالات التي شابت التقرير.
ووفقا للمادة (173) إثبات فان إبداء الخصوم لملاحظاتهم ومناقشاتهم لتقارير الخبراء العدول يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة ، فقد نصت المادة (١٧٣) إثبات على أنه: (للمحكمة أن تأخذ بتقرير الخبير أو الخبراء أو الخبير الذي تطمئن له مع بيان الأسباب إذا خالف التقرير الذي أخذت به تقريراً آخرا ، ولها أن تستمع إلى مناقشات الخصوم في شأن التقارير المقدمة وملاحظاتهم عليها وأن تكلف الخبير أو الخبراء مرة أخرى لإستكمالها أو تصحيحها إذا لزم الأمر وترفض طلبات الخصوم).
فإبداء الخصوم لملاحظاتهم ونقاشاتهم لتقارير الخبراء يخضع للسلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، فلها أن تسمح للخصم بذلك ولها أن لا تسمح لمناقشات وملاحظات الخصوم حسبما ورد في النص السابق، وهذا الأمر يمس بحق الدفاع المكفول للخصم في الشرع والدستور والقانون، لأن تقارير الخبرة من أهم الأدلة، لأنها تتناول المسائل الفنية التي يدق على القاضي فهمها والإحاطة بها.
ومع أن للمحكمة السلطة التقديرية في الأخذ بما ورد في تقارير الخبرة أو طرحها حسبما ورد في النص ، إلا أنه مهما كانت المبررات فإن إخضاع تقديم الخصوم لملاحظاتهم ومناقشاتهم لمشيئة محكمة الموضوع إخلال خطير بحق الدفاع، سيما أن ملاحظات الخصوم ومناقشتهم لتقارير الخبراء هي التي تكشف للمحكمة الأخطاء والمخالفات والتجاوزات والإغفالات بل والانحرافات التي قد يشتمل عليها تقرير الخبير، فالخبير وان كان يعمل تحت إشراف المحكمة إلا ان الخبير يباشر عمله بين الخصوم ويفحص ويدرس مايقدمه الخصوم عليه ويستنتج منه النتائج.
ومن هذا المنطلق فإننا نوصي المقنن اليمني: بتعديل النص القانوني السابق لتضمينه عبارة (يحق للخصوم إبداء ملاحظاتهم على تقارير الخبراء ومناقشة ما ورد فيها)، (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الخبرة الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، صـ289).
الوجه الثامن: الفرق بين ملاحظات الخصوم على تقرير الخبير ومناقشة الخصوم لما ورد في تقرير الخبير:
من المعروف أن الملاحظات هي ناتج دراسة الخصم لمحتويات تقرير الخبير كاملاً، من حيث طريقة عمل الخبير وسلامة المصادر التي اعتمدها في تقريره ومدى إتساق النتائج التي توصل إليها مع البيانات والمعلومات المقدمة من الخصوم أثناء قيامه بالمهمة، ومدى إتساق ما ورد في التقرير مع نصوص القوانين واللوائح وأصول وقواعد المهنة، ومدى إلتزام الخبير بنطاق المهمة الذي حددته له المحكمة التي عينته، وبيان التجاوزات والأخطاء والمخالفات والإغفالات التي شابت تقرير الخبير.
أما المقصود بمناقشة الخصم للتقرير فهو عبارة عن تبادل الأفكار مع الخبير وتوجيه الاسئلة للخبير عن بعض المسائل والإجراءات الواردة في تقريره والاستماع إلى إجابات الخبير والتعقيب عليها، وتتم هذه المناقشة في جلسة المحاكمة ، ويتم إثبات نتائج المناقشة في محضر الجلسة.
الوجه التاسع: مدى جواز تناول أسباب رد الخبير ضمن ملاحظات الخصم على تقرير الخبير:
في الوجه السابق ذكرنا الفرق بين ملاحظة الخصم ومناقشته لما ورد في تقرير الخبير، وبناءً على ذلك فلا محل لتضمين الملاحظات أو المناقشات أسباب رد الخبير.
لأن أسباب الرد تتناول شخص الخبير وبيان وجود حالات شخصية في الخبير قد تجعله غير محايدا في عمله أو في النتائج التي يتوصل اليها ، في حين أن الملاحظات والمناقشات لتقرير الخبير المذكورة في المادة (173) إثبات السابق ذكرها تتناول نتيجة عمل الخبير وهو التقرير المقدم منه، فتقرير الخبير بين يدي الخصم يكون مثل الحكم بين يدي الخصم ، فمثلما لايجوز للخصم وهو يطعن في حكم القاضي أن يتناول شخص القاضي وإنما يقتصر الطعن على ما ورد في الحكم من المثالب والعيوب، فكذلك الحال بالنسبة لتقرير الخبير عندما يكون بين يدي الخصم.
بيد أنه يجوز للخصم أن يضمن تقريره أنه قد سبق له أن طلب رد الخبير إلا أنه لم يستجب لذلك اوأنه طلب من المحكمة رد الخبير فلم تستجب لطلبه ، وفي سياق ذلك يذكر الخصم أسباب رد الخبير التي لم تتم الإستجابة لها، فالخصم في هذه الحالة يقرع سمع المحكمة في بداية أو نهاية مذكرة ملاحظاته بأنه مازال متمسكا بطلبه رد الخبير. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الخبرة الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، ص٢٩٢)، والله أعلم.