إيقاع الحجز التحفظي من غير القاضي المختص

حدد قانون المرافعات اليمني القاضي المختص بإيقاع الحجز التحفظي وهو القاضي المختص الذي ينظر القضية الموضوعية الذي ينظر طلب الأمر بإيقاع الحجز التحفظي تبعا للقضية الموضوعية المنظورة لديه، وإذا لم تكن هناك قضية موضوعية منظورة أمام المحكمة فإن رئيس المحكمة هو المختص بذلك، وفي حالة غياب القاضي المختص الذي ينظر القضية الموضوعية فإن رئيس المحكمة هو المختص بإيقاع الحجز التحفظي بإعتبار الحجز التحفظي من مسائل القضاء المستعجل التي يختص بها رئيس المحكمة وفقاً لقانون المرافعات، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 30-5-2009م في الطعن رقم (34298)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وخلاصة طعن الطاعن أنه قدح في الأمر بإيقاع الحجز التحفظي بالقول: بعدم ولاية رئيس المحكمة بإيقاع الحجز طالما أن القضية الموضوعية منظورة في المحكمة لدى القاضي المختص، والدائرة: تجد أن الشعبة سببت لحكمها تسبيباً سليماً وموافقاً للقانون ، حيث عللت لحكمها بقولها أنه في حالة غياب القاضي المختص المنظورة أمامه الدعوى لابد أن يقوم رئيس المحكمة بأعماله الولائية والإدارية بحسب ولايته العامة، والواضح أن قيام رئيس المحكمة بإيقاع الحجز هو حماية الحق المدعى به حتى يفصل القاضي المختص في النزاع الموضوعي، إذ أنه من المعلوم قانوناً أن الحجز التحفظي شرع لحالة خشية الدائن من فقدان ما يضمن له الوفاء بحقه طبقاً لأحكام المادة (387) مرافعات، وقد أكدت الشعبة أن حالة الخشية كانت محققة، لأن الطاعنة لم تدلل على ما ينفي الخشية كما أنه لم يسبق لقاضي الموضوع أن رفض طلب الحجز، أما إستدلال الطاعنة بالمادة (385) مرافعات فليس في محله ، لأن ذلك الترتيب في إجراءات أمر الحجز الوارد بألفاظ المذكورة يكون في حالة عدم غياب القاضي المختص، أما في حالة غيابه فلا وجود ما يمنع رئيس المحكمة من إصدار أمر الحجز التحفظي، ومن المعلوم أن من يملك الأكثر يملك الأقل)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: الحجز التحفظي من المسائل المستعجلة

القضاء المستعجل هو قرار مؤقت يتضمن تدبير وقتي أو تحفظي يصدر في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت دون التعرض لأصل الحق موضوع النزاع حسبما نصت عليه المادة (238) من قانون المرافعات اليمني.

 والحجز التحفظي عبارة عن تدبير تحفظي وقتي لا يمس موضوع الحق محل النزاع ،فالحجز التحفظي عبارة عن إجراء ينبغي إتخاذه بصفة مستعجلة حتى لا يفوت حق طالب الحجز قبل صدور الحكم الموضوعي، فالحجز التحفظي عبارة عن إجراء تحفظي لحفظ الحق حتى يتم الفصل في المنازعة الموضوعية.

الوجه الثاني: القاضي المختص بالأمر بالحجز التحفظي

القاضي المختص بذلك هو رئيس المحكمة إذا لم تكن هناك دعوى موضوعية منظورة امام القضاء ، أما إذا كانت هناك قضية موضوعية ينظرها القاضي المختص فإن طلب الحجز التحفظي يتم تقديمه إلى القاضي المختص تبعاً للقضية الموضوعية التي ينظرها.

 وفي هذا المعنى نصت المادة (385) مرافعات على أنه: (يختص بإصدار الأمر بالحجز التحفظي رئيس المحكمة الابتدائية المختصة إذا كان طلب الحجز إبتداءً أو القاضي المختص إذا قدم الطلب تبعاً لدعوى أصلية منظورة أمامه...إلخ).

الوجه الثالث: أمر الحجز التحفظي عند غياب المختص الذي ينظر الدعوى الأصلية الموضوعية

إذا كانت هناك قضية موضوعية منظورة أمام القاضي المختص وغاب القاضي المختص الذي ينظر الدعوى الأصلية الموضوعية واستمر غيابه لعدة أيام وظهر أن هناك خشية حقيقية من ضياع أو تبديد الحق محل الخلاف المنظور أمام القاضي المختص الغائب إذا تم الانتظار لحضور الغائب أي القاضي المختص، فالخشية من وقوع الضرر عند الانتظار لحضور القاضي المختص تبرر اللجوء إلى رئيس المحكمة لطلب الأمر بإيقاع الحجز التحفظي ،فالخشية من ضياع او تبديد الحق موضوع النزاع في وقت غياب القاضي المختص تبرر اللجوء الى رئيس المحكمة للامر بإيقاع الحجز التحفظي.

 ولذلك فإن رئيس المحكمة يكون هو المختص في هذه الحالة بالأمر بالحجز التحفظي طالما أن الحجز التحفظي مجرد تدبير وقتي تحفظي لا يمس موضوع الحق بل أنه مجرد حفظ للحق حتى صدور الحكم في الدعوى الأصلية أو الموضوعية المنظورة لدى القاضي المختص الغائب ،حسبما قضى الحكم محل تعليقنا. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التنفيذ، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٢٨٠) ، والله اعلم.