تغير كتابة الشخص يتغير مراحل عمره

المقارنة والمضاهاة بين الخطوط والتوقيعات تعتمد على مايسمى عند خبراء الخطوط بجرات الكتابة أو حركة القلم في يد كاتب المحرر عند الكتابة ، فحركة القلم عند الكتابة تجعل لخط او كتابة الشخص أو توقيعه تجعل له خصائص تميز خطه وتوقيعه عن خطوط الغير وتوقيعاتهم.

فعند المقارنة والمضاهاة بين الخطوط والتوقيعات يتم التعرف على خطوط الأشخاص وتوقيعاتهم ، وإكتشاف التزوير عن طريق المقارنة بين جرات الكتابة في المحررات محل المقارنة.

 وجرات كتابة الشخص تتغير بتغير مراحل عمره ، لذلك يجب أن تكون المضاهاة والمقارنة بين الخطوط والتوقيعات في المحررات المعاصرة للمحرر محل الخلاف أي ينبغي تتم المقارنة بين المحرر محل الخلاف وبين محرر معاصر له اي صدر من الشخص خلال الفترة التي كتب فيها الشخص المحرر محل الخلاف ،لان الإعتماد على طريقة إستكتتاب الشخص وقت إجراء المقارنة بين الخطوط والتوقيعات لاتحقق نتائجها الاطمئنان ، لإختلاف كتابة الشخص وتوقيعه بحسبب تغير عمره أو بسبب تعمد الخصوم تغيير جرات كتابته وتوقيعه عند استكتابه ، وهذ الإختلاف يولد الظن لدى المحكمة ، فلا تطمئن إلى نتائج المضاهاة او تقرير الخبرة في هذه الحالة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-3-2009م في الطعن رقم (33338)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما ما ذكره الطاعن بشأن تقرير المعمل الجنائي المؤرخ .... فغير كافٍ، ومناط ذلك أن الخبير الجنائي قد أوضح في البند (2) من نتيجة التقرير عدم تطابق توقيع المدين المتظلم في سند الدين المؤرخ .....مع توقيعاته أمام الخبير عند المقارنة لوجود إختلاف في جراته الخطية مع الجرات الخطية لتوقيعات الطاعن موضوع المقارنة من حيث المميزات العامة والخاصة ، كذلك أوضح الخبير أمام محكمة أول درجة في محضر إستجوابه بجلسة تاريخ.... سبب إختلاف التوقيع رغم الإتفاق في كتابة الاسم قائلاً: أن ذلك قد يكون بسبب تغيير المدين (الطاعن) لتوقيعه عند إستكتابه، وأوضح الخبير أن نسبة التطابق في الاسم هي 70% أو 80% بخلاف التوقيع:قائلاً أن عدم التطابق الكلي يعود للفارق الزمني بين كتابة الاسم في سند الدين وبين كتابته أمام الخبير وقت المقارنة، ونظراً لهذا الإحتمال ولما اثبته الشاهد.... في جلسة.... ، وبراءة للذمة فإن هذه الدائرة: تجد لزوم توجيه اليمين المتممة للمتظلم ضده (المطعون ضده حالياً) عملاً بأحكام المادة (145) إثبات)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: معنى جرات الكتابة عند مقارنة الخطوط والتوقيعات:

جرات الكتابة مصطلح يستعمله خبراء الخطوط عند المضاهاة والمقارنة بين الخطوط في اكثر من محرر وذلك في دعاوى التزوير، ومعنى جرات الكتابة عند الخبراء هي حركة أو مسار القلم أثناء رسمه حروف كتابة الشخص، وجرات الحروف جزء مهم من تحليل الخطوط في سياقات علم الخطوط الجنائية للتأكد من تزوير المحررات أو عدم تزويرها.

فجرات كتابة كل شخص لها خصائص تميزها عن كتابة أو خط غيره مثل اتجاه الخط وضغط الشخص على القلم أثناء الكتابة وسرعة الكتابة وحركة الحرف والكلمة أثناء كتابتها، فمن خلال تحليل جرات القلم يمكن التوصل إلى خصائص الكتابة في المحرر المطلوب مضاهاة الخط فيه بغيره من المحررات المعاصرة للمحرر محل الخلاف .

 والخصائص التي تميز كتابة الشخص وتوقيعه عن غيره من الخطوط والتوقيعات هي: -1- اتجاه الخط من حيث الميل والإنحدار في الحرف. -2- الضغط على القلم عند الكتابة . -3- سرعة كتابة الشخص ،وهي مدى سرعة تنفيذ حركة الكتابة. -4- تقطع كتابة الشخص ، وهي وجود توقفات أو انقطاعات في حركة الكتابة. -5- زوايا الحروف عند كتابة الشخص ، وهي الأشكال الهندسية التي تشكلها حروف الكتابة.

فعن طريق ما يسمى بجرات الكتابة أو حركة القلم عند الكتابة عندئذ يستطيع خبير المضاهاة بين الخطوط أن ينسب الخط أو التوقيع إلى الشخص. أو ينفيه عنه.( التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل المحررات ، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٧١).

الوجه الثاني: تغير جرات الكتابة أو حركة القلم في الفترات العمرية للشخص:

اشار تقرير المعمل الجنائي الذي تناوله الحكم محل تعليقنا اشار إلى أن جرات الكتابة تتغير في مراحل حياة كاتب الخط أو التوقيع، لأن الخبير كان قبل أن يقوم بالمضاهاة قد قام بإستكتاب الخصم الذي أنكر خطه وتوقيعه في المحرر محل الخلاف، فقام الخبير بتكليف الخصم بكتابة محرر مشابه للمحرر الذي انكره محل الخلاف، وعند مقارنة الخبير للخط المدّون في المحرر محل الخلاف مع الخط المدّون في المحرر الذي قام الخبير بإستكتاب الخصم قبل عملية المضاهاة ، فعند المقارنة بين المحررين ظهر أن هناك فروق بين الخط والتوقيع في المحررين ، إذ كانت نسبة المطابقة قد وصلت في كتابة اسم الخصم الى نسبة ما بين 70% و 80% اما التوقيع (الامضاء المشبوك)، فقد كانت نسبة المطابقة فيه متدنية ، وقد ارجع الخبير عدم المطابقة إلى تغير جرات الكتابة لدى الخصم خلال الفترة ما بين تحريره للسند محل الخلاف والسند الذي قام الخصم بكتابته قبل عملية المضاهاة مباشرة، وبسبب عدم تطابق التوقيع لم تطمئن محكمة الموضوع الى نتيجة تقرير الخبرة.

ولذلك يجب عند المضاهاة والمقارنة بين الخطوط يجب استعمال محررات للشخص قام بتحريرها في الفترة التي قام فيها بتحرير المحرر محل الخلاف حتى تؤدي المقارنة بين الخطوط في المحرر ثمارها، علماً بأن غالبية الأشخاص عند استكتابهم أو تكليفهم بكتابة مثل المحرر محل الخلاف عند اجراء المضاهاة بين الخطوط والتوقيعات يتعمدوا التغيير في جرات الكتابة.

الوجه الثالث: جرات القلم في التوقيع بالاسم والتوقيع بالإمضاء (التوقيع المشبوك):

وفقاً لقانون الإثبات اليمني يكون التوقيع بالاسم أو بالإمضاء أو بالختم، والتوقيع بالاسم هو قيام الشخص بكتابة اسمه الكامل بخطه في نهاية المحرر، في حين أن التوقيع بالإمضاء (الامضاء المشبوك) يكون عبارة عن علامة أو إشارة يضعها الشخص للتدليل على موافقته على ما ورد في المحرر ومن المعروف أن التوقيع بالاسم يكون بكتابة حروف الاسم، أما التوقيع بالإمضاء فلا يكون كذلك، وعلى هذا الأساس فأنه يكون من الميسور التعرف على جرات كتابة التوقيع بالاسم على خلاف التوقيع بالإمضاء، ولذلك يحرص بعض الأشخاص والجهات على أن يكون التوقيع بالاسم والإمضاء معاً. (مهارات الصياغة القانونية، مهارات صياغة العقود، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2016م ، صـ35)، والله اعلم.