نصت المادة (246) من قانون المرافعات اليمني على أن: (الأوامر على العرائض هي عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر في غير خصومة وفي غياب من صدر الأمر ضده بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو القاضي المختص لا تمس موضوع الحق ، وقد تتعلق به أو بتنفيذه إذناً أو تكليفاً أو إجازةً للإجراء أو تنظيمه).
ومن جهة ثانية فقد نصت المادة (19) من قانون تنظيم الوكالة للشركات الأجنبية اليمني على أنه لا يجوز تسجيل الوكالة باسم وكيل جديد حتى يتم تسوية النزاع فيما بين الوكيل السابق والشركة التي وكلته صلحاً أو تحكيماً أو قضاءً، وحتى يتم الفصل في هذا النزاع فانه يحق للوكيل السابق ان يطلب من المحكمة التي تنظر النزاع إصدار أمر على عريضة الى وزارة الصناعة والتجارة بوقف تسجيل الوكالة أو نقلها من الوكيل السابق الى غيره حتى يتم الفصل في النزاع فيما بين الوكيل السابق والشركة الاجنبية ، واذا كان النزاع فيما بين الوكيل المحلي اليمني والشركة الاجنبية منظورا أمام محكمة اجنبية فيحق للوكيل السابق أن يلجأ إلى المحكمة طالباً الأمر على عريضة لوقف إجراءات تسجيل الوكالة أو نقل الوكالة منه إلى الوكيل الجديد حتى يتم الفصل في النزاع من قبل المحكمة الاجنبية ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 9-1-2011م في الطعن رقم (42281)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما ما أورده الطاعن ضمن السبب الثاني أن حكم الشعبة باطل لبنائه على الخطأ في تطبيق القانون وأنه كان يتعين على المطعون ضده أن يسلك طريق دعوى الإلغاء بشأن قرار شطب وكالته المسجلة وفقاً لما ورد بالمادة (18) من قانون تنظيم الوكالات وليس طريق الأمر على عريضة، ونعي الطاعن لا صحة له ، لأنه يحق للمطعون ضده اللجوء إلى القضاء لإتخاذ إجراء وقتي، ولذلك فقد لجأ المطعون ضده إلى المحكمة التجارية الابتدائية لإتخاذ إجراء وقتي بإيقاف تسجيل أي وكيل جديد للشركة الأجنبية التي قررت الوزارة شطبها، وقد أمرت المحكمة الابتدائية بإيقاف تسجيل الوكالة باسم أي وكيل جديد وأيدت الشعبة الاستئنافية التجارية الحكم الابتدائي ، أما سلوك دعوى الإلغاء فهو جوازي، فعدم سلوكه لا يسقط حق المطعون ضده في إقامة دعواه أمام القضاء وهو ما أكدته المادة (18) من قانون تنظيم الوكالات بلفظ (وفي جميع الأحوال للوكيل الحق في اللجوء إلى القضاء) وذلك ما تم القضاء به عملاً بنصوص قانونية صريحة لا تحتمل التأويل)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الاول: ملخص وقائع القضية التي صدر فيها الحكم محل تعليقنا
كانت الشركة الأجنبية قد قررت فسخ عقد الوكالة مع وكيلها السابق الذي بادر برفع دعوى أمام المحكمة الاجنبية في الدولة التي يوجد بها موطن الشركة الموكلة عملاً بعقد الوكالة بين الطرفين الذي كان ينص على أنه عند وجود أي خلاف تكون المحكمة المختصة بنظره هي المحكمة في دولة الشركة الأجنبية.
وفي الوقت ذاته كانت الشركة الأجنبية قد وجهت خطاباً إلى وزارة الصناعة والتجارة اليمنية صرحت فيه الشركة الأجنبية بأنها قد فسخت عقد الوكالة مع وكيلها السابق وأنه قد تعاقدت مع الوكيل الجديد، وبناء على ذلك قررت الوزارة شطب الوكالة المسجلة باسم الوكيل السابق، فتقدم الوكيل الجديد إلى الوزارة طالباً نقل الوكالة اليه وتسجيلها باسمه ، وفي مواجهة ذلك لجأ الوكيل السابق إلى المحكمة التجارية الإبتدائية طالباً منها إصدار أمر على عريضة إلى وزارة الصناعة والتجارة فأصدرت المحكمة الأمر على عريضة، فقام الوكيل الجديد بالتظلم من الأمر على عريضة، فحكمت المحكمة الابتدائية برفض التظلم وتأييد الأمر على عريضة، فقام الوكيل الجديد بإستئناف الحكم الابتدائي فرفضت المحكمة الاستئنافية الاستئناف وايدت الحكم الإبتدائي ، فقام الوكيل الجديد بالطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي فقررت الدائرة التجارية بالمحكمة العليا رفض الطعن وأقرت الحكم الاستئنافي، وحكم المحكمة العليا هو محل تعليقنا.
علما بان المادة (٢٠) من قانون الوكالات اليمني قد نصت بان القضاء اليمني هو المختص بالمنازعات الناشئة عن عقد الوكالة للشركة الاجنبية غير ان المطعون ضده لم يتمسك بهذا النص في مواجهة الشركة الاجنبية ، وبدلا من ذلك قام الوكيل المحلي السابق برفع دعواه ضد الشركة الاجنبية امام المحكمة الاجنبية في الدولة التي يقع فيها مقر الشركة الاجنبية.
الوجه الثاني: تطبيق أحكام الأوامر على عرائض على طلب الوكيل السابق الأمر إلى الوزارة بعدم تسجيل الوكالة باسم أي وكيل آخر وفقاً لقانون المرافعات
نصت المادة (246) من قانون المرافعات اليمني على أن: (الأوامر على العرائض هي عبارة عن قرارات وقتية أو تحفظية تصدر في غير خصومة وفي غياب من صدر الأمر ضده بمقتضى السلطة الولائية لرئيس المحكمة أو القاضي المختص لا تمس موضوع الحق وقد تتعلق به أو بتنفيذه إذناً أو تكليفاً أو إجازةً للإجراء أو تنظيمه).
من خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أن أحكام النص السابق تنطبق على طلب الوكيل السابق من المحكمة إصدار أمرها على العريضة إلى وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة بوقف إجراءات تسجيل الوكالة باسم أي وكيل لاحق له حتى يستوفي الوكيل السابق حقوقه لدى الشركة الأجنبية وحتى يتم حسم النزاع القائم فيما بينه وبين الشركة الاجنبية، لأن حق الوكيل السابق ثابت بموجب قانون الوكالات، ولأن الأمر على عريضة لا يمس موضوع الحق أي أن الأمر على عريضة لا يتضمن الحكم للوكيل السابق بأحقيته في التعويض أو في حقوقه لدى الشركة الأجنبية أو غيرها.
سيما أن الأمر على العريضة بوقف إجراء تسجيل الوكالة لوكيل اخر لا يصدر إلا بعد أن تتحقق المحكمة من صفة الوكيل السابق وأنه بالفعل كان الوكيل للشركة ، وبعد أن تتحقق المحكمة من أن هناك مطالبة من الوكيل السابق بحقوقه سواءً أكانت المطالبة قضائية أو ودية أي ان هناك نزاع بين الطرفين في هذا الشان ، وبعد أن تتحقق المحكمة من أن هناك محاولات من قبل الشركة لنقل الوكالة من الوكيل السابق إلى غيره ، ففي هذه الحالة يحق للوكيل السابق أن يتقدم أمام المحكمة المختصة طالبا الامر على عريضة بوقف نقل الوكالة منه الى غيره حتى يتم حسم النزاع القائم فيما بينه وبين الشركة الاجنبية وفقا لأحكام الأمر على عريضة المقرر في المادة (١٤٦) مرافعات السابق ذكرها ووفقا للمادة (247) مرافعات التي نصت على ان: (يصدر الأمر في الأحوال التي ينص عليها القانون وفي حالة يثبت لدى المحكمة لزوم صدوره شرعاً وقانوناً بناءً على طلب ذي المصلحة).
الوجه الثالث: الفرق بين الأمر على عريضة والحكم المستعجل
هناك فروق جوهرية بين الامر على عريضة والحكم المستعجل من نواحي عدة؛ الأولى: أن الأمر على عريضة مجرد أمر في حين أن الحكم المستعجل حكم يصدر في خصومة مستعجلة، والأمر على عريضة يصدر في غيبة الخصم الذي يصدر الأمر ضده في حين أن القرار المستعجل يصدر في خصومة تكون فيها دعوى وإجابة ومواجهة بين الخصوم، إضافة إلى أن الأمر على عريضة من الأوامر الولائية في حين أن الحكم أو القرار المستعجل عمل قضائي وليس ولائي، ومع هذا وذاك فإن هناك تشابه بين الأمر على عريضة والحكم المستعجل فكلاهما يتضمنا تدبير وقتي ولا يمسا موضوع الحق محل الخلاف.
الوجه الرابع: حق الوكيل السابق في اللجوء إلى القضاء اليمني للحصول على أمر على عريضة وفقاً لقانون تنظيم أعمال الوكالات
نصت المادة (19) من قانون تنظيم الوكالات على أنه: (إذا حدث نزاع بسبب عقد الوكالة بين الوكيل المحلي أو البيت الأجنبي الموكل، فلا يجوز للإدارة المختصة إعتماد وكيلاً آخر بناءً على طلب الموكل إلا بعد حسم النزاع القائم سواء تم ذلك بطريقة ودية أو بموجب حكم قضائي نهائي).
فوجود نزاع بين الوكيل السابق والشركة الأجنبية الموكلة يمنع تسجيل الوكالة باسم أي وكيل آخر حتى يتم حسم النزاع القائم بين الطرفين، ومفهوم النزاع المذكور في النص يقتضي أن يكون هناك النزاع فعلي منظور أمام محكمة أو هيئة تحكيم.
ومفهوم النزاع في هذا النص يقتضي ان يكون هناك نزاع فعلي بين الطرفين ولكن لم يتم رفعه بعد امام المحكمة او المحكم ،كوجود مطالبات من الوكيل السابق للشركة الموكلة ورفضها الإستجابة لطلباته وتسوية النزاع معه ودياً ، فهذا الأمر يعد من قبيل النزاع الذي يجيز للوكيل السابق اثنائه طلب الأمر على عريضة، لأن المطالبة الوّدية مرحلة سابقة للمطالبة القضائية ، فمن النادر أن يلجأ الوكيل السابق إلى القضاء مباشرة من غير أن تسبق ذلك المطالبة الودية، وقد لاحظنا في الحكم محل تعليقنا أن المحكمة اليمنية اصدرت الأمر على العريضة إلى وزارة الصناعة والتجارة بوقف إجراءات نقل الوكالة من الوكيل السابق إلى الوكيل الجديد، لأن النزاع بين الطرفين كان منظوراً أمام المحكمة الأجنبية، ولذلك لجأ الوكيل السابق إلى المحكمة اليمنية، علما بان المادة (٢٠) من قانون الوكالات اليمني قد نصت بان القضاء اليمني هو المختص بالمنازعات الناشئة عن عقد الوكالة للشركة الاجنبية، غير ان المطعون ضده في هذه القضية لم يتمسك بهذا النص في مواجهة الشركة الاجنبية ، وبدلا من ذلك قام الوكيل المحلي السابق برفع دعواه ضد الشركة الاجنبية امام المحكمة في الدولة التي يقع فيها مقر الشركة الاجنبية.
الوجه الخامس: حق الوكيل السابق في طلب الأمر على العريضة عند قيام وزارة الإقتصاد بشطب الوكالة
نصت المادة (18) من قانون تنظيم الوكالات على أنه: (يجوز بقرار من الوزير شطب الوكالة المرخص بها وفقاً لأحكام هذا القانون في الحالات الآتية: -1- إذا كان الترخيص قد منح بناءً على بيانات كاذبة أو معلومات غير صحيحة -2- إذا ترك الوكيل بصفة نهائية ممارسة النشاط التجاري أو انقطع عن مزاولة النشاط التجاري المرتبط بالسلعة موضوع الوكالة لمدة سنة دون مبرر مقبول -3- إذا انقضت مدة ثلاث سنوات متوالية دون أن يقوم الوكيل بتجديد ترخيص الوكالة -4- إذا اخل الوكيل بالتزاماته المنصوص عليها في هذا القانون واللوائح والقرارات المنفذة لأحكامه -5- إذا استخدم الوكيل الترخيص في غير الأغراض المحددة له، وفي جميع الأحوال للوكيل الحق في اللجوء إلى القضاء).
فقد ورد في نهاية النص القانوني السابق أنه يحق للوكيل السابق اللجوء إلى القضاء إذا تم شطب وكالته للشركة الأجنبية تمهيداً لنقل الوكالة إلى غيره فعندئذ يجوز للوكيل السابق اللجوء إلى القضاء للمطالبة بإصدار أمر على عريضة إلى الجهة المعنية بعدم نقل الوكالة إلى غيره أو المطالبة بإلغاء قرار شطب وكالته حتى يتم حسم النزاع القائم فيما بينه وبين الشركة الاجنبية، وفي الوقت ذاته يحق للوكيل السابق ان يرفع دعوى إلغاء قرار شطب وكالته للشركة الاجنبية كما يحق للوكيل السابق أن يرفع دعوى موضوعية أمام المحكمة اليمنية مطالبا بحقوقه الناشئة عن عقد الوكالة ، وتبعا للدعوى المرفوعة من الوكيل السابق فيحق له ان يطلب من القاضي الذي ينظر الدعوى ان يصدر الأمر على عريضة. (الوكالة التجارية، د. محمد علي سويلم، دار المطبوعات الجامعية القاهرة 2014م، صـ389) .
الوجه السادس: لا يجوز للمحكمة الاجنبية أن تصدر امر على عريضة للجهة الادارية اليمنية
سبق القول أن الأمر على عريضة يصدر من القاضي بصفته الولائية كعمل ولائي من القاضي وليس قضائيا، فالامر على عريضة عبارة عن قرار اداري مؤقت ، وعلى هذا الاساس لايجوز للمحكمة الاجنبية التي تنظر النزاع فيما بين الوكيل المحلي اليمني والشركة الاجنبية لايجوز للمحكمة الاجنبية ان تامر جهة الادارة اليمنية بوقف نقل الوكالة أو غير ذلك، لأن الأمر على عريضة الى جهة الإدارة اليمنية يمس سيادة الدولة والحكومة التي تتبعها جهة الإدارة، ولذلك لاحظنا في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا ان النزاع فيما الوكيل المحلي والشركة الاجنبية كان منظورا أمام المحكمة الاجنبية ، ومع ذلك لم يطلب الوكيل المحلي من المجكمة الاجنبية إصدار امر على عريضة الى وزارة الاقتصاد اليمنية ، وبدلا من ذلك قام الوكيل المحلي بطلب الأمر على عريضة من المحكمة اليمنية مع ان النزاع ليس منظورا امامها.(التعليق على أحكام المحكمة العليا في المسائل التجارية الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، صـ244)، والله اعلم.