ألزم قانون التحكيم اليمني في نهاية المادة (48) ألزم المحكم نفسه أن يقوم بنفسه بإرسال صور من حكم التحكيم إلى الخصوم أطراف التحكيم لإعلانهم بصدور حكم التحكيم حتى يحددوا موقفهم من الحكم اما بتنفيذ الحكم أو تقديم دعوى بطلانه ان كان لذلك وجه قانوني.
وإرسال المحكم لصور حكم التحكيم إلى الخصوم حسب تعبير القانون يكون عبارة عن إعلان للخصوم بحكم التحكيم، ولم يشترط قانون التحكيم وسيلة معينة لإرسال صور حكم التحكيم أو إعلان الخصوم بالحكم ، وترك القانون ذلك للسلطة التقديرية للمحكم، بيد أنه يجب على المحكم إثبات قيامه بإرسال صور من حكم التحكيم الى الخصوم.
ويتم إحتساب ميعاد دعوى بطلان حكم التحكيم من تاريخ وصول صورة حكم التحكيم إلى الخصم وليس من تاريخ إيداع حكم التحكيم لدى محكمة الإستئناف إلا إذا لم يسبق للمحكم القيام بإرسال الصور إلى الخصوم فإن الميعاد يتم إحتسابه بدءاً من إستلام الخصم لنسخة من الحكم من محكمة الإستئناف، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-6-2009م في الطعن رقم (34324)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وعليه وبعد الرجوع إلى الأوراق مشتملات الملف تجد الدائرة: أن عريضة الطعن المقدمة من الطاعن تنعي على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه، إذ ذكر الطاعن أن الشعبة خالفت القانون برفضها لدفعه بعدم قبول دعوى البطلان لفوات الميعاد، وهذا النعي مردود عليه بأنه عليل ، لأن الإعلان بنسخة من حكم التحكيم كواقعة ثابتة وصحيحة ، فقد قام المحكم بالإستعانة بمحضر المحكمة الابتدائية لإعلان الطاعن، ولم يرد نص في قانون التحكيم أو المرافعات يشترط لصحة الإعلان بأحكام المحكمين أن يتم ذلك من قبل الشعبة الإستئنافية)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الاول: إعلان حكم التحكيم وفقاً لقانون التحكيم اليمني:
وردت في نهاية المادة (48) تحكيم (... وعلى لجنة التحكيم أن تقوم بإرسال صور من الحكم موقعة من المحكمين إلى أطراف التحكيم).
ومن خلال مطالعة هذا النص القانوني يظهر أن إعلان الخصوم بصور من حكم التحكيم واجب قانوني على المحكم أو لجنة التحكيم ، لأن صيغة الوجوب في النص ظاهرة وهي: (وعلى لجنة التحكيم أن تقوم بإرسال صور من الحكم...).
كما يظهر أن النص القانوني السابق لم يحدد طريقة معينة لإرسال المحكم لصور من الحكم إلى الخصوم، والإرسال في النص القانوني السابق يفيد إعلان الخصوم بصور من حكم التحكيم، وبناءً على ذلك فإن للمحكم أن يختار ما يراه مناسباً لإرسال صور من حكم التحكيم إلى الخصوم، وبما أنه يقع على عاتق المحكم إعلان أو إرسال صور من الحكم إلى الخصوم فان ذلك يقتضي القول انه يقع على عاتق المحكم إثبات وصول صور الحكم إلى الخصوم.
وبناءً على ما تقدم يحق للمحكم أن يرسل صور الحكم بواسطة رسول خاص منه أو بواسطة محضر المحكمة الإبتدائية أو بواسطة محضر المحكمة الإستئنافية. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الإعلانات القضائية، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، ص٦٩).
الوجه الثاني: إيداع المحكم لحكم التحكيم لدى محكمة الإستئناف وإستلام الخصوم نسخ من الحكم من محكمة الإستئناف:
نصت المادة (50) تحكيم على أنه: (على لجنة التحكيم إيداع أصل الحكم والقرارات التي يصدرها في موضوع النزاع مع إتفاق التحكيم قلم كتاب المحكمة خلال الثلاثين يوماً التالية لإصدار الحكم ، ويحرر كاتب المحكمة محضراً بهذا الإيداع ، ويحق لأطراف التحكيم الحصول على نسخ منه).
ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر أن إلزام المحكم بإيداع أصل حكم التحكيم إلتزام مستقل عن إلزام المحكم بإرسال أو إعلان الخصوم بصور من حكم التحكيم، ويصرح النص القانوني السابق أنه يحق لأطراف التحكيم الحصول على نسخ من حكم التحكيم ، اذ يتم في هذه الحالة تسليم أطراف التحكيم نسخ من قبل المحكمة وليس من قبل المحكم الذي أودع أصل الحكم.
فحصول الخصوم على نسخ من حكم التحكيم من قبل المحكمة ليس إلتزاماً على عاتق المحكم وإنما التزاما على المحكمة إذا طلب الخصم ذلك، إضافة إلى أن إستلام الأطراف لنسخ من حكم التحكيم ليس إعلاناً بالحكم وانما إستلام لنسخ من الحكم.
ومؤدى ذلك أن إحتساب ميعاد دعوى بطلان حكم التحكيم تكون بدايتها من تاريخ وصول صورة حكم التحكيم المرسلة من المحكم إلى الخصم وليس من تاريخ حصول الخصم على نسخة من حكم التحكيم من محكمة الإستئناف، ولايتم إحتساب بداية ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم من تاريخ إستلام الخصم لنسخة من حكم التحكيم من محكمة الإستئناف إلا إذا ثبت عدم قيام المحكم بإرسال صورة من حكم التحكيم الى الخصم،لان الارسال أو الاعلان من قبل المحكم نفسه هو الأصل.
وقد وردت في نهاية المادة (48) تحكيم السابق ذكرها عبارة: (صورة من حكم التحكيم) بمناسبة إلزام المحكم بإرسال الصور إلى الخصوم في حين وردت جملة (نسخ من الحكم) في المادة (50) تحكيم السابق ذكرها بعد إيداع حكم التحكيم لدى كاتب المحكمة.
وصورة حكم التحكيم تعني صورة وليس أصل ، في حين أن نسخة من الحكم تعني أنها نسخة أخرى من الحكم أو نسخة مطابقة لنسخة الحكم الأصلية ، لأن المحكمة هي التي يحق لها أن تطابق الصور على النسخة الأصلية، فقد تكون النسخة المسلمة من قبل المحكمة نسخة أخرى من الحكم إذا كان المحكم قد اودع اكثر من نسخة بعدد الخصوم، وقد تكون النسخة مجرد صورة من الحكم مطابقة لاصلها. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل التحكيم الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، ص٤٢٣)، والله اعلم.