أثر موافقة العميل على كشف الحساب المصرفي
موافقة العميل على كشف حسابه الصادر من البنك قد تكون صريحة عن طريق توقيع العميل على كشف حسابه بما يفيد موافقة العميل على ماورد في كشف الحساب، كما قد تكون موافقة العميل على كشف حسابه ضمنية إذا لم يقم العميل بالإعتراض على ما ورد في كشف الحساب خلال المدة التي يحددها البنك في كشف الحساب ، وغالباً ما تكون هذه المدة خمسة عشر يوماً من تاريخ إستلام العميل لكشف الحساب، وفي كل الأحوال تكون موافقة العميل على كشف الحساب إقرارا منه بصحة ما ورد في كشف الحساب يمنع العميل بعد ذلك من الإدعاء لاحقاً بعدم صحة أي من القيود أو البيانات الواردة في كشف الحساب أو التشكيك فيها ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-2-2011م في الطعن رقم (43591)، فقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم: (لكل ذلك تتوصل الدائرة إلى قبول هذا السبب من أسباب الطعن، وتقرر أن مصادقة المطعون ضده على رصيد حسابه بمثابة إقرار منه، والإقرار حجة قاطعة على المقر، ولا يصح الرجوع فيه إلا ان يكون في حق من حقوق الله حسبما هو مقرر في المادتين (87 و 97) إثبات)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: تعريف كشف الحساب المصرفي:
كشف الحساب المصرفي هو: عبارة عن بيان ورقي أو ألكتروني يتضمن مفردات أو قيود المبالغ المودعة أوالمسحوبة من حساب العميل لدى البنك كما هي في تاريخ إصدار البنك لكشف الحساب ، وعند إستلام العميل لكشف حسابه من البنك يقوم العميل بمراجعة مفردات كشف الحساب .
و يتضمن كشف الحساب المصرفي مايدل على صدوره عن البنك مثل شعار البنك اوختمه وتوقيع المختص الذي قام بإصدار كشف الحساب، كما يتضمن كشف الحساب مخاطبة البنك لعميله بالموافقة على كشف الحساب خلال المدة التي يحددها البنك في كشف الحساب.
ويحدد البنك في هامش كشف الحساب المدة التي يحق للعميل خلالها الإعتراض على أي قيد من القيود الحسابية الواردة في كشف الحساب، والغالب أن تكون المدة التي يحددها البنك للعميل هي (15) يوماً من تاريخ استلام العميل لكشف الحساب ،
الوجه الثاني: موافقة العميل على كشف الحساب المصرفي أو البنكي في القانون التجاري اليمني:
نصت المادة (387) تجاري على أن: (-1- يعتبر كشف الحساب المقدم من البنك إلى العميل موافقاً عليه من قبل هذا الأخير إذا انقضت مدة معقولة يحددها البنك دون إعتراض -2- على أن الموافقة على الكشف لا تمنع من جواز طلب تصحيح غلطات القلم وغلطات الحساب والإغفال أو التكرار ، وذلك خلال سنة من إستلام كشف الحساب).
ومن خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر ما يأتي:
1- البنك ملزم بموافاة عميله بكشف حسابه لدى البنك مرة في كل سنة على الأقل، ومن المعروف أن كشف الحساب المشار اليه يتضمن المبالغ المودعة في حساب العميل والمسحوبة منه وتاريخ ذلك ، ويحدد البنك في هامش كشف الحساب المدة التي يحق للعميل خلالها الإعتراض على أي قيد من القيود الحسابية الواردة في كشف الحساب، والغالب أن تكون المدة التي يحددها البنك لإعتراض العميل هي (15) يوماً من تاريخ إستلام العميل لكشف الحساب ، وخلال هذه المدة يستطيع العميل صاحب الحساب الإعتراض على مفردات كشف الحساب ومطالبة البنك بتصحيحها، فإذا انقضت المدة التي حددها البنك في كشف الحساب دون إعتراض فإن ذلك يعد إقرارا ومصادقة وموافقة من العميل على صحة ما ورد في كشف الحساب، وذلك يمنعه من الإدعاء لاحقاً بعدم صحة بعض القيود المحاسبية الواردة في الكشف أو الإعتراض عليها أو التشكيك فيها.
فالقانون اعتبر سكوت صاحب الحساب وعدم إعتراضه عليه خلال المدة المحددة من البنك اعتبر القانون ذلك موافقة من العميل على ماورد في كشف الحساب، لأن السكوت في معرض البيان قبول وموافقة، وقد نهج القانون هذا النهج حتى تستقر معاملات البنوك سيما أن معاملات البنوك تتطلب السرعة.
2- قد يقوم العميل بالموافقة الصريحة على كشف الحساب كتابة عن طريق وضع العميل توقيعه على كشف الحساب بما يفيد قبوله وموافقته على ما ورد في كشف الحساب، فتكون هذه الموافقة صريحة ، وقد لايعترض العميل على ماورد في كشف الحساب خلال المدة المحددة من البنك فيكون عدم إعتراض العميل على كشف حسابه خلال المدة يكون ذلك موافقة ضمنية من العميل على ماورد في كشف حسابه.
3- مع موافقة العميل صراحة أو ضمنا على كشف حسابه على النحو السابق بيانه إلا أنه مع ذلك يجوز للعميل مطالبة البنك بتصحيح الأخطاء المادية الظاهرة في كشف الحساب وإستدراك الإغفالات التي اغفلها ، وكذا القيود المحاسبية المكررة في الكشف، على أن تتم مطالبة العميل للبنك بذلك خلال مدة سنة من تاريخ إستلام العميل لكشف الحساب .
الوجه الثالث: طريقة موافقة العميل على كشف حسابه:
بعد إستلام العميل لكشف حسابه من البنك يتحقق العميل من عدم وجود أخطاء ماديةأو إغفال أو تكراراو غيرها في كشف الحساب، إذ يقوم العميل بمقارنة القيود المحاسبية الواردة في كشف حسابه الذي استلمه من البنك مع ماورد في حساباته الخاصة للتأكد من تطابقها وصحة الأرصدة الواردة فيها مع ماورد في كشف الحساب الوارد من البنك .
ويقوم العميل بالمقارنة بين مفردات كشف الحساب الذي استلمه من البنك مع حسابات العميل بطريقة يدوية أو عن طريق برمجيات المحاسبة المتخصصة بمقارنة كشوفات الحساب البنكية مع سجلات وحسابات العميل أو الشركة، وبعد ذلك تتم موافقة العميل الصريحة أو الضمنية أو الإعتراض خلال المدة المحددة
الوجه الرابع: الآثار المترتبة على موافقة العميل على كشف حسابه:
تترتب على موافقة العميل على كشف حسابه سواءً أكانت الموافقة صريحة أو ضمنية يترتب على ذلك صحة كافة القيود المحاسبية الواردة في كشف الحساب .
وبناءً على ذلك لا يحق للعميل بعد ذلك الإدعاء بعدم صحة أي قيد من القيود الواردة في كشف الحساب المسلم له من البنك، غير أنه يجوز له فقط مطالبة البنك بتصحيح أخطاء القلم والإغفال والتكرار في كشف الحساب ، وذلك خلال مدة سنة من تاريخ إستلام العميل لكشف حسابه.
الوجه الخامس: عدم جواز رجوع العميل عن موافقته على كشف حسابه:
سواء اكانت موافقة العميل على كشف حسابه صريحة أم ضمنية فانه لايجوز للعميل الذي لم يعترض على كشف حسابه المسلم له من البنك خلال المدة المحددة من البنك ، لايجوز له الرجوع عن موافقته على كشف الحساب .
لان موافقة العميل على كشف حسابه تكون بمثابة إقرار منه بصحة ماورد في كشف حسابه، ووفقا لقانون الإثبات اليمني فان الإقرار إذا تعلق بحق ادمي لا يجوز للمقر الرجوع فيه ، حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، صـ211)، والله أعلم.