الفرق بين المحكوم به والمحكوم فيه

نصت الفقرتان (3 و 4) من المادة (86) من قانون المرافعات اليمني على أنه: (يكون الحكم الابتدائي نهائياً غير قابل للطعن بالإستئناف وقابلاً للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الآتية: -3- في المسائل المدنية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز خمسة ملايين ريالاً -4- في المسائل التجارية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز عشرة ملايين ريالاً)، فقد وردت في هذا النص جملة (المحكوم به) ، وهذه الجملة تعني قيمة ما حكم به الحكم الابتدائي ، في حين أن معنى جملة (المحكوم فيه) هو قيمة الدعوى أو الاشياء محل الدعوى التي حكم فيها الحكم ، ولذلك فهناك فرق بين جملة (المحكوم فيه) وجملة (المحكوم به) ، فجملة المحكوم فيه تعني الشيء المدعى به، في حين أن جملة المحكوم به تعني القيمة الذي قضى بها الحكم الإبتدائي في منطوقه، ولهذا الفرق ثمرة قانونية هي تحديد ما إذا كان الحكم الابتدائي يقبل الطعن بالإستئناف أم لا، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 18-5-2009م في الطعن رقم (33602)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد وجدت الدائرة: أن الطعن يتلخص في أن الحكم المطعون فيه قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله ، لأنه قضى بعدم قبول الإستئناف بحجة أن المبلغ المحكوم به دون النصاب القيمي للإستئناف ، وذلك بالإستناد لنص المادة (86) مرافعات، وبالتمعن في ذلك تجد الدائرة: أن نعي الطاعن في هذا الصدد كان وجيهاً ، فالمادة (86) تتعلق بحالة أن يكون المحكوم فيه لا يتجاوز المبلغ المحدد فيها ، وغير خافٍ أن لفظ (المحكوم به) يختلف عن لفظ (المحكوم فيه) ، فالحكم الصادر عن الشعبة قد خلط بين اللفظين من حيث الدلالة والمفهوم، إذ كان على الشعبة أن تتقيد بما جاء في ألفاظ المادة (86) الذي استند إليها حكمها، إذ أن لفظ المحكوم فيه ينصرف إلى قيمة الدعوى أو الدعاوى عند رفعها ولا ينصرف إلى ما سيحكم به عند الفصل فيها)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: جملة المحكوم به في المادة (86) من قانون المرافعات اليمني

كانت المادة (86) مرافعات هي محل النقاش في الحكم محل تعليقنا وما إذا كانت جملة (المحكوم فيه) ترادفها، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بأن جملة (المحكوم فيه) لا ترادف جملة (المحكوم به) ، وأن جملة المحكوم به تختلف عن جملة المحكوم فيه، وأنه يجب على محكمة الموضوع تطبيق جملة (المحكوم به) لأنها الواردة في المادة (86) مرافعات ، وأنه يجب على محكمة الموضوع التقيد بما ورد في المادة (86) ، فلا إجتهاد مع ورود النص، وفي هذا الشأن فقد نصت الفقرتان (3 و 4) من المادة (86) مرافعات على أنه: (يكون الحكم الابتدائي نهائياً غير قابل للطعن بالإستئناف وقابلاً للطعن أمام المحكمة العليا في الأحوال الآتية: -3- في المسائل المدنية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز خمسة ملايين ريالاً -4- في المسائل التجارية إذا كان المحكوم به لا يتجاوز عشرة ملايين ريالاً)، فالجملة الواردة في هذا النص هي (المحكوم به) وليست (المحكوم فيه).

الوجه الثاني: معنى جملة (المحكوم به) ومعنى (المحكوم فيه)

وردت جملة (المحكوم به) في المادة (86) مرافعات، ويفهم من ذلك أن المقصود بالمحكوم به هو الشيء الذي يحكم به الحكم الابتدائي ويذكره في منطوقه.

أما جملة (المحكوم فيه) فهي تعني الأشياء التي كانت محلاً للدعوى التي فصل فيها الحكم الابتدائي، وقد تكون قيمتها أقل مما قضى به الحكم الابتدائي.

وبما أن جملة (المحكوم به) هي الواردة في النص القانوني السابق ، فالواجب أن يتم العمل بها وتطبيقها في صياغة الحكم الإستئنافي وتطبيق هذه الجملة عند الطعن في الاحكام الابتدائية، وتحديد النصاب القيمي الإستئناف في ضوئها. (التعليق على احكام المحكمة العليا، في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م ، ص٣٦٦)، والله اعلم.

الفرق بين المحكوم به والمحكوم فيه