الإرتباط بين الإستئناف الفرعي والأصلي شكلي لا موضوعي

نصت المادة (286) من قانون المرافعات اليمني على أنه: (يجوز للمستأنف ضده إذا كان قد قبل الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي وكان ميعـاد الإستئناف ما زال قائماً أن يرفع استئنافاً مقابلاً بتقديم مذكرة مشتملةً على كافة أسبابه، أما إذا كان ميعاد الإستئناف قد مضى فيجوز له أن يرفع استئنافا فرعياً خلال خمسة عشر يوماً من تاريـخ علمه بالاستئناف الأصلي يرتبط به وجوداً وعدماً ، وإذا امتنع أي من المستأنف أو المستأنف عليه عن الرد على الإستئناف الأصلي أو الإستئناف المقابل أو الفرعي إذا كان لا يزال قائماً تصدر المحكمة حكمها فيه) .

فقد صرح هذا النص أن الإستئناف الفرعي يرتبط بالإستئناف الأصلي وجوداً وعدماً حسبما ورد في النص، بيد أن هذا الإرتباط شكلي لا يمتد إلى الفصل في موضوع الإستئنافين ، فالارتباط الشكلي بين الإستئناف الاصلي والفرعي يعني انه إذا رفضت المحكمة الإستئناف الأصلي شكلا لتقديمه بعد إنقضاء الموعد المحدد قانوناً لتقديمه فان الاسئناف الفرعي يكون أيضا مرفوضا لانه يرتبط وجودا وعدما بالاستئناف الاصلي ، فالارتباط بين الاستئنافين لا يعني أن المحكمة إذا رفضت الإستئناف الأصلي موضوعاً أنه ينبغي عليها أن ترفض أيضا الإستئناف الفرعي موضوعاً، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 27-10-2009م في الطعن رقم (34858)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما ما اثارته الطاعنة في السبب الثامن من طعنها وهو قولها: ان الحكم المطعون فيه قد خالف المادة (286) مرافعات عندما قضى الحكم المطعون فيه برفض الإستئناف الأصلي موضوعاً وقبول الإستئناف الفرعي موضوعاً رغم إرتباط الإستئناف الفرعي بالإستئناف الأصلي وجوداً وعدماً، والدائرة: تجد أن هذا النعي غير سديد، لأن المقصود بالإرتباط المنصوص عليه في المادة (286) مرافعات هو من حيث الشكل وليس من حيث الموضوع، وحيث أن الشعبة قد فصلت في موضوع الطعن الأصلي فقد وجب عليها الفصل في الطعن الفرعي موضوعاً لعدم زوال الأول بأي سبب من الأسباب)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الاول: الإرتباط بين الإستئناف الفرعي والإستئناف الأصلي وفقاً للمادة (286) مرافعات

نصت المادة (286) من قانون المرافعات اليمني على أنه: (يجوز للمستأنف ضده إذا كان قد قبل الحكم قبل رفع الإستئناف الأصلي وكان ميعـاد الإستئناف ما زال قائماً أن يرفع استئنافاً مقابلاً بتقديم مذكرة مشتملةً على كافة أسبابه، أما إذا كان ميعاد الإستئناف قد مضى فيجوز له أن يرفع استئنافا فرعياً خلال خمسة عشر يوماً من تاريـخ علمه بالاستئناف الأصلي يرتبط به وجوداً وعدماً ، وإذا امتنع أي من المستأنف أو المستأنف عليه عن الرد على الإستئناف الأصلي أو الإستئناف المقابل أو الفرعي إذا كان لا يزال قائماً تصدر المحكمة حكمها فيه) .

ومن خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر أن الإستئناف الفرعي هو إستئناف يقدمه المستأنف ضده في الإستئناف الأصلي، إذ يحق للمستانف ضده في هذه الحالة ان يرفع الإستئناف الفرعي إذا كان ميعاد الإستئناف الأصلي قد مضى، على أنه يجب أن يتم تقديم الإستئناف الفرعي خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم المستأنف ضده بالإستئناف الأصلي، ويرتبط هذا الإستئناف الفرعي بالإستئناف الأصلي وجوداً وعدماً ،فيوجد بوجوده ويزول بزواله.

فالإستئناف الفرعي لا يمكن أن يوجد إلا بوجود الإستئناف الأصلي ويزول الإستئناف الفرعي بزوال الإستئناف الأصلي، ويجب أن يرد الإستئناف الفرعي على الجزء ذاته الذي استهدفه الإستئناف الأصلي.

فالإستئناف الفرعي ليس له كيان قانوني مستقل عن الإستئناف الأصلي، فالإستئناف الفرعي لا ينشئ خصومة جديدة، لأن الإستئناف الأصلي يعتبر مفترضاً قانونياً لوجود وصحة الإستئناف الفرعي.

وسبب إتاحة قانون المرافعات للمستانف ضده تقديم الإستئناف الفرعي هو إيجاد توازن بين مراكز الخصوم حتى يتسنى للمستأنف الفرعي الدفاع عن نفسه والرد على المستأنف الأصلي. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، صـ381).

الوجه الثاني: نوع الإرتباط بين الإستئناف الفرعي والإستئناف الأصلي

عبر الحكم محل تعليقنا عن نوع هذا الإرتباط، فذكر الحكم بأن الارتباط بين الاستئنافين شكلي وليس موضوعي أي أنه من الناحية الشكلية لا يتصور وجود الإستئناف الفرعي إلا بوجود الإستئناف الأصلي بمعنى إذا قضت المحكمة برفض الإستئناف الأصلي شكلاً لتقديمه بعد فوات الموعد فإن الإستئناف الفرعي يزول فلايكون مقبولاً من الناحية الشكلية لإرتباطه بالإستئناف الأصلي ، فهو يوجد بوجوده من الناحية الشكلية ويزول بزواله شكلاً، أما من حيث الموضوع فقد تقبل المحكمة الإستئناف الفرعي موضوعا وفي الوقت ذاته ترفض الإستئناف الأصلي موضوعاً مثلما حصل في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا والعكس صحيح أي انه قد تقبل محكمة الإستئناف تقبل الإستئناف الأصلي من الناحية الموضوعية وترفض الإستئناف الفرعي من الناحية الموضوعية.

ومع أن القاعدة أن الإستئناف الفرعي يرتبط من الناحية الشكلية بالإستئناف الأصلي ويزول بزواله إلا أن ذلك الإرتباط لا يعني بالضرورة إرتباط الإستئنافين من الناحية الموضوعية، فالإستئناف الأصلي له كيانه الموضوعي المستقل وكذلك بالنسبة للإستئناف الفرعي فله كيانه الموضوعي المستقل وطلبه الخاص به كأي إستئناف آخر، فإذا قضى الحكم الاستئنافي برفض الإستئنافين وطعن أحد الطرفين في الحكم بالنقض دون الطرف الآخر فإن الطعن لا يفيد إلا رافعه ولا يتناول حكم النقض سوى موضوع الإستئناف المطعون فيه ولا يمتد إلى موضوع الإستئناف الآخر إلا إذا كانت المسألة التي نقض الحكم بسببها أساساً للموضوع الآخر أو غير قابلة للتجزئة. (الطعن بالإستئناف، لأستاذنا الأستاذ الدكتور نبيل إسماعيل عمر، منشأة المعارف الإسكندرية 1992م، صـ153)، والله اعلم.

الإرتباط بين الإستئناف الفرعي والأصلي شكلي لا موضوعي