إطلاع المحكوم عليه على مسوّدة الحكم لإعداد طعنه

نصت المادة (٥٠١) من قانون المرافعات اليمني على ان موعد إستئناف الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ هو خمسة عشر يوما بدءاً من تاريخ صدور الحكم، وهذا الميعاد قصير، فإذا لم يتم تسليم أطراف النزاع نسخة من الحكم لإعداد طعونهم في الميعاد المقرر وهو ميعاد قصير جداً، لذلك فأنه من الواجب على المحكمة أن تقوم بتمكين المحكوم عليه من مطالعة مسوّدة الحكم أو نقلها بخطه أو قراءتها وتسجيلها بصوت المحكوم عليه أو محاميه في هاتفهما ،كي يتسنى للمحكوم عليه إعداد طعنه وتقديمه في الميعاد المحدد القصير جداً، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13-7-2009م في الطعن رقم (35039)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (ولما كان الأمر على هذا النحو ، وكان الثابت في الأوراق لدى هذه الدائرة عدم تمكين الطاعن من تقديم عريضة إستئنافه خلال المدة المحددة قانوناً وهي خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم وفقاً للمادة (501) مرافعات لسبب لا يد له فيه كما سبق بيانه، وكما هو معلوم أن ميعاد الطعن لا يسري في حق من لم يتمكن من مباشرة الإجراءات للمحافظة على حقه، وحيث كان الثابت إستلام الطاعن للحكم بتاريخ 25-6-2006م وتقديمه عريضة إستئنافه مرفقاً بها سند دفع الرسوم بتاريخ 3-6-2006م فلا مناص من قبول الطعن لقيام سببه، وحيث أن هذا النعي وجيه جزئياً ذلك أن قيد الطعن دون تقديم عريضة طعنه المشتملة على أسبابها لا يعتد به في الاحكام التجارية والمدنية وإنما يكون ذلك في الاحكام الجزائية فقط، ومن المعلوم قانوناً أن الطعن يعتبر مرفوعاً من تاريخ تقديم عريضته مرفقاً بها سند دفع الرسوم عملاً بأحكام المادة (280) مرافعات وليس من تاريخ قيد الطعن، ويفهم من نص المادة (501) مرافعات أن المدة تكون من تاريخ صدور الحكم مما يقتضي جاهزية الحكم وتسليمه للخصوم في اليوم التالي للنطق به لا مجرد ذكر المنطوق دون أسباب المادة (227) مرافعات الفقرة (1)، وإذا كان ذلك غير ممكن فأنه كان ينبغي على المحكمة أن توجه بإطلاع المحكوم عليه على مسوّدة الحكم المودعة في الملف حتى يتمكن المحكوم عليه من إعداد طعنه خلال المدة المحددة بـ15 يوماً من تاريخ صدور الحكم، إذ ليس في القانون ما يمنع ذلك وإنما تمنع الفقرة (2) من المادة (227) مرافعات إطلاع الخصم على مسوّدة الحكم قبل النطق بالحكم أما بعد النطق فذلك جائز)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الاول: ميعاد الطعن في الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ

نصت المادة (501) من قانون المرافعات اليمني على أن: (للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أمام الإستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم).

وصدور الحكم يعني قيام المحكمة بتحرير نسخة الحكم والتوقيع عليها وختمها بحسب الإجراءات المقررة في الفقرة (3) من المادة (228) مرافعات التي نصت على أنه (بمجرد الإنتهاء من ختم النسخة الأصلية للحكم يختم بختم المحكمة يتم تسليم صورة معتمدة منها لكل خصم بعد توقيعهم على الإستلام لنسخة الحكم بعد كتابتها وجب إعلانه من قبل المحكمة إعلاناً صحيحاً مصحوباً بنسخة من الحكم...)، ومؤدى ذلك أن بداية موعد الطعن في الحكم من تاريخ إستلام المحكوم عليه للحكم أو إعلانه به إعلاناً صحيحاً حسبما هو مقرر في المادة (276) مرافعات.

الوجه الثاني: إشكالية تحرير الاحكام سيما الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ

نصت المادة (499) مرافعات على أن: (ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر بإجراءات القضاء المستعجل...)، ومع ذلك فإن هناك إشكالية حقيقية في تحرير الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ بصفة مستعجلة كما أراد القانون، ولا مشكلة في النصوص القانونية وإنما الإشكالية في الأعباء الثقيلة الملقاة على عاتق رئيس المحكمة ، فهو المسئول عن تنظيم العمل في المحكمة ومتابعة أعمال قضاة المحكمة وهو في الوقت ذاته قاضي التنفيذ إضافة إلى أنه قاضي المسائل المستعجلة،علاوة على انه يقوم بالفصل في القضايا بإعتباره قاضي موضوع مثله في ذلك مثل قضاة المحكمة الآخرين ، ولذلك يتأخر تحرير وإصدار الأحكام في منازعات التنفيذ ، مع انه يجب تسليم نسخ من الحكم للخصوم في اليوم التالي لاصدارها حسبما ورد في الحكم محل تعليقنا.

الوجه الثالث: تمكين المحكوم عليه من مطالعة مسوّدة الحكم بغرض تمكينه من إعداد عريضة الطعن

أشار الحكم محل تعليقنا إلى أنه ينبغي على المحكمة تمكين المحكوم عليه من مطالعة مسوّدة الحكم حتى يتمكن من تحضير طعنه في الحكم سيما إذا لم يتم تسليم المحكوم عليه نسخة من الحكم بسبب تأخر المحكمة في إصدار الحكم.

 فقانون المرافعات اليمني اجاز للمحكوم عليه مطالعة مسوّدة الحكم بعد النطق بالحكم ، في حين أن القانون ذاته منع ذلك قبل النطق بالحكم حسبما ورد في أسباب الحكم محل تعليقنا.

وفي هذا الشأن نصت الفقرة (2) من المادة (227) مرافعات على أنه: (-2- لا يجوز إطلاع الخصوم على مسوّدة الحكم قبل النطق به ولا تعطى صورة منها لأي منهم مطلقاً).

 فهذا النص يصرح بعدم جواز إطلاع الخصوم على مسوّدة الحكم قبل النطق بالحكم ومفهوم هذا النص يدل على جواز إطلاع الخصوم على مسوّدة الحكم بعد النطق بالحكم، كما أن النص القانوني السابق قد صرح بأنه لا يجوز منح الخصوم صورة من المسوّدة (مطلقاً) ومعنى مطلقاً في هذا النص أي على الإطلاق ، فلا يجوز ذلك قبل النطق بالحكم أو بعد النطق بالحكم.

والمقصود بإطلاع الخصم بعد النطق بالحكم على المسوّدة المقصود بذلك تمكين المحكوم عليه من قراءة المسوّدة لمرة واحدة أو لمرات، وفي الواقع العملي وحتى يتمكن الخصم من الإلمام بحفظ مطالعته للمسوّدة فإن الخصم يقوم بقراءة المسودة بصوت مسموع حتى يتمكن من تسجيل القراءة بصوته في هاتفه الجوال ، غير أنه لا يجوز تصوير المسوّدة في الهاتف، كما أن بعض الخصوم يقوم بتسجيل نطق القاضي بالحكم وهو تلاوة القاضي للحكم من المسوّدة في جلسة النطق بالحكم حيث يقوم الخصم بتسجيل قراءة القاضي للمسودة عند نطقه بالحكم وذلك عن طريق التسجيل في هاتف الخصم حتى يتمكن الخصم من تحضير الطعن في الحكم وحتى يمتنع على القاضي الزيادة في أسباب الحكم أو منطوقه بعد النطق بالحكم، وبعض الخصوم يقوم بمطالعة المسوّدة وكتابة مضمونها في أوراقه الخاصة، لأن إعداد الطعن يحتاج إلى دراسة المسوّدة بعناية وتركيز لأكثر من مرة. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التنفيذ ، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٢٦٩).

الوجه الرابع: الإكتفاء بقطع سند رسوم الطعن الحكم دون تقديم عريضة أسباب الطعن

قضى الحكم محل تعليقنا بان الإكتفاء بقطع سند سداد رسوم الطعن لايغني عن تقديم عريضة الطعن المشتملة على أسباب الطعن ولايقوم مقامه، وسند الحكم محل تعليقنا في ذلك المادة (٢٨٠) مرافعات التي نصت على انه (يعتبر الطعن مرفوعا من تاريخ تقديم عريضته مرفقا بها سند دفع الرسوم).

 فهذا النص يصرح بان تقديم الطعن يتم بتقديم عريضة الطعن المشتملة على اسباب الطعن مرفقا بها سند رسوم الطعن، فلايكفي تقديم سند رسوم الطعن فقط ، وبناء على ذلك فان تاريخ تقديم الطعن هو تاريخ تقديم عريضة الطعن مع سند رسوم الطعن.

الوجه الخامس: وجوب إشتمال المسودة على اسباب الحكم كاملة مع منطوقه، ووجوب تلاوة مسودة الحكم كاملة في الجلسة وايداعها بعد تلاوتها

ارشد الحكم محل تعليقنا الى تمكين الخصوم من مطالعة مسودة الحكم إذا تعذر على المحكمة إصدار الحكم في منازعة التنفيذ في اليوم التالي للنطق به، ومقتضى ذلك أن تكون مسودة الحكم قد اشتملت على أسباب الحكم كاملة ومنطوقه ، فلايجوز للقاضي ان يضيف أسبابا اخرى إلى مسودة الحكم أو نسخة الحكم غير الأسباب المذكورة في المسودة التي تم النطق بالحكم بموجبها ، ولايجوز للقاضي أن يزيد فقرة اخرى في منطوق الحكم غير تلك الواردة في مسودة الحكم التي تلاها القاضي عند النطق بالحكم ، وسدا لأية ذريعة فانه يجب على القاضي أن بودع المسودة في ملف القضية ويدع الملف في المحكمة ولايصطحب الملف مع المسودة الى منزله، لان إشكاليات كثيرة تقع نتيجة قيام القاضي بأخذ الملف مع المسودة إلى بيته. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التنفيذ ، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، صـ٢٧١)، والله أعلم.