للدولة شخصية إعتبارية وذمة مالية تؤهلها لتملك العقارات وغيرها، وبموجب القانون فان الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة هي التي تمثل الدولة في الإدارة والإشراف على أراضي وعقارات الدولة والمحافظة عليها وتنظيم الإنتفاع بها وفقاً لقانون أراضي وعقارات الدولة وقرار إنشاء الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة.
فهيئة الأراضي هي التي تتولى تنظيم الإنتفاع بأراضي وعقارات الدولة، ومن ذلك تمكين الجهات الحكومية المختلفة من الإنتفاع بأراضي وعقارات الدولة، ومؤدى ذلك أنه لا يجوز للجهة الحكومية أن تقوم بالتصرف في العقارات المخصصة لنشاطها إلى اية جهة أخرى إلا بعد الرجوع إلى هيئة الاراضي التي تقوم بعرض طلب الجهة على مجلس الوزراء للموافقة على ذلك وإصدار في هذا الشان ، وبعد ان يقرر مجلس الوزراء ذلك يقوم مجلس الوزراء بإحالة قرار مجلس الوزراء على الهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة لاستكمال الإجراءات، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 14-4-2010م في الطعن رقم (37509)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (أما السبب الثاني من أسباب الطعن فقد نعى فيه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون عندما اعتبر الحكم الاستئنافي المطعون فيه اعتبر المطعون ضدهما لها الأولوية في شراء العقار، وأوضح الطاعنان أن العقد المذكور فيما بين المطعون ضدهما والمؤسسة التي منحتهما العقار أن ذلك العقد باطل لعدم المصادقة عليه من الدولة ممثلة بالهيئة العامة لأراضي وعقارات الدولة، والدائرة: تجد أن هذا النعي في محله ، لأن الحكم الاستئنافي جاء مبنياً على إعتقاد أن العقار ملك المؤسسة خاصة وأن هيئة أراضي الدولة لم تصادق على العقد المبرم فيما بين المؤسسة والمطعون ضدهما)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ملكية الدولة لكافة الأراضي والعقارات التي تمتلكها أو تنتفع بها جهات الحكومة المختلفة
للدولة شخصية إعتبارية وذمة مالية ، وبناء فان الدولة تتملك العقارات وغيرها ، وقد حددت المادة (6) من قانون أراضي وعقارات الدولة أملاك الدولة بصفة عامة وصرحت هذه المادة بأن الأملاك المذكورة في المادة هي ملك للدولة فقد نصت هذه المادة على أنه (تعد من أراضي وعقارات الدولة الخاضعة لأحكام هذا القانون ما يلي: -أ- الأراضي والعقارات التي رقبة الملك فيها عائدة للدولة –ج- الأراضي والعقارات التي تشتريها الدولة أو تستملكها للمنفعة العامة أو تؤول إلى الخزينة العامة إستيفاءً لديون مستحقة لها بموجب أحكام شرعية نهائية...إلخ).
ووفقاً للقانون فإن كافة أراضي وعقارات الدولة البيضاء والمبنية هي ملك عام للدولة تتولى إدارتها والاشراف عليها والمحافظة عليها الهيئة العامة للأراضي، فهذه الهيئة هي التي تمثل الدولة في هذا الجانب.
الوجه الثاني: ملكية الدولة للعقارات التي تنتفع بها جهات الدولة المختلفة
بغرض مباشرة الجهات الحكومية المختلفة لاعمالها وتقديم خدماتها للشعب فأن هذه الجهات تحتاج إلى أراضي وعقارات الدولة لمباشرة نشاطاتها المختلفة مثل مقرات لهذه الجهات ومرافق.
وقد تكون العقارات التي تنتفع بها الجهات الحكومية المختلفة مصدرها عقارات الدولة كالمراهق العامة التي تتولى الهيئة العامة للأراضي تسليمها إلى الجهات الحكومية المختلفة، كما قد يكون مصدرها العقارات المخصصة لمباشرة الجهات لنشاطها هو قيام الجهات الحكومية ذاتها بشراء الأراضي والعقارات لمباشرة اعمالها ، كما قد تقوم الجهات الحكومية بإستملاك تلك العقارات لمباشرة نشاطاتها.
وفي كل هذه الأحوال فإن كل الأراضي والعقارات المخصصة لقيام الجهات الحكومية باعمالها تندرج ضمن الذمة المالية للدولة التي تمثلها الهيئة العامة للاراضي . (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل أراضي وعقارات الدولة، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة صنعاء 2022م، ص114).
الوجه الثالث: الهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني هي الجهة المختصة قانوناً بإدارة أراضي وعقارات الدولة والمحافظة عليها
نصت المادة (31) من قرار إنشاء الهيئة على أن (الهيئة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن إجراء التصرفات في أراضي وعقارات الدولة، ولا يجوز لأية جهة أخرى إجراء التصرف بأراضي وعقارات خصصت لها لغرض ممارسة انشطتها دون الرجوع إلى الهيئة إلا بموجب قرار من مجلس الوزراء يفوضها بذلك وعند إنتفاء الغرض أو توقف النشاط فعلى أي جهاز أو مرفق حكومي تسليم ما بحوزته من أراضي وعقارات إلى الهيئة وفقاً لأحكام القوانين النافذة).
وقد نصت المادتان (65 و 66) من قانون أراضي وعقارات الدولة على قيام البنك المركزي ووزارة المالية وكافة الجهات الحكومية التي بعهدتها عقارات للدولة قيامها بتسليم مستندات ملكية تلك العقارات إلى الهيئة العامة للأراضي.
الوجه الرابع: عدم جواز تصرف الجهات الحكومية بالعقارات التي تنتفع بها إلى اية جهة أخرى إلا بعد الرجوع الى هيئة الاراضي وموافقة مجلس الوزراء
نصت المادة (31) من قرار إنشاء هيئة التراضي على أن: (الهيئة هي الجهة الوحيدة المسئولة عن إجراء التصرفات في أراضي وعقارات الدولة، ولا يجوز لأية جهة أخرى إجراء التصرف بأراضي وعقارات خصصت لها لغرض ممارسة انشطتها دون الرجوع إلى الهيئة إلا بموجب قرار من مجلس الوزراء يفوضها بذلك وعند إنتفاء الغرض أو توقف النشاط فعلى أي جهاز أو مرفق حكومي تسليم ما بحوزته من أراضي وعقارات إلى الهيئة وفقاً لأحكام القوانين النافذة).
وبناءً على ذلك لا يجوز لأية جهة من الجهات التي بعهدتها أراضي وعقارات مخصصة لقيامها بأعمالها لا يجوز لها أن تتنازل أو تبيع أو تقوم بتأجير أي من العقارات والأراضي المخصصة لأعمالها إلا بعد عرض الأمر على الهيئة العامة للأراضي التي تتولى رفع الموضوع إلى مجلس الوزراء لإصدار قرار بذلك.
وقبل صدور قرار مجلس الوزراء لا يجوز للجهات أن تتصرف بالعقارات التي بعهدتها حتى لو كانت هذه الجهات ذاتها قد اشترت أو تملكت تلك العقارات، لأن هذه العقارات تصير أملاكاً عامة مملوكة للدولة بحكم القانون، وإن كانت مخصصة لقيام الجهة بأعمالها وتقديم خدماتها للجمهور. (الملكيات الثلاث – دراسة عن الملكية العامة والملكية الخاصة وملكية الدولة ، د. ابراهيم عبد اللطيف العبيدي ، دائرة الشئون الاسلامية دبي ٢٠٠٩م ، س ٨١)، والله اعلم.
![]() |
عقارات الدولة في القانون اليمني |