حددت المادة (288) من قانون المرافعات اليمني نطاق الإستئناف الذي لا يجوز تجاوزه، فيجب على الخصوم ومحكمة الإستئناف الإلتزام بالنطاق المحدد قانوناً لخصومة الإستئناف .
وتبعاً لذلك فأنه لا يجوز للطاعن عند صياغة طعنه بالنقض في الحكم الإستئنافي أن يتجاوز نطاق خصومة الإستئناف ، فلا يحق للطاعن بالنقض أن يتعرض في طعنه بالنقض لغير المسائل المحددة في المادة (288) مرافعات ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7-2-2010م في الطعن رقم (35347)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فنعي الطاعن في هذا الشأن غير مقبول ، ويتعين الإلتفات عنه، ذلك أن الطاعن لم يستأنف الحكم الابتدائي بشأن المسائل التي اثارها الطاعن في طعنه، فلم تكن هذه المسائل من ضمن أوجه الإستئناف المرفوع أمام الشعبة من قبل الطاعن، وإعمالاً لمبدأ الأثر الناقل للإستئناف فالشعبة مقيدة بالفصل في حدود ما رفع عنه الإستئناف بمقتضى أحكام المادة (288) مرافعات، ومن ثم لا يجوز إتساع نطاق الطعن بالنقض لغير الخصومة التي كانت مطروحة على الشعبة التجارية الإستئنافية، مما مؤداه أن النعي لا يصادف محلاً من قضاء الحكم المطعون فيه، مما يجعل النعي غير مقبول)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الاول: نطاق الخصومة الإستئنافية وفقاً للمادة (288) مرافعات
كانت المادة (228) مرافعات محل النقاش في الحكم محل تعليقنا فقد نصت المادة (288) على أنه: (يطرح الإستئناف القضية المحكوم فيها أمام محكمة الإستئناف للفصل فيها من جديد في الواقع والقانون مع مراعاة الأحكام الآتية: -أ– لا تنظر محكمة الإستئناف إلا ما رفع عنه الإستئناف فقط. -ب- يجب على محكمة الإستئناف إلاّ تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الإستئناف فقط وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى من تلك الوجوه والحالات. -ج– يجب على محكمة الإستئناف أن تنظر القضية المستأنفة على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى. -د– لا يجوز للخصوم التقدم بطلبات جديدة في الإستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها. -هـ- تحكم المحكمة الإستئنافية فيما يتعلق بطلب شمول الحكم بالتنفيذ المعجل أو رفضه على وجه الاستعجال دون انتظار للفصل في الموضوع. -و– تحكم المحكمة الإستئنافية إما بتأييد الحكم المستأنف أو إلغائه أو تعديله، وإما بإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل فيما لم يتم الفصل فيه.).
ومن خلال مطالعة النص القانوني السابق يظهر أنه قد تضمن محددات خصومة الإستئناف ، ومن أهمها أسباب الإستئناف المذكورة في عريضة المستائف التي يرفعها الطاعن أمام محكمة الإستئناف ، فلايجوز لمحكمة الإستئناف عند نظرها في عريضة الإستئناف والفصل فيها ان تتعرض لمسائل لم يتناولها المستانف أو يذكرها في عريضة إستئنافه ، لان المستانف هو يحدد اوجه إستئنافه بعد مراجعته للحكم الابتدائي.
ومن محددات الخصومة الاستئنافية المذكورة في النص القانوني السابق المسائل التي فصل فيها الحكم الإبتدائي الواردة في منطوق الحكم الإبتدائي الذي يتضمن قضاء الحكم الإبتدائي ،فعلى المحكمة أن تتقيد بحدود ما فصل فيه الحكم الإبتدائي حتى لا يهدر الحكم الإستئنافي مبدأ التقاضي على درجتين.
ومع ذلك فأنه يحق للخصوم في الخصومة الإستئنافية أن يقدموا أمام محكمة الإستئناف الأدلة والدفوع الجديدة التي لم يسبق لهم تقديمها أمام محكمة أول درجة طالما انها متعلقة بالوقائع التي فصل فيها الحكم الابتدائي.
الوجه الثاني: نطاق الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي
حددت المادة (292) مرافعات نطاق الطعن بالنقض، فقد نصت المادة (292) مرافعات على أنه (يجـوز للخصوم أن يطعنوا أمام المحكمة العليا في الأحكــام الصـادرة من محاكم الإستئناف ومن المحاكم الابتدائية التي لا تقبل الطعن بالاستئناف في الأحوال الآتية: -1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة الشرع والقانون أو خطأ في تطبيق أيٍ منهما أو تأويله أو لم يبين الأساس الذي بُنيَ عليه. -2- إذا وقع بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثَّر في الحكم أو كان منطوق الحكم مناقضاً بعضه لبعض. -3- إذا حُكم بشيء لم يطلبه الخصوم أو بأكثر مما طلبوه. -4- إذا تعارض حكمان نهائيان في دعويين اتحد فيهما الخصوم والموضوع والسبب.).
ووفقا لهذا النص لا يجوز أن يخرج الطعن بالنقض عن الحالات المحددة في المادة السابقة، وحالات الطعن بالنقض المقررة في النص القانوني السابق ذكره لها طبيعتها القانونية التي تتناسب مع المحكمة العليا بإعتبارها محكمة قانون.
ومن ناحية أخرى فأنه ينبغي أن تتعلق حالات الطعن بالنقض المقررة في النص القانوني السابق ينبغي أن تتعلق بقضاء الحكم الإستئنافي في أسباب الإستئناف السابق رفعه أمام محكمة الإستئناف من حيث مدى موافقة هذا القضاء أو مخالفته للقانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله، وما إذا كان البطلان قد شابت الحكم الإستئنافي أو أثرت فيه إجراءات باطلة أو قضى الحكم الاستئنافي بما لم يطلبه الخصوم أو كان معارضاً لحكم آخر.
فحالات الطعن بالنقض المحددة في النص القانوني السابق يجب أن تكون متعلقة بأسباب الإستئناف السابق تقديمه أمام محكمة الإستئناف ،وكذا الأدلة والدفوع الجديدة المثارة أمام محكمة الإستئناف ، فلا ينبغي أن يتعرض الطعن بالنقض في الحكم الإستئنافي للمسائل التي لم يفصل فيها الحكم الإبتدائي أو تلك التي لم تتعرض لها عريضة الإستئناف المرفوع أمام محكمة الإستئناف، ولو كانت مثارة أمام محكمة أول درجة إلا أنها لم تفصل فيها بالحكم الإبتدائي.
الوجه الثالث: المسائل التي يتناولها الطعن بالنقض من غير المسائل التي تناولتها عريضة الإستئناف
يتضمن الطعن بالنقض بعض المسائل المعروضة على محكمة الإستئناف مع أن عريضة الإستئناف لم تتناولها، وهي ما يتعلق بالأدلة والدفوع الجديدة المثارة أمام محكمة الإستئناف لان المادة (٢٨٨) مرافعات قد اجازت ذلك، وكذا المسائل المتعلقة بالنظام العام، لأن القانون قد اجاز للخصوم إثارتها امام أية درجة من درجات التقاضي ولو أمام المحكمة العليا بل يجب على المحكمة ان تتعرض لها من تلقاء ذاتها. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٢٨٤)، والله اعلم.
![]() |
في القانون اليمني |