تقرر بعض القوانين اليمنية أن يتم رفع دعوى الإلغاء الإدارية مباشرة أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا، إذ يتم رفع هذه الدعاوى ونظرها بحسب الإجراءات المقررة في قانون المرافعات لرفع الدعاوى بداية، ولذلك تسري أحكام إستبعاد الدعاوى وشطبها على دعاوى الإلغاء الإدارية التي يتم رفعها مباشرة أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 21-11-2012م في الطعن رقم (35131)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وحيث أن الدائرة استبعدت الدعوى الإدارية المرفوعة من المحامي.... ضد مجلس نقابة المحامين ، وذلك بجلسة تاريخ....، وحيث لم يطلب أي من الخصوم السير فيها مدة تزيد عن ستين يوماً، وحيث أن القانون يوجب في المادة (112) مرافعات شطب الدعوى وإعتبارها كأن لم تكن إذا ظلت مستبعدة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها: لذلك قررت الدائرة شطب الدعوى الإدارية المشار إليها وإعتبارها كأن لم تكن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: خصوصية دعوى الإلغاء الإدارية التي يتم رفعها مباشرة أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا
الاصل ان يتم رفع دعاوى الإلغاء الادارية أمام المحكمة الابتدائية مثلها في ذلك مثل غيرها من الدعاوى تطبيقا لمبدأ التقاضي على درجتين ، غير ان بعض دعاوى الإلغاء التي تخص بعض الفئات گالقضاة والمحامين والكادر الأكاديمي ،او اذا كانت تتعلق بقرارات بعض الجمعيات العمومية ، فقد نصت بعض القوانيين على ان يتم رفعها مباشرة أمام الدائرة الادارية بالمحكمة العليا التي تنظر هذه الدعاوى بالإضافة الى الطعون بالنقض في الأحكام الادارية الصادرة عن محاكم الموضوع.
فالدائرة الإدارية بالمحكمة العليا تنظر في الدعاوى الإدارية المرفوعة إليها مباشرة من القضاة وفقاً لقانون السلطة القضائية، وكذا تنظر في الدعاوى الإدارية المرفوعة امامها مباشرة من أساتذة الجامعات الحكومية بالنسبة لعقوبة عزل الاستاذ وفقاً لقانون الجامعات الحكومية ، كما أن الدائرة الإدارية تنظر في الدعاوى الإدارية المرفوعة من المحامين ضد قرارات الجمعية لنقابة المحامين أو مجلس النقابة ، حسبما هو مقرر في قانون المحاماة اليمني وغير ذلك من دعاوى الالغاء التي تنص بعض القوانين المختلفة على تقديمها مباشرة أمام الدائرة الإدارية.
وفي هذا المعنى نصت المادة (24) من قانون السلطة القضائية النافذ على أن (تفصل الدائرة الإدارية في: -1- الطعون بطريق النقض في الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا الإدارية. -2- نقل الدعاوى في القضايا الإدارية. -3- الطلبات الأخرى الداخلة في إختصاصها وفقاً للقانون).
وفي هذا السياق نصت المادة (101) من قانون السلطة القضائية على أن (تختص الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا دون غيرها بالفصل في الطلبات التي يقدمها القضاة بإلغاء القرارات الإدارية النهائية المتعلقة بأي شأن من شؤونهم ، وذلك عدا النقل والندب متى كان الطلب منصباً على عيب في الشكل أو مخالفة القوانين واللوائح أو خطأ في تطبيقها أو إساءة إستعمال السلطة، كما تختص تلك الدائرة دون غيرها بالفصل في طلبات التعويض عن تلك القرارات والفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لرجال القضاء أو ورثتهم، ولا يجوز أن يجلس للفصل في هذه المسائل من كان عضواً في المجلس الأعلى للقضاء إذا كان قد اشترك في القرار الذي رفع الطلب بسببه).
فوفقاً لهذا النص فإن القاضي يرفع دعوى الإلغاء الإدارية مباشرة أمام الدائرة بحسب ما ورد في هذا النص ويكون القاضي في هذه الحالة في مركز المدعي ، ويتم رفع هذه الدعوى بحسب الإجراءات المقررة في قانون المرافعات لرفع الدعاوى.
اما في قانون المحاماة فقد نصت المادتان (100 و 101) على انه يحق لكل ذي مصلحة الطعن في قرارات الجمعية العمومية لنقابة المحامين ومجلس النقابة أمام المحكمة العليا وبحسب الإجراءات المقررة في قانون المرافعات خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار، كما يحق لعشرين عضواً من أعضاء النقابة الطعن في قرارات الجمعية العمومية لنقابة المحامين أمام المحكمة العليا خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور القرار.
وكذلك الحال عند صدور قرارعزل أساتذة الجامعات فانه يحق للاستاذ في هذه الحالة أن يطلب مباشرة من الدائرة الادارية بالمحكمة العليا إلغاء قرار عزله حسبما هو مقرر في اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات اليمنية ، فقد نصت المادة (92) على أن (تخضع قرارات مجلس التأديب بالفصل من الخدمة للطعن فيها بالإلغاء أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا خلال ستين يوماً من تاريخ صدور القرار، وتخضع بقية قرارات مجلس التأديب الصادرة بتوقيع أي من العقوبات الأخرى المصادق عليها للطعن فيها بالإلغاء والتعويض أمام المحكمة الابتدائية المختصة خلال ستين يوماً من تاريخ إخطار المساءل بالقرار).(التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٤٠٦).
الوجه الثاني: إجراءات رفع دعاوى الإلغاء الإدارية أمام الدائرة الإدارية وإجراءات نظر الدائرة في هذه الدعاوى
من خلال مطالعة النصوص القانونية السابق ذكرها في الوجه السابق يظهر أن دعاوى الإلغاء الإدارية التي يتم رفعها أمام الدائرة الإدارية يظهر انه يتم رفعها بداية ومباشرة امام الدائرة الادارية ، وذلك بالطريقة ذاتها المقررة في قانون المرافعات، ومؤدى ذلك أن الدائرة الإدارية تنظر هذه الدعاوى كما تنظر محاكم الموضوع في الدعاوى المرفوعة أمامها من حيث عقد جلسات المحاكمة وحضور أطراف الدعوى ومثولهم أمام الدائرة.
الوجه الثالث: شطب دعوى الإلغاء الإدارية المرفوعة مباشرة أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا
بما أن دعاوى الإلغاء المرفوعة مباشرة أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا يتم رفعها بحسب الإجراءات المقررة لرفع الدعاوى في قانون المرافعات، ويتم نظرها من قبل الدائرة وفقاً للإجراءات المقررة أيضاً في قانون المرافعات، لذلك فأن الدائرة الإدارية بالمحكمة العليا تقوم بإستبعاد الدعوى ثم شطبها على النحو المقرر في المادة (112) مرافعات التي استند إليها الحكم محل تعليقنا، فقد نصت المادة (112) على أنه: (إذا لم يحضر الخصوم يوم الجلسة عند النداء عليهم قررت المحكمة إرجاء نظر الدعوى إلى آخر الجلسة فإذا لم يحضروا قررت إستبعادها من جدول الجلسات وإذا بقيت الدعوى مستبعدة ستين يوماً ولم يطلب أحد الخصوم السير فيها شطبت واعتبرت كأن لم تكن).
وإذا قررت الدائرة الإدارية شطب دعوى الالغاء الإدارية المرفوعة أمامها فيحق للمدعي تحريكها بحسب الإجراءات المحددة في المادة (115) من قانون المرافعات التي نصت على أنه: (إذا رغب المدعي في تحريك دعواه خلال فترة تأجيل الدعوى المنصوص عليها في المادتين (112 و 113) فعليه أن يقدم طلباً كتابياً بذلك إلى القاضي المختص ليؤشر عليه بالموافقة وتحديد جلسة وتقدير غرامة لا تزيد عن ثلاثة ألف ريالاً تورد للخزينة العامة وللقاضي الإعفاء من الغرامة إن كان لذلك ما يبرره، وكذلك الحال إذا طلب المدعي تحريك الدعوى خلال فترة الإستبعاد المنصوص عليها في المادة (114) على أن لا تزيد الغرامة في هذه الحالة عن عشرة آلاف ريالاً، أما إذا كانت الدعوى قد شطبت فعلى المدعي إن أراد رفعها مجدداً أن يرفعها بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى إبتداءً ولا يمنع من الحكم عليه بما غرمه خصمه جراء الدعوى السابقة إن طلب ذلك)، غير أن دعوى الإلغاء الإدارية لها خصوصيتها من حيث المواعيد المقررة في القانون لرفعها، ولذلك فإذا انقضت مواعيد رفعها السابق ذكرها فأنه يتعذر على المدعي إعادة رفعها. (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات الجزء الثاني، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة ٢٠٢٥م، ص٤٠٣) والله اعلم.
![]() |
دعوى الإلغاء الإدارية في القانون اليمني |