ديون الشركة العرفية بعد تصفيتها - عبدالمؤمن شجاع الدين

ديون الشركة العرفية بعد تصفيتها

الشركة العرفية تنشأ بموجب عقد بين الشركاء مكتوب توفير مكتوب ، غير أنه لا يتم تسجيل هذا العقد لدى الجهة المختصة (وزارة الإقتصاد أو وزارة الصناعة والتجارة)، و لا تتخذ الشركة العرفية شكلاً من الأشكال القانونية المحددة في قانون الشركات اليمني ( كالشركة المحدودة/ التضامنية/ المساهمة/...إلخ) .

وتباشر الشركة العرفية في غالب الأحيان أعمالاً تجارية مثلها في ذلك مثل الشركات النظامية، وتبعاً لذلك فإن الشركة العرفية قد تخضع لإجراءات التصفية التي تعني إستيفاء حقوقها من الغير وسداد إلتزاماتها للغير وتقسيم الباقي بعد التصفية بين الشركاء، بيد أن الشركاء في الشركة العرفية قد لا يقوموا أثناء إجراءات التصفية بسداد بعض الديون المستحقة للغير بذمة الشركة العرفية، وعندئذٍ فإن الديون المستحقة للغير تنتقل إلى الشركاء في الشركة كلٍ بحسب حصته أو نصيبه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 15-3-2009م في الطعن رقم (33037): فقد ورد ضمن أسباب هذا الحكم : (هذا وبإمعان النظر في ما ورد بملف القضية تجد الدائرة: أن الأدلة التي ساقتها المحكمة الابتدائية في أسباب حكمها من مستندات وشهادات كافية في إثبات الدين بذمة المدعى عليهما ، والذي لا ينكره المدعى عليه فلان بن فلان بل يقر به عليهما كشريكين متضامنين عن الديون الناتجة عن الشراكة التي ابانت إجراءات التصفية بين الطرفين صحة إستحقاق المدعي لما يدعيه)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية: 

الوجه الاول: الوضعية القانونية للشركة العرفية

الشركات النظامية هي الشركات التي يتم تأسيسها وفقاً لأحكام قانون الشركات اليمني ، وتتخذ الأشكال والمسميات المحددة للشركات في هذا القانون كالشركات ذات المسئولية المحدودة أو الشركات المساهمة أو الشركات النظامية، ويتم تسجيلها لدى الجهة المختصة قانوناً ( وزارة الإقتصاد أو الصناعة والتجارة)، ويتم تأسيس هذه الشركات وتصفيتها وفقاً للإجراءات المقررة في قانون الشكات اليمني، وتخضع هذه الشركات لرقابة الوزارة المعنية حيث يتم تأسيسها أو تصفيتها بإشراف هذه الجهة المختصة. 

أما الشركة العرفية وإن كانت شركة إلا أنها غير نظامية، لأن إنشاءها أو تصفيتها لا يتم بحسب الإجراءات المقررة في قانون الشركات ، فهي لا تخضع لرقابة وإشراف الجهة المختصة عند تأسيسها أو تصفيتها. 

وقد تكون الشركة العرفية شركة تجارية إذا كانت تباشر أعمالاً تجارية ، كما أنها قد تكون شركة مدنية إذا لم تباشر نشاطاً تجارياً. 

الوجه الثاني: مسئولية الشركاء في الشركة العرفية وفقاً لقانون الشركات اليمني

نصت الفقرة (ج) من المادة (9) من قانون الشركات اليمني على أنه: (مع عدم الإخلال بما ورد في القوانين النافذة فإن كل شركة لا تتخذ أحد هذه الأشكال تعتبر باطلة ولا يجوز تسجيلها على أن يكون الأشخاص الذين تعاقدوا باسمها مسئولين شخصياً تجاه بعضهم ومسئولين شخصياً بالتضامن تجاه الغير عن الإلتزامات الناشئة عن هذا التعاقد) ، وقد كانت المادة (9) المشار اليها قد حددت أشكال الشركات القانونية النظامية ، وهي: شركات الأشخاص: وهي شركات التضامن وشركات التوصية البسيطة وشركة المحاصة، وكذا شركات الأموال وهي: الشركات المساهمة وشركة التوصية بالأسهم والشركة ذات المسئولية المحدودة، واشترطت المادة (10) شركات اشترطت أن يكون عقد الشركة مكتوباً بإستثناء شركة المحاصة. 

وبناءً على ما تقدم فإن الشركاء في الشركة العرفية هم المسئولون مسئولية تضامنية فيما بينهم عن حقوق وديون الغير لدى الشركة العرفية، كما ان كل واحد من الشركاء في الشركاء في الشركة العرفية مسئول مسئولية تضامنية في كل امواله عن حقوق الغير لدى الشركة ، فلاتكون مسئوليته في هذا الشان محدودة بحدود حصته في راس مال الشركة العرفية ،فالشريك مسئول مسئول مسئولية تضامنية عن كافة الحقوق والإلتزامات المستحقة للغير بذمة الشركة العرفية سواءً أثناء قيامها أو عند تصفيتها أو بعد ذلك. 

الوجه الثالث: إجراءات تصفية الشركة العرفية

حدد قانون الشركات اليمني إجراءات تصفية كل نوع من الشركات النظامية أو القانونية السابق ذكرها كشركات المسئولية المحدودة والمساهمة والتضامنية...إلخ، ومن المعلوم أن الشركة العرفية شركة غير نظامية، ولذلك لم يتعرض القانون لإجراءات تصفيتها، وتبعاً لذلك فإن الشركاء في الشركة العرفية غير مقيدين بإتباع إجراءات معينة عند تصفية الشركة العرفية، ولايخضعوا لرقابة وزارة الاقتصاد في هذا، إلا أن إجراءات تصفية الشركة العرفية تكاد لا تختلف عن إجراءات تصفية الشركات الأخرى، وتتلخص هذه الإجراءات في حصر وتحديد أصول أو أموال الشركة العرفية التي تحت يدها بالإضافة إلى حقوقها وديونها لدى الغير وحصر وتحديد الحقوق والإلتزامات المقررة للغير بذمة الشركة العرفية وإستيفاء الديون المستحقة للشركة لدى الغير والوفاء بالحقوق والإلتزامات المستحقة للغير بذمة الشركة، وفي ضوء ذلك يتم تحديد ناتج التصفية ، فإذا اسفرت هذه نتيجة التصفية عن وجود فائض أموال للشركة العرفية فأنه بعد تصفيتها يتم تقاسمها بين الشركاء بحسب حصة كل شريك في رأس المال، وكذلك الحال إذا اسفر ناتج التصفية عن وجود ديون متبقية للغير بذمة الشركة العرفية بعد تصفية الشركة العرفية فإن الشركاء في هذه الشركة يتحملوها بحسب حصة كل شريك في الشركة. 

الوجه الرابع: تحمل الشركاء في الشركة العرفية لديونها الناتجة عن التصفية

ذكرنا فيما سبق أن الشركة العرفية ليست شركة نظامية، فلم يتم إنشاؤها وفقاً لأشكال الشركات النظامية المحددة في قانون الشركات، وذكرنا أيضاً أن القانون التجاري اليمني قد صرح بأن الشركات التي لا تتخذ أي شكل من أشكال الشركات المحددة في القانون يكون مؤسسوها أو الشركاء فيها مسئولين عنها مسئولية تضامنية في أموالهم الخاصة، ومقتضى ذلك أنه إذا اسفرت نتيجة تصفية الشركة العرفية عن تبقي ديون بذمة الشركة العرفية فإن الشركاء فيها ملزمون بالوفاء بها من أموالهم الخاصة، فالشركة العرفية ليست شركة محدودة تكون مسئولة بحدود رأس مالها او بحدود أسهم أو حصص كل شريك، وإنما يكون الشركاء في الشركة العرفية مثل الشركاء في الشركات النظامية حيث تكون أموالهم الخاصة ضامنة لديون وحقوق الغير بذمة الشركة العرفية، وهذه هي خطورة الشركة العرفية. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الشركات الجزء الثاني، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة جامعة صنعاء الجديدة 2025م، صـ451)، والله اعلم.