![]() |
في القانون اليمني |
محاضر جلسات المحاكمة محررات رسمية قررها قانون المرافعات لإثبات حضور القضاة جلسات المحاكمة وكذا إثبات حضور الخصوم جلسات المحاكمة وإثبات أقوال الخصوم وطلباتهم وإعتراضاتهم وأدلتهم والمذكرات المقدمة منهم أثناء جلسات المحاكمة، ولذلك فمحضر جلسة المحاكمة هو الوسيلة القانونية الوحيدة لإثبات ماقدمه الخصوم اثناء سير إجراءات المحاكمة في القضية.
فمحاضر جلسات المحاكمة حجة في إثبات طلبات وأقوال وإعتراضات ومذكرات الخصوم ، فإذا طعن الخصم بعد ذلك بأن الحكم قد اغفل طلباته أو لم يتم تمكينه من حقه أثناء سير إجراءات المحاكمة فإن الفيصل في ذلك هو ما ورد في محاضر جلسات المحاكمة لقبول ما قاله الطاعن أو دحضه، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 29-6-2010م في الطعن رقم (40370)، فقد ورد في الحكم المشار إليه: (أما ما نعاه الطاعن في السبب الرابع من الطعن من إخلال الحكم المطعون فيه بمبدأ المساواة في إجراءات التقاضي لكونه قد أسس على المستندات المقدمة من المطعون ضده دون مواجهة الطاعن بها وتمكينه من مناقشتها فإن هذه الدائرة: تجد أن هذا النعي وإن كان مرسلاً لم يبين فيه الطاعن المستندات التي يقصدها إلا أن الثابت من محاضر الجلسات أن الشعبة لم تحرمه من حقه في الإطلاع عليها ومناقشتها ويستدل على ذلك أنه لا يوجد في محاضر الجلسات طلب من الطاعن بتمكينه من الإطلاع على أي من تلك المستندات أو إعتراض منه على إمتناع المحكمة من تمكينه من مواجهته بتلك المستندات بل أن الثابت من محاضر الجلسات ومناقشة الأطراف وإستجواب الشهود أنها قد تناولت بعضاً من تلك المستندات)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية محاضر الجلسات ووظيفتها: وتوصيتنا للمقنن اليمني
محضر الجلسة وثيقة رسمية يتم التوقيع عليها من كاتب جلسة المحاكمة ومن القاضي رئيس الجلسة ، وهما موظفان رسميان، ولذلك فمحاضر جلسات المحاكمة محررات رسمية صادرة من جهة رسمية مختصة وفقاً للقانون.
ومحضر الجلسة هو الوسيلة القانونية الوحيدة لإثبات إنعقاد الجلسة وإثبات حضور القضاة الجلسة وحضور الخصوم والشهود والخبراء العدول وإثبات المرافعات المكتوبة والشفهية المقدمة من الخصوم وإثبات طلبات الخصوم ودفوعهم وردودهم وأدلتهم، إضافة إلى أن محضر الجلسة هو الوسيلة الوحيدة لإثبات القرارات والإجراءات التي اتخذتها المحكمة في القضية التي تنظرها المحكمة.
وفي هذا المعنى نصت المادة (158) من قانون المرافعات اليمني على أنه (يجب أن يحضر في الجلسة وجميع الإجراءات المتعلقة بالإثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع رئيس الجلسة فإن غاب الكاتب كان لرئيس المحكمة ندب غيره).
ولاغبار على هذا النص غير انه جعل ندب الخبير من إختصاص رئيس المحكمة ، ففي حالات كثيرة يتغيب كاتب الجلسة ويتعذر رجوع القاضي الذي ينظر القضية الى رئيس المحكمة لندب كاتب اخر سيما في المحاكم الكبيرة، إضافة إلى أن مصطلح (ندب) الكاتب له مدلول معين في القانون ، وهو ندب الموظف الى جهة ادارية أخرى وفقا لإجراءات ادارية معينة فالمصطلح المناسب هو التكليف وليس الندب.
ولذلك نوصي: بأن يكون تكليف الكاتب البديل من إختصاص القاضي الذي ينظر القضية (رئيس الجلسة) وليس رئيس المحكمة.
الوجه الثاني: الطبيعة القانونية لمحضر جلسة المحاكمة
سبق القول: أن الغرض من محضر الجلسة هو إثبات حضور القضاة والخصوم والشهود والخبراء العدول أو تخلفهم وإثبات أقوالهم ومذكراتهم وطلباتهم وأدلتهم وإعتراضاتهم ومن ناحية أخرى فإن الغرض من محضر جلسة المحاكمة إثبات القرارات والإجراءات التي اتخذتها المحكمة في القضية المنظورة أمامها.
ومعنى ذلك أن الخصم طليق في تقديم طلباته ومذكراته وأدلته وإعتراضاته وإثبات تقديمه لها في محضر جلسة المحاكمة، فلا يحق للمحكمة أن تمنع الخصم من إثبات طلباته وإعتراضاته في محضر جلسة المحاكمة، ولا يحق للمحكمة أن تقوم نيابة عنه بإملاء طلباته أو إعتراضاته أو اقواله على كاتب الجلسة.
الوجه الثالث: حياد كاتب محضر جلسة المحاكمة
نصت المادة (158) مرافعات على أنه (يجب أن يحضر في الجلسة وجميع الإجراءات المتعلقة بالإثبات كاتب يحرر المحضر ويوقعه مع رئيس الجلسة )، فالنص صريح بوجوب حضور الكاتب جلسة المحاكمة ، ومفهوم ذلك أنه لا يجوز للقاضي نفسه أن يتولى كتابة محضر جلسة المحاكمة، حتى لا يقوم القاضي بكتابة طلبات الخصوم ومرافعاتهم بالطريقة التي يريدها وحتى لا يتهم القاضي بتحوير مرافعات الخصوم وطلباتهم أو تلقينهم، ومؤدى ذلك أن كاتب جلسة المحكمة يتولى إثبات طلبات الخصوم ومرافعاتهم من أفواه الخصوم وليس من فم القاضي، وللتدليل على حياد الكاتب فقد أوجب القانون أن يقوم الكاتب بالتوقيع على محضر الجلسة مع القاضي. (القواعد المنظمة لجلسات المحاكمة ، علي عبد الجواد ، بحث منشور بموقع نقابة المحامين المصريين ، ٢٠٢٢م، ص٢).
الوجه الرابع: حجية محضر جلسة المحاكمة ودلالته
سبق القول: أن محضر جلسة المحاكمة محرر رسمي وفقا للقانون ، ولذلك فأنه حجة ولا يجوز الطعن فيه إلا بالطريقة المقررة قانوناً وهي الإدعاء بتزويره وعندها يجب على المدعي أن يثبت إدعائه.
وبناءً على ذلك فإن محضر الجلسة يدل على إثبات كافة أقوال الخصوم وإعتراضاتهم ومرافعاتهم، ويدل من جانب آخر على أنه ليس للخصوم طلبات أو إعتراضات غير ما تم إثباته أو الإشارة اليه في محاضر جلسات المحاكمة حسبما قضى الحكم محل تعليقنا.
الوجه الخامس: الوسيلة القانونية لإستدراك الخصوم إغفال محضر الجلسة طلباتهم
إذا اغفل محضر الجلسة طلبات الخصم أو اعتراضاته فأنه يجب عليه في الجلسة التالية أن يقدم إعتراضه أمام المحكمة في الجلسة التالية على إغفال طلبه أو إعتراضه السابق تقديمه في الجلسة الأولى، ويجب على المحكمة عندئذٍ أن تثبت إعتراضه على الإغفال في محضر الجلسة وأن تثبت الطلب أو المذكرة أو الدليل الذي اغفلته في جلستها السابقة. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الإثبات الجزء الثالث، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، صـ343)، والله اعلم.