لا يجوز الطعن بالنقض في قرارات التنفيذ

لا يجوز الطعن بالنقض في قرارات التنفيذ

أ‌. د. عبد المؤمن شجاع الدين، الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء.
ظاهرة الطعن في القرارات الصادرة في منازعات التنفيذ مستفحلة في اليمن تستحق الدراسة ولفت الأنظار إليها، وقد أصدرت المحكمة العليا باليمن تعميمات وأحكام عدة لمعالجة هذه الظاهرة ومن ذلك الحكم الصادر عن دائرة فحص الطعون في المحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7/12/2016م وذلك في الطعن بالنقض رقم (58682) لسنة 1438هـ وقد جاء في هذا الحكم أنه بعد الإطلاع على تاريخ صدور الحكم المطعون فيه وتاريخ استلامه وتاريخ دفع الرسوم والكفالة واستنادا إلى المواد (74 و 75 و 273 و 274 و 275 و 276 و 280 و 283 و 295 و 298 و 501) من قانون المرافعات، وحيث أن الأحكام الصادرة عن محاكم الإستئناف في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية غير جائز الطعن فيها بالنقض عملاً بنص المادة (501) من قانون المرافعات، لذلك قررت الدائرة بعد المداولة الآتي:
1- عدم جواز الطعن بالنقض.
2- تحميل الطاعن المصاريف القضائية وتقدرها الدائرة بعشرة آلاف ريال.
3- مصادرة الكفالة وتوريدها الخزينة العامة.
وسيكون تعليقنا على هذا الحكم بحسب الأوجه الآتية:

الوجه الأول: السند القانوني للحكم محل تعليقنا

استند الحكم محل تعليقنا في تقريره عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم الإستئنافي في منازعات تنفيذ الأحكام استند إلى المادة (501) من قانون المرافعات التي نصت على أنه للخصوم الطعن في الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أمام الإستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم في المنازعة وعلى محكمة الإستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة أيام من تاريخ رفعه إليها ويعتبر حكمها غير قابل للنقض فقد صرحت هذه المادة بأن الحكم الإستئنافي الصادر في منازعات التنفيذ غير قابل للطعن بالنقض، وهذا النص تم إدراجه في قانون المرافعات النافذ بموجب التعديلات التي جرت على القانون عام 2010م في حين كان هذا النص قبل تعديله يجيز الطعن بالنقض في قرارات التنفيذ حيث كان يتضمن في نهايته عبارة ويجوز للخصوم الطعن في الأحكام الصادرة من محاكم الإستئناف أمام المحكمة العليا وفقًا للقواعد العامة وقد كان الباعث على تعديل المادة (501) مرافعات السابق ذكرها واستبعاد العبارة التي تجيز الطعن في الأحكام لإستئنافية في منازعات التنفيذ هو تحقيق مبدأ الإقتصاد في إجراءات التقاضي وعدم الهدر الإجرائي والحيلولة دون إطالة إجراءات التقاضي وسد ذريعة التقاضي الكيدي وتمكين المحكوم لهم بأحكام باتة من حقوقهم المحكوم بها، وتعديل المادة (501) مرافعات على النحو السابق بيانه يدل على استفحال ظاهرة الطعن بالنقض في القرارات الصادرة في منازعات التنفيذ.

الوجه الثاني: انفراد قانون المرافعات اليمني في تقريره عدم جواز الطعن بالنقض في أحكام الإستئناف الصادرة في منازعات التنفيذ

منذ تعديل المادة (501) عام 2010م انفرد القانون اليمني في تقريره عدم جواز الطعن بالنقض في احكام محاكم الإستئناف في منازعات التنفيذ، وقد ذكرنا الإعتبارات التي جعلت القانون اليمني يذهب إلى هذا المذهب ولكن مهما كانت هذه الإعتبارات وجيهة فإنه لا ينبغي التضحية بالقواعد العامة للطعون التي وجدت لغايات وأهداف سامية موجودة أيضا في الأحكام الصادرة عن محاكم الإستئناف في منازعات تنفيذ الأحكام، فمن أهداف الطعن في الأحكام عامة تلافي أوجه القصور والخطأ والإنحراف في الأحكام بالإضافة إلى الرقابة على الأحكام القضائية وعند التأمل نجد أن الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ لا تخلو من هذه المثالب ومن وجهة نظرنا فإن تحصين هذه الأحكام من الطعن بالنقض مخل بالعدالة، بل أن تحصينها من الطعن بالنقض يغري بعض القضاة التنفيذ بالتعسف والإنحراف عند تنفيذ الأحكام من غير تعقيب أو رقيب، علما بأن قوانين المرافعات في الدول الأخرى فما فيها مصر تقرر قابلية الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ للطعن بالنقض، فمثلا قانون المرافعات المصري يحدد سبع حالات لا يجوز الطعن فيها بالنقض وليس من بين هذه الحالات الأحكام الإستئنافية الصادرة في منازعات التنفيذ، ومن وجهة نظرنا أن تعديل المادة (501) الذي تم في عام 2010م لم يكن موفقا، فكان من الأحرى بالقانون أن يقرر تدابير وإجراءات لمعالجة التقاضي الكيدي وإطالة منازعات التنفيذ بدلاً من تعطيل وسيلة شرعية ودستورية وقانونية وهي الحق في الطعن بالنقض المرتبطة بالحق في التقاضي، والله أعلم.