![]() |
القانون اليمني |
يصدر كشف الحساب الجاري بموجب عقد الحساب الجاري وهذا العقد عبارة عن : عقد يتفق بموجبه شخصان على فتح حساباً مشترك بينهما يتم فيه قيد جميع التعاملات المالية بينهما سواءً كانت ديوناً أو حقوقاً ويتم تسويتها بينهما دورياً.
وكشف الحساب الجاري بين الأشخاص عبارة عن وثيقة إلكترونية أو ورقية تتضمن جدول يبين المبالغ الناتجة عن العمليات التجارية التي تمت بين الطرفين خلال الفترة السابقة لصدور كشف الحساب، مثل كشف الحساب الذي يتضمن المبيعات التي تمت فيما بين الوكيل التجاري وعميله خلال مدة معينة ويتضمن هذا الجدول بيان الدائن والمدين ومقدار الرصيد في تاريخ معين، ويتم نسخ كشف الحساب من واقع النسخة الأصلية للحساب الجاري بين الطرفين التي يحتفظ بها كل طرف ، ويقوم كل بتوجيه كشف الحساب إلى الطرف الآخر لمطابقة الحسابات بين الطرفين ولسداد الرصيد القائم على المدين منهما.
ويكون كشف الحساب الجاري بمثابة إقرار من الطرف الذي اصدره أي إقرار بالبيانات الواردة في كشف الحساب، ولذلك فكشف الحساب حجة قاطعة على من اصدره كما أنه يكون حجة على الطرف الآخر إذا لم يقم بالإعتراض على كشف الحساب خلال مدة معقولة من إعلانه بكشف الحساب الجاري ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 3-1-2010م في الطعن رقم (37789)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد تبين أن الشعبة قد ردت على نعي الطاعن بقولها أن الحكم في مجمله كان واضحاً ولا يحتاج إلى اسهاب في التسبيب، وبعودة الدائرة إلى حكم التحكيم فقد تبين للدائرة: أن لجنة التحكيم قد استندت في حكمها على الطاعن بدفع قيمة ثمن البضاعة استندت إلى الكشف المقدم من الطاعن الذي يحدد كمية البضاعة وهي ـ711 وحدة وكذا الكشف المقدم من الطاعن المتراضى عليه الذي يحدد كمية البضاعة وهي ـ717 وحدة قيمتها مبلغ وقدره.......، المسلم منه مبلغ....... ، والباقي عند الطاعن مبلغ.......، وكذا استند حكم التحكيم إلى المذكرة الصادرة من الخبير التي أوضحت سعر البضاعة في التواريخ الواردة في الكشفين، فما ورد في تلك المذكرة موافق لما ورد في الكشفين، وهذه الأسباب كافية بذاتها لحمل الحكم عليها حتى دون حاجة إلى الى اليمين ، مما يجعل نعي الطاعن في غير محله، مما يتعين معه رفض الطعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الأول: ماهية الحساب الجاري بين الأشخاص
عرّفت المادة (343) من القانون التجاري اليمني الحساب الجاري بين الأشخاص، فقد نصت هذه المادة على أنه (يراد بعقد الحساب الجاري الإتفاق الحاصل بين شخصين على أن يسلم كلٍ منهما للآخر على دفعات مختلفة من نقود وأموال وسندات تجارية ويسجل في حساب واحد لمصلحة الدافع وديناً على القابض دون أن يكون لأي منهما حق مطالبة الآخر بما سلمه له في كل دفعة على حدة بحيث يصبح الرصيد النهائي وحده عند إقفال الحساب هو الدين المستحق الواجب الأداء لأحد الطرفين).
فالحساب الجاري عقد يتفق بموجبه شخصان على فتح حساباً مشترك بينهما يتم فيه قيد جميع التعاملات المالية بينهما سواءً كانت ديوناً أو حقوقاً ، ويتم تسويتها دورياً، ويمكن أن يشمل هذا الحساب الجاري جميع التعاملات المالية بين الطرفين أو نوعاً معيناً منها وفقاً لما يتفق عليه الطرفان.
ويتم تسوية الحساب الجاري المشار إليه بشكل دوري، حيث يتم إحتساب الرصيد المستحق لأحد الطرفين على الآخر.
ومن أمثلة الحساب الجاري بين الأشخاص: الحساب الجاري بين الوكيل التجاري وعميله ، الذي يتم فيه قيد جميع العمليات التجارية التي يقوم الوكيل بتوريدها إلى عميله، و ومن امثلة الحساب الجاري الحساب بين شخصين يمارسا نشاطاً تجارياً يتم فيه قيد جميع التعاملات المالية بينهما.
وقد نظم القانون التجاري اليمني الحساب الجاري بين الأشخاص في المواد من (343) حتى نهاية المادة (352). (النظرية العامة للمصرفية الإسلامية، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء2016م، صـ432).
الوجه الثاني:كشف الحساب الجاري يكشف عن عقد الحساب الجاري الذي قام على تراضي أطرافه
من خلال ما تقدم في الوجه السابق يظهر أن الحساب الجاري عبارة عن عقد ينص على إلتزامهما بعمليات تجارية في المستقبل وقيد تلك المعاملات المالية التي ستتم بينهما في المستقبل في الحساب ، ويكون هذا الحساب وحدة واحدة، حيث يظهر في كشف الحساب الرصيد الناتج عن كافة العمليات المقيدة في الحساب عن إجمالي المعاملات التي تمت بالفعل بين الطرفين ، فيكون الرصيد الدائن والمدين معبرا عن الناتج النهائي لكافة العمليات او القيود المحاسبية المذكورة في الحساب.
فكشف الحساب الجاري يكشف عن العمليات التي تمت بالفعل بتراضي الطرفين فكشف الحساب الجاري يكشف عن رضاء الطرفين، فهو يدل على تراضي أطرافه على كيفية توريد المواد أو البضاعة وكيفية سداد اثمانها، وغالباً ما يكون عقد الحساب الجاري رديفاً لعقد آخر مثل عقد التوريد أو عقد الوكالة أو غيرهما.
الوجه الثالث: مخرجات الحساب الجاري بين الأشخاص
عقد الحساب الجاري هو تعاقد بين شخصين على تسجيل العمليات او الدفعات المتبادلة بينهما من نقود وأموال وسندات تجارية في حساب واحد ، حيث يصبح الرصيد النهائي هو الدين المستحق عند إقفال الحساب.
ومن المعروف في اليمن أن القيد في الحساب قد يتم ورقيا أو الكترونيا ، وقد صار في الوقت الحاضر الكترونيا ، ومن المعروف أن القيد في الحساب الجاري يتم في حسابات الطرفين المتعاقدين أي من قبل طرفي الحساب معاً، أي أن كل طرف يقوم من جهته بقيد العمليات التي تمت بين الطرفين أولاً بأول، وتتم مطابقة حسابات الطرفين دوريا للتحقق من مطابقتها بين الطرفين.
ويقوم طرفا الحساب بتبادل كشوفات الحساب دورياً لتسوية الرصيد الدائن ومطابقة الحسابات بين الطرفين، ويتم تبادل كشوفات الحساب عن طريق الوسائط الإلكترونية أو الورقية.
الوجه الرابع: بيانات كشف الحساب الجاري بين الأشخاص
ذكرنا في الوجه السابق أن كشوفات الحساب الجاري يتم إستخراجها من الحساب الجاري المحفوظ لدى طرفي الحساب وهو في الوقت الحاضر الكترونيا أي يتم إعداه عن طريق اجهزة الحاسوب.
وبناء على ذلك يكون كشف الحساب الصادر من كل طرف مطابقاً لأصل الحساب الجاري المحفوظ لديه في النظام المحاسبي، بل أن الكشف نسخة من الحساب، ويسمى الكشف بهذا الاسم لأنه يكشف حساب العمليات المالية التي تمت بين طرفي عقد الحساب ويبين الدائن والمدين ومقدار الدين خلال الفترة السابقة على تاريخ صدور الحساب.
ولذلك فأن كشف الحساب الجاري يتضمن تاريخ صدوره والرصيد (الدائن والمدين) في تاريخ صدور كشف الحساب .
ومن المعلوم أن كشف الحساب عبارة عن جدول يتضمن القيود المحاسبية لقيمة كل عملية على حدة دائن ومدين والرصيد النهائي الذي يبين الدائن والمدين ومقدار الدين، ويتم إفراغ كشف الحساب في رسالة موجهة من الطرف الذي اصدر الحساب إلى الطرف الآخر لإخطاره بالحساب ومطالبته بالإطلاع على كشف الحساب وإبداء أية إعتراضات أو ملاحظات عليه خلال مدة اقصاها.... مالم فإن الحساب سيكون نهائياً، ويتم التوقيع على كشف الحساب من قبل الموظف المختص لدى الطرف الذي اصدر الحساب. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل البنوك والمصارف، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص٢١١).
الوجه الخامس: حجية كشف الحساب الجاري
كشف الحساب الجاري الصادر عن كل طرف يكون حجة قاطعة على الشخص الذي اصدره ، لأن كشف الحساب بمثابة إقرار من الطرف الذي اصدره بالمبالغ المذكورة في كشف الحساب سيما أن توجيه كشف الحساب إلى الطرف الآخر بمثابة إخطار للطرف الآخر بما له وما عليه بموجب عقد الحساب الجاري.
ولذلك يحق للطرف الموجه إليه كشف الحساب أن يتمسك به ويحاجج به في مواجهة الطرف الذي اصدره.
وإذا لم يقم الطرف الذي تم توجيه كشف الحساب إليه إذا لم يقم بالإعتراض على كشف الحساب الموجه إليه خلال مدة معقولة (الغالب ان تكون ١٥يوما من تاريخ إستلام كشف الحساب)، فاذا لم يعترض الطرف الذي استلم كشف الحساب فان ما ورد في كشف الحساب المشار إليه يكون أيضا حجة عليه في مواجهة الطرف الذي اصدر كشف الحساب، لأن عدم الإعتراض على كشف الحساب بمثابة موافقة ورضاء بما ورد في كشف الحساب. (النظرية العامة للمصرفية الإسلامية، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء2016م، صـ432)، والله أعلم.