منازعة التنفيذ بإنقضاء الحق

عندما ينازع المنفذ ضده بان الحق المحكوم به في الحكم سند التنفيذ قد انقضى بالوفاء به أو الابراء فان هذه المنازعة وإن كانت تنفيذية الا انها منازعة موضوعية ، لان منازعة التنفيذ الموضوعية يكون محلها واقعة أو تصرف وقع بعد صدور الحكم السند التنفيذي الذي يتم التنفيذ بموجبه.

 وفي منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق يكون موضوع هذه الدعوى الوفاء الوفاء بالحق المحكوم به في السند التنفيذي، ولاريب أن لمنازعة التنفيذ الموضوعية طبيعتها القانونية الخاصة التي تميزها عن المنازعة الموضوعية العادية وتميزها أيضاً عن منازعة التنفيذ الوقتية، بيد أن منازعة التنفيذ الموضوعية لا تتناول الوقائع التي فصل فيها الحكم السند التنفيذي، حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 11-10-2010م في الطعن رقم (42282)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (والملاحظ أن قانون المرافعات يجيز في المادة (499) أن تكون المنازعة الموضوعية متعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قرره، ولكن الخصومة التي اثارها الطاعن لا تندرج تحت حكم هذا النص، مما يقودنا إلى القول بأن ما توصل إليه الحكم المطعون فيه موافق لصحيح القانون)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

شروط منازعة التنفيذ الموضوعية في القانون اليمني
منازعة التنفيذ بإنقضاء الحق في القانون اليمني

الوجه الأول: مفهوم منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق في قانون المرافعات:


نصت المادة (499) من قانون المرافعات اليمني على أن: (ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر بإجراءات القضاء المستعجل ولا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ، أما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قررها فترفع أمام قاضي التنفيذ بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى)

وتعرّف منازعة التنفيذ الموضوعية بأنها تلك المنازعة التي تتعلق بأصل الحق موضوع التنفيذ ككل أو في جزء منه، ومن أمثلة منازعات التنفيذ الموضوعية: أن يدعي المدعي بأنه قام بسداد الدين بعد صدور الحكم سند التنفيذ أو أن الدين المحكوم به قد انقضى بالإبراء أو بأي سبب آخر.

الوجه الثاني: شروط منازعة التنفيذ الموضوعية:


بما أن منازعة التنفيذ الموضوعية دعوى موضوعية، لذلك فأنه يجب أن تتوفر فيها شروط الدعوى ومنها: الصفة والمصلحة ، كما يجب أن يتم تقديم دعوى أو منازعة التنفيذ الموضوعية قبل تمام التنفيذ أو أثناء إجراءات التنفيذ، كما يشترط وجود سبب موضوعي لمنازعة التنفيذ الموضوعية يبرر هذه المنازعة مثل: الوفاء بالدين أو إنقضاء الدين لأي سبب، وكذا يجب على من ينازع بمنازعة التنفيذ الموضوعية أن يقوم بتسديد الرسوم المقررة على رفع الدعاوى، كما يجب عليه أن يقوم بتقديم المستندات المؤيدة لدعواه. (الوجيز في منازعات التنفيذ، د. محمد ايمن محفوظ، منشأة المعارف الإسكندرية 2013م، ص135).

الوجه الثالث: القاضي المختص بالنظر والفصل في منازعة التنفيذ الموضوعية:


يجب أن يتم رفع منازعة التنفيذ الموضوعية أمام قاضي التنفيذ الذي يتولى تنفيذ الحكم سند التنفيذ، ويقوم قاضي التنفيذ بالنظر والفصل في منازعة التنفيذ الموضوعية بإجراءات مستعجلة، وهذا الامر طاهر من المادة (٤٩٩) مرافعات التي نصت على أنه: ( أما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قررها فترفع أمام قاضي التنفيذ بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى) .

ومعنى هذا النص أن دعوى التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق يتم رفعها أمام قاضي التنفيذ، ولكن يجب على المدعي بهذه الدعوى ان يتبع في رفعها الإجراءات المحددة ارفع الدعوى الموضوعية العادية غير التنفيذية ، ومؤدى ذلك انه يجب أن تتوفر في هذه الدعوى الشروط المطلوبة في الدعوى الموضوعية العادية.

الوجه الرابع: الهدف من رفع منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق:


 هذه الدعوى لاتهدف فقط إلى وقف إجراءات تنفيذ الحكم الجاري تنفيذه أو تعطيلها وانما تهدف أيضا الى إنهاء الحق المحكوم به وانهاء اثره بالنسبة للمنفذ ضده المدعي بهذه الدعوى، ومع هذا فانه لايترتب على رفع هذه الدعوى وقف إجراءات التنفيذ ،فلقاضي التنفيذ السلطة التقديرية في وقف التنفيذ من خلال وقوف القاضي على ادلة دعوى التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق ، فمن خلال ذلك يجوز لقاضي التنفيذ أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً أو إلغائه كلياً أو تعديل الإجراءات المتخذة لضمان تنفيذ الحكم سند التنفيذ أو تعديل الإجراءات.

الوجه الخامس: إجراءات النظر والفصل في منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق:

 بما أن هذه الدعوى من منازعات التنفيذ فانها تخضع من حيث اجراءات النظر والفصل فيها للإجراءات ذاتها المتبعة عند نظر منازعات التنفيذ الوقتية، وذلك من سرعة نظرها على وجه الإستعجال ومن حيث مواعيد الفصل فيها والطعن في الأحكام الصادرة فيها ،اما من حيث الاحكام الصادرة فيها فهي احكام موضوعية وليست من الاحكام المستعجلة التي تكون عبارة عن اجراءات أو تدابير وقتية أو تحفظية حسبما هو مفهوم الاحكام المستعجلة المقرر في المادة ( ٢٣٨) مرافعات.
وفي هذا المعنى نصت المادة (٤٩٩) مرافعات على أن: ( ترفع منازعات التنفيذ الوقتية وتنظر بإجراءات القضاء المستعجل ولا يجوز قبول منازعات التنفيذ الوقتية بعد تمام التنفيذ،أما منازعات التنفيذ الموضوعية وهي المتعلقة بالوفاء بالحق بعد صدور السند التنفيذي الذي قررها فترفع أمام قاضي التنفيذ بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى) .

الوجه السادس: إجراءات الطعن في الحكم في منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق:

تخضع اجراءات الطعن في الحكم الصادر في منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق تخضع لإجراءات ومواعيد الطعن في منازعات التنفيذ عدا استثناء الحكم الإستئنافي في منازعة التنفيذ الموضوعية بإنقضاء الحق إذ إجاز القانون الطعن فيه بالنقض ، في حين لم يجز القانون ذلك بالنسبة للحكم الأستئنافي في منازعات التنفيذ الوقتية ، وفي هذا الشان نصت المادة (501) مرافعات على أن (للخصوم الطعن في الاحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أمام الإستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم في المنازعة، وعلى محكمة الإستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة أيام من تاريخ رفعه إليها ، ويعتبر حكمها في المنازعة الوقتية غير قابل للطعن بالنقض ، ويجوز للخصوم الطعن في الأحكام الموضوعية الصادرة من محاكم الإستئناف أمام المحكمة العليا وفقاً للقواعد العامة). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل التنفيذ ، أ.د عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م ص ١٢١)، والله اعلم.