الأموال المكتسبة قبل قيام الشركة العرفية

 

الأموال المكتسبة قبل قيام الشركة العرفية
في القانون اليمني

الشركة العرفية هي: شراكة لا تتخذ الشكل القانوني للشركات النظامية المقررة في قانون الشركات اليمني، وتنشأ الشركة العرفية بين شخصين أو أكثر، وتهدف إلى تحقيق الربح من عمل تجاري معين، وتعتمد على إتفاق بين الشركاء، ولكن لا يتم تسجيلها كشركة نظامية لدى الجهة المختصة.

 وقد عرّف القانون المدني اليمني الشركة العرفية (شركة الواقع) في المادة (661) بأنها (الشركة العرفية هي الخلطة في الأموال والتكافؤ في الأعمال على أن يعمل شخصان أو أكثر كلٍ بحسب ما يحسنه فيكفي كل منهم الآخر ويكون المستفاد مشتركاً بينهم جميعاً وما يلزم أحدهم يكون عليهم جميعاً).

 فهذا النص يصرح بأن المستفاد او المكتسب في أثناء قيام الشركة العرفية يكون مشتركاً بين الشركاء جميعاً، ومفهوم ذلك أن الأموال التي يكتسبها الأشخاص قبل قيام الشركة أو بعدها تكون خاصة بمن اكتسبها فلاتكون مشتركة بين الشركاء في الشركة العرفية، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 20-3-2010م في الطعن رقم (39259)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم الابتدائي، فالنعي الذي أورد الطاعن ليس في محله ، لأن الحكم صدر في الأساس لصالحه عندما اخرج العقارين الواردين في منطوق قرار محكمة التنفيذ تأسيساً على انهما مما كسبه الطاعن قبل قيام الشراكة بينه وبين اخوته ، وقد توصلت محكمة التنفيذ إلى ذلك بعد تكليف خبير قام بالنزول إلى المواقع ومعه البصائر وحدد العقارات المشتراة قبل قيام الشراكة بين الخصوم وبعد الشراكة، فبعد قيام الشركة يتعذر تحديد ما يخص كل شريك، لأن الخلطة في الأموال هي طيلة مرحلة الشراكة بين الاخوة الشركاء ولمدة طويلة)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

الوجه الأول: معنى الشركة العرفية والخلطة في أموال هذه الشركة وإشكالياتها

عرّف القانون المدني اليمني الشركة العرفية (شركة الواقع) في المادة (661) بأنها : (الشركة العرفية هي الخلطة في الأموال والتكافؤ في الأعمال على أن يعمل شخصان أو أكثر كلٍ بحسب ما يحسنه ، فيكفي كل منهم الآخر ، ويكون المستفاد مشتركاً بينهم جميعاً وما يلزم أحدهم يكون عليهم جميعاً).

ومن خلال هذا التعريف يظهر أن الأموال المكتسبة أثناء قيام الشركة العرفية تكون مشتركة بين الشركاء جميعاً، ومفهوم هذا النص أن الأموال المستفادة قبل نشوء الشركة العرفية وبعد إنتهائها لا تكون مشتركة بين الشركاء في الشركة العرفية بل تكون خاصة بأصحابها.

ونظرياً هذه المسألة سهلة، بيد أن تحديد بداية الشركة العرفية أو نهايتها ليس سهلاً ، لأنها شركة غير نظامية وليس لها شخصية إعتبارية ، إضافة إلى أن تحديد وقت إكتساب الأموال هل كان قبل الشراكة أم بعدها أيضاً هذه المسألة ليست سهلة، فضلاً عن أن بعض أموال الشركاء المكتسبة قبل نشوء الشراكة قد يستعملها الشريك في نشاطه بالشركة العرفية بعد نشوئها.

كما أن الشركة العرفية تنشأ في الغالب بين الورثة أو الأقارب الذين تختلط أموالهم وتصرفاتهم، وهذا يؤدي إلى صعوبة الفصل بين الأموال المستفادة من الشركة، وتلك المستفادة من الأموال الخاصة بكل شريك.

وصفوة القول في هذا الشأن: أنه ليس من السهل تحديد وقت بداية الخلطة في أموال الشركة العرفية ، كذلك ليس من السهل تحديد وقت نهاية الخلطة في أموال الشركة العرفية، وكذلك الحال بالنسبة لتحديد مصادر الأموال المكتسبة سواءً قبل نشوء الشركة العرفية أو بعد نهايتها.

الوجه الثاني: أموال الشركاء قبل نشوء الشركة العرفية

لاريب أن أموال الشركاء قبل نشوء الشركة العرفية لا تختلط بأموال الشركة العرفية بأي وجه من الوجوه عندما يكون الشركاء من غير الورثة وعندما لا يتم إستعمال أموالهم في أعمال الشركة العرفية وانشطتها، أما إذا تم خلطها في الشركة العرفية عن طريق إستعمالها في أعمال الشركة العرفية فأنها تكون من ضمن رأس مال الشركة العرفية (الكرمة) ، ويمكن أن يتم إستفادة أو إكتساب الأموال من عائداتها، وكي تظل هذه الأموال ملكاً خالصاً للشريك صاحبها فأنه ينبغي عليه أن يثبت أن أمواله الخاصة التي خالطها بأموال الشركة العرفية لم يتعلق بها أي حق للشركة العرفية والشركاء فيها الذين خالطوه وانها رغم خلطها بأموال الشركة العرفية قد ظلت مملوكة له.

أما إذا كان الشخص الذي خلط أمواله الخاصة بالشركة العرفية بعد نشؤها إذا كان من الورثة فأنه يتحتم عليه أن يثبت أنه اكتسب تلك الأموال قبل نشوء الشركة العرفية وأن يثبت ايضا أنه قد اشتراها من ماله الخاص وأنه له مصادر مالية خاصة استطاع من خلالها شراء تلك الأموال قبل نشوء الشركة العرفية، وإضافة إلى ما سبق فأنه ينبغي على الوارث الشريك في الشركة العرفية أن يثبت أيضاً أنه أثناء خلطه لأمواله الخاصة بأموال الشركة العرفية أنه لم يتعلق بها أي حق للشركة العرفية أو للشركاء فيها أي حق ، وأنه قد احتفظ بملكية تلك الأموال أثناء خلطها باموال الشركة العرفية وأنها ظلت مملوكة له ملكية خاصة وخالصة أثناء خلطها أو إستعمالها في الشركة العرفية. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الشركات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص127).

الوجه الثالث: أموال الشركاء الخاصة بعد إنتهاء الشركة العرفية

في غالب الأحيان تنتهي الشركة العرفية بإتفاق بين الشركاء أو قسمة التركة أو تصفية الشركة العرفية، وبناءً على ذلك فإن وثائق القسمة أو وثائق تصفية الشركة تحدد الأموال المملوكة للشركة العرفية بما فيها الأموال المكتسبة أثناء قيام الشركة، كما تحدد هذه الوثائق كيفية قسمة أموال الشركة العرفية بين الشركاء والأموال التي صارت إلى كل شريك أو وارث مقاسم، وبالطبع الأموال التي لا تدخل ضمن أموال الشركة العرفية التي تمت قسمتها أو تصفيتها فأنها تكون من أموال الغير بمن فيهم الأشخاص الذين كانوا شركاء في الشركة العرفية.

 غير أنه إذا لم تكن هناك إتفاقات بشأن تصفية أو قسمة أموال الشركة العرفية فأنه يتعين على الشخص الذي كان شريكاً فيها أن يثبت ملكيته الخاصة للأموال التي بحوزته وأنها ليست من أموال الشركة العرفية إذا لم تكن هناك إتفاقات شفهية أو كتابية بشأن تصفيتها، (الشركة الفعلية في التشريع الجزائري، د. فتاحي محمد، ود. درماش بن عزوز، مجلة الحقوق والعلوم الإنسانية ، جامعة ادرار الجزائر٢٠١٤م ،ص٩٥)، والله اعلم.