حق الموكل في تقييد تصرفات الوكيل بالعمولة

اجازت المادة (٢٨٥) من القانون التجاري اليمني أجازت للموكل ان يعزل الوكيل بالعمولة ، ومن باب اولى فقد اجاز النص القانوني المشار إليه للموكل ان يقوم بتقييد عقد الوكالة ، بما ذلك إلغاء العمولة أو تقليص المنتجات محل الوكالة أو تقليص مدة الوكالة ، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 17-5-2010م في الطعن رقم (39895)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (فقد وجدت الدائرة أن نعي الطاعن في غير محله، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم الاستئنافي المطعون فيه فقد وجدت الدائرة: أن الحكم الاستئنافي قد احال إلى أسباب الحكم الابتدائي واعتمدها كأسباب مكملة لما جاء في حيثياته، وحيث كان البين من أسباب الحكم الابتدائي أنه قد اعمل المادة (285) من القانون التجاري ، تطبيقاً من المحكمة للإحالة المقررة في المادة (300) تجاري إلى أحكام نص المادة (٢٨٥) ، فيما لم يرد به نص، وذلك فيما انتهى إليه من قول بتعديل عقد الوكالة وإستبعاد العمولة ، وتأسيساً على ما قررته المادة سالفة الذكر من حقوق للوكيل وللموكل فإن ما ساقته محكمة أول درجة فيما انتهت إليه من أن للموكل الحق في فسخ العقد وتقييد تصرفات الوكيل دون موافقة الوكيل – فما استخلصته من تعديل للعقد بناءً على ذلك وقبول الطاعن به وأيدتها فيه المحكمة الاستئنافية يتضمن الرد السائغ لنعي الطاعن في هذا الصدد، وبالنظر إلى إستمرار الوكيل الطاعن في التعامل دون أن يتخذ موقفاً معارضاً حتى رفعه للدعوى مما يتعين معه رفض هذا السبب من أسباب الطعن)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

حق الموكل في تقييد تصرفات الوكيل بالعمولة
حق الموكل في تقييد تصرفات الوكيل بالعمولة

الوجه الأول: ماهية الوكالة بالعمولة:

عرّفت المادة (300) من القانون التجاري اليمني الوكالة بالعمولة، فقد نصت هذه المادة على أن (الوكالة بالعمولة عقد يلتزم بموجبه الوكيل بالعمولة بأن يقوم باسمه بتصرف قانوني لحساب الموكل في مقابل أجر وفيما عدا الأحكام المنصوص عليها في هذا الفصل تسري على الوكالة بالعمولة أحكام الوكالة التجارية).
وبموجب عقد الوكالة بالعمولة فان الوكيل يقوم بتوزيع وبيع منتجات الشركة الموكلة مقابل عمولة تدفعها له الشركة الموكلة ، وهي نسبة محددة من قيمة البضاعة التي يقوم الوكيل ببيعها. (التعليق على احكام المحكمة العليا في المسائل التجارية الجزء الاول، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٢م ،ص٢٦٠)

الوجه الثاني: قيام الموكل بعزل الوكيل بالعمولة وتقييد تصرفاته وفقاً للقانون التجاري:

صرحت المادة (300) تجاري السابق ذكرها في الوجه السابق أنه تسري على الوكالة بالعمولة الأحكام الواردة في الفصل الخاص بأحكام الوكالة بالعمولة المنصوص في المواد من (300) حتى نهاية المادة (319) من القانون التجاري ، ولم تتضمن هذه الأحكام حكم عزل الموكل للوكيل بالعمولة أو تقييد تصرفاته، غير أنه ورد ضمن نص المادة (300) تجاري السابق ذكرها التصريح بأنه بالنسبة للأحكام التي لم يرد ذكرها ضمن الفصل الخاص بالوكالة بالعمولة فأنه تسري على الوكالة بالعمولة أحكام الوكالة التجارية، وضمن أحكام الوكالة التجارية نصت المادة (285) تجاري على أنه (للموكل أن يعزل الوكيل أو أن يقيد من وكالته، وللوكيل أن يتنحى عن الوكالة، ولا عبرة بأي إتفاق يخالف ذلك، ولكن إذا تعلق بالوكالة حق الغير فلا يجوز العزل أو التقييد أو التنحي دون رضاء هذا الغير، ولايتحقق إنتهاء الوكالة بالعزل أو بالتنحي الا بعد حصول العلم للطرف الثاني، ويكون من صدر منه العزل أو التنحي ملزما بتعويض الطرف الثاني عن الضرر الذي لحقه من جراء العزل أو التنحي في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول). فهذا النص يسري على الوكالة بالعمولة، وإستنادا الى هذا النص يحق للموكل ان يعزل أو يقيد حقوق وامتيازات الوكيل بالعمولة. (النظام القانوني للوكالة بالعمولة الإلكترونية ، د. مصطفى حمدي محمود جمعة ،دار الكتب القانونية القاهرة ٢٠١٨م، ص٤٥١).

 الوجه الثالث: حق الموكل في عزل الوكيل بالعمولة:

نصت المادة (285) تجاري على انه ( للموكل أن يعزل الوكيل أو أن يقيد من وكالته، وللوكيل أن يتنحى عن الوكالة، ولا عبرة بأي إتفاق يخالف ذلك، ولكن إذا تعلق بالوكالة حق الغير فلا يجوز العزل أو التقييد أو التنحي دون رضاء هذا الغير ، ولايتحقق إنتهاء الوكالة بالعزل أو بالتنحي الا بعد حصول العلم للطرف الثاني، ويكون من صدر منه العزل أو التنحي ملزما بتعويض الطرف الثاني عن الضرر الذي لحقه من جراء العزل أو التنحي في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول).
 ووفقا لهذا النص فإذا كانت الوكالة بالعمولة قد تقررت بموجب عقد الوكالة بالعمولة فيما بين الوكيل والشركة الموكلة فإن عزل الوكيل يعني إنهاء عقد الوكالة من جانب الموكل، وهذا التصرف يكون بمثابة فسخ من قبل الموكل لعقد الوكالة بالعمولة الذي تم بموجبه تعيين الوكيل بالعمولة.

الوجه الرابع: معنى تقييد الوكيل بالعمولة:

معنى ذلك وضع قيود وحدود على تصرفات الوكيل بالعمولة بحيث لا يتمكن من التصرف بحسب البنود التي وردت في عقد الوكالة قبل تقييدها، بل يتقيد الوكيل بشروط معينة يحددها الموكل لاحقا بعد إبرام عقد الوكالة، وهذه القيود قد تتعلق بنوع العمليات التجارية التي يقوم بها الوكيل أو بالسلع التي يتعامل بها أو بالأسعار التي يبيع الوكيل أو يشتري بها أو بالوقت المحدد لعقد الوكالة.
ويندرج ضمن تقييد الوكالة تقليص الإمتيازات والحقوق التي يتمتع بها الوكيل بالعمولة بموجب عقد الوكالة المبرم فيما بين الوكيل بالعمولة وموكله كتنقيص نسبة العمولة او إلغاء العمولة كلها مثلما حدث في القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا، وبما أنه يجوز للموكل أن يعزل الوكيل بالعمولة حسبما سبق بيانه ، فأنه يحق للموكل أن يقيد الوكالة للوكيل من باب اولى.

الوجه الخامس: عزل الوكيل بالعمولة أو تقييد نشاطه لايجوز الا برضاء الغير إذا تعلق حق الغير بالوكالة بالعمولة:

 نصت المادة (285) تجاري على أنه (للموكل أن يعزل الوكيل أو أن يقيد من وكالته، وللوكيل أن يتنحى عن الوكالة، ولا عبرة بأي إتفاق يخالف ذلك، ولكن إذا تعلق بالوكالة حق الغير فلا يجوز العزل أو التقييد أو التنحي دون رضاء هذا الغير ، ولايتحقق إنتهاء الوكالة بالعزل أو بالتنحي الا بعد حصول العلم للطرف الثاني، ويكون من صدر منه العزل أو التنحي ملزما بتعويض الطرف الثاني عن الضرر الذي لحقه من جراء العزل أو التنحي في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول).
 فقد تضمن هذا النص التصريح بأنه إذا تعلق بالوكالة بالعمولة حق للغير فلا يجوز العزل اوالتقييد أو التنحي، والمقصود بالغير في هذا النص هو من لم يكن طرفا في عقد الوكالة بالعمولة، مثل دخول الوكيل بالعمولة في مناقصة توريد منتجات الشركة الموكلة مع الغير أي جهة اخرى ، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الشركات، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م ،ص٦٦).

الوجه السادس: التعويض في حالة عزل الوكيل بالعمولة أو تنحيه :

نصت المادة (٢٨٥) تجاري في نهايتها على أنه: ( ولايتحقق إنتهاء الوكالة بالعزل أو بالتنحي إلا بعد حصول العلم للطرف الثاني، ويكون من صدر منه العزل أو التنحي ملزما بتعويض الطرف الثاني عن الضرر الذي لحقه من جراء العزل أو التنحي في وقت غير مناسب وبغير عذر مقبول).
ومن خلال إستقراء النص القانوني السابق يظهر انه قد جعل عزل الوكيل بالعمولة أو تنحيه عن أعمال الوكالة موقوفا على علم الطرف الاخر بالعزل أو التنحي ، كما ان النص السابق صرح بإستحقاق الوكيل للعمولة أو الموكل للتعويض في حالتي العزل أو التنحي فقط دون حالة تقييد الوكالة ، وكذا قرر النص القانوني السابق أن التعويض في حالتي العزل والتنحي لا يكون إلا إذا كان العزل أو التنحي في وقت غير مناسب أو كان العزل اوالتنحي من غير عذر مقبول ، (التعليق على احكام المحكمة العليا في مسائل الشركات، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين ، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء ٢٠٢٥م ،ص٦٨) ، والله أعلم.