التقاضي أو التنفيذ بموجب صورة ملف القضية

الحجية تكون لأصول المحررات أو المستندات حسبما هو مقرر في قانون الإثبات اليمني، ومع ذلك قد تحتاج المحكمة إلى مباشرة إجراءات التقاضي بموجب صورة ملف القضية وإحالة أصل ملف القضية إلى المحكمة المختصة لمباشرة إجراءات التنفيذ أو العكس، حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 12-4-2010م في الطعن رقم (37407)، فقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وعلى ذلك فلا يستفيد المستأنف...... من الحكم الصادر في هذا الطعن بما يترتب على ذلك من أثر قانوني وهو إستمرار إجراءات التنفيذ بالنسبة إليه وعلى أمواله المحكوم عليها بموجب القرار التنفيذي رقم...... الصادر بتاريخ...... وذلك بالنسبة للعقار الكائن في..... ، مع وقف التنفيذ على العقار الكائن في..... حتى الفصل في إستئناف المطعون ضده حالياً من قبل الشعبة، وعلى الشعبة تصوير ملف التنفيذ وتبقى صورة الملف لديها للفصل في الاستئناف، على أن تقوم الشعبة بإرسال أصل ملف التنفيذ لمحكمة التنفيذ حتى لا يتعطل التنفيذ أكثر من ذلك مع الفصل في الإستئناف بجلسات متوالية)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:

التقاضي أو التنفيذ بموجب صورة ملف القضية

الوجه الأول: محتويات أصل ملف القضية:

يشتمل أصل ملف القضية على أصول المذكرات المقدمة من الخصوم وأصول محاضر جلسات المحاكمة والمعاينة وأصول تقارير الخبراء العدول وأصول المستندات التي قدمها الخصوم للإستدلال بها أمام المحكمة ومن بينها: محررات رسمية صادرة من الجهات المختصة قانوناً، بالإضافة إلى صور محررات رسمية مذكور فيها أنها مطابقة لأصلها، بالإضافة إلى صور محررات رسمية غير معمدة، وكذا يشتمل ملف القضية على أصول محررات عرفية وصور تمت مطابقتها على أصولها وإعادة الأصول إلى أصحابها.

الوجه الثاني: عند التقاضي أو التنفيذ بموجب صورة ملف القضية يجب أن تكون صورة الملف مطابقة لأصل الملف:

نصت الفقرة (ب) من المادة (104) من قانون المرافعات اليمني على أنه: (على المدعي عند تقديم عريضة دعواه أن يؤدي عنها الرسم المقرر وأن يوقع هو أو وكيله على صور المستندات بعدد المدعى عليهم وذلك لمطابقتها على الأصول)، وهذا النص يدل على وجوب مطابقة صورة ملف القضية على أصل الملف.

الوجه الثالث: معنى مطابقة صورة ملف القضية بأصل الملف:

معنى ذلك: مقارنة صور المستندات التي اشتمل عليها الملف المصور بالمستندات التي اشتمل عليها الملف الأصلي للقضية، وأن المحكمة من خلال المقارنة وجدت أن الصور التي اشتمل عليها الملف المصور مطابقة للمستندات التي اشتمل عليها الملف الأصلي.

الوجه الرابع: نطاق مطابقة صور ملف القضية:

إذا لم تكن هناك اجراءات تنفيذ وثبت للمحكمة عدم إختصاصها بنظر موضوع القضية فانها تحيل الى المحكمة المختصة اصل ملف القضية.

اما إذا كانت هناك اجراءات تنفيذ للحكم أمام المحكمة الإبتدائية وكانت محكمة الإستئناف تنظر في الإستئناف المرفوع إليها بشان الحكم الجاري تنفيذه بنظر محكمة الإستئناف ولم تقبل محكمة الإستئناف وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، ففي هذه الحالة تكتفي المحكمة بمطابقة صورة الحكم وإحالة أصل الحكم إلى محكمة التنفيذ، لأن محكمة التنفيذ لا تحتاج عند مباشرتها لتنفيذ الحكم إلى الوثائق والمستندات التي قام عليها الحكم، لأن المنازعة التنفيذية لا تتناول الموضوع الذي فصل فيه الحكم سند التنفيذ، وهناك محاكم تقوم بمطابقة صورة الملف كاملا وتحيل صورة الملف إلى محكمة التنفيذ ، وهناك محاكم تعمل عكس ذلك حيث ترسل أصل الملف إلى محكمة التنفيذ وتحتفظ بصورة الملف لنظر القضية الإستئنافية بموجبه مثلما اشار الحكم محل تعليقنا.

الوجه الخامس: ضوابط مطابقة صورة ملف القضية:

بصفة عامة تحدث بعض التجاوزات عند مطابقة المستندات في بعض المحاكم سيما عندما يقوم بالمطابقة غير القاضي وعندما تتم المطابقة بغياب الخصم، ماعدا مطابقة صورة الحكم التي لا تثور بشأنها أية إشكالية.

ولتلافي هذه التجاوزات فهناك ضوابط عدة منها: أن تتم المطابقة وقت الدوام الرسمي وفي مقر المحكمة ومن قبل القاضي نفسه الذي ينظر القضية وأن تتم المطابقة بحضور الخصوم إلا إذا كانت المحررات محل قبول من الخصوم جميعاً.

الوجه السادس: مصير أصل ملف القضية وصورته بعد إنتهاء القضية والفصل فيها:

ذكرنا في الأوجه السابقة أنه يترتب على المطابقة لصورة ملف القضية أنه يصير للقضية الواحدة ملفان؛ ملف أصلي وصورة ملف مطابقة لأصل الملف، وبما أن الملفان قد تم النظر والفصل فيهما من محكمتين مختلفتين محكمة تنفيذ ومحكمة موضوع فأنه ينبغي الإحتفاظ بالملف الأصلي وصورته المطابقة، لأن كل ملف قد يشتمل على مستندات وإجراءات مختلفة سيما بعد إحالة أحد الملف إلى المحكمة الأخرى، إذ تكون القضية التنفيذية مستقلة عن القضية الموضوعية عندما يتم النظر فيهما من قبل محكمتين حسبما أشار الحكم محل تعليقنا، ففي هذه الحالة وعند الاحتفاظ بملف القضية يتم الاحتفاظ باصل الملف وصورته بحسب الاجراءات المقررة في المادة (69) من قانون المرافعات اليمني التي نصت على أنه (بعد تمام الفصل في الدعوى أو في الطعن يسلم ملف القضية لقلم كتاب المحكمة وتحفظ ملفات القضايا في أماكن صالحة لحفظها مرتبة بترتيب أرقامها وتحفظ الملفات الابتدائية في المحاكم الابتدائية وملفات الإستئناف لدى محاكم الإستئناف وملفات الطعن بالنقض لدى المحكمة العليا، وترفق بالملف الابتدائي صورة من الحكم الاستئنافي وصورة من حكم المحكمة العليا، ويؤشر بالحكم الأخير في سجل المحكمة الابتدائية ويستغنى عن ملفات الدعاوى وأوراقها بعد مضي ثلاثين سنة من تاريخ أخر إجراء صدر فيما عدا ما يأتي: أولاً: مستندات الخصوم المقدمة منهم فتسلم إليهم أو تحفظ في أمانات المحكمة حتى يصلوا لاستلامها. ثانياً: الأحكام فإنها تؤخذ وتودع في مجلد للأحكام مرتبة ويسوغ الإطلاع على القضية وتسليم صور من أوراقها أثناء وجودها في الحفظ كما يسوغ تسليم صور بسيطة من الأحكام لمن يطلبها). (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الحكم، أ . د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2025م، ص143) ، والله أعلم.