وفقاً للمادة (288) من قانون المرافعات اليمني لا يجوز للخصم أن يقدم أمام محكمة الإستئناف طلباً جديداً ، وهو الطلب الموضوعي الذي يهدف منه الخصم الحكم له بحق او الاعتراف به في حين انه لم يسبق للخصم الطالب ان اثار هذا الطلب امام المحكمة الابتدائية أو أثاره الخصم ولكن لم يفصل فيه الحكم الإبتدائي .
غير أنه يجوز للخصم أن يقدم أو يبدي أمام محكمة الإستئناف أوجه دفاع جديدة، كتقديم ادلة أو دفوع او طلبات الإجرائية كطلب الاستماع إلى شاهد أو ندب خبير أو إجراء معاينة..الخ.
ولذلك ينبغي التفرقة بين اوجه الدفاع الجديدة والطلبات الجديدة، حسبما أشار الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 2-3-2010م في الطعن رقم (39026)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وقد تبين للدائرة: أن نعي الطاعن بأن ما قدمه أمام محكمة الإستئناف كان وجه دفاع وليس طلباً جديداً ، لأن ما قدمه الطاعن كان عبارة عن مستند استدل به الطاعن أمام محكمة الإستئناف على قيام المستأنف ضده المطعون عليه حالياً بإستلام المبلغ المتبقي له من قيمة الآلة محل النزاع ، وأن الآلة بموجب ذلك السند قد صارت بالكامل ملكاً خاصاً بالطاعن ، وأن ذلك المستند يكذب دعوى المطعون ضده بالشراكة في الآلة محل النزاع)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
![]() |
الفرق بين الطلبات الجديدة وأوجه الدفاع الجديدة امام الإستئناف |
الوجه الأول: الفرق بين الطلبات الجديدة واوجه الدفاع الجديدة
الطلب الجديد: هو الطلب الموضوعي ، وهو إجراء قانوني ينظمه القانون يتقدم به الخصم أمام القاضي طالباً الحصول حكم بحقه أو الإعتراف بحقه ، أي ان الطالب هنا يطلب من القضاء الحكم بحقه أو الإعتراف بحقه ، ففي هذا النوع من الطلبات لا يطالب الطالب بإجراء معين وانما يطلب الحكم له ، في حين انه لم يسبق للخصم الطالب ان اثار هذا الطلب امام المحكمة الابتدائية أو أثاره الخصم ولكن لم يفصل فيه الحكم الإبتدائي .
أما أوجه الدفاع: فهي مجموعة الإجراءات والأسانيد والأدلة والدفوع التي يقدمها المدعى عليه أو المطعون ضده أو المتهم بهدف الدفاع عن نفسه أو حقه وتفنيد إدعاءات وأسانيد خصمه، ويندرج ضمن اوجه الدفاع الطلبات الإجرائية كطلب الاستماع إلى شاهد أو ندب خبير أو إجراء معاينة ...الخ.
فأوجه الدفاع وسائل قانونية يستهدف بها المدعى عليه أو المطعون ضده يستهدف بها تفنيد ودحض إدعاءات وأدلة خصمه وتفنيدها وتكذيبها أو تفنيد الحكم المطعون فيه.
فأوجه الدفاع وسائل سلبية يهدف بها الخصم إلى عدم الحكم لخصمه بكل الحق أو بعضه، في حين أن الطلبات الجديدة هي الطلبات الموضوعية التي تعد من الدعاوى الموضوعية التي يستهدف منها مقدمها الحصول على حكم بحقه أو الإعتراف به أو حمايته، في حين انه لم يسبق للخصم الطالب ان اثار هذا الطلب امام المحكمة الابتدائية أو أثاره الخصم ولكن لم يفصل فيه الحكم الإبتدائي . (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات والدفوع، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2023م، ص203).
الوجه الثاني: جواز إثارة أوجه دفاع جديدة أمام محكمة الإستئناف وعدم جواز تقديم طلبات جديدة أمام محكمة الإستئناف
نصت الفقرة (د) من المادة (288) من قانون المرافعات اليمني على أنه (لا يجوز للخصم التقدم بطلبات جديدة في الإستئناف وتحكم المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبولها)، والمقصود بالطلبات الجديدة المذكورة في هذا النص هي الطلبات الموضوعية التي يطلب بها الخصم الحكم له بحق او الإعتراف له به في حين لم يقدمه امام المحكمة الإبتدائية أو قدمه ولم يفصل فيه الحكم الإبتدائي.
ويذهب الدكتور فتحي والي إلى أن الطلب الجديد هو: الطلب الذي يختلف في أحد عناصره عن الطلب الذي كان مطروحاً أمام محكمة الدرجة الأولى، وعناصر الدعوى هي أطراف الدعوى وموضوعها وسببها، كما يكون الطلب جديداً إذا امكن التمسك به بدعوى إبتدائية أمام المحكمة الابتدائية، ويعد الطلب جديداً إذا اختلف موضوعه عن موضوع الطلب أو تم توجيه الطلب إلى شخص لم يتم إختصامه أمام محكمة أول درجة.
ويكون في حكم الطلب الجديد الطلب الذي لم يفصل فيه الحكم الإبتدائي المطعون فيه. (الوسيط في شرح قانون النظام القضائي، د. فتحي والي، دار النهضة العربية القاهرة 2004م، ص318).
أما أوجه الدفاع الجدهبحسب المعنى السابق بيانه فأنه يجوز إثارتها أو تقديمها أمام محكمة الإستئناف لأنها كما سبق القول: ليست طلبات جديدة وإنما هي عبارة عن وسائل قانونية لتفنيد إدعاءات وأسانيد وأدلة المطعون ضده وأيضاً عبارة عن تفنيد للأسباب التي قام عليها الحكم المطعون فيه، وفي هذا المعنى نصت الفقرة (ج) من المادة (288) مرافعات على أنه (-ج- يجب على محكمة الإستئناف أن تنظر القضية المستأنفة على أساس ما يقدم لها من دفوع وأدلة جديدة وما كان قد قدم من ذلك أمام محكمة الدرجة الأولى).
فيجوز إثارة أوجه الدفاع الجديدة أمام محكمة الإستئناف بإعتبارها محكمة موضوع ، ولأن الإستئناف يعيد طرح النزاع عملا بمبدأ الاثر الناقل للاستئناف ، فضلاً عن أن محكمة الإستئناف بإعتبارها محكمة موضوع يجب عليها أن تجري تحقيقاتها الموضوعية للوقوف على حقيقة أوجه الدفاع ومدى صحتها وموافقتها للقانون.
مع التأكيد على أنه إذا كان الحكم الابتدائي قد فصل في الطلبات والدفوع واخل بأوجه الدفاع المتعلقة بالنظام العام فإن هذه الأوجه تكون من تلقاء ذاتها مثارة أمام محكمة الإستئناف التي يجب عليها أن تتعرض لها من تلقاء ذاتها. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الطعون الجزء الثالث، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة 2025م، ص407).
الوجه الثالث: الطلبات الجديدة وأوجه الدفاع الجديدة أمام المحكمة العليا
من المؤكد أن المحكمة العليا محكمة قانون تبسط رقابتها القانونية على أحكام محاكم الموضوع للتحقق من مطابقتها لأحكام الشرع والقانون، ولذلك لا يجوز تقديم طلبات جديدة أمامها كما لا يجوز تقديم أدلة أو اوجه دفاع جديدة تحتاج إلى تحقيق موضوعي، لان المحكمة العليا محكمة قانون.
بيد أنه إذا كانت أوجه الدفاع متعلقة بالنظام العام فإنها تعد مثارة أمام المحكمة العليا، لأنها الحارس الأمين للنظام العام. (التعليق على أحكام المحكمة العليا في مسائل الدعاوى والطلبات والدفوع، أ. د. عبد المؤمن شجاع الدين، مكتبة الصادق جولة الجامعة الجديدة صنعاء 2023م، ص205)، والله اعلم.